جواز سفر سوري!/ ملكون ملكون
قد تكون المشكلة قديمة و سابقة لايامنا و سنواتنا الأخيرة هذه و لكنها تعمقت بشكل مؤذٍ في السنوات الثلاث الأخيرة، فبمجرد ان تبرز جواز سفرك السوري حتى تصبح ملامح رجال الامن و شركات الطيران قاسية و ممتعضة موحية و كانها قد امسكت بعقرب يلدغ سماً زعافاً لمن يلمسه.
في رحلتي الأخيرة التي تنقلت خلالها بين اكثر من مطار و اكثر من دولة و اكثر من سحنة لرجال الامن الممتعضين و الذين يشعرونك بانك تحمل على جبينك تهمة ما لا تدري تفاصيلها و لا متى ارتكبتها و لا متى أُلصقت بك؟؟؟!!!.
في السابق كان المواطن السوري يعاني الامرين على أبواب السفارات في دمشق التي يتفنن موظفوها (السوريين منهم بالاخص) في التعامل الجلف و الفج مع المواطن السوري و كنا يومها نتساءل ببراءة و مرارة في آن معاً: هل يحق لهم ذلك؟؟ و نجيب ببراءة و مرارة أيضا: طالما ان كرامتنا مهورة في بلدنا من أبناء بلدنا فلماذا العتب على السفارات الأجنبية؟؟؟!!!.
و لكن منذ آذار 2011 باتت جواز السفر السوري وثيقة مزعجة في المطارات و المنافذ الحدودية… و خصوصاً في الدول المجاورة التي نبتت فيها المخيمات للاجئين السوريين بسرعة غريبة و مثيرة للجدل كفطر سام،و بشكل يوحي بأن هذه الخيام كانت معدة لاستكمال سيناريو الازمة السيناريو التي كان مقرراً لها ان تطول و تطول، و على ما يبدو ستطول كثيراً جداً،و الاغرب انهم يرحبون باللاجئين الذين يدخلون بشكل غير شرعي لبلادهم لانهم سيسجلونهم في الأمم المتحدة و المنظمات الاغائية و تتضخم الفاتورة التي سيقبضونها على حساب هؤلاء المساكين الذين يعانون الامرين في مخيمات لا تقي من برد الشتاء و لا حر الصيف، أما اذا اردت الدخول بشكل شرعي و (من الباب و ليس من الشباك) فان الاستمارات ببنودها الغريبة بانتظارك و الشروط العجيبة توضع في طريقك….
= هل لديك أقارب في البلد الذي ستدخله؟؟
= ما هي درجة القرابة التي تربطك بهم؟؟؟
= هل لديك حجز بمشفى للعلاج؟؟
= هل تحمل إقامة في دولة أوروبية أو خليجية؟؟
= هل لديك حجز بطائرة في نفس اليوم لتغادر البلد الذي ستدخله فقد تنهار البنية التحتية اذا بقيت يوماً اضافياً؟؟!!!.
و ما الى ذلك من الأسئلة و الشروط المذلة و المهينة، ما عداك عن الطريقة المزرية التي يتم التعامل فيها مع السوري دون النظر بادنى حد من الإنسانية مع الألم السوري الذي لم يكن للمواطن الذي اقتلع من جذوره في افتعاله ناقة و لا جمل.
ملايين السوريين خارج البلد ينتقلون من ذل لذل… و المتاجرة بألمهم و مصيبتهم و وجعهم مستمرة… و جواز السفر السوري لا يزال يؤكد انهم سوريون بما فيه الكفاية ليلعقوا جراحهم بانتظار نهاية درب الالام الذي يمشونه بلا افق و هم يتحسسون كلما ابتعدوا اكثر جواز سفرهم لانهم يدركون ان آن للوجع السوري ان يترجل….
كاتب سوري مقيم بالسويد
ايلاف