جيش وحكومة بديلة للأسد
عبد الرحمن الراشد
قبل أقل من 11 شهرا مضت شكل على التراب التركي شبه حكومة سورية في المنفى، المجلس الوطني، وكان ذلك أشبه بالتحدي لنظام بشار الأسد. كما أسس ما سمي بالجيش الحر بديلا لجيش الأسد. وإذا كنتم تتذكرون الظروف والمناخ السياسي العام فإن الكثيرين سخروا من تلك الفكرة ليس لأن النظام السوري قوي وصامد فقط، بل أيضا من قبيل التشكيك في المعارضة السورية التي كانت بلا هوية، أشباح ونكرات، ربما باستثناء جماعة الإخوان المسلمين القديمة والمنضبطة.
ولإفشال تلك الحركة عمد النظام إلى اختراع جماعات معارضة مكنها من عقد اجتماعات في دمشق وإرسال مندوبيها إلى عواصم العالم تزعم أنها تمثل المعارضة. كان هدفها التشويش على النظام السوري البديل في الخارج وتخريبه، لكنها لم تنجح. أيضا المجلس العسكري وفي ساعات ولادته تم خطف أول رموزه، حسين هرموش، من تركيا حيث اختفى ويعتقد أنه قتل في سوريا. وهذه أيضا لم تفلح في وقف مشروع سوريا الجديدة، النظام السياسي والعسكري البديل.
وفي السويد التقى أعضاء المجلس الوطني ليومين اتفقوا على توسيع مجلس المعارضة، وكما يقول جورج صبرا: «عدد أعضاء المؤتمر العام للمجلس سيرتفع من نحو 300 إلى 400 عضو وستتمثل كل مجموعة معارضة بعشرين عضوا». وسيعتمد نظام الانتخاب في اختيار قيادته.
ومع أن هناك الكثير من الانتقادات لأداء المجلس، إلا أن الجميع يعلم أن المعارضة السورية مهنة جديدة، وليس غريبا أن توجد اختلافات في الرؤى والتوجهات لكن الهدف الأخير بإسقاط النظام واعتماد نظام سوري وطني من اختيار الشعب السوري أمر متفق عليه. وهذا التوافق رغم الاختلاف السياسي يؤكده أن الجميع اختار كرديا سوريا ليرأسه هو عبد الباسط سيدا في خطوة عملية للتأكيد على أن سوريا ليست حصرا على فئة أو طائفة أو عرق بعينه. واجتماعهم في السويد لأنه البلد الثاني لسيدا حيث احتضنه ويعمل أستاذا في إحدى جامعاته.
وأكد القبول بالمجلس أيضا، رضوان زيادة، الذي يدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في واشنطن، قال: إنه ملتزم «بالمجلس الوطني السوري رغم كل الأخطاء، لأنه يعد التكوين السياسي الأكثر تمثيلا للمعارضة السورية ولا يوجد بديل عنه داخل سوريا».
وبالتالي، فإن الاختلاف السياسي لا يبرر إفشال هذا التكوين الجامع لكل السوريين. ولا يقل لم شمل المنشقين من أبناء الجيش السوري في جيش بديل صعوبة، وكان الجيش الحر عنوانا عريضا انضوى تحت هذا الاسم كل المقاتلين والعسكر المنشقين. وقد رأينا في مرات مختلفة ينسب مقاتلون أنفسهم للجيش الحر مع أنهم لم يتصلوا به ويقاتلون دفاعا عن مناطقهم. الآن بدل اسمه إلى الجيش الوطني وصاغ هيكلا جديدا يجعله أكثر تأهيلا للعمل كمؤسسة محترفة مسؤولة تحمل على عاتقها أخطر المهام سواء بإسقاط نظام الأسد وقوته الجبارة أو في اليوم التالي بالمحافظة على البلاد، وحدتها واستقرارها.
ولا أعتقد أن أحدا يجهل المخاطر التي تواجه المشروع السوري الجديد من قبل نظام الأسد أو من حلفائه من إيرانيين وروس وغيرهم، وكذلك من المخاطر التي تواجه البلاد للمرحلة التأسيسية من مخاوف الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي والعرقي ومواجهات الجماعات الإرهابية التي تسللت إلى سوريا خلال الأزمة. كلها معروفة ومحسوبة وتحتاج إلى إجماع السوريين على العمل ضمن نظام جديد يحترم تطلعات الشعب السوري.
الشرق الأوسط