حراث الريح
ياسر خنجر
أنبشُ الوَقتَ
بما أوتيتُ مِن قلقٍ.
أتبَعُ شاهِقَ هجرَتِهِ في اليبابِ،
وأغمزُ في حُلكةِ الوشمِ الذي
زفَرَتهُ أنفاسي، أنا الغريبُ،
على شفةِ الغريبةِ أنتِ،
منفايَ، طفولتي وكهولتي
واحتمالاتُ القيامةِ.
تُسرّينَ في الطينِ كُلّ أناكِ،
مَشيئةُ يَديكِ تُتقِنُ حينَ تُمعِنُ
في التثَنّي، كَشفَ نُدبٍ غائِرٍ في الروح،
وتُتقِنُ فكَّ أسرارِ المُستحيل.
كَيفَ يَبرأُ مِن طينِهِ الطينُ
ومِن غَفوَتِهِ السحيقَةِ؟
فيَشهَقُ أن عانَقَتهُ يَداكِ،
ويَنتَعِلُ ناضِجَ الوَحيِ مُمتثلاً
لمشيئةِ يَدينِ تَحُكّانِ هَشاشَتَهُ،
تُهيّئانِ لهُ يَقظةً تَليقُ
بما وَهَجَت نَجمَتانِ في عَينَيهِ،
واشتَعَلَت شُموسٌ مِن سَكينَتِهِ،
فصارَ ذاكِرّةً تَسندُ التاريخَ
إن زَلَّت لهُ قَدَمُ.
***
أنبشُ الوقتَ بما أوتيتُ مِن قَلقٍ.
يُشَرّدُني مُبهَمُ الأُحجياتِ التي يُنبئُ
فلا تَطأُ اليَقينَ هواجِسي،
ولا تَتوبُ خُطايا عَن خَطايا الشكِّ
أو تَطلبُ المَغفِرَةَ.
لا أتوبُ عن الأَسئلةِ:
هَل في جَوفِكَ بَوحٌ أيُّها الوَقتُ،
سِوى النارِ التي قَضَمَت
كاحِلَ عُمري، ووَهَبَت
للنارِ أغصانَ يَديّ؟.
***
أنبشُ الوَقتَ
بما أوتيتُ مِن قَلقٍ.
أصابِعي مَحاريثَ مَغروسَةٌ في الريحِ
تَثلمُ الغَيمَ
تُنبِتُهُ خواتِمَ كُحلٍ،
ولَم تُكمِلُ ضَفيرَةَ صُبحٍ يَتيمٍ
يَنفَضُّ مِن عباءَتِهِ الصدأُ.
أصابِعي مَحاريثَ مَغروسَةٌ في ازدِحامِ الشيبِ،
تَتلو على العَتَباتِ فاتِحَةَ التساؤُلِ،
خاتِمَةَ الوِصايَةِ.
***
فيما تَبَقّى مِنَ الوَقتِ، أنبشُ الوقتَ.
تَهوي المَعاوِلُ في هَسيسِ الذاكِرَةِ
وتَؤوبُ خائبَةً،
لا حِكمَةً في الأمسِ أبهى
مِن خُطاكَ الموغِلَةُ في الغَيبِ.
فاتبَع فراسَتَكَ العَصيَّة،
تَستَدرِجِ القَلبَ إلى شَهوَةِ التبَرعُم.