حرب إيرانية – إسرائيلية في سورية/ توماس ل. فريدمان
يبدو أن إسرائيل وإيران تتجهان إلى مواجهة حاسمة في سورية. فطهران تسعى إلى تحويل سورية الى جبهة أمامية ضد اسرائيل. ففي الأسابيع الأخيرة، وفي سابقة لا نظير لــــها، بدأت اسرائيل وإيران بتبادل الضربات بعيداً من الأضواء، مبــــاشرة وليس من طريق وكلاء ايران في سورية. وليس يسيراً على أميركا وروسيا عدم الانزلاق الى هذه المواجهة. والضــربة الأميركية والبريطانية والفرنسية الأخيرة هي ضــربة يتيمة أو لمرة واحدة، وفي المتناول احتواء آثارها. فلا يصب في مصلحة ــموسكو ودمشق استدراج غارة غربية جــديــدة تفــضي الى مستوى جديد من الـــتدخل الــغربي الثلاثي.
وعلى خلاف الضربة الغربية، ليس يسيراً احتواء المواجهة المباشرة التي تعس بين إسرائيل وإيران في سورية. والجولة الأولى من الحرب هذه وقعت في العاشر من شباط (فبراير) المنصرم حين أسقطت مروحية أباتشي اسرائيلية فور دخولها الأجواء الإسرائيلية، طائرة درون أطلقتها قوات فيلق القدس الإيرانية من مطار التيفور شرق حمص في وسط سورية. وأشارت تقارير أولية إلى ان الدرون الإيرانية كانت في مهمة استطلاعية. ولكن ناطقاً باسم الجيش الإسرائيلي، الجنرال رونين مانيليس، قال إن مسار الدرون وفحص المخابرات الإسرائيلية أجزاء من الطائرة المسيرة من بعد، يشيران الى أنها كانت تحمل متفجرات «لتنفيذ أعمال تخريبية». وإذا كانت هذه المعلومات صحيحة، بدا أن فيلق القدس الإيراني يسعى الى شن ضربات عسكرية على اسرائيل انطلاقاً من قاعدة جوية في سورية.
وعليه، شنت مقاتلات اسرائيلية غارة قبيل الفجر على مطار تيفور الإثنين الماضي. وسقط في الضربة هذه 7 من الحرس الثوري الإيراني، منهم العقيد مهدي دهقان الذي كان على رأس وحدة الدرون. و «هذه المرة الأولى التي نستهدف فيها أهدافاً ايرانية، منشآت وبشراً»، يقول مصدر عسكري إسرائيلي. وأعلن الإيرانيون عن خسائرهم في وكالة فارس الشبه رسمية. وبعد التخفيف من قدر الخسائر في الضربات الإسرائيلية، توعدوها بالانتقام.
ومذ ذاك، أعلن مسؤولون كبار في وزارة الدفاع الإسرائيلية أن إسرائيل سترد على أي ضربة إيرانية بشن حملة جوية كبيرة على البنى التحتية العسكرية الإيرانية في سورية حيث تسعى طهران الى إنشاء قاعدة جوية أمامية ومصنع صواريخ موجهة بـنظام «جي بي أس» لقصف أهداف في الداخل الإسرائيلي بعمق 50 متراً، ونشر الصواريخ هذه في سورية ولبنان بواسطة «حزب الله». ويقول مسؤولو الدفاع في اسرائيل إن بلادهم لن تكرر خطأ ارتكبته في لبنان: الوقوف موقف المتفرج امام مراكمة «حزب الله» القدرات الصاروخية.
وتزعم طهران أنها تنشئ قواعد في سورية لحمايتها في سورية من الدولة العبرية. ولكن اسرائيل تستسيغ أهون الشرور أو الشيطان الذي تعرفه في سورية، أي نظام الأسد، وترجح كفته على كفة الفوضى. ويبدو أن ما تصبو إليه طهران في سورية، إثر المساهمة في قمع الانتفاضة السورية على الأسد، وثيق الصلة بغرور قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وسعيه إلى إحكام القبضة على شطر بارز من العالم السنّي العربي وترجيح كفته في شد الحبال مع الرئيس الإيراني، حسن روحاني.
* معلق، عن «نيويورك تايمز» الأميركية، 15/4/2018، إعداد منال نحاس
الحياة