صفحات الناس

حزب الله”: ما هي شروط النصر في القلمون/ ربيع حداد

 

 

بعيد تراجع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن إعلان النصر الحاسم في القلمون، وإعلانه نصراً موضعياً تزامناً مع التأكيد أن معارك الكر والفر مستمرة ومفتوحة، بدأ الحزب العمل على  ترويج أخبار مفادها أنه سلّم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لائحة بأسماء عدد من قادة جبهة النصرة الذين تمكن عناصر الحزب من أسرهم، بغية مبادلتهم مع العسكريين المخطوفين لدى النصرة.

ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الحزب الى أمور كهذه للهروب الى الأمام، فيلجأ الى مواقف فيها سمة من الرفعة تغطّي على كل شيء، وتمنحه الظفر بانتصار ليس من صنع يديه. كان من المفترض أن يطل نصر الله مساء السبت لإعلان الانتصار والإسهاب في الشرح عن أهمية تلة موسى التي سيطر عليها مقاتلو حزب يوم الخميس، لكن ذلك لم يحصل، ليخرج نصر الله ليعلن نصراً موضعياً فيما كان مسلحو المعارضة ينتزعون منه عدداً من المواقع التي احتلها ويكبدونه الخسائر البشرية.

ليل الأحد روج الحزب لخبر تسليمه لائحة بأسماء قادة النصرة لإنجاز صفقة تحرر ستة عشر عسكرياً محتجزين منذ آب الفائت. من يعرف طريقة تفكير الحزب وعمله، يدرك أن لتسريب الخبر أهدافاً عديدة، فإن اراد الحزب التراجع عن المعركة التي تكبد فيها خسائر كبيرة يكون المبرر انجاز الصفقة والحفاظ على حياة العسكريين، وفي ذلك يكسب نصراً وطنياً من وجهة نظره، لا سيما في ظل محاولاته الحثيثة لاستدراج الجيش الى معركته، وللقول ان هم الحزب حماية لبنان لا نظام بشار الأسد.

لم يأت هذا الكلام من هباء، فقد أتى وسط معلومات تتحدث عن قرب انجاز اتفاق بين الدولة اللبنانية وجبهة “النصرة” عبر وسطاء لانهاء قضية العسكريين المخطوفين، وبهذا يكون الحزب دخل على الخط من الباب الاعلامي لقطف ثمار ذلك ونسبها الى “جهاده” في القلمون، والتجربة في ذلك خير دليل.

بالعودة في الذاكرة قليلاً الى الوراء، تبرز معركة يبرود، وكيف دخلها الحزب وأعلن الانتصار فيها من دون معارك ومواجهات فعلية، فقد دخل بعد انجاز صفقة اطلاق سراح راهبات معلولا، عندما تدخل في الصفقة دول وجهات عديدة، وبعد إنجازها دخل “حزب الله” المدينة بعد انسحاب “جيش الاسلام” وجبهة “النصرة”، ناسباً لنفسه النصر، وهذا أيضاً ما حصل في القصير قبلها، وكذلك حمص، عندما أبرمت الصفقة بين طهران والمسلحين، فأطلق سراح ثمانية وأربعين عنصراً من الحرس الثوري في مقابل تأمين انسحاب المقاتلين الى ريف حمص الشمالي.

عملياً، لا يستطيع “حزب الله” السيطرة على الجرود القلمونية عبر المواجهات العسكرية، وانجاز صفقة العسكريين حبل خلاص بالنسبة للحزب، فإلى جانب مساعيه الدخول على خط البطولة في اتمامها، يراهن على الاستفادة منها كما حصل في يبرود، في اعتقاده ان اطلاق سراح العسكريين يفقد “النصرة” نقطة قوة في بقائها هناك، الى جانب الرهان على موقف دولي يفضي الى انسحاب مقاتلي المعارضة من تلك المنطقة في ظل تنامي الحديث عن فتح معركة دمشق.

واليوم يبدو أن المعادلة الحالية مكررة، خصوصاً أن الحزب لم يستطع الحسم في القلمون، وهو بأمس الحاجة الى نصر معنوي، المواجهة العسكرية غير مضمونة النتائج، لذلك أمله الآن بإنجاز صفقة تفضي الى انسحاب المقاتلين من جرود القلمون، أو بالحد الأدنى إنجاز صفقة اطلاق سراح العسكريين ليكون النصر حليفاً مجدداً، والوعد صادقاً.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى