صفحات العالم

حلبة الموت… متورّطون ومتفرّجون!

    راجح الخوري

انهى جون كيري جولته الخليجية بخلاصة مفادها ان بشار الاسد متمسك بالحل العسكري وان كل دعواته الى التفاوض هي مجرد إعلانات. بدا ذلك واضحاً عبر قوله لقناة “فوكس” الاميركية: “المهم ان يقوم الاسد بتعديل مقاربته الحالية وان يقول له حلفاؤه ينبغي الجلوس الى طاولة المفاوضات والوصول الى حل سلمي”!

ينطوي هذا الكلام على مدلولات خطيرة يمكن من خلالها الإستنتاج ان المأساة لن تتوقف والقتال سيستمر وان سوريا ستبقى حلبة للموت يتفرج عليها العالم، بعضه من موقع العاجز وبعضه من موقع المتلذذ وبعضه من موقع صاحب المصلحة!

والخطير ليس ان الاسد لم يغيّر مقاربته، بل ان حلفاءه لم يقولوا له رغم سقوط اكثر من 80 الف ضحية وتدمير نصف سوريا انه ينبغي الجلوس الى طاولة المفاوضات، والأخطر ربما ان هؤلاء الحلفاء لا يريدون هذا “الجلوس” الذي سيفضي بالضرورة الى عملية انتقال سياسي قد تقلب قواعد مصالحهم رأساً على عقب، ذلك ان سوريا ما بعد الاسد لن تبقى سوريا الملعب المفتوح على مداه وتحديداً امام ايران وروسيا!

اذاً ما معنى القول تكراراً ان “إعلان جنيف” هو المدخل الى الحل، اذا كان الاسد لم يغيّر مقاربته واذا استمرت خلافات الكبار ضمناً على تفسير المسار الاجرائي والزمني لعملية الانتقال السياسي؟ ثم ما معنى رهان كيري على هذا الاعلان اذا كانت سلفه هيلاري كلينتون قد خرجت على خلاف مع سيرغي لافروف حول تفسير دور الاسد بعد تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة وما اذا كان سيبقى حتى نهاية ولايته في سنة 2014؟

لست ادري ما اذا كان في وسع اقنية الديبلوماسية السرية الناشطة بين موسكو وواشنطن ان تجد صيغة تقنع الاسد بتغيير مقاربته، التي بات واضحاً انها تقوم على ما يأتي: أبقى رئيساً له رأيه التقريري في صيغة الحكومة الانتقالية سواء في ما يتعلق بالاسماء او الصلاحيات، وأخوض الانتخابات المقبلة سنة 2014 وان لم أفز اذهب الى عيادتي في دمشق… وليرحم الله القتلى وإنا لله وإنا اليه راجعون!

واضح ان الاتصالات الخلفية بين ميخائيل بوغدانوف ووليم بيرنز سواء في لندن او في الامم المتحدة الاسبوع المقبل، تركز في شكل اساسي على وضع صيغة تفسير مقبول لـ”إعلان جنيف”. وفي هذا السياق نفى فيتالي تشوركين ان تكون روسيا واميركا قد وصلتا الى طريق مسدود، مؤكداً انه من دون حوار سياسي لن يحصل شيء ايجابي في سوريا.

عظيم، ولكن يبقى سؤال جوهري: اين ايران من كل هذا وهي الشريك المضارب الذي يملك دوراً حاسماً سواء في صنع “مقاربة” الاسد او في رؤية واشنطن وموسكو للحل؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى