حلب تدق ناقوس الخطر.. من تقدم “الدولتين”/ محمد الخطيب
لم تأت تصريحات رئيس مجلس محافظة حلب المعارض، عبد الرحمن ددم، من فراغ، عندما حذر في اجتماع للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في إسطنبول من سقوط مدينة حلب “بأيدي إرهاب الأسد وحليفه داعش”. فالتقدم المتواصل الذي تحرزه قوات النظام في المدينة بات مثيراً للشك والريبة.
حلب المعقل الأكبر للمعارضة في سوريا، حيث تسيطر على أكثر من نصف مركز المحافظة فيها ومعظم الريف الشمالي والغربي، لكن المعارضة أصبحت الآن في موقف المُدافع، فغدت المناطق التي تسيطر عليها تتقلص يوماً تلو الآخر، على حساب تقدم “دولة الخلافة” و”دولة الأسد”.
ومع دخول الحملة العسكرية للنظام على حلب شهرها السابع، باتت الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام فيها من طريق الباب إلى بستان القصر وصولاً إلى السكري، أحياء أشباح، نظراً لخلوها من السكان بشكل شبه كامل.
أما من تبقى من السكان، فلم تعد تخيفهم تلك البراميل المتفجرة، بقدر ما أصبح “الحصار” يشكل هاجساً يومياً لهم، مع التقدم الذي تحققه قوات النظام بالتعاون مع الميليشيات الحليفة لها شرقي المدينة، وخصوصاً بعد سيطرتها الأخيرة على المدينة الصناعية (الشيخ نجار) قبل أيام.
خسارة المدينة الصناعية، شكلّت صدمة لقوات المعارضة، فالمدينة التي ظلّت تحت سيطرة الثوار لما يزيد عن عامين، وكانت بفئاتها الثلاث الحصن المنيع أمام زحف قوات النظام شرقي حلب، سيطر النظام عليها بالكامل في يوم واحد، بعد انسحاب المقاتلين منها. وبذلك تكون المدينة الصناعية نقطة تمركز للنظام يستخدمها لانطلاق عملياته العسكرية من شمال شرق حلب باتجاه الغرب، لإكمال الطوق العسكري الذي يسعى لإحكامه على المدينة.
كما أن استرجاع الثوار سيطرتهم على المدينة الصناعية ليس بالأمر السهل، فالبناء القوي للمعامل التي تكوّن المدينة، وسيطرة النظام على التلال المرتفعة المحيطة بها، تجعل جميع تحركات مقاتلي المعارضة مكشوفة بالنسبة للنظام.
فصائل المعارضة صمدت وقتاً طويلاً في حربها ضد النظام و”داعش”، كما أنها استطاعت تحقيق انتصارات استراتيجية عقب تشكيل الغرفة المشتركة لأهل الشام في حلب، أواخر شباط/فبراير الماضي، غير أن هذه الانتصارات توقفت فجأة، لتصبح قوات النظام هي من يتحكم بالمعركة ويفرضها، ولاسيما بعد ورود معلومات كثيرة عن توقف الدعم العسكري لفصائل المعارضة في حلب، الأمر الذي كشف عنه لاحقاً، الناطق الرسمي باسم الائتلاف، لؤي صافي، وأكده لـ”المدن” عضو المكتب الإعلامي لغرفة عمليات “أهل الشام” التي تدير معارك المعارضة في حلب، عمار نصار، الذي قال إن “هناك خطة لإفشال مشروع غرفة العمليات المشتركة بعد المكاسب التي حققتها على الأرض”.
وأضاف “كان الهدف من الغرفة الاندماج بشكل تدريجي إلا أن ضغوطاً كبيرة مورست، وتوقف الدعم عن الغرفة، ما جعل بعض الفصائل تنسحب منها، والبعض الآخر وجوده شكلي بها وبالتالي أفرغت الغرفة من مضمونها”.
لم يخفِ نصار مخاوفه من الخطر المحدق بحلب، فهو حذّر من إمكان وقوعها تحت الحصار إذا “ما استمر التخبط هكذا”، موضحاً أن جبهات القتال تعاني من “نقص حاد في الذخيرة، وخاصة السلاح الثقيل، إضافة إلى النقص في أعداد المقاتلين”. غير أنه أشار إلى أن “الكرة لا تزال بملعبنا وبالإمكان استعادة ما خسرناه (..) يحتاج ذلك إلى خطة عسكرية محكمة، والتنسيق بين جميع فصائل الثوار”، كاشفاً عن “وصول تعزيزات عسكرية للثوار في مدينة حلب قادمة من حماة وإدلب”.
ناشطو حلب كان لهم دورهم أيضاً، فأطلقوا مبادرة “سيف حلب لأهل الشام”، التي تسعى بحسب القائمين عليها إلى “توحيد الصف، وتنسيق جهود الثوار في حلب (عسكريين ومدنيين)، وتقديم الدعم اللوجستي للمقاتلين”.
وقد قامت المبادرة بتحصين أهم الجبهات في المدينة وأكثرها حساسية، عبر تدعيم الدشم حولها، وخصوصاً منطقة حندرات والكندي، اللتين تعدان خط الدفاع عن الطريق الوحيد الواصل للجزء الخارج عن سيطرة النظام من المدينة، والذي يخشى قطعه من قبل النظام. إضافة لقيام الناشطين بتلبية احتياجات الجبهات من المتطلبات الاغاثية كالطعام اليومي والماء، وتأمين سيارات اسعاف موجودة بشكل دائم لمساندة المقاتلين في اعمالهم العسكرية.
في هذا السياق، قال أحد الناشطين القائمين على الحملة، محمود باشا، لـ”المدن”، إن “الوضع الآن في الجبهات جيد، وخاصة بعد ملاحظة المقاتلين والقادة العسكريين وقوف القوى المدنية بجانبهم”. وأضاف “الحرب هي كر وفر، والثوار يدركون ذلك، أما الآن لا اعتقد أن النظام سيتقدم أكثر (..) على العكس تماماً، سيكون هناك هجوم عكسي للثوار واستعادة ما خسروه في الأيام الماضية”.
المدن