حلول الازمة السورية ووضع بشار الاسد
قصي حسن
بات من المرجح أن الدول الغربية و العربية تريد و بشكل سريع اسقاط بشار الاسد و نظامه و ذلك من خلال التصريحات المتلاحقة التي تصدر من هنا و من هناك و ذلك بالاتفاق مع كل القوى الظلامية التي عرفناها و نعرفها على مدى عقود و عقود من القاعدة الى الاخوان المسلمين الى السلفيين و من لف لفهم من مدعي العلمانية الراغبين في السلطة بأي ثمن كان حتى لو كان خراب الهيكل (سوريا) و لكن الرغبات شيء و الواقع شيئا” آخر- فبالرغم من أنني أرغب و بشدة بسقوط نظام الاسد الديكتاتوري الفاشي الذي ذبح الشعب السوري على مدى أربعين عاما” و نيف-الا أنني أخشى ما أخشاه أن تتحول سوريا بسبب ما يقوم به النظام الديكتاتوري الفاشي و المعارضة السابقة الذكر الى دويلات طائفية على أدنى احتمال أو أن تعيش سوريا حربا” طائفية لعشرات السنين القادمة فالوضع في سوريا و لنكن واقعيين ليس كالوضع في مصر و تونس و حتى ليبيا و اليمن فسوريا تتكون من فسيفساء طائفية نادرة الوجود الا في لبنان و هذه الطوائف و ان كان يشكل السنة النسبة الاكبر فيها الا أن نسبتهم ليست بالقليلة و بالتالي لا يمكن أن تتم السيطرة عليهم و اخضاعهم من قبل السنة بسهولة و لانني أدرك و أعرف أن سنة سوريا يريدون بل يصرحون علنا” بأنهم يريدون دولة اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية كما يحاول الاخوان المسلمون في مصر أن يفعلوا فانني ابرر مخاوف الطوائف من صعود السنة بواسطة الاخوان المسلمين الى سدة الحكم.
ان سقوط بشار الاسد أمر مطلوب و لا مفر منه و لكن هل يمكن فعلا اسقاطه بالطرق التي يتبعها بعض المعارضين .
1-التجييش الطائفي .
صحيح أن السنة هم أكثرية و صحيح أيضا” أن الاسد بنى الطائفية منذ تسلطه على الحكم في سوريا ولكن الصحيح أيضا” أن أي حرب طائفية في سوريا لن تؤدي الى اسقاط بشار الاسد لان الحرب الطائفية تعتمد على محاولة ابادة احدى الطوائف للطوائف الاخرى أو اجبارهم على الرحيل من البلد بغية تطهير البلد منهم و جعل البلد ذات صبغة طائفية واحدة و هذا ما فعله الصهاينة في فلسطين و لكن هل نجح الصهاينة ..؟ بالطبع لم ينجحوا و لن ينجحوا كما أن أي محاولة من هذا النوع في سوريا لن تنجح و خصوصا في عالمنا الحالي الواسع وسع الكون و الصغير صغر البرتقالة و أؤكد أن الاخوان المسلمون و كل الطوائف الباقية يبنون كل سياساتهم الخادعة على هذا الامر لان كل طائفة من الطوائف تؤمن و تعتقد و تصر أنها هي الطائفة الناجية الصحيحة و غيرها انما هم مجرد كفار لا مكان لهم على الخارطة الدينية وأنهم هم الطائفة الناجية التي يوردون حديث للرسول الكريم عنها و قد يكون مزيفا” و ليس الكلام عن الديمقراطية و حقوق الاقليات التي يتشدق بها بعض الطامحين الى السلطة من الاخوان المسلمون سوى واجهة يخفون ورائها حقيقة ما ينوون فعله لو كانوا في سدة الحكم و أقصى ما يمكن أن نأمله من حرب طائفية و تجييش طائفي هو ديمقراطية مسخة مثل ديمقراطية لبنان التوافقية الطائفية و من الملاحظ حتى الان أنه في سوريا لم تصدر أية بيانات عن الطوائف الاخرى غير السنة مؤيدة للثورة بل صدر عكس ذلك و إن دل هذا على شيء فانه يدل على مدى تخوف السوريين من باقي الطوائف من سيطرة الاخوان المسلمون باسم الطائفة السنية على مقاليد الحكم بعد الثورة و أخذ البلاد الى حروب و حروب .
2-الكفاح المسلح.
هل العين لا تقاوم المخرز ؟
مهما حاول البعض تبرير وجود السلاح في أيدي ثوار سوريا فان هذا السلاح لعب و سيلعب دورا” سلبيا على مجريات الاحداث في سوريا أولا لان عديد المنشقين ورتبهم ليس بالاهمية بمكان و حتى قائد ما يسمى الجيش السوري الحر فهو ليس سوى عقيد متقاعد أي عندما انشق عن الجيش كان مدنيا و ليس عسكريا” و لا ندري ماهي خلفيات تقاعده و من ثم خلفيات انشقاقه إن أي حمل للسلاح في سوريا من قبل المعارضة يعني أن المعارضة هي من نوع السلطة و لا يمكن أن تكون الا كذلك و أن المعارضة تتلمس الادوات التي تحاربها و هذه المعارضة انما هي معارضة طالبة للسلطة أكثر من كونها معارضة تبحث عن الديمقراطية و العدالة و المساواة فالقتل في سوريا إنما هو قتل للسوريين لاي مؤسسة انتموا و لاي طائفة انتموا أضف الى ذلك أنه إذا ما أردنا اسقاط أي نظام بالسلاح فانه ينبغي أن نكون مستعدين لذلك منذ زمن و هذا الاستعداد يشمل محاولة ابعاد المدنيين عن دائرة القتال بيننا و بين النظام و يشمل التسليح الجيد و القوي و الحقيقي فمثلا إذا ما هجم لص على منزلي فجأة و هو يحمل مسدسا” و أنا غير مستعد فهل من الحكمة أن أهجم عليه بسكين مطبخ و أنا أدعو ربي أن لا يطلق علي الرصاص ….؟
هذا ما هو الوضع عليه في سوريا فلو حمل المتظاهرون أو ما يسمى الجيش الحر سكينا” فان السلطة ستهاجمهم بالمدفع و لو حملو مسدسا” فان السلطة ستهاجمهم بالصواريخ …و هكذا فان عدم استعداد المعارضة لمقارعة جيش نظامي بكامل تجهيزه لا يؤدي الا الى المزيد و المزيد من الموت الغير مبرر و هو بدوره يعطي السلطة السورية التي منذ بدء الاحتجات و هي تحاول أن تدعي و تتمنى أن يحمل المعارضون لها, السلاح لا بل تفبرك مسلحين ليس لهم وجود و أنا باعتقادي أن المعارضة و الجيش الحر أعطيا السلطة المبرر أمام مؤيديها و مواليها لكل ما تقوم به و لذلك أنا باعتقادي أنه ينبغي على الجيش الحرو قائده إن لم يكن يسعى لسلطة ما و أنه بالفعل ناشط من أجل الديمقراطية و حقوق الانسان و غير ذلك من شعارات مشبوهة أن يعلن عن تخليه و جماعته عن السلاح و النزول الى الشارع سلميا” و بدون -حتى حجر-و الا فان النصر سيكون للنظام و سوف يخرج النظام بأقوى مما هو عليه الان و لن ينفع الشعب السوري عندها لا رياض الاسعد و لا برهان غليون و سوف نعود لنرزح تحت حكم آل “الوحش ” مائة عام أخرى .
التدخل الخارجي .
لقد بنى السوريون بلدهم و جيشهم و مؤسساتهم على مدى عشرات السنين بعرقهم و كدهم و دمهم و لحمهم و ليس صحيحا” أن الجيش السوري هو جيش بشار الاسد و ليس صحيحا” أن مصانع الاسلحة “إن وجدت ” هي مصانع بشار الاسد كما أنه ليس صحيحا” أن سد الفرات و محطات الكهرباء و المصانع الاخرى المتعددة و أنابيب الغاز و النفط و غيرها هي لبشار الاسد بل هي ملك للشعب السوري فمهما طالت فترة حكم الديكتاتور فانه الى زوال و لا يبقى الا الشعب الذي سوف يحاسب و يسائل أي شخص قام بتفجير هنا و تفجير هناك بغية تدمير البنية التحتية لسوريا لقد عانى الشعب السوري الامرين حتى وصلت بنيته العسكرية و الاقتصادية الى ما وصلت اليه و لن تجلب التفجيرات التي تحصل هنا و هناك لهذه البنية الا الدمار و لن يسقط بشار الاسد إذا ما حدث ذلك بل ربما هذا يزيده تشبثا” بالسلطة و يزيد من التفاف الشعب حوله و خصوصا” الصامتين منهم الذين هم الاكثرية حتى الآن و لذلك من غير المستبعد و من غير المستغرب و لن يكون هو نظام الديكتاتور إذا لم يلجأ الى هكذا عمليات من هنا و من خلال حساب موازين القوى على الساحة السورية فإن الغلبة ستكون للنظام اذا ما استمرت المعارضة باللعب على هذا الوتر و على وتر التدخل الخارجي فالتدخل الخارجي لن يجلب الى سوريا الديمقراطية كما أنه لم يجلبها الى العراق و أفغانستان و ليبيا فجل ما جلب هذا التدخل هو الدمار و الخراب و الانهبار الاقتصادي و الطائفية و القبلية و التقسيم و غير ذلك مما لا يلائم ما يصبو اليه الشارع السوري و ليس من حق المعارضة السورية التي هي أقلية – من منظور ديمقراطي- أن تلجأ الى طلب التدخل الخارجي من الامم المتحدة ليس من حق الاقلية أن تدمر سوريا من أجل ما يسمى ديمقراطية التي هي ليست سوى واجهة مكشوفة للصغير قبل الكبير لكي يحكم الاصوليون و يأخذونا الى عقود و عقود من الديكتاتورية و دفع الجزية و غير ذلك .. غير أنه بات الوضع في سوريا مأزوما و لا بد من حل و لما كانت هناك محاولات حثيثة لكي يرجع النظام الجيش الى ثكناته- لكي يعيث المعارضون المسلحون فسادا” في الارض – قد فشلت و سوف تفشل أي محاولة لاحقة فانني أقترح على كل معارض مسلح شريف أن يسلم سلاحه ليس للجيش السوري بل لهيئة عربية معترف بنزاهتها و مصداقيتها و ينزل الى الشارع بشكل سلمي لا نه في مواجهة هذا النظام الديكتاتوري الخداع لن تنفع الاساليب المسلحة بل السلمية هي وحدها ما ينفع سلمية سلمية …..
فبالسلمية وحدها يحرج النظام السوري و بالسلمية وحدها تستطيع المعارضة لم شمل الشعب السوري من كل الطوائف و بالسلمية وحدها نجنب سوريا الدمار والخراب و بالسلمية وحدها يمكن للديمقراطية أن تنتصر و للعدالة أن تتحقق.