صفحات العالم

حمص الشهيدة


محمد كريشان

ما هذا الذي يحدث حاليا في حمص؟!! أي بطولة أو إنسانية في قصف أحياء سكنية وقتل النساء والأطفال في بيوتهم؟!! هل يمكن أن نصدق أن الفاعل هو جيش سورية الوطني وأن المفعول به مواطنون سوريون ظلوا لعقود يرددون منذ صغرهم أن عناصر هذا الجيش هم حماة الديار!؟؟.

لنفترض أننا نشاطر الرواية السورية للأحداث كاملة دون نقصان. لنفترض فعلا أن كل ما يحدث في سورية منذ عشرة أشهر مؤامرة دولية دنيئة ضد قلعة المقاومة ضد إسرائيل تورطت في تنفيذها أو إذكائها دول عديدة أبرزها تركيا وقطر والسعودية وفرنسا لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل. لنفترض أيضا أن هناك فعلا عصابات مسلحة تعيث في التراب السـوري فسادا وتقتل يوميا من الجنود السوريين الكثير. لنفترض أن كل التقاريــــــــر والصور الآتية من سورية طوال الأشهر الماضية مفبركة بالكامل في ‘الغرف السوداء’ لقنوات ‘التحريض والفتنة’ ضد سورية وقيادتها الممانعة.

دعنا نفترض ذلك كله ونبصم عليه بالعشرة ثم نستأذن الحكم السوري والمدافعين البواسل عنه في سؤال واحد لا غير: ما هذا الذي يحدث هذه الأيام في حمص؟! ليكن هذا سؤالا بريئا أو لئيما أو استفساريا أو استنكاريا… لا يهم. هو سؤال لا يبحث سوى عن جواب. ومثلما سايرنا هؤلاء في التوقيع على بياض على كل ما يقوله النظام منذ 15 آذار/مارس إلى اليوم، فليتنازلوا هم قليلا ويسايرونا في تحمل هذا السؤال ثم يتكرموا علينا بجواب حتى وإن كان من سطر واحد.

ما هذا الذي يحدث حاليا في حمص؟! سؤال بسيط وواضح ولا نتمنى من كل هذه الشخصيات السورية واللبنانية التي أدمنت الدفاع عن سورية في كل الأحوال سوى التكرم بالرد عليه بنفس البساطة والوضوح. لا نريد منهم أن ينطلقوا في معزوفتهم العادية التي تحاول بنفس استعراضي سرد ما يعتقدون أنها أخبار انفردوا بها دون سائر خلق الله أو تحليلات إستراتيجية لا يأتيها الباطل من أي جهة. ليقولوا لنا مثلا أن حمص هادئة ولا شيء يحدث فيها على الإطلاق، أو أن الصور المسربة من هناك ملفقة، أو أن هناك فعلا قصفا يجري في المدينة لكنه موجه للقضاء على مسلحين موتورين ولا يهم إن سقط معهم عشرات آخرون من الأبرياء. ليتهم يقولون لنا أي شيء محدد.. حتى لو قالوا مثلا إنه لا توجد أصلا في سورية كلها مدينة تدعى حمص!!

ما هذا الذي يحدث حاليا في حمص؟!! كل هؤلاء المتحدثين من سورية بلسان النظام لم يستطيعوا تقديم جواب واحد على هذا السؤال. إنهم يذهبون بالحديث شرقا وغربا كي لا يردوا عليه.

لا جواب إطلاقا على ما يحدث في باب عمرو من تحويل عائلات بأكملها إلى أشلاء داخل بيوتها، لا جواب على قصف الأحياء السكنية بمدفعيات الدبابات المتنقلة في شوارع مقفرة اختلطت فيها مياه الأمطار بدماء الجثث المرمية. هذه المدينة الثالثة في البلاد تحولت جدرانها إلى ما يشبه قطع الجبن المثقوبة من كل الجوانب.

من المحزن والمخجل بل والمعيب أن يصل المرء إلى استنتاج أن ما يفعله الجيش السوري بشعبه لم تجرؤ إسرائيل المحتلة لأرضنا على القيام به بمثل هذه البشاعة في أحلك المواجهات مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ولا أدري إن كانت الذاكرة تسعف في استحضار حالات مماثلة ارتكبتها في بيروت أو في جنين. أي انحطاط وصلنا إليه في سورية حتى يعقد بعضنا مقارنات من هذا القبيل!!!

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى