صفحات الناس

حملة إيرانية تحت شعار تحريض الدروز في جبل الشيخ/ سالم ناصيف

 

فشل أنصار النظام في جمع متطوعين من المدنيين الدروز من قرى جبل الشيخ ليكونوا القوام الرئيسي لحملة عسكرية تستهدف قرى مغر المير وبيت جن ومزرعة بيت جن وأطراف حينا، في الوقت الذي تقف فيه معارضة مشايخ دروز جبل الشيخ على الضد من إحراز أي تقدم في هذا المسعى.

وجد النظام عنواناً ترويجياً لهذه الحملة بين الدروز يقوم على فكرة “تحرير” مقام الشيخ عبدالله في قرية مزرعة بيت جن، وهو مقام ديني بالغ الأهمية لدى أبناء الطائفة عامة. الأمر الذي اعتبرته إحدى المرجعيات الدينية الدرزية علاقة داخلية يجب أن تحل بين الجيران من أهالي قرى جبل الشيخ بالطرق السلمية والتفاوضية فقط، وبما يحفظ النسيج الاجتماعي في جبل الشيخ. كما رأى المرجع أن هذه الحملة بمثابة فتنة طائفية يريد النظام أن يزرعها في جبل الشيخ بين الدروز وجيرانهم.

بعد فشله، انتقل النظام إلى مناطق صحنايا وأشرفية صحنايا وجرمانا لتجنيد مجموعات من الدفاع الوطني في إطار الحملة، لكنه أيضاً لم يجمع أكثر من عشرين مقاتلاً من هذه المناطق بسبب اعتراض مشايخ جرمانا وأشرفية صحنايا، كما هو الحال لدى مرجعية جبل الشيخ.

يحمل اعتراض هذه المرجعيات على الحملة رفضاً لاستثمار الدروز كغطاء لعمليات نظام الأمر الواقع في دمشق، ومن خلفه الإدارة المباشرة لفيلق القدس وحزب الله. وكذلك فإنه يبدي فهماً للدوافع الحقيقية الكامنة تحت الشعار الترويجي الذي يمثل عنوان الحملة.

مصدر من داخل الدفاع الوطني في بلدة صحنايا جنوب غرب دمشق قال لـ”المدن”: ” ينتظر أن يكون تعداد الحملة حوالي 1500 مقاتل متطوع، نواتها المركزية هي قوة من المقاتلين الشيعة يبلغ عددها أكثر من ثلاثمائة مقاتل يقيمون حالياً في منطقة (دير عين الشعرة)، على مسافة قريبة من خطوط التماس مع الجيش الحر. إضافة إلى دعم واسع من الفوج 137 مدفعية. ويتوقع أن تبدأ في غضون أيام قليلة”.

ويضيف المصدر “يركز النظام نشاطه في السويداء منذ ثلاثة أيام للإعداد لهذه الحملة. وقد صدرت أوامر من قيادة الدفاع الوطني، وعلى الأغلب هي أوامر من المسؤول الإيراني، من أجل انتقال قوة من الدفاع الوطني في السويداء إلى جبل الشيخ خلال يومين أو ثلاثة، لتشارك مع قوة أخرى من شبيحة أطراف دمشق ومقاتلين من الميليشيات الشيعية، في العمليات العسكرية المزمع شنها على منطقة شمال سعسع”.

يد حزب الله ليست بعيدة عن المشهد في جبل الشيخ، فما يحدث هذه الأيام على الأرجح هو تتمة لمحاولة سابقة قام بها حزب الله حين أرسل ضابطه ومبعوثه الخاص، سمير القنطار، إلى جبل الشيخ من أجل تنظيم قوة عسكرية موالية للحزب في شباط/فبراير من العام الحالي. وكذلك فإن أكثر من زيارة تحريضية قامت بها شخصيات مقربة من النظام للسبب ذاته بعد سيطرة قوات المعارضة العسكرية على بلدة مزرعة بيت جن.

تحت الطاولة ثمة دوافع أخرى قد تكون السبب الفعلي وراء الحملة. فالمعارضة التي سيطرت على البلدة كانت قد صادرت منازل وأراض تعود ملكيتها لعائلات شيعية من آل حمادة. والأرجح أن هذه العائلات النازحة هي من يقف وراء فكرة الحملة، بحكم قربها من حزب الله.

إذا قيض النجاح لهذه الحملة، فإنها ستعطي حزب الله موطئ قدم في جبل الشيخ، وستكون “مسمار جحا” الجديد، الذي يسعى للتوسع منه باتجاه المناطق الحدودية مع المناطق المحتلة، ليحقق طموحاً، بدأ يتبلور مع نهاية حرب تموز 2006، لكنه لم يجد طريقاً مناسبة لتمريره طوال الفترة الماضية. وبذلك سيكون الأمر أشبه بافتتاح محرس جديد، ونوبات حراسة إضافية على الحدود الباردة مع إسرائيل.

وكذلك فإن نجاح نظام الأسد في تشكيل هذه الحملة سيكون مسماراً جديداً في نعش النسيج الاجتماعي في جبل الشيخ، وتدميراً لتاريخ طويل شارك في كتابته تنوّع غني من الطوائف. لا يزال كثير من أبنائها يريدون لعمامة هذا الجبل أن تبقى بيضاء كالثلج، وأن لا تختلط بدم أبنائه المخدوعين.

وفي هذا السياق، وجّه رئيس اللقاء الديمقراطي، وليد جنبلاط نداءً “إلى أهالي جبل الشيخ من أبناء طائفة الموحدين الدروز” جاء فيه: “مرّة جديدة أتوّجه إليكم عبر وسائل الاعلام لأشدد مجدداً على عروبتكم ووطنيتكم وأعوّل على وعيكم ومسؤوليتكم في إجهاض أي مشروع فتنة حاول ويحاول النظام السوري جاهداً أن يزرعها بينكم وبين إخوانكم السوريين من أبناء الطوائف الأخرى بهدف إشعال النار والتدخل في الوقت المناسب لاستعادة السيطرة على المناطق التي تحررّت من قمعه وسطوته”.

وأضاف “إن حصانة مجتمعكم في رفض الانخراط في ما يُسمّى قوّة الدفاع الوطني التي لا تعدو كونها فرق شبيحة هدفها الوحيد التنكيل والقمع هو بمثابة دليل قاطع على عروبتكم ووطنيتكم، وأدعوكم للتيقظ والوعي لما قد يأيتكم في الأيّام المقبلة من حملات أمنيّة تضم مشاركين من مذاهب أخرى، فحذار الوقوع في الفخ والغرق في حربٍ مذهبيّة تصب في خدمة النظام وأهدافه المفضوحة”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى