حوار – تلصّص/ عبد الوهاب عزاوي
– هل يأكله؟
– لا، لا أعتقد.
– ماذا يفعل إذاً؟ إنه يبدو شديد الانهماك.
– لعلّه يشمّه فقط.
– ما الذي يشمّه بالضبط؟
– لا أعرف، رائحته مثلاً!
– في مَ ستكون رائحته مميزة؟
– الأمل؟
– (باستهجان) الأمل! أيّ أمل؟
– الأمل في النجاة من هذا الرعب؟
صمت قصير
– انظر إلى فمه، هل هذا لعابه؟
– لست متأكداً.
– هل يأكله؟
– لا أعرف، لكنّ عينيه تلمعان بشهوةٍ مخيفة.
– لعلّه يتخيّل متعة أكله!
– أجل، لعلّه ليس جائعاً الآن وينتظر كي يجوع أكثر. إنه يطيل أمد شهوته.
– لا، من الواضح أنه جائع، انظر إلى توتره، عروق رقبته تكاد تنفجر، قد ينهشه في كلّ لحظة.
– إذاً لماذا لم يبدأ؟
– لعلّه يضع مخططاً لأكله.
– هل يفضّل أكله بارداً؟
– لا أظن.
– إنه يبدو مأخوذاً، لعل ذلك شتّت تفكيره فلم يعد يعرف من أين يبدأ.
– هذا وارد. (يدهمه سعالٌ مفاجئ يخرج بشكلٍ مكتوم مما يثير انتباه الكائن البعيد)
– (هامساً) اخرس. (يختبئان)
فترة صمت قصيرة.
– هل رآنا؟
– لا أدري.
– لا أعتقد أنه رآنا.
– هل يأتي؟
– ليس من السهل أن يترك… وجبته هناك.
– لعله سيأتي من باب الفضول، أو… لشهوة القتل فقط.
– لكنه لم يأت حتى الآن.
– هل بدأ بأكله؟
– لست متأكداً، لا أسمع شيئاً، ولا أجرؤ أن أنظر في اتجاهه.
– ماذا يفعل إن انتهى منه هناك؟
– لا أعتقد أنه سينهيه بوجبةٍ واحدة.
– ماذا لو فعل؟
– سيكون قد شبع.
– وماذا إن لم يشبع؟
– سنكون قد هربنا.
– لكننا لا نستطيع أن نتحرك الآن فقد نلفت انتباهه!
– معك حق.
– ماذا نفعل إذاً؟
– نبقى في مكاننا.
– هل تسمع شيئاً؟
– لا…
النهار