صفحات الحوار

حوار مطول مع فائق المير حول الثورة وشبابها وأحزابها ومبادرة رياض سيف!


حاورته: هنادي زحلوط

-أنت أب لولدين: علي وفرح، وهما مرتبطان، وزوجتك السيدة سمر وحيدة اليوم، في ظل تخفيك، كيف تجابه مخاوفك العائلية والذاتية؟

-مخاوفي ليست بعيدة عن مخاوف غالبية السوريين في ظل نظام القتل والاستبداد. ربّما كانت لمخاوفي قبل الثورة، كمعارض،  بعض الخصوصية، لأن عنف النظام المباشر كان ينصبُّ على المعارضين قبل غيرهم، فالمداهمات والمراقبة  المستمرتين لمنزلي، والاستدعاءات المتكررة من قبل الأمن لزوجتي كانت تترك أثراً وخوفاً طبيعياً ومستمرا في داخلي، وإن يكن لم يتحول إلى هاجس يثنيني عن متابعة عملي السياسي أو يحدّ من هذا العمل. وهنا لا أنكر أن مواقف زوجتي وأولادي الرائعة والمتضامنة كان لها دورا كبيراً في هذه الاستمرارية.

بعد الثورة غابت تقريباً هذه الخصوصية وأصبحت مثل غالبية المجتمع السوري نتجرع البلاء نفسه، بل هناك الكثير من الشباب والعائلات يتعرضون لعنف من النظام يفوق الكثير ما أتعرض له الآن أنا وعائلتي.، وهنا أنحني احتراماً وتواضعاً أمام ما قدمه ويقدمّه  شباب الثورة وخصوصاً الشهداء منهم بهذا الشأن .

-بعد أكثر من ثلاثين عاما من العمل السياسي، أمضيتها بين القدموس وطرطوس وسلمية والطبقة، أنت من جديد متخفً، ما هو المختلف في التخفي المرة؟

– أنا ملاحق هذه المرّة منذ العام /2010/، أي قبل الثورة ومحكوم غيابياً خمسة عشر عاماً من القضاء العسكري في حمص لنشاطاتي السياسية. الجديد في هذا  على الصعيد الشخصي، لكني في هذه المرّة قد كبرت بالعمر بعض الشيء، ومن جانب آخر فإنَّ أوضاعي العائلية أكثر استقراراً فأولادي كبروا ونجحوا في الحياة واستقلوا، وهذا بحد ذاته مصدر قوة وطمأنينة لي ولزوجتي سمر.

أما على الصعيد العام وهو الأساس فهذا التخفي له طعم وروح مختلفة، قبل اندلاع الربيع العربي ببعض الوقت، كان الواقع السوري صعباً والآفاق شبه مغلقة أمام العمل المعارض المجدي، ويظهر النظام وهو منتصر على المجتمع، وقتها فكرت بمغادرة البلاد للمرّة الأولى من منطق ودوافع أن بإمكاني تقديم ما هو أفيد في العمل المعارض خارج البلاد، أحمد الله على اندلاع الثورة التي فتحت صيرورة، وحالت دون خروجي.

ومن وقتها وجدت نفسي في الثورة أقدم ما أستطيع إليه سبيلا وأحصد النتائج مثل كل السوريين بالانتصارات التي تحققها الثورة واقتراب التخلص من الطاغية ومن عقود الاستبداد، وفي نفس الوقت هناك شيء آخر رائع  هو الحاضنة الاجتماعية الوسعة التي تحيط بالمطلوبين وبالثوار، وتشكل دافعاً ومحفزاً كبيرين لنا على التقدم والمثابرة. هذا الشيء الذي كنا نفتقده في المرات السابقة.

-كيف يمكنك اليوم توصيف نفسك: رفيق في حزب الشعب وقيادي فيه، أم ناشط في الثورة؟

– طالما أنّ  الحزب، منذ بدايات الثورة بل وقبل ذلك، قد انحاز لها وانخرط فيها قولاً وفعلاً  وهذا شيء أفتخر به و وهو خيار يشرف الحزب ويشرفني أيضاً، فلا أجد أيّ تعارض بين أن عملي في الحزب وعملي كناشط في الثورة معاً. أمّا إذا كان لابد من المفاضلة، فأنا في هذه الحالة سأختار الثورة لأنها تحمل أحلامنا وأهدافنا، أمّا الحزب وأي حزب سياسي  فهو يبقى وسيلة وأداة لتحقيق الأهداف وليس العكس.  أمّا مسألة القيادة في الحزب فهو تقريباً شأن داخلي ومسئولية  وطنية، عسى أن أكون على قدر هذه المسئولية .

– كيف تنظر إلى الشباب السوري اليوم؟  وماذا ينقصهم كي يفرزوا قياداتهم السياسية ويكوّونوا تجربتهم الخاصة؟

– الشباب السوري اليوم هم حملة الحاضر وصناع المستقبل، وخير من استفاد من تراكمات الواقع ومن تناقضاته لتفجير الثورة الكامنة والسير بها نحو أهدافها بالحرية والكرامة الانسانيتين. ما ينقص شباب الثورة كي يكوّنوا  تجربتهم الخاصّةـ مع الاعتذار فلا أحب دور المرشد، هو التجربة والخبرة المكتسبتين من أرض الواقع والتي تحتاج لبعض الوقت، ناهيك عن اليد الصادقة الممدودة من قوى المعارضة التقليدية من أجل تقديم الخبرة ومساعدة الشباب على فرز قياداتهم، بدل محاولات أكثرية هذه المعارضةـ مع الأسف، لعب دور الوصي والملهم لهم، وأيضاً محاولات  التكسب والكسب الحزبي الضيق. هذان الشرطان ربما يكونا الأهم باعتقادي كي يفرزوا قياداتهم السياسية المطلوبة.

-كيف ترى تجربة حزب الشعب في خضم الثورة السورية؟ وهل فرضت الثورة تعاطيا مختلفا من حزب الشعب مع المسألة السورية؟

– مازال من المبكر تقييم تجربة حزب الشعب أو غيره من القوى السياسية التي انحازت للثورة أو انخرطت بها، لكن يمكنني القول أن الثورة فرضت منطقها على الجميع، وتعاطيا جديدا في العمل السياسي من الأحزاب. لأن طبيعة الصراع اختلفت، فالمعارضة لم تعد مركز الصراع مع السلطة. بل أصبحت الثورة هي مركز الصراع وبالتالي فإن الموقف السياسي للمعارضة أصبح يعرّف ويتحدد بالموقف من الثورة، وليس من خلال البرامج والأهداف السياسية الضيقة والمحددة للأحزاب. من هذه الزاوية يمكن القول أن أولوية الأهداف الوطنية  التي حددتها الثورة، والمتمثلة بمطلبي الحرية والكرامة الانسانيتين، وشرط تحققهما ألا وهو اسقاط نظام الاستبداد القائم في البلاد وإقامة النظام الوطني الديمقراطي قد أصبحت المعيار عند الحديث عنه في هذه المرحلة. هذا على صعيد الاهداف والبرامج، أما على صعيد الدينامية فالثورة ومن خلال فضيلتها المتمثلة بإدخال الاهتمام والعمل بالشأن العام إلى كل بيت وعائلة، قد فتحت مناخاً وتربة غنية للأحزاب كي تدخل في حوار وتواصل مع كل مكونات المجتمع التي كانت غائبة أو مغيبة عنه، وأن تعود إلى رحم الحياة الاجتماعية الحقيقية لتنمو وتترعرع وتتعلم فيه.

– طرح حزب الشعب مشروع الدولة المدنية الديمقراطية في إطار التجمع الوطني الديمقراطي منذ السبعينات (على ما أعتقد) هل طرأت أي تعديلات من وجهة نظركم على هذا المشروع اليوم؟

– النظام الوطني الديمقراطي والدولة المدنية الديمقراطية متلازمان وهما في صلب مشروع التغيير الديمقراطي الذي طرحه التجمع الديمقراطي في وثيقته أو ميثاقه السياسي في نهاية سبعينات القرن الماضي كبديل لنظام الاستبداد وللدولة الشمولية القائمة. بالرغم من انفراط التجمع الوطني الديمقراطي ودخول الحزب في ائتلافات جديدة / إعلان دمشق / تتوافق مع التطور في رؤيته  لحاجات البلاد ولعملية الانتقال الديمقراطي المنشودة ،وذلك من خلال المبادرة التي طرحها الحزب في مؤتمره السادس والقائمة على المصالحة بين التيارات الفكرية الأربعة الأساس في البلاد / اليسارية ، الليبرالية ، القومية، الاسلامية /، ثم مع انطلاق الثورة لاحقاً فإن هدف النظام الوطني الديمقراطي والدولة المدنية الديمقراطية أصبحا إضافة لإسقاط النظام أهداف الثورة الاساس وليس حزب الشعب فقط.

– من المعروف أن رياض الترك، الأمين العام الأسبق للحزب، هو من بارد إلى الاستقالة من منصبه، عائدا إلى صفوف الحزب كرفيق وكـ “رأسمال رمزي” كما يوصّفه رفاقه في حزب الشعب، ومن جهة أخرى فإن كثر من المتابعين يؤكدون أن “ابن العم” هو من يرأس فعليا حزب الشعب، وأن قرارات الحزب وتحالفاته لا تمر إلا عبره، كيف تفسر هذا التناقض؟

– تراجع الرفيق رياض عدة خطوات واستقالته من منصب الأمين الأول للجنة المركزية، وبقائه عضواً في اللجنة المركزية إضافة  لعملية تجديد أغلبية أعضاء اللجنة المركزية وبقية هيئات  الحزب، جاءت في إطار توجهات الحزب لتعميق الديمقراطية داخل الحزب وتجديد دمائه. وكان سيتبعها خطوات لاحقة في هذا الاتجاه. لا أدري كم نجح الحزب في تكريس هذا التوجه، لكن النتائج المحصودة حتى الآن ليست بقدر الطموحات إن لم أقل أنها متواضعة، وليس هنا المكان لتقييمها، والحزب كان يضع هذه المهمة على جدول مهامه في المؤتمر الذي كنا على أبوابه واندلعت الثورة. القول أنا الرفيق رياض الترك هو من يرأس الحزب فيه مبالغة، لكن لا أحد ينكر دور رياض الترك السياسي سواء في الحزب أوفي العمل الوطني السوري بشكل عام، وليس على صعيد التحالفات التي يكون الحزب طرفاً فيها فقط . خصوصا وأنه لم يتكئ في يوم من الأيام كغيره على ماضٍ نضالي وتجربة صمود استثنائية عاشها في المعتقل وفي مقارعة الاستبداد، كما يحلو للبعض فعله، وإنما على ما يقدمه في الحاضر من جهد وعمل سواء في الحزب أو التحالفات والثورة. هذا القول لا يتعارض بالمطلق مع القول أن للرفيق رياض أخطائه وعثراته في السياسة كغيره من البشر والسياسيين.

– كان حزب الشعب وعلى مدى عشرات السنوات مقتصرا على من بقي في صفوفه بعد معاناة الاعتقال والتعذيب والعمل السري والتخفي، ما هو عدد الرفاق في حزب الشعب لو أمكننا أن نعرف؟ ماهي شرائحهم العمرية؟ هل شهد الحزب تغيرا على هذا الصعيد خلال الثورة؟

– حزب الشعب كغيره من قوى المعارضة السورية تعرض للعنف والارهاب خلال عقود الاستبداد والتسلط الماضية، حين جففت منابع العمل السياسي المعارض والموالي في سوريا، وبقي الرفاق في الحزب يستندون  في نشاطهم إلى خط سياسي ديمقراطي وضعه المؤتمر الخامس أكثر من استنادهم إلى قاعدة اجتماعية ومناصرين يبسهما نظام الطاغية الأب .

التقط الحزب أنفاسه في بداية حكم بشار الأسد ومع تخفيف القبضة الامنية بعض الشيء،  فرمم هيئاته وعقد مؤتمرات واجتماعات متعددة لترتيب أوضاعه، كما وسع من صلاته وعلاقاته مع الناس. يمكنني القول أننا دخلنا المؤتمر السادس / نيسان ـ 2005 / بدماء جديدة وشابة لا يستهان بها ناهيك عن الكثير من الرفاق الذين خرجوا من السجون وعادوا إلى صفوف الحزب،  لكن الحزب لم يلبث وأن دخل في حالة مراوحة، بل وبعض التراجع على الصعيد التنظيمي، لعلّ أهم أسبابه عودة السلطة إلى التصعيد والعنف، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الحزب، علينا الاعتراف بذلك، لم ينجح تماماً في خلق مناخ وهيئات ديمقراطية تشكل عامل جذب ومناخ ملائم لتفجير طاقات الشباب الذين دخلوا الحزب. منذ  بداية الثورة استطاع الحزب  الذي انحاز إليها قولا وفعلا أن يقيم صلات وتعاون مع الكثير من المجموعات الشبابية العاملة بالثورة، وهو الأمر الطبيعي، وقد ُتوّج  هذا التعاون بثقة متبادلة وبانخراط أعداد مقبولة من الشباب والشابات في صفوفه، إضافة لمن هم من فئات عمرية أكبر. هذا  الرفد للحزب هو محط الآمال  لدينا، ليس من أجل زيادة أعداد الرفاق فحسب، وإنما في أن يكون للحزب دور ما في الحياة السياسية القادمة، فيما لو أحسن الجديد القادم حمل خط الحزب وتطويره، وفي نفس الوقت تراجع القديم أكثر من خطوة وأقرّ أن المستقبل لهم.

عن عدد الرفاق من الصعب الحديث عن ذلك هنا ونحن لم نزل في حكم الاستبداد، لكن لابد من القول أن قوة الحزب الحقيقية في النظام الديمقراطي لا تقاس بعدد أعضائه، مع أهمية ذلك، وإنما بصحة خطّه وطروحاته السياسية ومدى اقتناع الناس بها. بهذا الشأن لنا ثقة بخيارات الناس وبصوابية خطنا السياسي بشكل عام.

– يعتبر حزب الشعب، مع حركة الإخوان المسلمين، العمود الفقري للمجلس الوطني السوري، كيف تقيم هذا التحالف؟ وكيف تقيم عمل المجلس الوطني بناء على ذلك؟

– حزب الشعب  غير موجود داخل المجلس الوطني كمكون سياسي، بل هم جزء من ائتلاف إعلان دمشق ولا أحد ينكر أن مكوني الاخوان المسلمين وإعلان دمشق للتغيير، مع الاحترام لباقي المكونات ، هما الأوسع تمثيلا والأكثر تنظيماً داخل المجلس الوطني. لكن المجلس بني على التوافق وعلى التوازن بين مكوناته الاساس دون النظر إلى حجمها. بهذا المعنى فإن علاقة الاعلان مع الاخوان مثل باقي العلاقات مع كل المكونات تقوم على المشتركات والأهداف السياسية التي قام عليها المجلس، وتخضع للتجاذب والحوار والاختلاف والتوافق ،وهذه من طبيعة التحالفات السياسية خصوصاً ذات الأبعاد الوطنية وليست ذات الأبعاد الايديولوجية أو الفكرية الأقل سعة وتنوعاً. يتم عمل المجلس باعتباره الوعاء الجامع للقوى والفعاليات المنحازة للثورة، والتي هي ثورة شعب متعدد المشارب الاتجاهات الفكرية والسياسية، وكذلك في تركيبته الاجتماعية والمذهبية والأثنية .

– ماهي رؤيتك للحل السياسي للقضية الكردية في ظل طروحات الفدرالية والحكم الذاتي؟ وهل تجد أن القاعدة الشعبية الكردية متمايزة في مواقفها عن الأحزاب الكردية والقيادات التقليدية في هذا الشأن؟

– لاأوافقك القول على مفهوم القضية الكردية في سوريا، هناك مشكلة أكراد سوريين وحقوق قومية ثقافية واجتماعية منتزعة منهم وكذلك حقوق سياسية مسلوبة منهم مثلهم فيها مثل بقية السوريين الآخرين، والحل لها ونيلهم لكل هذه الحقوق لا يمكن أن يأتي إلا في إطار نيل السوريين جميعاً لحقوقهم المستلبة، وفي إطار النظام الوطني الديمقراطي الذي علينا العمل جميعاً من أجل تحقيقه. على الجميع أن يقر ويعترف ويعمل من أجل أن تكون سوريا وطناً حرّاً وديمقراطياً ونهائياً للجميع. أوافقك الرأي أن القاعدة الشعبية الكردية وخصوصاً أجيال الشباب فيها أظهرت تمايزاً واضحاً عن الأحزاب التقليدية خصوصاً منذ اندلاع الثورة، فأغلب هذه الأحزاب في سياساتها  لم تقطع في العلاقة مع النظام، ولم تنخرط بالثورة، بل بقيت بين بينين وتنتظر مآلات الصراع، في الوقت الذي نجد أكثرية الشباب الكورد السوريين منخرطون بالثورة، بل ولهم دور هام في اشعالها حيث يتواجدون، وتبقى استثناءات لبعض الأحزاب بهذا الشأن.

– ماهي الطريقة المثلى للتعاطي مع الطائفة العلوية التي تساند النظام بمعظمها حتى هذه اللحظة؟

– باعتقادي أن الطريقة الرائعة التي اعتمدتها الثورة للتعامل مع كل مكونات الشعب السوري وليس الطائفة العلوية فقط هي المثلى، سواء ما يتعلق بالشعارات والأهداف وحتى السلوك الراقي، بعيداً عن بعض أصوات النشاز من هنا وهناك والتي في مجملها نتيجة وحشية الطاغية واستحضاره المستمر للتجييش الطائفي، وعمليات القتل والمجازر التي ارتكبها في هذا السياق. وإن لم تأتِ أكلها بعد وربما لن تفلح لاحقاً في تأمين عملية انسلاخ كبيرة ونوعية داخل الطائفة عن النظام.

الثورة والشعب وحتى المعارضة ببرامجها وتصريحاتها قدمت كل ما يطمئن كل السوريين إلى أن البديل لهذا النظام هو النظام الديمقراطي الضامن لمصالح وحقوق كل السوريين. مع الأسف ما يزال النظام منتصراً على الثورة داخل الطائفة العلوية بشكل عام والتي مازالت بغالبيتها تناصره بل وتشكل خزاناً لشبيحته وجيشه الذي يرتكب الفظائع وحروب الابادة، مع الاحترام لتضحيات ونضالات الآلاف من الشباب والسياسيين المعارضين من الطائفة العلوية لهذا النظام عبر عقود الاستبداد الماضية وكذلك في الثورة الآن. مع إدراكي للطبيعة الاخطبوطية الأمنية التي يتحكم بها النظام بالطائفة ويشدها بها إليه وصعوبة التملص من ذلك. بل وأرجح أن تبقى الكتلة الاكبر تقاتل حتى النهاية في صفوفه، فإني أتطلع إلى انشقاقات مهمة خصوصاً داخل مؤسسات السلطة كلما مالت الكفة لصالح الثورة.

وإلى أن ينفتح السؤال الأهم  لدى أبناء الطائفة وهو: إلى أين نحن ذاهبون ؟ فالأسد لن يبقى إلى الأبد. هنا على الثورة المنتصرة أن تأخذ بالحسبان ذلك، وتدرك أنها لا تحقق أو تطلب الحرية لأنصارها فقط بل ولكل السوريين بمن فيهم أولئك الذي لم يناصروها أو بقوا منحازين للطاغية حتى آخر الوقت، فهي ثورة كل السوريين. تبقى الكرة الآن في ملعب أبناء الطائفة العلوية، وننتظر منهم مواقف مشرفة لهم ولسوريا كما عهدناها منهم قبل مجيء الطاغية.

– ما هو ردك على أطروحة حماية الأقليات، أنت الاسماعيلي وابن السلمية، وكيف تجد مستقبل الأقليات في سوريا؟

– أولا أنا ابن القدموس ولست ابن السلمية. مقولة حماية الاقليات يدحضها الواقع والتاريخ السوري القريب. نظام الاستبداد لا يحمي حتى الموالين له في بعض المراحل، حامي الأقليات من يرمي البراميل المتفجرة على السلمية، ويغيب في سجونه المئات من أبناء السلمية ومصياف وغيرها من أبناء هذه الطائفة ناهيك عن الشهداء، وكذلك داخل الطائفة المسيحية والعلوية، ولنا بما فعله في القرداحة منذ أيام خير مثال، أكبر هجرة للمسيحين في سوريا حدثت في عهود هذا النظام وتقلص عددهم إلى النصف، هجرات المسيحيين السريان في الجزيرة كانت تتم بإشراف النظام وأحد عرابيها اللواء محمد منصورة مدير الأمن السياسي في القامشلي، القدموس  بلدتي الاسماعيلية يتم استباحتها من قبل شبيحة ومتنفذي بشار الاسد في العام 2005 ويتم حرق المنازل ونهبها كما يحدث الآن في كل المدن السورية. هذا النظام يشد العصبيات للأقليات من أجل مشروعه السياسي المغلف بالمقاومة والممانعة والوطنية، وهو بالواقع لا يتجاوز حدود اكرسي الحكم دون غيرها. مستقبل الأقليات في سوريا رهن بانتصار الثورة وبإقامة النظام الديمقراطي فهو الضامن لحاضر ومستقبل كل السوريين.

– رياض سيف شخصية بارزة في إعلان دمشق، وهو عضو في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري، وهو حليف قديم، ما هو رأيك بالمبادرة الوطنية التي يطرحها اليوم للنقاش على المعارضة السورية؟ ماذا تجد فيها من سلبيات وايجابيات؟

 – رياض سيف صديق عزيز ورفيق في النضال الوطني منذ ربيع دمشق وهو زميل سجن في سجن عدرا. هو خارج إعلان دمشق بناء على طلبه منذ ما يقارب العام، دخل المجلس الوطني كشخصية مستقلة.

باعتقادي أن المبادرة لا يمكن اعتبارها مبادرته، بل هي مبادرة المجتمع الدولي من أجل  فرض حل سياسي على الشعب السوري، يقوم على التسوية وعلى أساس اعلان جنيف ومبادرة أنان، واللتان لاتتضمنان رحيل الطاغية وزمرته كشرط لأي حوار أو تفاوض من أجل عملية الانتقال الديمقراطي، وبالتالي فهي لا تلبي الحدود الدنيا لمطالب الثورة في اسقاط النظام بكل أركانه ومرتكزاته. الخطورة في الأمر أن المجتمع الدولي  ينظر للصراع من خلال  أنه صراع بين طرفين اجتماعيين وسيفضي إلى حرب أهلية مالم يتم تسويته، ولا ينظر إليه على أنه صراع بين ثورة وطاغية، ولهذا يرى أنه لابد من تسوية الصراع بين الطرفين .

– كيف تجد خلاص سوريا؟ وماهي مخاوفك من المستقبل؟

 – خلاص سوريا ينبع من خلاصها من نظام القتل والإجرام، خلاصها يتوقف على انتصار الثورة وعلى إقامة النظام الوطني الديمقراطي، أما عن المخاوف فستبقى قائمة مادامت الثورة لم تنتصر وتتجذر في الواقع بعد، لكن  هذه المخاوف لن يثنينا عن العمل على هدم عمارة الاستبداد ولا مخاوف لدي من المستقبل على الاطلاق، ليرحلوا ونحن السوريين قادرون على تدبير شئوننا والتحكم بمصائرنا.

كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى