صفحات الحوار

حوار مع مناف طلاس

 

نص المقابلة التي أجرتها يلينا سوبونينا، مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط بمعهد الدراسات الاستراتيجية، مع العميد مناف طلاس:

س: في البداية كيف تنظر إلى الأنباء القائلة باستعداد معاذ الخطيب للتفاوض مع ممثلي النظام؟ فقد انتقده بعض المعارضين على هذه التصريحات؟

ج: أنا أؤيد أية مبادرة قد تؤدي إلى إنهاء الحرب في سورية، لذا أرى أن هذا أمر جيد.

س: سيادة العميد، هناك من يقول إن الرئيس بشار الاسد سيبقى إلى نهاية ولايته، وهناك من يقول انه سيسقط،  أنت شخصية معروفة ليس فقط في سورية، وكنت صديقا شخصيا للاسد وكنت ضابطا مقربا منه، في اعتقادك، كيف ستتطور الأوضاع في سورية؟

ج: لقد قلت سابقا إن الصداقة تقف عند منعطفات في التاريخ. أما فيما يتعلق بما سيحدث، أعتقد أن هناك أربعة سيناريوهات، أولها: في سورية حالة من الفوضى، وهذه الفوضى لا يمكن أن تسقط النظام، ولكن إذا سقط النظام اليوم، فستحكم هذه الفوضى، وإذا حكمت الفوضى سورية فستكون هناك كوارث وستكون هناك حرب أهلية.

س: وما هي السيناريوهات الأخرى؟

ج: السيناريو الثاني أن يبقى النظام يصارع والمعارضة المسلحة تصارع ليستنذف الشعب السوري والبنية التحتية السورية وستدمى سورية وستنهار سورية وستصبح دولة مارقة.

س: وهل هناك سيناريوهات أفضل؟

ج: نعم، السيناريو الذي كنت أعول عليه، الثالث، وهو الانتقال السلمى الحقيقي للسلطة، وكنت أعول على الأصدقاء الروس أن يضغطوا في هذا المنحى. لكن روسيا بدلا من القيام بذلك استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات لعرقلة قرارات مجلس الأمن الدولي حول سورية.

س: وهل هناك سيناريو رابع؟

ج: نعم يوجد سيناريو رابع يمكن تنفيذه، والذي أتوقعه هو أن نرى سورية اليوم قبل سقوط بشار الاسد. كل العالم يتساءل حول ما سيحدث في اليوم التالي لسقوط الاسد. في الواقع ينبغي طرح سؤال حول ما سيحدث في اليوم السابق لسقوط الاسد، إذ سيتوقف على ذلك مستقبل سورية.

إن سورية هي دولة – فسيفساء، مختلط فيها العديد من الطوائف. ومن الضروري أن يشارك ممثلو جميع الطوائف الدينية في تغيير النظام. حتى يستطيع الجميع فيما بعد العيش في سلام ووئام، بصرف النظر عن معتقداتهم الدينية، وحتى تتم المحافظة على مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية.

س: هل يمكن أن تساعد فكرة تشكيل حكومة انتقالية على تحقيق ذلك؟ وهل تؤيد هذه الفكرة؟

ج: أكرر من جديد، إنني أدعم أية مبادرة من شأنها أن توقف قتل  الشعب السوري. في كل يوم يقتل الكثير من الناس في سورية. الأمر المهم هو ما الذي ينبغي فعله لوقف إراقة الدماء. فإذا كانت الحكومة الانتقالية قادرة على فعل ذلك، فإنني أدعمها بشكل كامل.

س: وهل لديك استعداد لرئاسة الحكومة  الانتقالية؟

ج: لا يكمن الأمر في الشخصيات ولا في المناصب. ينبغي التوصل إلى توافق حول المرحلة الانتقالية وينبغي إن يكون هناك توافق على المستوى الدولي حول هذا الامر. فالبلد تسوده حالة من الفوضى. وسياسة النظام أدت من بين ما أدت إلى ظهور المجموعات المتطرفة، وليس هنا ما يجب اخفاؤه، فهذه المجموعات موجودة بالفعل.

س: يتحدث العديد من اللاعبين الدوليين حول ضرورة المحافظة على الجيش ومؤسسات الدولة في سورية. وعن ضرورة عدم السماح بإنهيارها على غرار ما حدث في العراق. غير أن ذلك يتطلب أكثر من مجرد الرغبة، إذ أن ذلك يحتاج إلى زعماء، فهل أنت على استعداد للعب أحد هذه الأدوار، على سبيل المثال للمحافظة على الجيش؟

ج: إنني، في حالة طلب مني ذلك، على استعداد تام أن أخذ على عاتقي أي دور من شأنه يقلل من معاناة الشعب السوري، كما أنني أبن المؤسسة العسكرية. لكن يجب في البداية على الجيشين المتقاتلين في سورية وقف القتال والحرب، وينبغي فعل ذلك في أسرع وقت ممكن.

إن كل يوم جديد من الحرب سيتطلب بعد ذلك شهرا كاملا لإعادة إعمار البلاد. إن سورية بحاجة الآن إلى صناديق الاقتراع بدلا من البنادق الآلية. يجب على الأطراف المتقاتلة إلقاء السلاح. ويمكن فعل ذلك تحت رعاية الأمم المتحدة، كما يمكن للأصدقاء الروس المساعدة في ذلك.

س: وكيف بالتحديد؟

ج: ينتظر الشعب السوري أن تقول روسيا كلمتها وأن تساعد على وقف الحرب في سورية . فقد كان بإمكانها من فترة غير بعيدة أن تبدي ضغطا أكبر على النظام، حتى يقوم بإجراء إصلاحات فعلية. ولكن فات الآون وبات هذا الأمر متأخرا. والآن ينبغي تقديم المساعدة في بدء فترة انتقالية في سورية.

س: لكن مصطلح الفترة الانتقالية – هو مصطلح فضفاض. كيف يجب أن تبدو برأيك خطة العمل لهذه الفترة؟ ومن الذي سيقوم بتنفيذها؟ الرئيس الاسد أم شخص آخر؟

ج: لا يمكن للرئيس الأسد بعد الآن أن يقود الفترة الانتقالية. إن بشار الأسد ذاته يشكل عقبة في سبيل الوصول إلى حل للأزمة.

س:هل يعني ذلك، من وجهة نظرك، أن على روسيا أن تضغط عليه ليرحل ويتنحى؟

ج: لا يكمن الأمر في الإجبار، ولكن في صياغة “خارطة طريق” للعمل في أثناء الفترة الانتقالية، ويجب على النظام ان يلتزم بها وينفذها، وهنا يمكن أن تساعد روسيا في ذلك.

س: لنفترض ذلك جدلا، لكن المشكلة تكمن أيضا في الطرف الأخر، فالمعارضة منقسمة. والنظام يواجه مقاومة من مختلف الجماعات والمجموعات.

ج: تضم صفوف المعارضة بالفعل قوى مختلفة ومتنوعة. ولكن على المعارضة أن تتوحد وعليها كذلك أن تراعي فسيفساء المجتمع السوري. أي ينبغي أن تضم المعارضة تمثيلا واقعيا وليس شكليا للعلويين والدروز والأكراد والإسماعيليين والسنة وباقي الطوائف الأخرى.

س: لقد راهن الغرب على الائتلاف الوطني لقوى المعارضة الذي تشكل في عام 2012. فما هو رأيكم بهذا الخصوص؟

ج: لا يزال الإئتلاف يعمل في فضاء سياسي ضيق، ومن الضروري التعاون مع القوى الأخرى وأن يكون قريبا إلى الواقع وإلى ما يحدث في الداخل السوري. حتى الآن هناك نزعات وتوجهات في الائتلاف لا توافق هيكل وبناء المجتمع السوري.

س: ما الذي تقصده بالضبط؟

ج: المجالس العسكرية التي أنشأت في إطار الائتلاف- فهي تشبه إلى حد ما جيشا سنيا خالصا، وهو ما يجب ألا يحدث. فإذا كانت المجالس العسكرية تؤسس، من كل بد، فيجب أن يكون فيها تمثيل لكل الطوائف.

س: هل لديك، وانت هنا في باريس، إتصالات مع الضباط في سورية؟

ج: بالطبع، لدى اتصالات مع الضباط في الجيش الحكومي وكذلك مع الضباط على مستوى القيادات العليا في الجيش الحر. وأنا أبذل ما في وسعي حتى يتفق الضباط من الطرفين فيما بينهم على وقف القتال في سورية. وهناك ضباط في الجيش السوري النظامي يريدون الإنشقاق الآن، لكننا نعارض ذلك، إذ أننا بحاجة إليهم هناك، وأنا أتحدث هنا، قبل كل شيء، عن الضباط العلويين والدروز والمسيحيين. إذ يجب ضمان دورهم في الجيش في المستقبل، وفي حال وجود مثل هذا الضمانات، فإن الفترة الانتقالية ستمر أكثر سلاسة. وبوجه عام لابد وأن يكون الجيش مدنيا (علمانيا)، يمثل مصالح المجتمع ككل. ويجب ألا تكون فيه أفضلية لإحدى الطوائف على غيرها، كما هي الحال الآن في ظل حكم الاسد.

نحن نقول إننا لسنا بحاجة إلى نظام كهذا الآن، لكننا في الوقت ذاته نقول إننا لسنا بحاجة إلى المتطرفين الدينيين. فسورية ليست في حاجة إلى تنظيم مثل “القاعدة”. إن الشعب السوري يرفض التطرف، نحن بحاجة إلى الوسطية. لن تقسم سورية ولا ينبغي أن تكون منقسمة. وفي الحرب الحالية لا يمكن أن يكون أحد ما منتصرا ومهزوما، فالانتصار والفوز سيكونان عندما نتفق على كيفية العيش معا مستقبلا.

س: وكيف هي الحال مع الجيش السوري الحر؟ هل هو موحد؟

ج: لا، هو الأخر بحاجة إلى توحيد. فهناك نقص في الضباط، كما انه بحاجة إلى تحسين البنية التنظيمية.

س: سيادة العميد، قل لي من فضلك، هل توجد مخاطر فعلية من إمكانية استخدام الاسلحة الكيميائية في سورية؟

ج: أنا عميد في الحرس الجمهوري، وليس في القوات الكيميائية. غير أنه من الصعب ضمان أن النظام لن يلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيميائية. فكل شئ محتمل وممكن.

س: وهل يمكن ان تحصل المعارضة على الأسلحة الكيميائية؟

ج: كما قلت سابقا، هناك فوضى كبيرة في صفوف المعارضة المسلحة. وبالطبع يجب عدم السماح بوصول الأسلحة الكيميائية إلى أيدي أي من المجموعات. ولأجل ذلك، أؤكد من جديد على ضرورة التنسيق والتعاون بين الضباط من الطرفين. فالعسكريون سيفهمون بعضهم بعضا. ويمكن للعسكريين أن يوفروا معا السيطرة المطلوبة على المواقع التي تحتوي على الأسلحة الكيميائية. وبالطبع من الضروري الحصول على دعم المجتمع الدولي. ويجب إنهاء الحرب في سورية.

المصدر: موقع “صوت روسيا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى