حول العلويين والثورة
خولة دنيا
من الظلم أن نتعامل مع العلويين ككتلة واحدة، وانهم جميعاً شبيحة.. ليس لأن أهلي ينتمون للطائفة، ولكن لأن هذا ظلم فعلاً.
في بداية الثورة وانطلاق التظاهرات في عدة مدن، نزلت كثير من القرى لتتظاهر في جبلة، وتم قمع الكثيرين، ومنها قرى دوير بعبدة قر
ية صلاح جديد الذي توفي في السجن بعد اعتقال دام 23سنة. وكذلك قرى أخرى محسوبة على المعارضة تقليدياً.
هذه المشاركات تمت مواجهتها بقمع شديد وحصار ومع الوقت تم تجذير الحواجز الطائفية في جبلة وقراها لدرجة تم فصل الأحياء عن بعضها..
أيضاً وقت أحداث بانياس وقرية البيضة، ساعدت قرى عدة في توصيل المساعدات للأهالي في البيضة، ولكن بسبب الخوف من الطرفين وقتها، كان يتم توصيلها لمكان متفق عليه ليتم استلامها من قبل أهالي البيضة، وللمفارقة كان مكان التوصيل هو أحد مزارات العلويين المنتشرة في المنطقة هناك.
في مملكة الصمت السابقة للثورة، كانت الثمن الأكبر للاعتقالات والنفي والسجن لسنوات طويلة، من نصيب العلويين بعد السنة.. فقد كانوا في أحزاب قومية ويسارية معروفة، وليسوا رعاعاً جاؤوا من وراء البقر كما يحب اليوم أن يروج بعض من يريد نسب الثورة له…
فنسبة التعليم دائماً كانت مرتفعة جداً منذ الأربعينيات في قرى العلويين، ولا أنسى ان أول مدرسة في قريتنا تم بناءها بجهود شعبية في الثلاثينيات من القرن الماضي.
قد يكون توجههم للجيش والتطوع فيه في الأربعينات هو مالعب دوراً في الفترة اللاحقة وفي الانقلابات التي حصلت، وليس ما يتم تداوله من أنها مؤامرة طائفية – علوية للاستيلاء على السلطة.
لقد رأينا نتيجة التوجه نحو التعليم في الجامعات والمدارس، وما منحنا ذلك من هامات ثقافية وعلمية تحتسب لسوريا وليس للعلويين، لانهم لم يقدموا انفسهم كعلويين ابداً: سعدالله ونوس، محمد عمران، ممدوح عدوان… عارف دليلة… وحتى ادونيس رغم اختلافنا حول موقفه.
في الثمانينات كانت المعارضة المعتقلة بالسجون من الاخوان المسلمين ومن ثم الأحزاب السياسية الأخرى، وكان للشباب من الطائفة العلوية وجود وحضور بارز… فيها وقد امضوا سنوات طويلة في السجون خلال الثمانينات والتسعينات وبعد الألفية الجديدة حتى..
وخلال الثورة، ورغم التخوفات التي رايناها عند كثير من المثقفين من الاقليات عموماً، إلا أن هناك كثيرون كذلك اعتقلوا وعذبوا واستمروا في موقفهم الرافض لمايقوم به النظام من تحجيم واقصاء وحشد بين العلويين.. وليس عبد العزيز الخير، ولا علي رحمون إلا مثال يحتذى في الموقف المعارض الذي دفعوا ثمنه طويلاً سابقاًً ولاحقاً..
هذا ليس نوع من الدفاع، ولكنه نوع من إلقاء الضوء كي لا ننسى تضحيات الناس، وكي لا ننجر لشعارات “ثورة السنة” فالثورة لكامل سوريا ولكل أبناءها مهما تغيرت وتبدلت مشاربهم، ويستأهل من ضحى في اي وقت من أجلها، وفي وقت الصمت على الظلم، أن نكرم تضحياته ولا ننساها…
الثورة لكل السوريين، وإن كان عنف النظام موجها اليوم تجاه السنة.. فالنظام من مصلحته كذلك ان يعتقل الثورة ويحجمها في إطار ديني كي يبرر ما يقوم به.
ولكن ان يقوم بهذا النظام شيء وأن نقوم به نحن شيء آخر..
لم تكن الثورات في يوم من الأيام ملكاً لمجموعة محددة من الناس، واستفادت منها شعوب البلدان جميعاً، فاعتقال الثورة تقوم بها الانظمة الديكتاتورية كما تقوم باعتقال البلدان والشعوب، فهل نحن كذلك؟