حُرّاس حمزة في سوريا/ مهند الحاج علي
تداولت وسائل إعلام سورية وعربية أنباءً عن تأسيس مجموعة جديدة اسمها “حُرّاس الدين” عمادها منشقون عن “هيئة تحرير الشام” لم يرق لهم فكها البيعة مع زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري. جُلّ ما صدر حتى الآن بيان لها يدعو الى وقف الاقتتال الداخلي الدائر حالياً في الشمال، والتفرغ لنًُصرة أهل الغوطة الشرقية. لكن في معلومات التقارير المنشورة عن هذا التنظيم هذين اليومين الماضيين، ما يستحق بعض التحليل، سيما لو أكدت الأيام والأسابيع المقبلة صحّة النبأ.
في المعلومات الأولية، أكثر ما تردد بعد نشر أسماء المؤسسين لمجموعة “حرّاس الدين” الموالية لتنظيم “القاعدة” أن أغلب قيادييها المؤسسين هم منشقون أردنيون من “هيئة تحرير الشام” (جبهة النُصرة سابقاً) عارضوا فكها بيعة أيمن الظواهري، وأقام بعضهم في سجونها نتيجة ذلك.
لكن رغم أهمية عاملي البيعة للظواهري والهوية الأردنية-الفلسطينية، اللافت أيضاً بين الأسماء المتداولة أن هناك قاسماً مشتركاً ثالثاً بينها: إيران.
وفقاً للتقارير المتداولة في عشرات المواقع، جَمَعَ التنظيم الجديد مجموعات “جيش الملاحم” و”جيش الساحل” و”جيش البادية” و”سرايا الساحل” و”سرية كابول” و”جند الشريعة” وفلول من “جند الأقصى” تحت مظلة واحدة. أمير “حرّاس الدين” هو “أبو همام الشامي”، وبين قيادييه المعروفين “أبو جليبيب طوباس” و”أبو خديجة الأردني” و”سامي العريدي” و”أبو القسام” و”أبو عبد الرحمن المكي”، علاوة على قياديين آخرين عارضوا فك الارتباط مع تنظيم “القاعدة”.
اقتصر الخبر على عرض الانشقاق والبيان وهذه الأسماء فحسب.
لكن وبحسب تقارير إعلامية متقاطعة نُشرت قبل سنتين ونصف، بايع “أبو همام”، وهو سوري الجنسية (تردد أن اسمه الحقيقي هو سمير حجازي)، مؤسس تنظيم “القاعدة” الراحل أسامة بن لادن وانضم الى صفوف مقاتليه في أفغانستان نهاية تسعينات القرن الماضي، ثم انتقل الى العراق “في مهمة سرية” قبل شهور من غزوه عام 2003. في العراق، التقى “أبو حمزة المهاجر” و”أبو مصعب الزرقاوي” لكن ما لبث أن اعتقلته السلطات العراقية لفترة قصيرة (وفي رواية أخرى سلمته إلى سوريا التي أفرجت عنه سريعاً).
المؤكد أن “أبو همام”، وبحسب “جهاديين” وتقارير إعلامية، اعتُقل لخمس سنوات في سجن رومية في لبنان بعد عام 2005. اثر الإفراج عنه، عاد “أبو همام” إلى أفغانستان حيث عمل تحت قيادة “عطية الله الليبي” المعروف بكونه مبعوث “القاعدة” إلى إيران حيث أقامت قيادة التنظيم سنوات، وعلى رأسها النجل الواعد لبن بلادن، حمزة.
الاسم الثاني الوارد في قائمة قيادات “حرّاس الدين” هو “أبو جليبيب الأردني” (اسمه اياد الطوباسي وهو أردني-فلسطيني). الطوباسي أيضاً من خريجي أفغانستان وايران حيث أمضى فترة في السجون قبل الافراج عنه في “صفقة تبادل” بين طهران وتنظيم “القاعدة” قضت بتسليم ديبلوماسي ايراني مُقابل جمهور كامل من القياديين وعائلاتهم بينهم حمزة. بين أسماء القياديين المتداولة أيضاً، “أبو القسام الأردني” (خالد العاروري)، رفيق الطوباسي في السجن الايراني، وأيضاً أحد المُفرج عنهم في الصفقة القاعدية-الايرانية الشهيرة.
ليست الاشارة إلى ايران بهدف نسج نظريات مؤامرة حيالها، بقدر محاولة الربط بين التواجد فيها إلى جانب القيادي الصاعد في “القاعدة” حمزة بن لادن، وبين التقارير الأخيرة عن توليه اعادة تشكيل التنظيم في سوريا في أعقاب تفجر الخلاف مع زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني.
حمزة، الابن المفضل لأسامة، كان خضع لتدريب ديني وعسكري وأمني على أيدي قيادات القاعدة المقيمة في ايران، وخرج منها في صفقة التبادل المشبوهة عينها. كانت سنوات ايران تأسيسية على الصعيد التنظيمي.
يبقى أن الحديث عن مؤامرة عجيبة قد يصح فقط لو ظهر حمزة في سوريا فجأة، قائداً لهذا التنظيم، ليُعيد خلط الأوراق. لا يُمكن أن يأتيها من الحدود الأفغانية-الباكستانية دون رعاية وصفقة اقليميتين. في سوريا اليوم، من الصعب استبعاد الاحتمالات حتى لو كانت عصيّة على التصديق.
المدن