صفحات العالم

خبر سار


ساطع نور الدين

هل فتحت جبهة سيناء مع العدو الاسرائيلي فعلا، أم أن الأمر ما زال مجرد خلل أو شغب أو حتى عمل مشبوه؟

للسؤال معناه الخاص في لبنان، او ما يصفه الإسرائيليون بالجبهة الشمالية التي فتحت منذ مطلع السبعينيات ولم تقفل حتى اليوم ويبدو انها لن تقفل يوما. هو أشبه بحلم يراود اللبنانيين والفلسطينيين أيضاً، بأن تفتح أي جبهة عربية للتخفيف عنهم وارباك جيش العدو وربما أيضاً إنهاكه.

يجب الاعتراف بأن الجهة التي تنفّذ بين الحين والآخر هجماتها على اسرائيل من الجبهة الجنوبية في سيناء، وبينها الهجوم الصاروخي الاخير على إيلات، ليست على ما يبدو مهتمة او حتى معنية بتخفيف الضغط على الجبهة اللبنانية المعرّضة هذا الصيف لخطر حرب إسرائيلية جديدة تبدأ في الجنوب اللبناني وتنتهي في طهران، وليس العكس كما يشاع.

لكن اضطراب جبهة سيناء هو خبر سار بلا أدنى شك للبنان واللبنانيين جميعا، حتى ولو كان مجرد خلاف مالي على أسعار تصدير الغاز المصري الى اسرائيل… وهو بالتأكيد ليس كذلك، لأنه يعكس تغييرا جوهريا وربما استراتيجيا في المعادلة السياسية والأمنية التي ارسيت على الجبهة المصرية الاسرائيلية منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد في العام 1978.

التوتر الاسرائيلي ازاء ما يجري على تلك الجبهة هو خير دليل. وما يقوله الإسرائيليون ويكتبونه عن الفراغ السياسي والأمني الذي تسببت به الثورة المصرية على الحدود الثنائية، سواء في سيناء أو في قطاع غزه الذي زاد التصاقه بالقاهرة الاسلامية اكثر من أي وقت مضى، يعبّر عن اقتناعهم بأن كل ما بنوه منذ معاهدة كامب ديفيد انهار أو هو على وشك الانهيار. وهم يلتزمون، بنصيحة أميركية، جانب الحذر في التعامل مع مصر لتفادي إثارة المارد المصري الذي خرج للتو من القمقم ولا يدري ماذا يفعل.

يردد الإسرائيليون بين الحين والآخر أفكارا جنونية مثل اعادة احتلال سيناء ومعها قطاع غزة، وفرض «معاهدة جديدة» على الجناحين المصري والفلسطيني لحركة الاخوان المسلمين، وعلى مختلف الحركات الاسلامية التي تتجه نحو وراثة الأنظمة القومية في العالم العربي. وهي أفكار تردّ على النداءات المتكررة التي تصدر من القاهرة وتطالب بإعادة نظر في معاهدة كامب ديفيد، ومراجعة العلاقات مع اسرائيل والغرب عموما… وتعتبر ان قطاع غزة قاعدة أمامية للدفاع عن أمن مصر واستقرارها.

التوتر يتصاعد على الجبهة الجنوبية التي هدأت منذ اتفاق فض الاشتباك الاول في اعقاب حرب العام 1973. وهو ينذر بتحويل تلك الجبهة الى ما يشبه جبهة لبنان على مدى العقود التالية لتلك الحرب… التي أسقطت الثورة المصرية والسورية أيضاً جميع مفاعيلها ومكوناتها ومؤسساتها الشرعية.

خبر سار بلا شك، يبدد بعض القلق اللبناني لكنه لا يلغيه.

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى