خطة “مجموعة الخبراء السوريين” للانتقال السياسي
قبل أيام على انعقاد مؤتمر الرياض المخصص لإعداد وثيقة سياسية مشتركة حول مستقبل سورية، تستند إلى بيان جنيف واحد من دون شخص بشار الأسد ونظامه، فضلاً عن تحديد الوفد الذي سيتفاوض مع النظام السوري بموجب توصيات مؤتمر فيينا، هذه مسودة مقترحة لمشروع خطة للانتقال السياسي في سورية، أطلقتها “مجموعة الخبراء السوريين”. يُذكر أن “مجموعة الخبراء السوريين” تضم كلاً من: رياض حجاب، برهان غليون، حازم نهار، مروان قبلان، شمس الدين كيلاني، محمد صبرا، حسام الحافظ، سمير سعيفان.
وتتطرق الخطة المقترحة من قبل “مجموعة الخبراء السوريين” إلى مختلف جوانب العملية السياسية لانتقال سورية من راهن الصراع والحرب الدامي إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، بعد المرور بمرحلة انتقالية، وتعتمد بيان إعلان جنيف 1 أرضية رئيسية لهذه العملية الانتقالية، وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالأزمة السورية أسساً قانونية. ويوضح مشروع خطة “الخبراء السوريين”، والذي صيغ بشكله النهائي بعد مشاورات مع قوى وشخصيات سياسية وعسكرية عديدة، مختلف التفاصيل بشأن المبادئ العامة وعملية التفاوض بين المعارضة والنظام، قبل الدخول في المرحلة الانتقالية التي تقوم فيها هيئة الحكم الانتقالي بمهمات كبرى، تحددها الخطة بجميع استحقاقاتها ومتطلباتها. تفترض الخطة توافقاً سوريّاً وطنياً واسعاً لذلك كله. وفي ما يلي نص المشروع:
مقدمة
أدّى إصرار نظام بشار الأسد على الحل الأمني والعسكري، ودعم بعض الأطراف الإقليمية والدولية غير المشروط له، وعجز الأمم المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها، وتقاعسها عن متابعة تطبيق قراراتها، وأهمّها القرار رقم 2118 الذي اعتمد ما جاء في بيان جنيف 1 للعام 2012، إضافةً إلى تشتت قوى الثورة، وافتقار المعارضة إلى قيادة موحّدة وخطة وطنية متكاملة، أدى ذلك كله إلى فشل جميع المبادرات العربية والدولية لوضع حدٍ للأزمة السورية، المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات. وفي كلّ يوم إضافي، يزداد النزاع تفاقماً وتعقيداً، ويدفع الشعب السوري ثمناً باهظاً، ويفقد ثقته بالمجتمع الدولي، وتتضاءل سيطرته على مقدراته، وتتحوّل بلاده إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وبؤرة جذب للمنظمات والمليشيات المذهبية المتطرفة والإرهابية، ما يضع الدولة السورية والبلاد على شفا الانهيار، ويمثّل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي، وخصوصاً بعد التدخّل الروسي المباشر في العمليات القتالية، ويتسبّب هذا الصراع في سورية في إنتاج أكبر كارثة إنسانية عرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
ضمن موجة المبادرات واللقاءات والاجتماعات الجارية، والتي يجنح معظمها نحو تمييع قضية الشعب السوري وعدم تمسّكها بثوابت الثورة، والتساهل مع إعادة تأهيل بشار الأسد و”نظامه”، تبرز ضرورة القيام بمبادرةٍ تُعبّر فعلاً عن تطلعات الشعب السوري، وتضع حداً لجرائم “الطغمة الحاكمة” و”داعش”، وتسعى إلى بناء إجماع وطني سوري واسع تلح الحاجة إليه، وتثبت دور السوريين في تقرير مستقبل سورية، وتحقيق الانتقال السياسي، وفق بيان جنيف وقرارات الشرعية الدولية، ومن دون الأسد ومجموعته، فكانت مسوّدة هذه الخطة التي صاغها فريق مؤلف من مجموعة من الخبراء السوريين، عبر مشاورات مطولة مع عدد من القوى السياسية والعسكرية والشخصيات السورية.
أولاً، مبادئ عامة
تقوم سورية الجديدة على جملة من المبادئ العامة، وأهمّها:
1- سورية الجديدة جمهورية ديمقراطية تعددية واحدة مستقلة ذات سيادة، لا يجوز اقتطاع أيّ جزء من أراضيها أو التخلّي عنه. وهي عضو في جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة منها، تلتزم مواثيقها، وتسعى إلى إقامة نظام دولي خالٍ من النزاعات، وقائم على التعاون وتبادل المصالح وتقاسم المسؤولية في مواجهة التحديات والأخطار العامة التي تهدّد أمن العالم وسلامه.
2- الشعب السوري واحد، وهو مصدر السلطات، يمارسها من خلال انتخابات دورية نزيهة ينظّمها القانون، يقوم نظامه السياسي على أساس التعددية والمواطنة الواحدة التي تساوي بين جميع السوريين في الحقوق والواجبات، من دون تمييزٍ بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو القومية أو الرأي السياسي أو الدين أو المذهب.
3- تلتزم الدولة السورية الجديدة المعاهدات والمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وخصوصاً تلك التي هي طرف بها. كما تلتزم رعاية الحقوق الثقافية والدينية المشروعة لكلّ مكوّناتها من العرب والكرد والتركمان والأشوريين والسريان والشركس والأرمن وغيرهم، في إطار وحدة الشعب والدولة، وتعدّ هذه الجماعات جزءاً أصيلاً من الشعب السوري.
4- تعتمد الجمهورية السورية الجديدة مبدأ اللامركزية الإدارية في إدارة شؤون البلاد، بما يمنح أهالي كل محافظة ومنطقة دوراً كبيراً في إدارة شؤونهم المحلية الاقتصادية والمجتمعية والحياتية، بما لا يؤثر سلباً على وحدة البلاد.
5- تسعى الجمهورية السورية الجديدة إلى تنمية اقتصادية وبشرية مستدامة ومتوازنة، وتضمن حرية الاستثمار والمبادرة الاقتصادية في إطار تكافؤ الفرص، وتحمي حقوق العاملين والمستهلكين، والتوزيع العادل للدخل، وتعمل على مكافحة البطالة والفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة.
ثانياً، التفاوض وفق بيان جنيف 2012 وقرارات مجلس الأمن
يتطلب الشروع في عملية تفاوضية ناجحة لنقل السلطة الاتفاق على إطار قانوني للعملية، وإجراءات بناء الثقة وموضوع التفاوض.
1- إطار عملية التفاوض وإجراءات بناء الثقة
أ- يطلق الأمين العام للأمم المتحدة عملية التفاوض، بدعوة وفدَي المعارضة والحكومة للاجتماع في التاريخ المحدد، استناداً إلى الفقرتين 16 و17 من القرار رقم 2118 تاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2013 الصادر عن مجلس الأمن.
ب- وفقاً لبيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة، يكلّف الأمين العام للأمم المتحدة، الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة بالتشاور مع بقية القوى السياسية والثورية والعسكرية المعارضة، لتشكيل وفد المعارضة للمفاوضات مع النظام، بحيث يضم الوفد ممثلين عنها.
ت- يوقّع الوفدان وثيقة مشتركة، يعدّها الأمين العام للأمم المتحدة، تؤكّد قبولهما بيان جنيف 2012، وموافقتهما على تنفيذه، والتزامهما أنّ الأساس القانوني للعملية السياسية هو القرار 2118 والقراران 2042 و2043 الصادران عن مجلس الأمن، والقرار 262/67 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وباقي القرارات ذات الصلة.
ث- يوقّع الطرفان، بمساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أو من يمثّله، اتفاقَ إطارٍ في الأسبوع الأوّل من بدء التفاوض، يحدّد فيه جدول أعمال التفاوض والجدول الزمني المقترح لتنفيذه، على أن لا تزيد فترة التفاوض على ثلاثة أشهر.
ج- تشكّل، في الأسبوع الأوّل للتفاوض، لجنة أمنية موقّتة من تسعة أعضاء من العسكريين؛ ثلاثة تسمّيهم المعارضة، وثلاثة تسمّيهم حكومة النظام، وثلاثة ينتدبهم الأمين العام من الضباط العاملين في الأمم المتحدة، يشترط فيهم موافقة الطرفين، لمدة ثلاثة أشهر، تمدّد بحسب الضرورة. تعقد هذه اللجنة اجتماعاتها بصورة منفصلة عن المسار التفاوضي السياسي، وتقوم بتنفيذ إجراءات بناء الثقة المنصوص عليها في وثيقة جنيف، والقرار 2042 لعام 2012: وقف إطلاق النار، وسحب المجموعات المسلحة وقوات الجيش إلى خارج المدن والبلدات، وانسحاب جميع المليشيات الأجنبية إلى خارج الحدود، ونشر وحدات من قوى الأمن الداخلي، بعد تغيير قيادتها وتعزيزها بعناصر إضافية من المعارضة، في المناطق التي يجري إخلاؤها، وإعداد خطة الإفراج عن المعتقلين والموقوفين من الطرفين، وتسهيل دخول الإغاثة والمواد الغذائية بالتعاون مع السلطات المحلية القائمة إلى جميع المناطق المحتاجة من دون تمييز.
2- موضوع التفاوض
أ- موضوع التفاوض هو تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، بالتوافق بين المعارضة والنظام، من دون بشار الأسد وقيادات نظامه. وتضمّ الهيئة: ثلثاً تسمّيه المعارضة، وثلثاً يسمّيه النظام، وثلثاً من المجتمع المدني، يقترح أسماء أعضائه الوسيط الدولي بموافقة الطرفين، وتترأسها شخصية مستقلة توافقية. ولا يحقّ لأعضاء هيئة الحكم الانتقالي الترشح لأيّ انتخابات لمدة دورة انتخابية واحدة.
ب- تعني الموافقة المتبادلة الواردة في بيان جنيف موافقة الطرفين المتفاوضين على عدد أعضاء هذه الهيئة وأسمائهم.
ت- في حال تعثر الاتفاق بين الوفدين على تسمية أعضاء هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، يشكّل مندوب الأمم المتحدة لجنة ثلاثيةً، تضم عضواً من المعارضة، وعضواً من النظام، وعضواً ثالثاً، يسميه المندوب نفسه. تتوافق هذه اللجنة بالإجماع على مقترح يقدّم إلى فريقي التفاوض لاعتماده، ويحق لكل من طرفي التفاوض الاعتراض على ثلث الأسماء المقترحة، وعلى اللجنة الثلاثية، حينذاك، معاودة اقتراح أسماء بديلة أخرى.
ث- تتمتع هيئة الحكم الانتقالي بالصلاحيات التنفيذية الكاملة التي نصّ عليها بيان جنيف، وتضمّنها قرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013. وتعني السلطات التنفيذية الكاملة صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة معاً. تصبح الهيئة، منذ إعلانها، السلطة الشرعية والقانونية الوحيدة في الدولة السورية، والممثّل لسيادتها على كامل أراضيها، وتكون ولايتها لمدة 30 شهراً، بدءاً من تاريخ مباشرتها عملها. وفي حال عدم إنجاز مهمات المرحلة الانتقالية كافّةً، تعدّ ولايتها ممدّدة حكماً إلى حين استكمال إنجاز أعمال المرحلة الانتقالية كافة.
ثالثاً: إدارة المرحلة الانتقالية
1- تمتد المرحلة الانتقالية مدة 30 شهراً. وتهدف إلى إعداد البلاد لمرحلة الحياة السياسية الطبيعية، والانتقال نحو نظام ديمقراطي تعددي، يلبّي تطلعات الشعب السوري المشروعة، إلى العدالة والحرية والأمن والازدهار، ويؤمّن البيئة والشروط اللازمة لتمكينه من تقرير مصيره بحريةٍ، بمعزل عن أيّ ضغوط.
2- يدعو رئيس هيئة الحكم الانتقالي الهيئة إلى الاجتماع، خلال أسبوع واحد من تاريخ توقيع اتفاق انتقال السلطة، ويعلن، في الاجتماع، مباشرة الهيئة مهماتها وانتقال الصلاحيات التنفيذية الكاملة لها.
3- توقف هيئة الحكم الانتقالي العمل بدستور 2012، وتعيد العمل بدستور 1950 خلال المرحلة الانتقالية، مع إصدار إعلان دستوري مكمل يتضمن التعديلات الضرورية بحسب مقتضيات الواقع الراهن، كما يتضمن أسس العملية الانتقالية والنظام الداخلي لهيئة الحكم الانتقالي والأجهزة الملحقة بها ومهماتها ومسؤولياتها مع جدول زمني لعملها، كما ينظم عمل مختلف السلطات العامة في الدولة، بما يضمن إدارة الفترة الانتقالية بنجاح.
4- تعلن الهيئة حلّ مجلس الشعب، وإقالة حكومة النظام، وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال، إلى حين تشكيل وزارة المرحلة الانتقالية.
5- مهمات هيئة الحكم الانتقالي: تقع على كاهل هيئة الحكم الانتقالي مجموعة واسعة من المهمات الصعبة والمعقدة، والتي يتطلب تحقيقها توافقاً وطنياً واسعاً، في مقدّمها: تثبيت وقف إطلاق النار وإخراج جميع المقاتلين الأجانب من دون استثناء، وضبط المعابر، ومواجهة المنظمات الإرهابية، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية والفصائل المسلحة ضمن خطة شاملة، ومن ثم حصر السلاح بيد المؤسسات الحكومية الجديدة، من جيش وأمن وشرطة، وإصلاح القضاء، وإعادة المؤسسات الحكومية والعامة إلى العمل، وتأمين الخدمات الأساسية، ووضع أسس اللامركزية الإدارية خلال المرحلة الانتقالية، واستعادة المؤسسات والأملاك العامة المنهوبة، وإلغاء قرارات المحاكم الاستثنائية كافة، وتمكين المهجّرين من العودة إلى بيوتهم، وتنظيم العمل الإغاثي، وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد الوطني، وإطلاق برنامج واسع لإعادة الإعمار، وغيرها.
رابعاً: الهيئات المساعدة لهيئة الحكم الانتقالي
تشكّل هيئة الحكم الانتقالي هيئات مساعدة لإدارة المرحلة الانتقالية ومجالسها، ومؤسساتها. وتضع أنظمة عملها، وتشرف عليها، وفقاً لما يلي:
1- الحكومة الانتقالية: تسمّي الهيئة أعضاءها، وتحدد مهماتها، وتشرف على عملها، على أن تمثل فيها المعارضة والنظام وأطراف المجتمع المدني، وأن تتسم بالقدرة التقنية العالية على معالجة المهمات الجسام التي ستُلقى على عاتقها.
2- المجلس العسكري الانتقالي: تشكّله الهيئة مناصفةً من النظام والمعارضة، وتحدّد مهماته، وتشرف على عمله، ويعمل على إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية ودمج القوات المسلحة النظامية والشعبية، وتثبيت وقف إطلاق النار، وضمان الأمن والاستقرار، إضافةً إلى وضع خطط مكافحة الإرهاب والمليشيات المسلحة الأجنبية، وكلّ من يستمر بعد ذلك في حمل السلاح يعدّ خارجاً على سلطة الدولة.
3- الهيئة القضائية الانتقالية العليا: تشكَّل الهيئة من قضاةٍ مستقلين يحظون بموافقة الطرفين وتحدد مهماتها، وتشرف على عملها، تكون مهمتها إعادة هيكلة القضاء وحسن أدائه، وضمان استقلاله عن السلطة التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية. وتعمل أيضاً، بوصفها مرجعاً استشارياً، على ضمان دستورية أيّ تشريعات.
4- هيئة المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية: تُشكّلها هيئة الحكم الانتقالي، وتشرف على عملها، وتضمّ في عضويتها ممثّلين عن المعارضة والنظام والمجتمع المدني، وتعمل على تطبيق برنامج للمصالحة وتعزيز السلم الأهلي، وتضع صيغة المحكمة الخاصّة بجرائم الحرب وقانونها.
5- الهيئة العامة للتعويضات الاجتماعية: تشكّلها هيئة الحكم الانتقالي، وتشرف على عملها، وظيفتها معالجة الآثار المادية والاجتماعية للحرب: إعانة المنكوبين، وتعويض أهالي الشهداء والمعتقلين والجرحى والمعوقين، وإعادة النازحين والمهجّرين في الداخل والخارج.
6- هيئة الرقابة ومكافحة الفساد: تشكلها هيئة الحكم الانتقالي، وتشرف على عملها، ومهمتها مراقبة عمل المؤسسات الحكومية والعامة والإدارة المحلية، وضمان حسن سيرها، وفقاً لأسس الحوكمة الرشيدة.
7- مجالس إدارة المحافظات: تشكّل هيئة الحكم الانتقالي مجالس إدارة المحافظات في المرحلة الانتقالية. وتتولى المجالس، تحت إشراف وزارة الإدارة المحلية الانتقالية، إدارة شؤون المحافظة، وفقاً لقانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2012، بعد تعديله بما تراه ملائماً. ويكون رئيس المجلس بمنزلة المحافظ ويتمتع بصلاحياته. تعدّ مجالس المحافظات الانتقالية منحلّة، عند الإعلان عن نتائج الانتخابات المحلية، وفقاً للدستور الجديد.
8- المجالس البلدية: تشكّل مجالس الإدارة المحلية المجالس البلدية للمدن والبلدات خلال الفترة الانتقالية، وفقاً للأسس نفسها. تعدّ المجالس المحلية والبلدية الانتقالية منحلّة عند الإعلان عن نتائج الانتخابات المحلية، وفقاً للدستور الجديد.
نهاية المرحلة الانتقالية: تنتهي المرحلة الانتقالية فور تسلّم الحكومة الجديدة المشكّلة وفقاً للانتخابات البرلمانية، مهماتها.
خامساً: الخطوات الدستورية الأساسية في المرحلة الانتقالية
1- قوانين الانتخابات والأحزاب: تضع هيئة الحكم الانتقالي قوانين انتخاب الجمعية التأسيسية والانتخابات العامة والأحزاب، خلال ثلاثة أشهر من بدء المرحلة الانتقالية.
2- انتخاب الجمعية التأسيسية: تجري هيئة الحكم الانتقالي انتخابات الجمعية التأسيسية، خلال فترة أقصاها اثنا عشر شهراً من بدء المرحلة الانتقالية.
3- مشروع الدستور الجديد: تضع الجمعية التأسيسية، مستعينةً بلجنة مختصة من الخبراء، مشروع الدستور الجديد الذي ستناقشه وتصوّت عليه، لعرضه على الاستفتاء العام. وذلك خلال ستة أشهر من انتخابها.
4- يجري الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بإشراف دولي، خلال ثلاثة أشهر من إقرار الجمعية التأسيسية له.
5- الانتخابات التشريعية: تجرى الانتخابات التشريعية بإشراف دولي خلال ستة أشهر من إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور. وتنتهي مهمة هيئة الحكم الانتقالي مع انعقاد أوّل جلسات البرلمان الجديد.
6- تتحوّل الحكومة الانتقالية إلى حكومة تصريف أعمال، إلى حين تأليف الحكومة الجديدة وفقاً لنصوص الدستور الجديد.
7- الانتخابات الرئاسية: تجري الانتخابات الرئاسية بإشراف دولي خلال ثلاثة أشهر من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية.
سادساً: مبادئ عمل هيئات إدارة المرحلة الانتقالية
ينظّم عمل هيئات المرحلة الانتقالية جملة من المبادئ، أهمّها:
1- الهيئة الانتقالية سلطة موقّتة، لا تقرّر عوضاً عن السوريين، إنّما تقتصر مهماتها على تأمين الشروط اللازمة، لتمكينهم من تقرير مصيرهم، والتعبير عن اختياراتهم بحرّية.
2- ينبغي أن تتوافق جميع إجراءات المرحلة الانتقالية، وأعمال هيئاتها، مع مبادئ وحدة الشعب السوري وسيادة الدولة وحكم القانون والتزام المساواة التامّة في المواطنة وضمان الحريات الفرديّة والعامّة والجماعية، بعيداً من أيّ تمييز، من أيّ نوعٍ كان.
3- مبدأ حيادية الدولة وحيادية مؤسساتها الإدارية والخدمية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
4- مبدأ “استمرارية الدولة السورية واستمرارية عمل مؤسساتها الإدارية والخدمية والعسكرية، مع إجراء الإصلاحات والتعديلات اللازمة”.
5- مبدأ عمل مؤسسات الدولة في المرحلة الانتقالية هو تحقيق الاستقرار والسلم الأهلي في سورية، عبر تأمين الاحتياجات وتقديم خدماتها لجميع المواطنين السوريين، من دون أيّ تمييز.
6- مبدأ رفض العقاب الجماعي والانتقام وأيّ إجراءات تطهيرية ضد أيّ مجموعة أو فئة معيّنة أو حزب. وعدم جواز منع أيّ شخص من تسلّم مناصب إدارية في مؤسسات الدولة، أو طرده من عمله، لانتمائه إلى أيّ حزب أو تكتل سياسي، في الماضي أو الحاضر، ما لم يكن مرتكباً جرماً يمنع ذلك.
سابعاً: خريطة طريق
يتطلب النجاح في تحقيق هذه الخطة وتعزيز فرص الحل السياسي مبادرات قوية، تهدف إلى معالجة شلل الإرادة الدولية، وتعزيز دور السوريين ومساهمتهم في تقرير مصير وطنهم.
1- معالجة شلل الإرادة الدولية وانكفائها
ويتمّ ذلك من خلال:
أ- إعطاء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الأولوية لتلبية تطلعات الشعب السوري المشروعة، وعدم الاستمرار في ربط تحقيق هذه التطلعات بأيّ ملف آخر، أو بأيّ شروط مسبقة.
ب- عدم المساومة على تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وفي مقدّمها قرار مجلس الأمن رقم 2118، وبقية القرارات المتعلقة بالمسألة الإنسانية وفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات وفكّ الحصار عن المدن والأحياء، ووضع حدٍ للقصف العشوائي للمدنيين وتدمير المدن وتهجير سكّانها.
ت- إصدار قرار عن مجلس الأمن، يؤكّد عدم شرعية تبديل الوضع السكاني للمناطق وعمليات نزع الملكية غير القانونية، وحتمية الرجوع عنها. إصدار قرار عن مجلس الأمن يعلن عدم شرعية وجود جميع المليشيات الأجنبية العاملة فوق التراب السوري، ويعدّها قوة احتلال، ويطلب منها مغادرة الأراضي السورية فوراً. دعم فكرة إنشاء منطقة آمنة موقّتة، لحماية المدنيين ووقف سيل المهاجرين والنازحين منهم.
2- تعزيز دور السوريين في تقرير مصير وطنهم
ويتطلّب ذلك:
أ- بناء أجندة وطنية متكاملة؛ تحوّل المعارضة إلى قوة منظمة، تعمل تحت قيادة موحّدة، وفقاً لخطة عملية واضحة.
ب- أن يدعو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة إلى عقد مؤتمر وطني واسع، يشارك فيه ممثّلون عن قوى المعارضة السياسية والعسكرية الرئيسة، يعيد هيكلة الائتلاف، بما يضمن توحيد العمل السياسي مع العمل العسكري المعارض، ويحوله إلى مؤسسة عمل وطني أكثر فاعلية وتمثيلاً وصدقية.
ت- إعادة تشكيل الحكومة الموقّتة على أسس جديدة، يضمن عملها مؤسسة تنفيذية تقوم بالدور المنوط بها في إدارة المناطق المحررة بصورة فعالة. وتعدّ الحكومة الموقّتة منحلّة فور تأليف حكومة المرحلة الانتقالية.
ث- تقريب مواقف التيارات السياسية والعسكرية المعارضة، وتنسيقها وتوحيدها، بخصوص موضوعات الصراع الحالي وعملية الانتقال السياسي وقضايا المرحلة الانتقالية وطبيعة النظام السياسي في سورية مستقبلاً، بما يُطمئن الشعب السوري وأصدقاء ثورته بأنّ سورية لن تنتقل من نظام شمولي إلى آخر.
ج- تفعيل النشاط السياسي المعارض على المستوى الدبلوماسي، عربياً وإقليمياً ودولياً، بما يمنح السياسة دوراً أبرز في معالجة الأزمة السورية.
ح- الاهتمام بتطوير منظومة إعلام المعارضة، من حيث الوسائل والخطاب.
خ- تأسيس المجالس المحلية في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة، وفقاً لإرادة السكان، وانطلاقاً من مفهوم بناء الدولة السورية المستقبلية.
د- بدء تشكيل جيش حر وطني، ضمن هيكل جيش موحد مهني، يخضع لقيادة واحدة، يبدأ بعدد محدود، وينمو من خلال استراتيجية وخطة محددة، لتجعله القوة الأكبر في سورية خلال فترة زمنية محدودة.
ذ- توحيد الفصائل العسكرية المعارضة، أو دمج ما أمكن منها في عددٍ قليل من الفصائل الكبيرة، وحصر الدعم بها، وضمّ ما يمكن من الضباط المنشقين إلى صفوفها، واتّباع نهج عسكري مهني في تنظيمها.
ر- إعادة هيكلة المجلس العسكري وهيئة الأركان وتوحيد غرف العمليات في كلّ جبهة، بحيث تضمّ ممثلين عن أهم الفصائل المعارضة المقاتلة على الأرض، ومن الضباط ذوي الخبرة العالية.
ز- التزام فصائل المعارضة المقاتلة قواعد السلوك المهني العسكري والشرف العسكري، وتعهّدها بإلقاء السلاح وحلّ نفسها بعد تحقيق الانتقال السياسي المنشود، وإدماج أفرادها في الجيش الوطني لسورية الجديدة، أو في أعمال إعادة البناء.
العربي الجديد