صفحات العالم

خطط الناتو للتدخل في سورية


رأي القدس

تواصل تبادل اطلاق قذائف المدفعية على الحدود السورية ـ التركية طوال الايام الماضية يؤكد ان هناك مخططا تصعيديا متعمدا، ومن الجانب السوري في اغلب الاحيان، وان كل ما قيل عن تقديم السلطات السورية اعتذارا لنظيرتها التركية بعد مقتل ام واطفالها الخمسة والقول ان القذائف سقطت على قريتهم بطريق الخطأ لم يكن دقيقا على الاطلاق.

المدفعية التركية، ومنذ تعرض قرية اكجاكالي الحدودية لقصف سوري، ترد باستمرار بقصف مواقع سورية عسكرية، ولكن لم تعترف السلطات السورية بوقوع اي خسائر في صفوفها، ولا نعرف ما اذا كانت تتكتم على هذا الامر، ام ان القذائف التركية تقع في مناطق غير مأهولة تجنبا لحدوث مضاعفات واعمال انتقامية اكثر عنفا.

الامر المؤكد ان سورية بدأت تشعر بالالم من جراء الدعم التركي للجيش السوري الحر والجماعات المسلحة المنضوية تحت عباءته، وقررت ان تصرخ من خلال ‘التحرش’ عسكريا بالجار التركي المصمم على فعل كل ما في وسعه لاسقاط النظام في دمشق.

فمن الواضح ان عمليات ارسال الاسلحة والمعدات الثقيلة الى الجيش السوري الحر من قبل دول خليجية والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص قد استؤنفت، بدليل التقارير التي ارسلها مراسل محطة ‘بي.بي.سي’ في حلب عن وصول شحنات من الصواريخ الحديثة، اوكرانية الصنع، سعودية التمويل، قد وصلت فعلا الى كتائب المعارضة السورية المسلحة.

السيد رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي اكد اكثر من مرة في الفترة الاخيرة ان بلاده مستعدة للحرب والرد على الاعتداءات السورية، وشن هجوما شرسا على حزب الشعب التركي المعارض ونوابه الذين لم يصوتوا في البرلمان على تفويض له بشن الحرب خارج حدود تركيا اذا استدعى الامر ذلك. واتهم نواب الحزب ورئيسه بانعدام الوطنية والدفاع عن الوطن.

خيبة امل السيد اردوغان من حلف الناتو الذي تعتبر بلاده عضوا اصيلا فيه، وقبل انضمام ثلاثة ارباع اعضائه الجدد اكبر من خيبة امله في المعارضة التركية، فقد اكتفت دول مؤسسة لهذا الحلف مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا باصدار بيانات شجب واستنكار للقصف السوري وطالبت تركيا بضبط النفس وعدم اللجوء الى التصعيد.

حلف الناتو شعر بخيبة الامل الاردوغانية هذه ولهذا سارع امينه العام اندرس فوغ راسموسن الى القول في افتتاح اجتماع لوزراء دفاع اعضاء الحلف (28 وزيرا) ‘حلف الناتو قائم على مبدأ التضامن، وبالتأكيد يمكن لتركيا الاعتماد على هذا التضامن، لذلك لدينا كل الخطط اللازمة لحماية تركيا والدفاع عنها’، ولكن راسموسن دعا كلا من تركيا وسورية الى ‘تفادي التصعيد’ واظهار الاعتدال وضبط النفس.

لا نعرف الى اي درجة ستكون هذه اللغة ‘المغمغمة’ مطمئنة للسيد اردوغان، وما اذا كان يستطيع ان يعتمد على هذه التصريحات اذا ما وقعت الواقعة واشتعلت الحرب مع سورية، ولكن ما نعرفه ان راسموسن امين عام حلف الناتو صرح اكثر من مرة ان الحلف لن يتدخل مطلقا في الازمة السورية.

لا نعتقد ان الحلف الذي يخوض حربا خاسرة في افغانستان على مدى السنوات الاحدى عشرة الماضية مستعد لخوض اخرى في سورية يمكن ان تتطور الى حرب اقليمية بل حتى حرب عالمية ثالثة، لان تركيا دولة مسلمة، ولانه لا يوجد نفط في سورية.

حلف الناتو يمكن ان يتدخل لحماية اسرائيل رغم انها ليست عضوا، او اجهاض اي خطر محتمل عليها مثلما هو الحال في احتلال العراق، او لخدمة مصالح استراتيجية غربية اقتصادية مثل منابع النفط في ليبيا، ولكننا نشك ان يتدخل عسكريا في سورية، طالما ان الضحايا من الجانبين في حال اندلاع الحرب هم من المسلمين، ولسان حال قيادته واعضائه ‘فخار يكسر بعضه’!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى