رفيق شاميصفحات مميزة

خواطر عن الثورة -9-


رفيق شامي

عن أخطار آنية وضحك مستقبلي

الديمقراطية في هيئة التحرير. مثلا صفحات سورية

أدهشتني مفاجأة صفحات سورية بفكرة “رئيس التحريرالزائر” لسبب خفي لا يبدو للناظر في اللحظـــة الأولى.

حسين الشيخ، الزميل والصديق النشيط، والذي لم يبخل بجهد لتصبح صفحاته السورية من أكثر صفحات المعارضة مصداقية وديناميكية. ومن يقرأ اسماء الكتاب في قائمته سيرى طيفا جميلا لكل مفكري المعارضة. حسين الشيخ شجاع وهو وبروح الثورة السورية ينتقل بالصفحات إلى درجة اعلى من الديمقراطية والشفافية. يضع مفاتيحها ومسؤوليتها في يد الزميل ياسين سويحة ليقدمها ولشهر كامل وبذوقه للقراء. هكذا يقوم حسين الشيخ بخطوة ونقلة كمية ونوعية هائلة يستحق معها كل تقدير. انه يعيش الديمقراطية الثورية ليس بالدفاع النظري عنها بل وبتقديم ما بناه طوال السنين كساحة قرية ثورية، كملتقى للأصدقاء يتعلمون فيه الديمقراطية وإحترام الكلمة. وكل أملي أن يتبع ياسين زميلة قديرة تدخل واقع المرأة إلى مركز الإهتمام، معاناتها وآمالها، ومغزى ثورتها ودورها المستقبلي.

_______________________________________

التفرقة المدمرة والإختلاف المثمر

الثورة وضع إستثنائي في سيرورة مجتمع تقلب فيه وتخلط فيه كروت اللعبة الإجتماعية فيطفوا على السطح ماكان في القاع ويختفي من كان بالأعلى، لكن الكروت ذاتها لا تتغير في تلك اللحظة الفريدة في التاريخ.

أربعون سنة من الديكتاتورية ، تبعت خمسة قرون عثمانية فرنسية عسكرية تخللها سنوات قليلة للتنفس، لكنها كانت ثوان قليلة مقارنة بعشرة قرون منذ انحطاط الدولة العباسية بخلفاء أحرقوا الكتب وغسلوا حبرها المنير. هكذا هي حالة إنساننا العربي. فإذا اضفنا غلى ذلك تأثير القبيلة والعشيرة على صيرورة هذا الإنسان وضحت لنا أبعاد الجبل المتراكم فوق ظهره والتي تمنعه من النهوض… نحن لا نؤمن مثلا بأن الآخر لديه نظرة خاصة قد تكون أصح من نظرتنا وإذا تبين لنا ذلك بعد البراهين عللنا تفوقه بعمالة ما ساعدته على هذا التفوق. فالذليل لا يعتقد إلا بقوة من اذله وهذا عرفه العبقري إبن خلدون قبل قرون. وهذا نعيشه يوميا.

فلنتكلم إذا عن عثراتنا دون خجل ولا داعي لستر عيوبنا فنحن أبرياء مما اصابنا من جراثيم التخلف.

ولحظة الثورة مناسبة للبدء من جديد لأنه في هذه اللحظة القصيرة ينهار الجبل ويتيح لنا بذلك ان ننتصب ونرمي نظرة على الأفق البعيد.

الثورة لا تلد إنسانا جديدا إلا نادرا. هذا الوهم الذي آمن ونادى به إرنستو غيفارا كان له عواقب وخيمة في أمريكا اللاتينية وبين صفوف ثوار كوبا… وأغلبهم ظن ان كاسترو هو النموذج الجديد لثوار العالم…حتى أنهم لم يفيقوا من غيبوبة الايمان بصواب كل ما يقوله قائد ثورتهم كاسترو هذا حتى ولو ورث السلطة لأخيه راؤول. هل من الصدفة أن تقف كوبا إلى جانب الأسد وهي العارفة عبر قنوات مخابراتها بالوضع في سوريا؟

_____________________________________________

مثقفنا لا يقرأ على الغالب إلا ما يعالجه هو من مواضيع ويستند على الأغلب على ما انتجه الفكر الأوروبي وقلة هم من يقرأون كتابا من وطنهم بالذات، لكنهم وبكل فظاظة يلقون خطابات كاملة تندد بما كتبه هؤلاء. هناك قول أظنه لسقراط الحكيم مفاده: كلما ازددت علما ازدادت معرفتي بجهلي. هذه هي الصورة الجميلة لتواضع مفكر كوني. العكس تماما هو ما نعيشه بين صفوف مفكرينا: كل ما قلت عدد الكتب التي يقرأها أحدهم كلما إزداد يقينه وكلما إزدادت فظاظته سماجة.

__________________________________________

من صفات التأخر أنه يعيق الوفاق. الجاهل لا يعرف سوى لونين الأسود والأبيض. ولا يصنف الناس إلا في حزبين معنا أو ضدنا. هكذا تكلم بوش وهكذا تتكلم الديكتاتورية منذ وطأت قدمها القذرة سدة السلطة. ، فالذكي والمثقف المرهف والسياسي الخبير يمد يده للحوار مع الآخر خاصة إذا كان هذا الآخر يقف معه في نفس الخندق. لابل أذهب إلى ابعد من ذلك أن الحوار المتكافئ والغير مفروض والعلني يجوز للثورة مع أصدقائها وحتى مع أعدائها. وليس ثوارنا السوريين اشرف ولا أنقص شرفا من الثوار الفيتناميين وليس المجرم كيسينجر ودولته امريكا أقل او اكثر إجراما من عائلة الأسد. لكن الثوار الذين يقدمون ارواحهم في شوارع سوريا هم الذين يقررون متى ومع من وعلى اي شيء يريدون أن يتفاوضوا، وليس لأحد الحق دون إجماع هؤلاء على التفاوض بينما تقتل دبابات النظام الأطفال…وتضع بعنهجية شروط المفاوضات، تسمي مواضيعها ومن تريد التفاوض معهم. هذا خداع قاتل.

_____________________________

 الديكتاتور ليس إلا تجسيد دقيق ومركز لكل التخلف،  فهو يحتقر الآخر ولا يصرف دقيقة للتعرف على آراء من ينتقده بل يصب جام غضبه عليه ويفنيه لغويا وإذا امكن جسديا. فالخصم لا يكفي أن يكون مخطئا بل هو عميل للصهيونية وللإمبريالية وللماسونية وإذا لزم فهو عديم الشرف وإذا لم يكفي هذا  فهو كاذب ومنافق وسارق لأموال الشعب ومفرط بفلسطين والإسكندرون إذا لزم وإذا لم تكف كل هذه الشواهد فهو من باع الأندلس. هكذا هي الصورة القاتمة للديكتاتورية.

_______________________________________

هل تنحدر المعارضة من السماء السابعة أم أنها تأتي من حارات وشوارع مدن وقرى سوريا؟

ومن يسبح في النهر حتى ولو كان في الإتجاه المعاكس يبتل بمائه. والمعارضة ليست مبتلة فقط بل مبتلية بأخلاق الديكتاتورية.

كان تأسيس المجلس الوطني خطوة ثورية هامة وتاريخية وتأخره كاد يؤدي بالثورة لأن الثورة السورية ورغم شجاعة الثوار السوريين التي لا مثيل لها في التاريخ بدأت تدور في حلقة مفرغة لا تقدر رغم تضحياتها أن تصل للغرب ولا للعرب لتسمعهم صوتها رسميا. السياسة لديها علاقة بالدول والدول لا تتعامل بعواطف جياشة تجاه إنتفاضة ثورية بل تريد ممثلين لهذه الإنتفاضة ( الثورة) لتستطيع عبر الحوار معهم التأكد من ان لها مصلحة في نجاح هذه الثورة، وإن لا فهي سترفض دعم الثورة. قلة هي الدول التي تعترف بثورات لا ممثل أو مندوب لها.

 ,وأنا أعتقد حتى هذه الساعة أن إختيار برهان غليون بالذات كان قفزة نوعية للثورة السورية بما لهذا الرجل من مقدرة ودماثة أخلاق ووعي يبعد أميال عن السلفية وعن الستالينية ويضمن بشخصه المفكر إنفتاح المجلس لكل القوى ويضمن كذلك قدرة إحترام الآخر والإستماع إليه.

ولم تمض أسابيع حتى دوى صوت الثورة عبر هذا المجلس ليجبر الغرب على إحترامه وقد إستقبله وزير الخارجية الألماني هنا في برلين إستقبال الرؤوساء والوزراء وكان هذا إعترافا ضمنيا لا غبار عليه بالمجلس الوطني.

 وقد إحتضنت الثورة السورية بنسائها ورجالها المجلس الوطني في كل أنحاء سورية. وأعلنت للعالم انه مجلسها.

 وبدل أن نكون نحن السوريون قدوة للآخرين، يراقب المتابع للأحداث تهافت وسقوط الوعي بهذه المرحلة التاريخية ومتطلباتها إلى درك بدائي أخجل من وصفه تفصيلا.

 فالبعض يريد أن تكون جمعيته / هيئته/ شخصه / عشيرته هي القائدة. وكل شيء آخر هو من الشيطان الرجيم. وقد وما يثير التعجب هنا هذا الإحتقار الذي يمطر به بعضهم هذا المجلس الوطني بكل كرم، البعض يتصرف وكأنه يريد القول أن أول خطوة ترضيه هي حل المجلس الوطني. وهذا يدعمه بإنفراده بالتصريحات التي يطلقها والمؤتمرات التي يعقدها وكأنه لا يعلم ان هناك مجلس وطني حصل على دعم الثورة. بل أظن ان بعضهم يعتبر إنضمامه للمجلس طعن لذاته البدوية التي لا تقبل إطلاقا الإنضواء تحت راية جماعة ملونة بكل الوان الأطياف السورية. فهو وهو فقط يمتلك الحقيقة وهو وهو فقط له تاريخ نظيف وهوفقط نقي الطرف ظريف اللسان، ولأنه كذلك لا يبخل على المجلس بصفات أقلها العمالة للإخوان وتركيا ( تسمى عمدا عثمانية وهو خطأ فاحش لا يأبه به الشاتمون) وأشدها  أن المجلس الوطني ليس إلا صنيعة لإسرائيل وأمريكا. هل بعد هذا من دليل فاضح على غياب كامل للوعي الوطني وجهل تام أسود من ليل، بأهم متطلبات المرحلة: إسقاط النظام؟

ولكي يسن الجزارون سكاكينهم أريد أن أقول بكل وضوح أني أكن كل الود والاحترام والتقدير لبرهان غليون ، ولدي ما يكفي من نقد لكني لا أصرح به إلا إليه، وليس ذلك إلا لأن أعداء المجلس الوطني وأعداء برهان غليون لا يستحقون أن أطلعهم على رأيي ليستغلوه في تجريح يصب اولا وأخيرا في طاحونة النظام. أن ترى ان خطوة ما او مجلس ما ضرورة تاريخية لا يعني أن تقدسها. وأن تجلس في مكتبك وتترك الآخرين تحت المطر ثم تنتقد تبلل أحذيتهم فهذا والله منتهى الجبن. المجلس الوطني عليه على عكسنا التعامل مع المعطيات وليس مع الأمنيات وإن كانت المعطيات هذه توجه آماله ويتحسر يوميا لعدم سهولة الوصول إليها.

هناك الكثير الذي قيل عن تصريحات برهان غليون تجاه إيران. وتراوحت الردود بين تجريح واضح من رعاع الكلمة وبين واعظ مؤدب كنقد عبد الباري عطوان وبين نقد رفيق درب ومناضل خبير وحريص جدا على الوحدة الوطنية كتصريح رياض الترك. أنا أعتقد جازما أن برهان غليون قصد إيران بشكل دولتها وسلطتها الحالية وليس من المعقول ولا حتى على مبتدئ ناشئ أن يقرر سلفا مقاطعة دولة إيرانية ديمقراطية. و أنا لا أوافق على كثير من الفرضيات التي تقف خلف النقد والتي تشيد فجأة بدور إيران تجاه فلسطين فنحن هنا لا نحلل دور الشعب الإيراني العريق وموقفه من فلسطين بل دور سلطته الديكتاتورية والتي ترتدي عشرات أثواب عثمان وكلما نزعت احدها خرجت بثوب عثمان جديد. ألا يذكر نقاد برهان غليون هذا بأثواب عثمان الأسدية والتي لا علاقة لها بموقف الشعب السوري البطل من قضية قلبه وفكره فلسطين.

_________________________________

 عمر المجلس لا يتجاوز اشهر ونحن نطلب منه أن يكون سوري  براديكالية غيفارا ومُطَعَم  بجاذبية ناصر ومُلوَن بحكمة سقراط وبخبث جون كندي وباراك أوباما وبعلمانية ماركس وطهارة فرنسيس الأسيزي وبصوفية هادي العلوي،  وإذا أمكن فعلى المجلس الوطني أن يحل مشاكل الزواج في سوريا،  وأن يضمن لنا علنا ان تركيا لا مصلحة لها ، وأن الإخوان لن ينجحوا في الانتخابات،  وان الموسم القادم سيكون أكثر خيرا من اي موسم منذ تاسيس سوريا. ما الذي تريدون أكثر لتبينوا مدى تأخرنا؟  المجلس الوطني خرج من صفوفنا ولا يمكنه أن يسحر الحلول  كالحاوي في السيرك. المجلس يتألف بغالبيته من اشخاص منهكين لا يزالون يمارسون أعمالهم اليومية ليحصلوا على ثمن خبزهم ولم يعمل أغلبهم في أحزاب لا السلطة ولا الدولة. ما الذي يتطلبه الموقف الشريف والواعي منا؟ أن نقف بنقدية دافعة للأمام للمجلس الوطني (كما قصدت ذلك روزا لوكسمبورغ)  ندافع عنه امام الملأ ونعتز به كإنجاز للثورة وليس كإجهاض لها كما يدعي البعض بسوقية وقذارة لغوية (على الأغلب جنسية ملوثة بالبراز) تدفعني للشك في أن هؤلاء (حسب فرويد) لم يتجاوزوا  بعد المرحلة الفكرية لطفل في السادسة.

برهان غليون والمجلس الوطني يقومون يوميا بأعمال تحتاج إلى ثلاثة اضعاف عددهم ويخطئون يوميا لكن كل مفكر يعلم بشيء من المنطق بأن من يعمل يخطأ ومن يعمل عن ثلاثة له الحق وبكل بساطة أن يخطئ على الأقل عن إثنين. وهؤلاء القديسون الذين لا يخطئون ابدا هم ثلة عاطلة عن أي نشاط وهم بالطبع لا يعملون شيئا ليخطئوا فيه لكنهم يجهلون ان هذا بالضبط خطيئتهم المميتة.

نحن الآن بحاجة ماسة وملحة جدا لمجلس يضم كل أطياف المعارضة سواء من أطياف هيئات التنسيق أو ما يسمى مجازا “معارضة الداخل”. كل نقاط الخلاف يمكن أن تصاغ وتوضع على قائمة البحث المستمر لتغني المجلس بألوان المستقبل السوري  دون ان تكون سببا للإنفصال. الأسباب الفاصلة بين فرقاء وأحزاب وأشخاص المجلس ليست مسلمات ساكنة بل عوامل ديناميكية تتغير بتغيير المعطيات. لذلك لا يظن احد ولا حتى أكثر الناس راديكالية انه يملك خطة كاملة لسوريا بعد الأسد، بل نحن جميعا نملك افكارا وتصورات عن هذا المستقبل الجميل ومخاوف داكنة اللون عن التدميرالممكن للوطن. بهذا المستوى من الوعي يمكننا تقليص الدراماتيكية (المسرحية أحيانا) في حوارنا مع بعض. في تفتيشنا عن طريق لتكثيف جهودنا بدل تشتيتها.

وبهذا فقط نجبر الغرب على إحترامنا وليس أن يقوم وفدان بالحوار مع وزير الخارجية البريطانية وثلاثة وفود بالحوار مع الجامعة العربية. هذا التشتت من الأطراف الخيرة برمتها في المعارضة يمهد الطريق امام مجرمين كرفعت الأسد وخدام ان يبرزوا رؤوسهم ويقرروا وبكل وقاحة ان لديهم مجلس وطني وديمقراطي ووو. إلى ما هناك من خزعبلات لا تقنع دجاجة لكنها تفرق شملنا امام الغرب. متى إتحدت أطياف المعارضة، وإن أجبر البعض نفسه على بلع ما لا يستسيغه تماما، قطعت الطريق نهائيا على كل فلول السلطة التي تحاول الإلتفاف على الثورة وأولها رفعت الأسد مجرم حماة وتدمر وعبدالحليم النووي.

أنادي كل الشرفاء في معارضة الداخل والخارج للإنضمام للمجلس الوطني وزيادة أطيافه بدل البكاء والنحيب على تزايد تأثير السلفيين. أنتم يا راديكاليين وليبراليين وعلمانيين وإشتراكيين، انتن يا ثوريات سوريا، يا بطلات الصبر والمقاومة أدعوكن للإلتحاق بالمجلس لإنقاذه من تحجر سلفي وذكورية خطيرة ومملة. أنتم أيها المفكرون والمفكرات تحملون مفتاح الحل بيدكم. أنتم من يقلب ميزان القوى لصالح قوى مستقبلية علمانية منورة ومنيرة تحقق حلمي الأكبر. سوريا ديمقراطية تفصل الدولة فيها عن الدين وتحترم المرأة وكل مكونات هذا الشعب العظيم.

هل يسمع أحد نصيحتي؟

__________________________________

لكل من شحذ سكاكينه ليذبح إنتهازيتي اقول صبرك يارجل ولا داعي لسكينك: لقد شكرت دعوتي للترشيح للمجلس شاكرا ومتأثرا بثقة من أراد ترشيحي. أنا لن أنضم لا الآن ولا مستقبلا للمجلس الوطني ولن أقبل لا الآن ولا في المستقبل أي منصب سياسي فمكاني كان وسيظل وراء طاولة في مكتبتي. ليس لأني أترفع عن العمل السياسي بل لأني لست مؤهلا له. ونحن العرب نحتاج لجرأة لنقر بما نستطيعه وما لا نستطيع. فعقلية الفهلوي تسيطر علينا منذ طفولتنا. وهي احد اسباب تأخرنا.

 وهناك أمر خاص جدا. راقبت عبر قراءة تاريخ حياة المؤلفين ووجدت ان الكثيرين منهم تلوث بإقترابه من السلطة. والجاحظ وإبن الرومي والمعري هم قدوتي في ابتعادهم عن السلطة. كل كاتب تعامل مع السلطة ندم بشدة بعد ان فات الآوان واول هؤلاء غابرييل غارسيا ماركيز الذي لم يشبع طيلة فترة شهرته من التمسح تارة بكاسترو وحكام أمريكا اللاتينية وطورا بالرئيس الفرنسي ميتيران وليطلع علينا الآن بعد فوات الأوان بنصائح الإبتعاد عن الكذب الذي ينتج عن الإقتراب من السلطة.   كذلك تحطم فاتسلاف هافيل المسرحي التشيكي المعارض عندما تبوأ سدة رئاسة الجمهورية. ونصيحتي للكتاب ان يظلوا خارج المجلس ويدعموه بفكرهم ونقدهم ومديحهم فهذا ما يستطيعونه…وقبل كل شيء ان يكتبوا أدبا جديدا يخرج من قلب هذا الشعب ولا يقلد أحد. أصيل كثورته السورية.

__________________________

لا اثق إطلاقا بالعقيد رياض الأسعد، فالقليل الذي باح به يحتوي كمية هائلة من الغباء السياسي المدمر للثورة والوطن، العقيد عسكري 100%  بالمعنى السلبي الذي يؤكد  ويبرهن على صحة كرهي للعسكر. كل ما صرح به يسيء لمفهوم الثورة السلمية  وانا لا أظن انه يفهمها.  وهذا العقيد يبرز فجأة ودون اي وعي ثوري كقوة فاعلة ليس لقوته بل فقط لتشتت وضعف المعارضة التي لو كانت منتظمة لفرضت عليه وعلى أمثاله أن يعمل تحت رايتها صامتا وقائما بما يفهمه وليس أن يتمختر كديك الحبش وبنفس بشاعته أمام الصحافة العالمية وتحت الوصاية التركية.

هل يسمع أحد منكم صوتي؟ متى تقفون في وجه تبعثركم

__________________________________________

لا احتاج لأي معلم ليشرح لي الفرق بين فكر هيثم مناع ورياض الترك وهيثم المالح وميشيل كيلو وبرهان غليون وفايز سارة وعبد الرزاق عيد فانا في منفاي اقرأهم بإستمرار. لكني أعجب كل العجب أن هؤلاء الأذكياء لم يلتقوا بعد لحل معادلة إسقاط النظام. ومع تقديري لا يسعني إلا أن اناديهم ليس كاشخاص بل كممثلين لأطياف  الحراك الثوري في سوريا أن يرتقوا  ويمدو اليد لبعض  تقديرا لدم الشهداء الطاهر. تقديرا لحاجتنا جميعا لوحدتهم…تقديرا لعلو سدهم المشترك تجاه عواصف التدمير…

هل يسمعني أحد؟

__________________________________

أكرر للمرة المئة بعد الألف لمن لم يقرأ رأيي بعد: لا أخشى الإخوان إطلاقا ولا أخشى ان يفوزوا في سوريا بمقاعد حتى ولو وصلت لثلث المقاعد فالإخوان ليس لديهم  وهم المكبلين بأيدلوجية مهترئة أي حلول لسوريا المستقبل وستخرج الناس إلى الشوارع المرة تلو المرة  لتناضل ضدهم دون رهبة في دولة ديمقراطية لا يحق لهم تغيير اي قانون فيها ولا يحق لهم فيها منع اي ظاهرة حضارية ديمقراطية وإلا سيكشفوا اقنعتهم القديمة ولن يتمكنوا من فرض الشريعة الإسلامية على الوطن السوري المتعدد والمعقد جدا بإنتمائاته الدينية والثقافية. بل سيواجهون مصاعب جمة واجهها ويواجهها السلفيون في كل البلاد التي تقلدوا السلطة بها مع عامل سلبي إضافي أن الإخوان في سوريا لا يستطيعون كأسيادهم السعوديين ولا كأصدقائهم في افغانستان او السودان العودة بالمجتمع السوري إلى قوانين ما قبل الجمهورية.

 الجمهورية السورية المستقبلية جمهورية حرة ديمقراطية ديناميكية بنتها سواعد النساء والرجال الذين ضحوا بحياتهم…أطفال هذه الثورة لا يمكن قذفهم قرون إلى الخلف. هذه ستؤدي حتما إلى تقلص تأثير الإخوان عندما يقفون عاجزين عن حل مشاكل المجتمع.  وانا أعتقد وبشيء من السخرية إن افضل محك لكذب حزب ما هو مشاركته بالسلطة.  وارجو أن يتوقف من يدعي العلمانية من اللعب على وتر ترهيبنا نحن ابناء الأقليات من الإخوان فهذا الوتر في عود السلطة وينتج موسيقى في جوقتها.

____________________________________________

أمريكا لا ولن تتغير بتغيير رئيس الجمهورية. وأوباما ليس أسوأ ولا أفضل من كلينتون او بوش وإن كان يحسن وبخبث بيع ما يقوله وكانه سياسة أخرى. أمريكا هي ذاتها التي لا تقوم إسرائيل بعنهجية عنصرية إستعمارية دونها. أمريكا هي ذاتها التي تحظر مواد اولية للغذاء عن سوريا. تمنع الدول الأوروبية حتى من تصليح محركات طائرات شركة الخطوط الجوية السورية.تمنعنا أمريكا هذه في المهجر الألماني من تحويل نقود للوطن فبنك مانهاتن يدير ويأمر كما يريد وترى عمالقة الإقتصاد الألماني تركع امامه مخزية وترفض تحويل مبالغ زهيدة لذوي المهاجرين والمنفيين. امريكا هذه هي التي تخزن اموال مافيا الأسد وتعرف بالضبط كل تحركات الأموال المنهوبة. أمريكا هي التي تصيح كل شهر بشكل مسرحي سخيف وبممثلة من الدرجة الثالثة تدعى هيلاري كلينتون (المرباة من تشيني ورامسفيلد في مؤسسة الثينك ثانكس) للأسد ان يتنحى تسمح وبكل خبث ببيع اخطر الأجهزة الإلكترونية من شركة

(بلو كوتزBlue Coats)

 للنظام السوري بمساعدة نوري المالكي…وهذه البرامج، بحسب ما وضحه خبير الماني لي أخطر من 100 دبابة على المعارضة. أمريكا هي ذاتها التي تدافع عن االحرية والديمقراطية وتحتضن السعودية. وهي بذاتها التي تأمر نظام بغداد ليقف فجأة في جوقة المدافعين عن الأسد.

لكن أمريكا هي نفسها التي صعد منها مايكل مور بوعي سبق كثير من مثقفي العرب للتعاضد مع الشعب السوري… وهناك الشعب الأمريكي ببناته وابنائة الرائعين والمتطلعين ابدا للحرية. هناك مئات من الصحفيين الجريئين كبرنشتاين وزميله ودوورد، وهناك نعوم تشومسكي ومئات من الأكاديميين الشرفاء وهؤلاء هم السند الحقيقي للثورة السورية. ولا امل لنا بأمريكا الأوباماوات والكلينتونات المذكرة والمؤنثة.

 __________________________________

في معمعمة الحوار والنقد والتجريح تسقط أحيانا جملة وكانها سعير يحرق القلب. وكمثال هذه الجملة قرأتها في السفير: “بعض أبطال «المعارضة» في الخارج، الذين لم يلعبوا أي دور على الإطلاق في تاريخ سوريا المعاصر والحديث غير التمتع بالعيش الآمن خارج وطنهم والتخلي التام عن شعبهم،” هذا ما تكرم به ميشيل كيلو على خصومه في المنفى فقط لأنهم لا يوافقون على حواره مع فاروق الشرع الذي لا يبخل عليه بلقب “أستاذ”. هذه اللهجة تعودت سماعها بكرم أكبر من أتباع السلطة ومفادها اننا هنا في المنفى مدللين (وفر علينا ميشيل كيلو  بكرمه الجلوس في أحضان الصهيونية) ونتفلسف ونزايد على المعارضة في الداخل. انا لم أترفع ولا تفلسفت يوما على معارض في الداخل لأن هذا أمانة في عنقي حملتها تقديرا وإجلالا لشرفاء هذا الوطن (ومنهم ميشيل كيلو أيضا)  الذين دافعوا بأرواحهم وصحتهم ومعاناة عائلاتهم في سجون النظام بسنين من عمرهم من أجل الحرية. لكن ليس لميشيل كيلو ولا لغيره ان يتعالى على المنفيين مهما بلغ حنقه. كاد حزني على أمي التي ماتت وهي تنتظرني وحرقة قلبي لمنعي من رؤية دمشق لأربعين سنة  يولد حقدا على ميشيل كيلو وغيره ممن يشتمون المنفيين. لكني قررت أن اقوم بما أوصي به الآخرين. أن اقول وبكل صدق. سامحتك ياميشيل وقلبي لا يحمل لك سوى الإحترام.

وهنا وفي هذه اللحظة تبين لي بوضوح وكأنني اقرأ ذلك في كتاب اننا إما ان نتعلم الترفع عن مذلة الإنتقام وننقي أنفسنا من بدائية السلوك الديكتاتورية، ، وإلا فنحن هالكون.  إما ان تطهر الثورة بدماء شهدائها أنفسنا وترتفع بها فوق كل ما علمته الديكتاتورية في عقود من كره الآخر.  وإلا فإننا سننتصر فقط عسكريا وسياسيا على الديكتاتور وسيخلد نصره بمسخه لأرواحنا لتصبح صنوة وصورة لروحه.

______________________________________________

الجندي المجهول والطاغية المعروف

لاتكاد زاوية من زوايا حياتنا ولا إبداعنا ولا هندستنا المعمارية ناهيك عن سياستنا وإقتصادنا وأدبنا إلا وترى فيها آثار الهمينة الغربية، فهذا يستحدث بتقليد شعراء فرنسيين وذاك يطبخ عدة مكونات قومية أروربية شوفينية ليخرج بالبعث.

لشد ما كان تمثال “الجندي المجهول” يثير شفقتي وقرفي فهو على الأغلب كريه المنظر وكرمز ضعيف للمساكين الذين قضوا وفي وطننا. وللحقيقة فقط: قضى أغلبهم عبر إنقلابات وتصفيات وتدخل في شؤون لبنان لا عبر حروب وطنية.

ما يقرفني هو التقليد الببغائي حتى في التذكير بموتانا. إختراع تمثال الجندي المجهول إختراع أوروبي محض. أوروبا فقدت في حروبها ملايين العساكر المجهولين فعلا فإخترع ايدلوجيوا الدولة الصناعية البورجوازية هذه الفكرة لتمويه اسباب موت هؤلاء. فعساكر المانيا النازية لم يموتوا دفاعا عن وطنهم بل ماتوا اثناء تنفيذ خطة إمبريالية عنصرية بقيادة هتلر. فما معنى أن يكون لجنود ألمانيين مجهولين قتلوا ( على الأغلب في الصقيع) في ستالينغراد تمثال يمجد موتهم، وأبناؤهم يدعون في حاضرهم هتلر مجرم حرب. وإنفصام الشخصية هذا من صفات المجتمع الراسمالي. وهذه التماثيل كلها وإن إختلف منظرها فهي ليست إلا لتأكيد باطني للشوفينية. لكن هذه التماثيل في البلاد العربية لا تمثل حتى ذلك فهي ككل شيء منسوخ ممسوخة.

 لذلك أقترح في سوريا حرة أن يهدم تمثال الجندي المجهول وينصب بدلا عنه تمثال شهداء الحرية لأول ثورة إجتماعية وطنية في تاريخ سوريا وأقترح ألا يكون الرمز جندي بل طفل من اطفال درعا. كفانا جنود!

وأقترح فكرة ولدت الآن كخاطرة بتأثير الثورة السورية العظيمة. وهي أن يقام في ساحة كل قرية وفي ساحات عديدة للمدن تماثيل مجسمة لكاريكاتورات عن الديكتاتورية تضحك كل من ينظر إليها وأن لا يزيد إرتفاعها عن المتر لكي يستطيع كل طفل أن يتمتع بمنظرها من كل الجهات وأن تصنع هذه التماثيل من مواد بلاستيكية مناسبة خفيفة الوزن قليلة التكاليف وتثبت على قاعدة موحدة الأبعاد في كل الوطن. بهذا الشكل يمكن أن يتبادل أهالي القرى والمدن تماثيلهم كلما خطر لهم ذلك فيزداد التواصل بين المدن وأحيائها وبين القرى ويزداد الضحك الساخر على الديكتاتورية التي تعالج آلاف التماثيل أوجهها البغيضة.

وكيف يمكن تحقيق هذه الفكرة؟ تقوم وزارة الثقافة بإجراء مسابقة عالمية للكاريكاتور وتنتقي لجنة من كاريكاتوريين سوريين أفضل 1000 كاريكاتور. ويعهد للطلاب المتقدمين في كليات الفنون السورية والعربية أن يقومو بتنفيذ مجسمات لهذه الصور الكاريكاتورية. هذه التماثيل للديكتاتورية المعروفة تكون بمثابة معرض متنقل يحمل الضحك معه والثقافة الثورية ويدخلها بدون إذن إلى قلوب  الناظرين إليها.

تبع

خاص – صفحات سورية –

أي نشر أو اعادة نشر لهذا المقال يجب الاشارة فيه إلى المصدر: صفحات سورية

كل الحقوق محفوظ للكاتب ولصفحات سورية.

يحيي كاتب هذه الأسطر أي نسخ وإعادة طباعة هذه الخواطر في أية صحيفة، طبعا بأمانة مهنية مع الإشارة إلى المصدر، لكنه لا يعترف على اية منها إنما على الأصل الذي ينشر دوما في صفحات سورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى