مراجعات كتب

«داعش وأخواتها من القاعدة الى تنظيم الدولة الإسلامية»

 

 

«داعش واخواتها، من القاعدة الى الدولة الاسلامية» لمحمد علوش (عن دار رياض الريس للكتب والنسر، 420 صفحة) لمحمد علوش يتناول فيه ظاهرة التطور الفكري والسياسي والعسكري لتيارات الجهاد العالمي في الشرق الأوسط وعمليات القواعد التي استقرت اخيراً في «تنظيم الدولة الاسلامية في الشام والعراق، داعش والظروف التي نشأ فيها بدءاً من ظهوره في العراق ثم تمدده إلى سوريا وتصدره المشهد في البلدين.

ويتطرق الكتاب الى انشقاق «تنظيم الدولة» عن «تنظيم القاعدة: متسائلا عن اسباب هذا الانشقاق وانتهاج «تنظيم الدولة» سبيلا اكثر رايكالية، فيما تؤكد الوثائق التي وقعت في القوات الاميركية اثناء اغتيالها بن لادن انه كان بصدد كتابة مراجعات لأدبيات «القاعدة» على غرار تلك التي اجراها عدد من التيارات الجهادية في مصر، ثم الصراع الذي نشب في سوريا من «جبهة النصرة» و»تنظيم الدولة» وصولا الى اعلام امير «تنظيم الدولة» ابي بكر البغدادي قيام الخلافة الاسلامية».

 

هنا مقدمة الكتاب.

مع ما بدا سقوطاً لبعض النظم العربية نتيجة الحراكات الشعبية التي أطلق عليها «الربيع العربي» نهاية عام 2010 ومطلع عام 2011، ذهب أغلب المتخصصين في شؤون الجماعات الاسلامية المسلحة الى اعتبار انها النهاية لأدبيات وطروحات «تيار الجهاد العالمي» الذي كان يؤمن بالعنف المسلح سبيلاً وحيداً لتغيير النظم الفاسدة. إلا ان الذهول خيم على الجميع بعد الصعود المدوي لتيارات الجهاد العالمي عقب تعثر الثورات في عدد من المناطق مثل سوريا واليمن وليبيا ومصر، بل وجدنا أن أغلب المناطق التي تنشط فيها التنظيمات الجهادية هي تلك التي طاولتها الثورات العربية بشكل أو بآخر، وهو ما يعيد طرح اشكالية ولادة التيارات الجهادية وتناميها. وكانت الاشكالية الثانية هي بروز تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) بقوة في العراق، بعد ان ظن كثيرون انه تلاشى تحت ضربات القوات الاميركية والعراقية، ومن ثم تمدده إلى سوريا وتصدره المشهد في كل من العراق وسوريا. وتزداد الحيرة في الاسباب التي تدفع تنظيم الدولة إلى الانشقاق عن تنظيم القاعدة الأم وانتهاجه سبيلاً اكثر راديكالية في الوقت الذي تؤكد فيه الوثائق التي وقعت بيد القوات الاميركية اثناء اغتيالها لمؤسس تنظيم القاعدة اسامة بن لادن انه كان بصدد كتابة مراجعات لأدبيات القاعدة على غرار تلك التي اجراها عدد من التيارات الجهادية في مصر. ثم الصراع الذي نشب بين فرع تنظيم القاعدة في سوريا «جبهة النصرة» وتنظيم الدولة (داعش)، وصولاً إلى إعلان أمير تنظيم الدولة ابي بكر البغدادي قيام الخلافة بعد انقطاع دام قرناً ونيفاً.

وهي جملة تطورات حصلت، ان كانت على صعيد التطور الفكري أو الانشطار التنظيمي او التمدد العسكري أو الاقتتال الداخلي، وصولاً إلى محاولات جادة لتغيير خريطة سايكس ـ بيكو التي استقرت عليها النظم منذ الحقبة الاستعمارية مع اعلان البغدادي الخلافة وازالة الحدود بين سوريا والعراق والتهديدات التي بدأت تطاول الاردن ولبنان.

والبحث في أساسه يستهدف ظاهرة التطور الفكري والسياسي والعسكري لتيارات الجهاد العالمي في الشرق الأوسط وعمليات التوالد التي استقرت في شكل «تنظيم الدولة» في العراق. وقد قسمنا البحث إلى ابواب وفصول تبدأ بالظروف السياسية والاجتماعية التي نشأت فيها حركات الاسلام السياسي والأدبيات الفكرية التي استندت اليها في طروحاتها بما جعلها تتمايز عن حركات الاصلاح التي شهدها العالم العربي أو الطروحات الدينية التي عليها دور الفتوى في العالم العربي. ثم المراحل الفكرية والتجارب التي مر بها تنظيم القاعدة وبعض فروعه في المنطقة، وصولا الى الاستراتيجيات التي اعتمدها في الوصول الى دولة الخلافة. وقد خصصنا جل الدراسة للحديث عن تنظيم القاعدة الأم وفرعه العراقي تنظيم الدولة الإسلامية لأنه الفرع الوحيد الذي تفوق على اصله، وبات الوريث الفعلي لكل أدبيات التنظيم الأم وطروحاته.

وبما أننا لا نستطيع ان نحيط بجميع التنظيمات الجهادية التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية في ليبيا وتونس ومصر ومالي التابعة لتنظيم القاعدة أو القريبة منها، فان بحثنا في هذا الكتاب سيقتصر على نشاط التنظيمات الجهادية في العراق وبلاد الشام.

ولعل من أكثر ما يعترض الباحث في فكر الحركات الإسلامية الجهادية هو قلة المواد العلمية الموثوقة التي تؤرخ للحركات الجهادية وطروحاتها وأدبياتها الفكرية والسياسية بحياد وموضوعية ودون اسقطات ايديولوجية. ومع ندرة الوثائق او الكتب التي ألّفها الجهاديون عن انفسهم وطروحاتهم، يزداد البحث صعوبة وتحدياً، ويصبح عرضة للخلل والزلل ان لم يأخذ غايته من التحري والدقة والصبر. والحركات الجهادية المعنية هنا هي الجماعات الإسلامية المؤطرة تنظيمياً، التي تعتمد العنف المسلح سبيلاً وحيداً في نشر منهجها الفكري والسياسي ورؤيتها في كيفية قيام الدولة الإسلامية.

يطلق العلماء في دور الإفتاء الرسمية على هذه التنظيمات «الخوارج الجدد» مثل تنظيم «القاعدة» و»داعش» و»جبهة النصرة» و»فتح الاسلام» و»كتائب عبد الله عزام». وبما ان التنظيمات الجهادية المعنية بالبحث قد زاد وجودها، وتنامى اثرها ونفوذها في عدد من الدول العربية والاسلامية بعد الثورات العربية، فقد وجدنا من المناسب الحديث عن ادبيات هذه التنظيمات، وما يربط في ما بينها فكرياً وتنظيمياً، والأهداف التي تسعى الى تحقيقها، ولا سيما في سوريا ولبنان والعراق حيث تنشط حالياً.

وتقتصر مراجعنا في هذا الكتاب على المواد التي أنتجتها هذه التنظيمات بنفسها، ولم نلجأ الى ما كتب عنها الا في حال الضرورة، خشية ان نلصق بها ما ليس منها. كذلك فاننا لم نهدف هنا الى محاكمة هذه التنظيمات على مستوى الطروحات ولا على مستوى الممارسة، ولا اعتقد ان من شأن هذا البحث القيام بذلك، بقدر الاهتمام بالأدبيات والطروحات والرؤى التي تحملها وترغب في تطبيقها، والاستراتيجيات التي تضعها للوصول الى اهدافها.

وما اعتمدنا عليه من اقوال العلماء وفقهاء المسلمين هو فقط ما يصنف ضمن الفكر السلفي حصراً، ايماناً منا بأن أغلب المراجع التي تستند اليها هذه التنظيمات في بناء طروحاتها ومنظماتها الفكرية يعتمد اساسا على مصنفات واقوال وفتاوى هذه الشريحة من العلماء. وقد آثرنا على انفسنا الا ننقل من كتب أو اقوال لعلماء لا يحسبون على الفكرين السلفي والجهادي قديماً أو حديثاً إلا لضرورة.

قد لا نكون وفينا الموضوع حقه، أو وقعنا في اخطاء او لم نظهر الصورة بشكل كامل وواضح ودون تدخل. وقد يغفر لنا القارئ اننا سعينا جاهدين لنقل الصورة كذلك هي، ولم نتدخل إلا في حال الضرورة لتبيان غموض ظنناه، ورغم خلافنا الشديد مع طروحات هذه التنظيمات الا اننا اثرنا الامانة في النقل والدقة في السرد، واقتصرت نقولاتنا على كتب وفتاوى ومواقع معروفة بالولاء أو التبعية لهذه التنظيمات وطروحاتها.

وقد يهم القارئ معرفة توجهات الكاتب قبل قراءته للكتاب، وحتى أوفر عناء البحث على القارئ الكريم، فأقول إني لم أحاول أن اثبت وجهة نظر في الكتاب أو توجيه القارىء نحو هدف مسبق، بل حرصت على ان اقدم مادة اظن انها وافرة بالمعلومات، تاركا للقارئ الكريم الحق في الحكم أو النقد ايمانا مني بأن الظواهر الاجتماعية والفكرية والسياسية التي تعج بها منطقتنا تتطلب منا قراءة اكثر عمقا وأوسع افقاً وابعد مدى في التعاطي مع هذه الظواهر اذا كنا نرغب في ان نؤسس لنهضة حديثة شاملة تضعنا على سكة قطار التطور كحال بقية الشعوب من حولنا.

ملحوظة حول عدد من المصطلحات

من المعروف ان تنظيم الدولة الاسلامية الذي اعلن الخلافة في العراق والشام مر بعدة مراحل. وقد تغيرت تسميته في كل مرحلة، بدءاً من «الدولة الاسلامية في العراق» ثم «الدولة الاسلامية في في العراق والشام» ثم اسقط العراق والشام من التسمية فاصبحت «الدولة الاسلامية» ثم «دولة الخرافة»، وقد استقر اعلاميا اطلاق اسم «داعش» على التنظيم، وهي تسمية مجمعة من الحروف الأولى للتنظيم، الا انه يجدها تسمية تهدف الى تشويهه. ولهذا وضع حداً من سبعين جلدة لمن يستعمل هذه التسمية. ونحن هنا سنختار مسمى «تنظيم الدولة» وبصيغة المذكر حين نتحدث عن «تنظيم الدولة في العراق والشام» (داعش). فيما سنستعمل مصطلح «تنظيم القاعدة» للحديث عن التنظيم، ومصطلح «القاعدة الأم» للتوفيق بينه وبين فروعه.

تطلق التنظيمات الجهادية مصطلحات «الرافضة» و»الصفوية» و»النصيرية» للدلالة على الشيعة والعلويين كما تطلق كذلك مصطلحات «المرتدين» و«السرورين» و «المرجئة» و «الجهمية» و «الصحوات» و «الإخونجية» على خصومهم من الاسلاميين، فيما يطلق هؤلاء على تنظيمات «تيار الجهاد العالمي» تسمية «الخوارج» و «الحروريين» و «التكفيريين» و «الدواعش» وغير ذلك من المسميات. ونحن سنسمي الأمور بأسماء أهلها، وهذا لا يعني تعاطفاً مع أصحابها بقدر ما يعنينا التجرد في البحث.

كذلك سيمر معنا مصطلح «تيار الجهاد العالمي»، ونقصد به اي تنظيم مسلح ينتهج العنف سبيلاً وحيداً للتغيير، سواء كان تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو حركة الجهاد المصرية أو تنظيم الجهاد المصري. واختيارنا لهذا المصطلح في مواضع من الكتاب يكون حين الحديث عما تؤمن به وتعتقده جميع التيارات الجهادية أو أغلبها دون النظر إلى خلفياتها التاريخية أو العقدية.

العمليات الانتحارية أو التفجيرية التي يقوم بها افراد تيار الجهاد العالمي يسمونها «العمليات الاستشهادية» أو «الانغماسيين»، ونحن سنوردها كذلك هي حين تكون مقتبسة من نص جهادي. عدا ذلك سنعتمد مصطلح «العمليات الانتحارية، وهي تسمية نراها محايدة.

ونحن حين نقتبس نصاً سنورده كما هو دون تدخل منا، علماً أننا لا نجيز الطعن باي مذهب، كذلك لا نحب ان نطلق اسم على مذهب أو جمعية أو تيار بغير الذي يتسمى به اصحابه. وهذا ما تقتضيه المنهجية في البحث.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى