دعوا الشمس تدخل قلوبنا ..
مي سكاف
هناك ظاهرتين تنتشران في شوارع دمشق في الآونة الأخيرة.. تلفتان الانتباه .. أود أن أتحدث عنهما … الأولى استغلال اللافتات الإعلانية ..لغير هدفها التجاري .. وتحويلها لمنابر إعلانية سياسية لا تمت للشفافية بصلة وكم كنت آمل أن تحمل خطابا جديدا حداثيا مدنيا ولكنها للأسف لا تحمل إلا أفكارا رجعية ..إن تأملنا بها نكتشف إلى أي مدى تستخف بالمنطق الطبيعي لديناميكية الحياة . .طبعا لاأنفي أنها قد تكون بادرة نفعية من مالكي هذه الإعلانات لولا علمي أنها تتطلب موافقة من المؤسسة العربية للإعلان الجهة المسؤولة وهو ما ينفي الفردانية بنشرها .
الاستقرار هو سر مناعة سوريا
. أجل الاستقرار سر مناعة سوريا.. أجل الاستقرار هو سر مناعة أي فعل بناء .. ولكن ماهومفهوم الاستقرار في ظل ما عاشته بعض مدننا ومناطقنا . ..وعن أي استقرار نتحدث والاضطرابات موجودة في مدننا وقرانا ومناطقنا .. نعيشها ليلا على وسائل اتصالات مغرضة ولم لانراها على وسيلة اتصالاتنا .. لا تحجبوا الشمس .. فهي الحياة … ما يجري يصل إلينا بوسائل بدائية ..
عن أي استقرار نتحدث وهناك دماء سورية تنزف .. واعتقالات لشباب يحاولون أن ينقلوا وجهة نظرهم ويمارسون حقا من حقوق الإنسان الحر … عزل إلا من رأي معارض .. وهناك أفرادا عسكريين من شعبنا الحر يستشهد …
… الذي يلح علي وعلى الكثير من السوريين .. نحن السوريون .. فئة من السوريين باختلاف انتماءاتنا الإيديولوجية والفكرية والثقافية والدينية ؟ الراكضين .. اللاهثين وراء لقمة العيش وراء مسكن ومأكل .. هل تتلخص حياتنا هنا.. الواضح أن لا شيئ يستبدل بشيئ .. من نحن السوريين .. .. ماذا عن مجتمع يضمنا كلنا نحن السوريين .. ويحتوينا كلنا .. نمارس فيه ذواتنا واختلافاتنا تحت ظل قانون يتسع لنا .. جميعنا .. وسع حيواتنا … أسئلة وجودية ديالكتيكية …تلغي السكون .. لأنه الموت …والثبات .. لأنه الجمود .. لن أكون نقيضة الحياة ..مهما كنت خطاءة .. لقد كادت بلدنا أن تعيش حربا أهلية … أطفأتها نيران واهية .. والاستقرار هنا كارثة من كوارث تاريخنا المعاصر إن لم يكن نتيجة لحراك بناء وواعي .تمسك بيده القيادة السياسية ومن بعدها القيادة الجماهيرية ..
التاريخ يطلب منا حراكا لا استقرارا مهذبا .. مرحليا وكاذبا ..فرضته قوة..التفعيل السياسي الواعي والقانوني هو المطلب الوطني لكلنا .. لنحن السوريين .. المختلفين على حب الوطن .. وما أحلاه من خلاف لو استطاعوا إليه سبيلا …وهنا يجب أن أقول أن حراك القيادة الشعبية كان موجعا وشرسا لأنه كان تخويني … آه من ثقافة التخوين .. لو كنت سلطة لخونت التخوين … ثقافة عمياء .. متوترة وموتورة , وقد جلبت الدم … أيعقل أن هذا الوطن لا يتسع لنا .. كلنا .. نحن .. وارثو الحضارة .. … دم السوريين غال … رخص الدم …لأن الحراك ما كان متكافئا … لا قانونيا … أليس الأجدى بنا أن نرفض السكون ونبدله بحراك وطني نساهم فيه جميعا
..هل المطلوب من العبارة أن ترجع البلد إلى ما كانت عليه من هدوء وسكينة وكفى المؤمنين شر القتال …ألا تتطلب الأحداث التي جرت وقفة نقدية مع الذات ومع المجتمع من القيادة والقيادة الشعبية ؟؟ و مني ومنا …على خلافنا واختلافنا ..
الحراك الوحيد الذي نتج عن التعنت في عدم الحراك هو حراك تحريضي ضد كل اختلاف … أعمى .. تخويني .. وشرس أعتذر من صدق اللغة .. وجلب الدم .. الغالي اللافتة الثانية التي سأتوقف عندها هي عبارة
الإصلاح طريق واحد يقوده بشار
أوافق ولكن بناء على فسح مجال آخر لمفهوم وطني هو مفهوم المعارضة .. المعارضة هي فعل وطني … يجب أن تتفهم القيادة هذا المفهوم وترفعه من تحت الأرض إلى بقعة الضوء .. الشمس طهر والعتمة عفن … أنا أختلف مع الدين … ولكني لا ألغيه .. لا أستطيع إلغاءه .. إنه موجود .. شئت أنا أم أبيت … الحياة تعددية وتنوع …
.والظاهرة الثانية هي صور سيادة الرئيس التي رجعت إلى المدينة وإلى واجهات السيارات .. .. وضع الصور هو فعل تخويفي للجيران في الحي وللشرطي في الشارع ولل.. أبناء بلدي .. لماذا لا نرى هذه الظاهرة في البلاد الأخرى ..
ولكن أي ترهات أقول بعد الدم ……
وتأملت … بشكل و بطبيعة هذا الإعلانات السياسية .. و طبعا ناهيك عن صور السيد الرئيس الملصقة على عدد كبير من السيارات .. والتي أصدر تعليماته بشأن رفعها فترة من الزمن … ! ورجعت الآن بسبب الاضرابات التي حدثت .. والتي عبرت عن معارضتي لها في لقاء جرى بينه وبين مجموعة من الفنانين قبل أن يتسلم قيادة البلد … قلت وقتها .. لا أرى في هذه الصور محبة .. وإنما أرى فيها تخويفاً للآخر …من يحب يرقى … من يحب لا يبتذل حبه بوضعه أينما كان .. من يحب تكفيه دقات قلبه ……يحتفظ بسره الكبير في ثنايا القلب .. لا على السطوح ..وقتها قلت لسيادته .. لا أراه إلا تخويفا وشكلا من أشكال إرهاب الفرد للفرد .. أنا أحب أبي رحمه الله ( حرفيا )… لم لم يخطر ببالي أبدا أن أضع صورته على زجاج سيارتي …وفي مكتبي وأمام مدخل بنايتي …
المهم .. بعد عدة شهور عندما صدر قرار برفع الصور من السيارات ومن المؤسسات العامة ..( وبقيت صور مؤطرة ولائقة وفقط في المكاتب الحكومية ) شعرت بغبطة سرية … شعرت أن هذا الرجل سمعني حقا .. أحسست بكياني .. وبمواطنيتي .. شكرته سرا .. ومضت الأيام … سنوات كثيرة جدا .. والآن … والدم نازف .. والقلوب تئن .. والصور رجعت إلى زجاجات السيارات … اليوم وبعد خمسة عشر عاما … و أنا أتجول في شوارع دمشق … قلت في نفسي يبدو أن في سوريا فقط ..الزمن .. لا يسير إلى الأمام .. بل يرجع إلى الوراء … واليوم وبعد خمسة عشر عاماً …
لا بديل عن إجراء إصلاح سياسي حقيقي … المعارضة فعل وطني … الديمقراطية السياسية لاتقل أهمية عن الديمقراطية الاجتماعية التي ينعم بها هذا الوطن السوري .. أجل سوريا وطن .. لكل أبناءه .. حر وحر وحر .. افتحوا له الأبواب .. قانونيا .. ومسلكيا … وافقوا على حزب للمعارضة .. بل أحزاب للمعارضة … فبكل مدينة إثنية واعتقاد ..وبكل شارع رأي ورأي .. افخروا أنتم بسوريتكم ولكن دعوا السوريين يفخرون بسوريتهم كما يحلمون … الحياة اختلاف والاستقرار موت .. ارفعوا الشعارات التي تنادي بالموت لسوريتي … ودعونا كلنا نفخر بسوريتنا … إنها سوريا العظيمة … سوريا ليست سوريا الأسد … الأسد مواطن سوري عظيم .. لا تفقدني عظمتي يا سيدي .. لا تفقد السوريين .. كل السوريين .. أكرادا وآشوريين .. مسلمين ومسيحيين وكفار .. أكرادا وشراكس .. يساريين ويمينيين .. لاتفقد سوريتنا عظمتها .. كي نبني سوريا . واحدة وحرة واشتراكية ..
ولكن ماذا أقول وقد سال دم
مواطنة سورية معارضة