دفتر صغير من دون تاريخ: هناك حرب بين بيتهوفن والبيتلز في داخلي
منذر مصري
بعد غرق مرسمي، بسبب إغفالي إغلاق صنبور المغسلة، وانسداد بالوعة الحمام، لم تتسع كل المساحات التي تتيحها، الكنبة الحديدية التي تفتح وتحول إلى سرير، والكراسي الأربعة ذات الاطارات العريضة، والمكتب ذي السطح المتسع، وطاولة الأفيال الثلاثية التي أهدانا إياها قبطان أول وآخر سفينة جنوب افريقية دخلت مرفأ اللاذقية حسبما قال لي أبي، لنشر الرسوم الورقية المحفوظة فوق بعضها منذ عقود في علب كرتونية، والمصنفات على أنواعها، والمخطوطات الشعرية المكتوبة بخط اليد، ودفاتر المذكرات التي واظبت على كتابتها منذ دخولي الجامعة الى اليوم. مما اضطرني لنقل معظمها إلى البيت، محاولاً تجفيف بعضها بمصفف الشعر الحراري وبعضها الآخر بالمكواة، ورمي ما تبين أنني لم ولن أحتاجه يوماً بعد احتفاظي به كل هذا الزمن. من بين الدفاتر التي هالني كثرتها وتنوعها، هذا الدفتر الصغير ذو المغلف البلاستيكي الذي كنت أفضله عن سواه خلال سفري الاضطراري الى دمشق، لسهولة وضعه في محفظة النقود إذا حدث واستخدمت واحدة، أو جيب السترة أو القميص إذا كان سفري صيفاً. مدوناً به أرقام هواتف أصدقاء تلك الأيام، بخطه الرقيق كتب على الصفحة الأخيرة: (نزيه: ص. ب /22317/ هاتف /416682/)، وبعض المصاريف والمشتريات لا أدري لأي غاية، وكذلك الأفكار والصور التي أجد أنها تستحق أن أقوم بتسجيلها عليه، ثم نقلها إلى دفتر مذكراتي عند عودتي للاذقية: (يا الله كم أضعت من قصائد) كتبت على صفحته الأولى. ذلك أن العديد من هذه السطور استطعت تحويلها إلى قصائد، مباشرة أو بعد وقت طويل. قلت دفتر صغير بدون تاريخ، ولكنني بعد تقليب صفحاته وقراءة بعض سطوره، أظنه بمجمله يعود تاريخه لسنة /1985/، السنة التي أصيب بها خالي (خالد نحلوس) بسرطان المثانة، فمكثنا أسبوعين في المستشفى الايطالي حيث أجرينا العملية، بعدها رحنا نسافر الى دمشق مرة في الشهر ولمدة نصف عام، لتنظير وكي ما ينبت من أورام قبل انتشارها، ثم مرة كل ثلاثة أشهر، للمراجعة والمداواة. استغرق شفاء خالي الكامل فترة زمنية امتدت حتى أواسط عقد التسعينات من القرن الماضي، القرن الذي قدر لي أن أولد في منتصفه، وأمضي به مراحل طفولتي وشبابي ونضجي، أي ما كان ينبغي أن أصفه، لا بل أن يكون، أجمل سنوات حياتي. إلا أنه للأسف ليس. الآن لتوي كتبت تعليقاً على صديق يروي ذكرى دامية في أحد فروع الأمن: (كنا نحيا في الموت).
إلا أن ما استغربه أنا نفسي، هو وجود نصين طويلين، أظنني كتبتهما خلال مكوثنا في المشفى الايطالي، الأول عن بيت جدتي، يشبه نصوصاً سردية كنت أنشرها تلك الأيام في زاوية أسبوعية لجريدة محلية، والثاني يبدو وكأنه قصة خيالية، شيء قريب من قصص إدغار ألان بو أو دينو بوتزاتي، كلا النصين غير منجز، ولم أنجزهما يوماً.
بقي أن أنوه بالرسوم الأربعة التي يتضمها الدفتر، كالعادة في جميع دفاتر مذكراتي وأشعاري هناك رسوم صغيرة، منذ فترة أعمل على نسخها وحفظها. وهي غالباً ما تكون من وحي الأفكار التي أكتبها، أو تكون هي بذاتها المشاهد التي أوحت لي بالأفكار، وأحياناً لا علاقة لها بشيء.
1- وكأنني كنت أحمل شيئاً بيدي.. ولا أدري الآن ما هو.
2- محمد عمران، سهرنا معاً في نادي الضباط. يغسل يديه ووجهه، وهو ينخر وينفخ أمام المغسلة. أخبرني: البارحة سهرت في الضيعة حتى الرابعة.
3- النافذة على البحر، كأنها عينك، كأنني أقف الآن في عينك.
4- وضعت عطراً كريه الرائحة.
هناك حرب بين بيتهوفن والبيتلز في داخلي.
6- عندما لا يجد القاتل أحداً يقتله، يقتل نفسه.
7- تفوق علي في كل شيء دون أن يقوم به.
يلاحقني اسمك، اسمك كلب اسود.
علمتني قيمة حبك دون أن تضطرني لفقدانك.
10- أنت طائر بأربعة أجنحة.. قالت لي.
11- يا لك من قمر أخرق يطلع في عز النهار.
12- مطر جاف يسقط على شفتين من رمال.
13- على الرصيف كدت أدوس على جرذين، خيل لي للحظة أنهما عصفوران.
14- يا لنحول هذا الهلال.
15- في الساعة السابعة، صباح يوم الجمعة، الثاني من كانون الثاني، يقف فوق رأسي، قمر شاحب، ينتظر أن تصعد إليه الشمس.
16- هناك قصائد تأتي إليك، فتجدك تتلهى بشيء ما، فتذهب إلى سواك، وهذا ليس سيئاً، السيئ أنها غالباً تذهب إلى لا أحد.
17- بحر يقوم بحراسته جندي.
18- يا للهباء.. كل يوم تسكب علينا الشمس كل هذا النور.. هباءً..
19- على الطريق التقيت ملائكة تعبون يقتعدون الحجارة.
20- ها أنت عطشان الآن، كما لم تكن قط، وليس على بعد كيلومترات من هنا، صنبور ماء.
21- ها أنت جائع الآن. كما لم تكن قط، وليس على بعد كيلومترات من هنا، المرأة التي تحب.
22- يا للبلاهة، عندما غدوت في السادسة والثلاثين، رحت تؤمن بما كنت، كلما مررت بالقرب من بابه، تبصق عليه.
23- الحب هو من علمك، أنت، كما علمني أنا أيضاً، بأن على المرء تقبيل أقدام آلهة أعدائه.
24- لست أنا من كتب هذه القصائد. لست أنا من يكتب هذه القصيدة الآن.
25- أرجوك سامحيني. كنت مشغولاً بامرأة أخرى.
26- طعنه بهلال حاد.
27- طلبي هو بندقية مصنعة خصيصاً لاصطياد الملائكة.
28- حلمت مائة حلم. اللعنة، ليس منها حلم واحد عن امرأة.
29- إن لم يكن هناك نجوم، تكفيني السماء السوداء لأشعر بالرهبة.
30- يهوذا.. إنه التلميذ الذي ليس على رأسه هالة، بل تحت قدميه.
31- أرسين كومجيان، الرقة، ص.ب:42، السيد طه طه ومنه ليد.. (لا أذكره)
32- لا تسألني أين ومتى خلقت، فهذا ليس سوى شيء قاله لي أحدهم. حياتي بدأت وأنا أقف خلف الشبك الخشبي للنافذة المطلة على ذلك الزقاق الضيق، المسمى حارة الصباغين. كان بيت جدتي، الذي بسبب عمل أبي في سلك الأمن العام وتنقله من مدينة سورية لأخرى، المكان الثابت الوحيد الذي أتيح لنا أن نعود إليه ونحيا به، مؤلف من ثلاث غرف وصالون، الغرفة التي ننزلها بدرجتين، كانت تحتوي المطبخ والحمام بآن، والثانية المخصصة لنوم أبي وأمي، وأخوتي الثلاثة، ماهر ومرام ومنى، أما الغرفة الثالثة، أكبر غرف الدار، فقد كانت تحتوي على طقم كنبات غرفة الضيوف، بقماشه الخمري المخملي، وسريرين حديديين سميكين، الأول لي ولجدتي، والثاني لخالي غاندي قبل زواجه، أو لخالي خالد أيام كان يأتي من دمشق وينام عندنا. وكان هذا الجمع بين الوظيفتين، ما زال، موفقاً جداً بنظري، لأنه عندما كانت تمرض جدتي وتقبع في سريرها لفترة، كان الضيوف يجدون في الكنبات الكبيرة المريحة ما يجلسون عليه طويلاً دون أي انزعاج، وأحياناً ينامون. وكما كان للبيت ثلاث غرف، كان له ثلاثة أسطح، الأول، سطح المطبخ- الحمام، الذي كنا نعتبره، لضيقه وانخفاضه، مجرد عتبة، نصعد إليه بواسطة السلم الخشبي المسنود على حائطه بشكل مائل، أنا وأخي ماهر وبعض أولاد الحارة، لنجد أنفسنا محاطين بأنواع من الورود والأزهار التي زرعتها جدتي في تنكات السمن الصغيرة والكبيرة، ومنه كنا نتسلق سلماً خشبياً أصغر لنصل إلى السطح الثاني، سطح الصالون وغرفة النوم. الذي يطل على الحديقة الكبيرة لقصر شريتح. الحديقة الأقرب للغابة من شدة كثافة أشجارها وأعشابها. هناك كنا ننفخ البالونات المتطاولة الشكل التي كنا نأخذها من غرفة نوم أبي وأمي. أما سطح الغرفة الكبيرة فقد كان أهراماً كبيراً من القرميد، يعود بالتأكيد لأيام فرنسا، لذا لم يفكر أحدنا، رغم بحثنا اليومي عن أي نوع من المغامرات، بتسلقه. فقد كان يوحي للجميع بأنه سوف ينهار دفعة واحدة ما أن تلمس قدم أحد منا أي جزء منه….. (في المشفى الايطالي غرفة 6).
33- مفيد حمامي: /445875/ (صديق تعرفت عليه خلال الدورة العسكرية في حمص)
34- البشر يحتاجون البشر ليحلموا بهم.
34- إذا سألتك رغيفاُ، أعطني حجراً/ إذا رجوتك سمكة، أعطني حيَّةً.
35- كانوا يحبونني لدرجة أنهم كانوا يجدون صوتي جميلاً.
36- تصمد طوال الشتاء، الورقة الوحيدة التي نبتت على أعلى غصن لشجرة الحور.
37- كانت عيناها واسعتين، لدرجة، أنهما كانتا تستغرقان وقتاُ مديداً في إغماضهما.
38- هالة: /441941/ (كتبت في البدء هالا محمد، ولكني رجحت بعد التفكير قليلاً أنها هالة فيصل، بسبب تذكري أن رقمها الذي أخذته من ميشيل كيلو، وكان يحتوي أربعات كثيرة)
39- علي الجندي: /667900/ (لا أدري لماذا أحتفظ برقم علي، ليس من عاداته أن يرد على الهاتف)
39- بندر: /417653/ (عبد الحميد طبعاً)
40- فواز حوا: /339766/ (لا أذكره)
41- خليل حداد: /218249/ (أظنه كان يعمل في المؤسسة العربية لتوزيع المنشورات والكتب)
42- عندما قبلها، أحس بالملاك الذي يقف على حافة شفتها العليا.
43- عندما قبلها، تعرف الشيطان الذي يحيا في فمه على الملاك الذي يحيا في فمها.
44- حادثة لم يصدقها أحد، ذلك أنهم لم يجدوا لها أي تفسير مقبول، لكنها حدثت، حدثت تحت سمعهم وبصرهم، وهي أن بعض الأشخاص الذين كانوا يزورون قبور موتاهم، فقدوا. رآهم البعض يدخلون المقبرة ولم يخرجوا، أو على نحو أدق لم يرهم أحد يخرجون. في البدء حدث هذا لأناس وحيدين كانوا قد اعتادوا زيارة موتاهم، كأرمل يزور زوجته، أو أم تزور ابنا لها مات باكراً. ثم لما لم يعد أحد يزور المقبرة وحيداً، راحت حوادث الاختفاء تحصل جماعية، صار يختفي اثنان معاً أو ثلاثة. حتى بات لا أحد يدخل المقبرة إلا مضطراً، عندما يدفن ميتاً له. وهنا بدأت الظاهرة تأخذ بعداً آخر استعصى على تفسير أشد أهل البلدة خيالاً وإيماناً بالخرافات والعجائب. فقد راح يختفي لا عدد من السائرين في الجنازة بل الجنازة كلها، ولا يبقى سوى الكفن وقد وضع أرضاً، خالياً من جثمان صاحبه.
إلى أين يذهبون، يأخذهم الموتى لعندهم، قبل أن يموتوا، فماذا ينفعونهم ميتين.
كان لا بد إذن من اتخاذ الاجراءات اللازمة، التي تزيد عن الحرص على التواجد معاً دائماً، ممسكين بأيدي بعضهم البعض، أو حاملين سلاحاً ما، بندقية، أو فاساً، أو سكيناً، أو أي شيء من هذا القبيل أثبتت الأحداث أنه لا جدوى منه. فكان أن اتفقوا على الكفِّ عن دفن الموتى، وأخذوا قراراً من مجلس البلدة بإحراق جثامينهم في أحد الأفران، رغم معارضة رجال الدين والمؤمنين من أهل البلدة، باعتبار هذا مخالفاً للنواميس والتقاليد، غير أنهم هذه المرة لم يستطيعوا فرض إرادتهم، ولم تصمد دعوتهم لمزيد من الإيمان والصوم والصلاة أمام الهلع الذي عمَّ الجميع. وخاصة بعد صار الناس يختفون وهم في مقرات أعمالهم، وربما وهم يسيرون في الشوارع أيضاً. حيث اختفى أولاً عدد من الحلاقين، تبعهم العاملون في النجارة، ثم الحدادة. وكذلك كل من يحط في البلدة لعمل أو لزيارة قريب. فذاع خبر ذلك في كل البلدات والمدن المحيطة بها أو القريبة منها، مما أدى لانقطاع زيارة أي إنسان غريب مهما كانت غاية زيارته. ولكن شائعات جديدة انتشرت في البلدة ذاتها بأن غرباء من نوع آخر، بثياب رسمية ولكن مهترئة، ووجوه بلا ملامح، ذات عيون فارغة، إلا أنها إذا أطالت النظر إلى شيء، تلمع، وتخرج منها أشعة زرقاء، يجوبون شوارع البلدة بدءاً من غروب الشمس وطوال الليل حتى أول أشعة الفجر. كما أن أحد أصحاب المطاعم الشعبية، روى أن ثلاثة رجال وامرأة، يتصفون بذات هذه الصفات، وقد غطى التراب رؤوسهم وأطرافهم، وقفوا أمام باب مطعمه، قرأوا لائحة الطعام، ثم دخلوا وجلسوا على الطاولة، وطلبوا شراباً، بينما أوصوا على ما يكفي لإطعام عشرين شخصاً، ثم أخذوا ما طلبوه بعد أن دفعوا ثمنه نقوداً قديمة جداً، قبلها، لأنه لا يريد أن يقوم بأي فعل قد يغضبهم ويوقعه في نزاع معهم. مؤكداً صدق روايته بإظهار هذه النقود لكل من يستمع له. وهكذا صارت رؤية هؤلاء الأشخاص المخيفين، الذين كانوا يتصرفون، رغم فظاعة مظهرهم، ببساطة وعفوية، وكأنهم يعرفون البلدة وسكانها، ولم يسببوا لها في الماضي، وليس في نيتهم أن يسببوا لها في المستقبل أية أذية، فقط يزورونها ليلاً، ويجوبون شوارعها، بخطواتهم المتثاقلة المكتومة الوقع، ويدخلون محلاتها لتبضع ما يحتاجونه. أقول صارت رؤيتهم، تتكرر على نحو باتت وباتوا واقعاً بالنسبة الجميع، فلكل منهم قصة يرويها عنهم. إلا أن الأمر ما كان ليستدعي اتخاذ المزيد من الاجراءات الرادعة بقسوة هذه المرة، لو بقي عند هذا المستوى من الخطورة، فقد رافق كل هذا ازدياد في وتيرة اختفاء الناس، وهم حتى في بيوتهم، بغاية تفريغها من قاطنيها، والانتقال إليها لا لسكنها والنوم ليلاً، فقد كان واضحاً أن الأغراب لا ينامون، بل فقط لقضاء حاجاتهم العضوية، أياً كانت، وجمع وتوضيب ما يتبضعونه من مأكولات وحاجيات متنوعة، لحملها ما أن يطلع الفجر، والمضي فرادى وجماعات مغادرين البلدة باتجاه المقبرة. مما أدى إلى أن يمتنع أغلب الناس من الخروج من بيوتهم، أو فتح الباب لأي كان، مهما بلغت الضرورة، وإغلاق جميع المحلات، حتى المطاعم والمقاهي وباعة المأكولات الشعبية، ما أن يبدأ النهار بالأفول، وهو الوقت الذي عادة ما يبدأ به عملها. الأمر الذي أدى بدوره إلى أن يقوم هؤلاء الغرباء بكسر أقفال وخلع أبواب محلات عديدة، وعلى الأخص دكاكين السمانة وباعة المشروبات الروحية، وأخذ ما يحتاجونه، لا أكثر، من مشروبات ومواد غذائية. وإن كان علبة سردين واحدة.
اتفقت آراء المجتمعين، من مسؤولي وأعيان البلدة، بعد أن تبين انعدام جدوى كل الاجراءات الوقائية والدفاعية التي سبق واتخذت، أنه لا بد من إيجاد طريقة مؤكدة للقضاء المبرم على هؤلاء الوحوش الآدمية، وذلك بتفجير المقبرة وتهديم قبورها وتماثيلها بكل من فيها من أعزاء وأحبة. هم أنفسهم على الأرجح صاروا هؤلاء الوحوش.. (المشفى الايطالي، الغرفة 9)
45- سؤالي هو: أتفضل تناول البشر، كمسحوق أم كعصير؟.
46- الصابونة نفسها وسخة.
47- في طريق العودة من دمشق الى اللاذقية، بعد عبورنا طرطوس، خيل لي أن شخصاً أعرفة يقف على حافة الطريق بانتظار واسطة نقل ما. ولكن ما إن توقفت ودعوته للركوب بسيارتنا، حتى تبين لي أني كنت مخطئاً، فالشاب ليس من خيل لي، كما أنه ليس من اللاذقية ولا من إحدى قراها، بل من بانياس، ومن عائلة مسيحية، أخبره خالي أنه يعرف اثنين أو ثلاثة من أفرادها. ما دفع الشاب اللطيف جداً للظن بأننا مسيحيون أيضاً، وتجنباً منا لإحراجه جاريناه في ظنه، حتى إنه استنتج: (طبعاً، ومن غير المسيحيين يقفون ويلتقطون إنساناً لا يعرفونه على الطريق ويوصلونه إلى بيته). وبحجة أن هناك من ينتظرنا في اللاذقية على أحر من الجمر، وإننا على عجلة شديدة من أمرنا، استطعنا بصعوبة التملص من عرضه الملحاح للصعود لبيته وشرب فنجان قهوة مع عائلته.
48- عارية كشجرة يابسة.
49- كانت الريح تهزّ نهديها بعنف.
50- تبقى صامدة طوال الشتاء، الورقة الوحيدة التي نبتت على رأس أعلى غصن لشجرة الحور.
دمشق ـ اللاذقية