دمشــق، حلــب وهــامش
عبد الكريم كاصد
1- شرفة دمشق
لدمشقَ البعيدةِ..
أرصدُ نجماً وأتبعُهُ
أين ألقاهُ ثانيةً
أينَ؟
أذكرُ حين دخلتُ دمشقَ البعيدة
كانت زنابقُ طافيةً في الهواء
ـ هواءِ الخريف ـ
وشمسٌ
تفضّضُ أوراقَها
والفتى يتطلّعُ
والشارعُ الرحبُ يُفضي .. إلى أين؟
والشرفاتُ المضيئةُ..
والليل
كاد الفتى أن يطير
وكادت دمشقُ تجيء إلى حضنهِ،
ثمّ جاءتْ
فصار الفتى ناحلاً
صار ظلاَ
وصار خريفُهُ أصفر
والشمسُ صفراء
والنجمُ
ـ ذاك الذي ظلّ يمشي الفتى خلفهُ ـ
غاب
ما عاد غير الطريق
الطريق
الطريق
2- ليل حلب
في هذي الليلةِ
ما عدتُ أرى أو أسمعُ شيئاً
فلماذا أسترقُ السمعَ؟
وأجتازُ متاريس الليل،
وأذكر بيتاً كنتُ هجرتُهُ
هل أدخلُهُ وأصافحُ أشباحَهُ؟
هل أبكي القلعة؟
أو أتبعُ أثراً؟
(للمتنبي أو سيفِ الدولةِ…)
أو ..
لا.. لن أطرقَ أبوابكِ أبداً
سأشيحُ بوجهي عنكِ
ولن أعذرَ أحدا
(ما أتعسني!)
ما أتعسَ هذي الليلةَ
حلبٌ وسط النيران تشبّ
بلا أبواب
3- على هامش القصيدتين
سؤال ساذج:
كيف ترضى الخرابَ لأهلكَ
آنّى يكونون
ـ معذرة ـ
أو تكونْ؟
[
إلى أبي العلاء:
أشامُك شؤمٌ
وعِرْقٌ عراقي؟
[
أيتها الحرب..!
كفّي عن الضجيج
يفرح الناس دونك حتى بخساراتهم
[
تسأل الغابة
وقد أفزعها الصمت:
أين وحوشي؟
[
بمَ يتغنى هؤلاء؟
الصراصــير تغـنّي الخرائبَ أيضاً
[
ما أغبى
انتصاراتِ المهزومين!
[
كثيرٌ من المخاوف
كثيرٌ من الآلام
والقليلُ القليلُ من الخجل
[
للأكاذيب متاريسُها أيضاً
[
لن تكون اللحيةُ
بوصلةً أبداً
[
كيف ترى يربحون وطناً طالما خسروه؟
[
روى لي صديقٌ مرّةً
كيف تحتــمي الكلاب في الغارات،
تحت الطـاولات، بأرجل السكارى
[
كم يحزنني هذا المشهد:
الأمّ تركض/ الجدّ يتعثّر/ الطفل يصرخ/ الكلاب تفزع
والمجانين.. ماذا يفعل المجانين في الحرب؟
[
آه.. سوريّا
الحداد
لا يليقُ بكِ أبداً
(شاعر عراقي)
السفير