دمشق: إعادة الإعمار لاستباحة الأملاك/ جهاد اليازجي
أعلنت محافظة دمشق أنها تخطط لتأسيس شركة قابضة لإعادة إعمار منطقتين مخالفتين في ضواحي دمشق. القرار الذي أُعلن الأسبوع الماضي يأتي بعد مرسوم رئاسي صدر في أيلول 2012 (المرسوم رقم 66 لعام 2012) ودعا إلى هدم هاتين المنطقتين، واستملاكهما وإعادة إعمارهما وفق معايير التخطيط العمراني النظامي.
تقع المنطقتان على الحافة الجنوبية للعاصمة السورية، ضمن منطقتي كفرسوسة وداريا. لم توضح السلطات السورية رسمياً لِمَ تم اختيار هاتين المنطقتين، لكن ما يميز هاتين المنطقتين هو أنهما كانتا مركزاً لاحتجاجات كبيرة ومنتظمة ضد النظام.
في الوقت نفسه، لم يشمل المرسوم مناطق عشوائية أخرى، مؤيدة للنظام، مثل عش الورور ومزة 86.
وقد شهدت المدن السورية في العقود الثلاثة الأخيرة نمواً كبيراً في مناطق البناء المخالف في ضواحيها، وهو ما خلق كل أنواع المشاكل الإقتصادية، الاجتماعية والصحية. ومن الواضح أن ثمة حاجة لمعالجة هذه المشاكل.
اختلالات
بالرغم من أنّ فكرةَ إعادة إعمار المناطق المخالفة وفقاً لمعايير التخطيطِ العمراني النظامي تبدو جديرةً بالثناء، إلا أن رؤية النظام تعاني من اختلالات عدة. فمثلاً، تؤدي العملية إلى طرد الناس الذين يعارضونها؛ وتزدري القطاعات الفقيرة عبر تقديم تدمير المناطق العشوائية بأنه محاولة للحد من “التشوه البصري” الذي تسببه هذه المناطق. كذلك تفتقر رؤية النظام إلى أي جهد لمعالجة المشكلة من جذورها عبر حل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها المناطق الريفية، والتي يهاجر منها معظم السكان إلى مناطق المخالفات في المدن.
ويشير مرسوم أيلول 2012 إلى الحاجة لتعويض سكان هذه المناطق، ولكن بالاستناد إلى التجارب السابقة مع تعويضات النظام، يدرك سكان العشوائيات أن المبالغ التي ستُدفع ستكون أقل بكثير من القيمة الحقيقية للممتلكات المنوي هدمها.
“سوليدير” سوري
وستكون الشركة القابضة مسؤولةً عن الإشراف على إعادة إعمار هذه المناطق عبر شركات فرعية سيتم إنشاؤها. وعلى الرغم من أن محافظة دمشق قالت إنها ستكون المالك الوحيد لكل أسهم الشركة القابضة، لكنها لم توضح ملكية الشركات الفرعية. ومن المرجح أن العديد من هذه الشركات الفرعية ستكون على شكل شراكات مع مستثمرين وشركات القطاع الخاص.
لذا إذا تم تنفيذ المشروع، ستُنزع ملكية الأراضي والمنازل لصالح شركات خاصة لم يتم الإعلان عن مالكي أسهمها. بشكلٍ ما، يشبه المشروعُ مشروعَ “سوليدير” اللبناني ويخدع العقلية والرؤية الاقتصادية لصانعي القرار السوري الذين كانوا، حتى قبل الثورة، مندفعين باتجاه تطوير قطاع العقارات وقطاعات ريعية أخرى على حساب القطاعات الإنتاجية.
ما يعني أن ما يتم تقديمه في مستهل إعادة إعمار سوريا سيكون فرصةً للنظام لكي يتمادى في تدمير قطاعات واسعة من المجتمع، ولكي يجني المزيد من الأرباح لشركائه. في المحصلة، لا شيء جديدا في عالم النظام السوري.
المدن