صفحات العالم

دمشق كروما فاشية فأينهم مقاتلو الظل؟


أفنان القاسم

لنظام موسوليني كأسد الفاشي المعارضة متعددة الألوان والأشكال، كان هناك الشيوعيون والاشتراكيون والليبراليون والمتدينون (الكاثوليك) والملكيون، اجتمعوا كلهم في لجنة التحرير الوطني كما هو اجتماع المعارضة السورية في المجلس الوطني مع اختلاف جذري ألا وهو أن المتدينين كانوا الأقلية وفي الحالة السورية الأغلبية، لهذا لم تكن إيطاليا بعد إسقاط موسوليني دينية كما ستكون سوريا، وأجدني، لتحفظي الكامل على حكم الإخوان المسلمين ومن لف لفهم من متسلقي الديمقراطية الذين على رأسهم الماوي السابق القطري الحالي برهان غليون، معتدل هذا الحكم أم غير معتدل أقول لتحفظي الكامل، أجدني ضد استبدال دكتاتورية بدكتاتورية، سيقول قائل أبشع من دكتاتورية الأسد لا يوجد في التاريخ، وأنا أوافقه الرأي كل الموافقة، لكنني لا أقبل بإحلال دكتاتورية جديدة محل دكتاتورية قديمة مهما ادعت من عدالة، فالدكتاتورية أبدًا ما كانت عادلة، ومن حيث الجوهر ليست هناك دكتاتورية عادلة، عمالية كانت أم دينية أم دعائية أم تعهرية أم فيسبوكية أم غيرها من دكتاتوريات عصر السقوط العولمي.

المجازر الأخيرة التي ارتكبها النظام في حق أمهاتنا وأطفالنا وشبابنا ليست مؤشرًا على انهيار النظام كما يقول البعض ولا على نقل الحرب من حرب بين النظام والمعارضة إلى حرب بين المعارضة والمعارضة، حرب بين الطوائف، هذه الحرب التي أنا أول من دعا إليها ضد النظام غداة تفجر الأحداث، في وقت كان الشعار “سلمية” هو المرفوع لقصر النظر التاريخي لمن رفعوه ولعدم امتلاكهم للحاسة السادسة التي هي لثوار التنوير لا لثوار التظليم، فوجدوا اليوم أنفسهم في موقع الدفاع بدل الهجوم، إذن ليس ما يرمي إليه النظام باقترافه أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية تحويل سوريا إلى لبنان قديم أو عراق جديد ولكن إلى الإبقاء على المقاومة السلبية تمامًا كما كانت الحال أيام حكم موسولوني الفاشي الذي صفى أكثر من 270000 إيطالي – ما تاخودش نَفَس يا بشار بِدّك تْلَحّئ – فالغالبية العظمى في سوريا وخاصة في العاصمة دمشق غالبية صامتة، والمقاومة بالصمت ليست مقاومة، الترويع يغذيها كما كان يفعل موسوليني، وهذا ما يرمي إليه فاشيّو دمشق، ولنلاحظ أن التظاهرات العملاقة الداعمة للنظام لم يعد لها وجود لأنها لم توقف التظاهرات النقيضة ولم تحل دون الخيار العسكري المعارضي أمام الخيار الأمني النظامي. وأعمال التخريب التي دعوت إليها في مقال سابق بضع أسابيع بعد تفجر الوضع ضد الفاشية والفاشيين أعمدة النظام وحتى ضد المترددين من الغالبية الصامتة، هذا التخريب الذي وصفته بالإرهاب الثوري على طريقة الجزائر في حربها ضد فرنسا، النظام هو من قام به، وسيقوم به، وبالطبع الهدف دومًا هو تحييد الغالبية الصامتة.

أينهم مقاتلو الظل في دمشق وسائر المدن السورية كما كانوا في روما وسائر المدن الإيطالية؟ على عاتق هؤلاء تلقى مسئولية “تنطيق” الأغلبية الصامتة، فلا تنتظر أن يجيء محرروها من الخارج كما جاء الإنجليز والفرنسيون وغيرهم لتحرير الأغلبية الصامتة في إيطاليا، وعلى عاتق هؤلاء تلقى مهمة سحب البساط من تحت أقدام الإسلاميين الملوثة بطين عصور القهر الوسطى والحيلولة دون إرساء دكتاتورية دينية هي أسوأ من الدكتاتورية البعثية إن لم تكن مثلها كما هو الحال في ليبيا وفي تونس وفي اليمن التعيس وفي المغرب الدامس وربما في مصر بعد أن يقوم الجيش بانقلاب دموي دون أن ينتظر عشر سنين بعد الثورة المصرية كما انتظر نابليون بعد الثورة الفرنسية.

باريس الأربعاء 2012.06.20

الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى