صفحات سورية

دمعةُ على سوريا ..!


موسى العمر

كنت أطلب من والدي رحمه الله أن يتوسط لي ان كان يعرف أحداً في الدولة او الأمن أن أكتب في صحيفة الثورة السورية الحكومية فكان ينهرني ويقول لا تكتب الا بعد الأربعين حين تحركك التجارب وتعصرك السنون والأيام! ووعدته بذلك .. لكنني اليوم يا ابتي وانت في ديار الحق تسمع وترى وتشاهد! ارجو السماح بأن أنكث عهدي بعد أن رأينا من الفظائع والمحن والدمار والدم السوري المهدور في كل شبر وفي كل بيت وفي كل اسرة وفي كل شارع وحي وزُقاق ما تشيب له رؤوس الولدان ليتجاوز سن الاربعين ولم يبلغ من العمر سنين عدداً ..!

أكتب هذه السطور في بلد غير بلدي وعيوني تفيض بالدمع وروحي بالآه حزناً على وطن ٍ يقتلونه في كل ساعة ستون مرة وفي كل مرة ستون شهيد او جريح او أسير أو طريد ! ففي سوريا خمسة وثلاثون ألف شهيد ومئة ألف جريح وعشرات آلاف المفقودين والمعتقلين وملايين المهجرين بين نيران العدو وجدران الصديق والشقيق!

دمعةُ على حمص القديمة بآثارها ومعالمها بعد ان دمروها وحرقوها وعلى حلب القديمة بأسواقها وعطرها ومآذنها التي اشتم منها كلُّ الحلبيين مؤخراً رائحة حضارتهم دخاناً يعلو في السماء ثم يختفي! وسيشتم الدمشقيون حريق مدينتهم القديمة ومسجدها الاموي الكبير لا محالة ان بقي الوضع هكذا في دائرة مفرغة لا غالب ولا مغلوب وقد ضعُف الطالبُ والمطلوب!

دمعة على آلاف الطلاب الجامعيين وطموحاتهم في سنوات تخرجهم في الطب والهندسة والمعلوماتية والفيزياء حملهم قهرُ النظام وظلمهُ وقتلهُ على حمل السلاح والانخراط في صفوف الكتائب المسلحة يتوجه الى حاجزٍ للأمن او الجيش وليس في مخزنه سوى ستة عشر طلقة!! يضربها دراكاً وعلى مهل ٍ وهو يعلم أنه على الأرجح لن يعود الا الى الجنة !

دمعةُ على عالَم قادرٍ على اسقاط الأسد في خمسة’وعشرين دقيقة ولا أبالغ لكنه يُحجمُ عن ذلك مع قوى اقليمية منافقة يريدون لسوريا أن تصل الى مرحلة من التدمير والمرض والوهن ما لم يسبق لدولة أخرى في المنطقة يساعدها في ذلك طاغية الشام عندها يتدخلون لتصبح سوريا دولة عاجزة ! فقيرة! مريضة! مخطوفة القرار والسيادة ! يبتزونها حينها بأي شيء ومن أجل أي شيء!

دمعةُ على فرحة السوريين المظلومين الابرار بتدمير دبابة او اسقاط طائرة او مروحية دفع السوريون من جيوبهم وقوت عيالهم ثمن كل رصاصة وكل قذيفة تقتلهم اليوم حتى وجدوه لم يعد يرقب في الله ولا في الشعب إلَّاً ولا ذمة وبدل ان يرسل للمنكوبين والمدنيين العُزَّل (كما يتبجح ويفتري بالدفاع عنهم) بطائراته أكياس الطحين والخبز والماء والدواء والغذاء كحال الأنظمة العالمية بما فيها الشمولية والقمعية حين الكوارث يرسل عليهم براميل الموت والتفجير والدم!

دمعة ٌ على رئيس معتوه أخذته’العزة بالإثم والدمار وأوامر الإجرام وهو يظن أنه يُحسن عملاً ويحفظ وطنا ً، لكنه وقع صريع الغرور والتجبر! وواهمٌ من يتوقع أن يتنحى يوما ما أو يستقيل في ساعة ضعف ! وهو يعلم أن تسع كلمات منه كفيلة بإيقاف الدم السوري المهدور في اليوم التالي ويقطع الطريق على المتربصين والمتآمرين أعداء سوريا التاريخيين لكنه لن يفعلها الى أن يبلغ مستقره!

بشار الأسد لا يستقيل، لا يتنحى، بل يموتُ ! من الصدر الى القبر ولا منزلة بينهما عند الطغاة !

‘ صحافي ومذيع سوري

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى