صفحات الناس

ديرالزور:شلل الأطفال يعود.. و”داعش” يخسر الملف الصحي/ محمد حسان

 

 

أصدرت “وحدة تنسيق الدعم”، الجمعة، بياناً صحافياً طارئاً، أكدت فيه أن التحاليل المخبرية للعينات المرسلة إلى مخابر وزارة الصحة التركية في أنقرة، وبتأكيد “منظمة الصحة العالمية”، أثبتت وجود “فيروس شلل الأطفال غير البري VDPV” في ديرالزور/الميادين، وفي منطقة تل أبيض، في “مؤشر خطير عن انتشار الوباء الذي لا ينتظر على بوابات الحدود ليعبر إلى مناطق الجوار”. وكان تنظيم “الدولة الإسلامية”، قد أطلق خلال الأيام الماضية حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في محافظة ديرالزور، بعد تشخيص الأطباء لعشرات الحالات المصابة بالمرض، في “أجراء وقائي” لمحاولة احتواء المرض ومنع انتشاره.

 

“وحدة تنسيق الدعم” التي تأسست في العام 2012، هي منظمة تابعة للإئتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهي “مؤسسة سورية وطنية غير حكومية، غير سياسية، غير ربحية، تعمل على مضاعفة الأثر للمساعدات المقدمة للشعب السوري عبر تنسيق الجهود بين المانحين والوكالات التنفيذية والشركاء المحليين”، بحسب تعريفها عن ذاتها.

 

وسجّلت عودة المرض منذ مطلع شباط/فبراير 2017، في قرى ريفي ديرالزور الشرقي والشمالي، خاصة في بلدة صبيخان والقرى المحيطة بها، التي شهدت توثيق 26 حالة اشتباه بالمرض مشخصة سريرياً، وحالة واحدة مشخصة مخبرياً.

 

واعتمد التنظيم في الحملة التي أطلقها، على لقاحات مخزنة منذ العام 2016 في مستودعات تابعه له، وهي شبه تالفة نتيجة ظروف تخزينها السيئة وعدم وجود معدات طبية خاصة لحفظها. الطبيب المشرف على حملات اللقاح في ديرالزور، عماد المصطفى، قال لـ”المدن”، إن اللقاحات التي يعتمدها تنظيم “الدولة الإسلامية” يمكن أن تتسبب بإضرار صحية على الأطفال بسبب التخزين السيئ لها، وحتى أن كانت صالحة للاستخدام فهي غير كافية للقيام بحملة تشمل جميع مناطق ديرالزور التي ينتشر بها المرض. وأضاف المصطفى، أن الوضع خطير في ديرالزور، بعد تشخيص حالات مصابة بالمرض مخبرياً، ما يهدد بوجود عدد كبير من الاطفال المعاقين في المحافظة إذا لم يتم التدخل والتنسيق بين منظمة “الصحة العالمية” والمسؤولين في “وحدة تنسيق الدعم”، للتواصل مع تنظيم “الدولة الإسلامية” والسماح بإجراء حملات تلقيح بالسرعة الممكنة لتفادي هذه الكارثة.

 

التشخيص المخبري لشلل الأطفال، جاء بعد نجاح عدد من الأطباء بنقل عينات دم من أطفال مشتبه بإصابتهم بالمرض من ديرالزور إلى مخابر مختصة في تركيا، بسبب عدم وجود امكانيات في مناطق “الدولة الإسلامية” لفحص العينات. وأظهرت نتائج فحص احدى العينات، وجود أصابة بشلل الأطفال لطفل من أهالي بلدة صبيخان.

 

تنظيم “الدولة الإسلامية” فشل خلال السنوات الماضية فشلاً ذريعاً في إدارة الملف الصحي في ديرالزور، متسبباً بكوارث صحية متعددة؛ من انتشار الأمراض والأوبئة إلى نقص الأدوية وانخفاض عدد الكوادر الطبية إلى أدنى مستوى شهدته المحافظة منذ العام 2011.

 

فشل التنظيم جاء رغم تخصيصه مكاتب طبية في كل “ولاية” تابعه له، تكون مشرفة على الشأن الصحي من جميع جوانبه؛ المشافي والمستوصفات والعيادات العامة والخاصة، وتعود لها مسؤولية كل ما يتعلق بالموضوع الصحي.

 

لكن تلك المكاتب كانت سبباً في تدهور الوضع الطبي في ديرالزور وغيرها من مناطق سيطرة التنظيم، بسبب تسليمها لأشخاص غير مختصين، بالإضافة إلى القوانين الجائرة غير المسؤولة التي اتخذها المشرفون على عمل المكاتب. أحمد، العامل في مستشفى “الخريطة” غربي ديرالزور، قال لـ”المدن”، إن الشخص الذي عيّنه التنظيم لإدارة المستشفى هو “أبو البتار” سوري الجنسية، الذي لم يحصل على شهادة “التعليم الأساسي” وليس لديه أي خبرة بالعمل، فالتعيين تم بمعيار الولاء للتنظيم، ولأسباب أمنية، وليس للاختصاص والخبرة أي دور.

 

وأضاف أحمد، أن الكثير من الأطباء المختصين الذين ما زالوا يتواجدون في مناطق سيطرة التنظيم، تم أبعادهم عن إدارة المشافي والمراكز الصحية، بسبب عدم مبايعتهم للتنظيم، لا بل إن البعض منهم مُنِعَ من العمل.

 

ومنعت مكاتب التنظيم الطبية عمل المنظمات الصحية في ديرالزور، ومنعت دخول الأدوية واللقاحات المقدمة من قبلها للمشافي والمراكز الصحية الميدانية. كما تسببت ممارسات تلك المكاتب وقوانينها المجحفة بهجرة 90 في المئة من الكوادر الطبية؛ أطباء وممرضين وصيادلة، التي فضّلت التوجه إلى مناطق النظام، و إلى دول الجوار، خاصة تركيا والأردن.

 

عجز “الدولة الإسلامية” عن تأمين الحاجات الأساسية للمدنيين في مناطق سيطرتها، كان أحد الأسباب الرئيسية لتبديد الحاضنة الشعبية من حولها، عدا عن ممارساتها الإجرامية التي لم يسلم منها أحد حتى المنتمين لها. فشل تنظيم “داعش” في إيجاد أماكن سيطرة مستقرة، تتوافر فيها الحاجات الأساسية للعنصر البشري الموجود فيها، يؤكد أن الحاضنة الشعبية التي يتغنى بها التنظيم كانت طارئة ووهمية، لا ترتكز على أسس متينة، وتكسرت بسهولة بعد عجز التنظيم المتكرر عن تلبية أي من المتطلبات الاساسية.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى