دير الزور: معركة الأجندات المتصارعة/ مقالات وتحليلات
على الصعيد الرسمي تعلن مجموعة أطراف أنها تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية» لطرده من محافظة دير الزور، وأما على الأرض فإن الأجندات تتصارع وتتناقض، بين النظام السوري وداعميه في موسكو وطهران، وبين القوى الكردية والعشائر وداعميهم في واشنطن. وفي غضون هذا التطاحن تواصل القوى المتصارعة ارتكاب المجازر الوحشية بحق المدنيين، وتتفاقم الكوارث الإنسانية في المدينة وبلداتها وقراها.
دير الزور: سوريالية الدم/ صبحي حديدي
في ريف دير الزور، تتكاثر المشاهد السوريالية، ولكن الدامية والمبتذلة في آن معاً، والتي تعكس الكثير من عناصر واقع الحال في سوريا المعاصرة كما باتت اليوم؛ بعد أن دشّن نظام بشار الأسد سيرورات التدمير العشوائي، والإبادة المنظمة، والتطهير الديمغرافي المناطقي، وارتكاب جرائم الحرب بأسلحة لا تستثني الغازات والكيمياء؛ قبيل تسليم مقدّرات سوريا إلى إيران وروسيا، وغزاة وميليشيات مذهبية وجهادية من كلّ حدب وصوب.
وهذا ريف صار شهيداً، بصفة يومية مفتوحة، منذ أواخر العام 2013، حين تمكن «الجيش السوري الحرّ» من دحر قوّات النظام في نصف أراضي المحافظة تقريباً؛ ثمّ وقع اقتتال داخلي في صفوف «المحررين» أنفسهم، أتاح لميليشيات «داعش» أن تسيطر على الأرض، وتصبح الخصم الوحيد في وجه النظام، فينقلب أبناء المحافظة المدنيون إلى ضحايا لا حول لهم ولا طول، بين فكّي كماشة دامية، على طرفَيْ المواجهة. وبدل أن تكون آبار النفط في المحافظة نعمة على أبنائها (وهذا لم يحدث قطّ، أصلاً، لأنّ سياسات النهب والفساد كانت، وظلت، سمة النظام)؛ فإنها انقلبت إلى نقمة، حين شكّلت واحداً من أهمّ منابع تغذية «داعش» مالياً؛ وها أنها، اليوم، تضاعف النقمة إلى البلوى، جرّاء تكالب القوى الخارجية على المنطقة، طمعاً في ثرواتها.
تعلن قوات النظام والميليشيات الحليفة أنها تقدمت نحو فكّ الحصار عن مطار دير الزور، المحاصر منذ ثلاث سنوات، وانسحاب «داعش»، التي كانت هي الطرف المحاصِر، فيُعزى «الانتصار» إلى ما تبقى من وحدات موالية، مثل «الحرس الجمهوري» و«قوّات النمر». كأنّ هذا التطوّر لم يكتمل إلا تحت قصف شديد، معظمه همجي ومسعور يستهدف المدنيين أولاً، تولت موسكو تنفيذه من الجوّ، ولكن من بارجاتها في مياه المتوسط أيضاً. أو كأنّه ليس تذكيراً جديداً بمبدأ سيرغي لافروف الشهير: لولا تدخل موسكو، لسقطت دمشق!
وأمّا البُعد السوريالي في المشهد، فهو لم يغب عن كلّ ذي بصر وبصيرة: النظام، ومعه روسيا وإيران و«حزب الله»، يعلنون أنهم في حالة حرب لا تُبقي ولا تذر ضدّ «داعش»؛ ولكنّ هذا التحالف ذاته هو الذي فاوض «داعش» على الخروج من عرسال اللبنانية، وضمن نقل مقاتلي التنظيم عبر مناطق سيطرة النظام، وفي قلب الصحراء المكشوفة أمام الطيران الحربي الروسي، إلى… دير الزور، ذاتها، التي فيها يقاتل التحالف «داعش»!
المشهد السوريالي الثاني تكفّل بصناعته أحمد حامد الخبيل (أبو خولة)، قائد ما يُسمى «مجلس دير الزور العسكري»، التابع لـ»قوات سوريا الديمقراطية»؛ حين أعلن أنّ مقاتليه لن يسمحوا لقوات النظام بعبور نهر الفرات. السوريالي هنا أنّ ميليشيات الخبيل سبق لها أن تعاونت مع جيش النظام، عبر اللواء 113، في معارك دير الزور أواخر العام 2013؛ كما قلبت المعاطف على الفور، فتعاونت مع «داعش» ذاتها، فأسند لها التنظيم إدارة حاجز في ظاهر المدينة، أتاح لها تنظيم عمليات التهريب والنهب!
تفصيل سوريالي آخر، ضمن هذا المشهد الثاني، تمثّل في أنّ «قسد» ذاتها، التي تتفاخر اليوم بأنها ستمنع النظام من عبور الفرات، تعاونت مع النظام في عشرات المواقع في شمال وشرق سوريا؛ بل حدث مراراً أنّ هذا التعاون ألزمها بمواجهات مسلحة مع قوى كردية رافضة لهذه العلاقة مع النظام، ومناهضة لسياسات التحالف كما اعتمدها «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب». طريف، أيضاً، أنّ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، راعية «قسد»، كان قد سمح لباصات حسن نصر الله بنقل مقاتلي «داعش»… أنفسهم، الذين تتبجح «عاصفة الجزيرة» بقتالهم!
في غضون هذه المشاهد، وسواها، يواصل الطيران الحربي ارتكاب المجازر الوحشية ضدّ مدنيي المحافظة، ويخلّف عشرات القتلى والجرحى؛ إذْ كيف لسوريالية محتلّيْ سوريا أن تكتمل، دون أن تتلطخ بالدماء!
قبل معركة دير الزور الكبرى ضد تنظيم «الدولة»: الانفجار المقبل قد يقع داخل صفوف المعسكر الواحد/ منهل باريش
تحولت منطقة دير الزور الواقعة شرقي سوريا إلى مركز اهتمام كبير دولياً وإقليمياً، بعدما تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وقوات النخبة العربية من إحكام الحصار على مدينة الرقة المجاورة، بدعم من التحالف الدولي وطيرانه الحربي بشكل مباشر. وتمكنت قوات النظام السوري، بعد تسعة أشهر على توقيع اتفاق أستانة الأول مطلع العام، من حشد كل القوات التي سحبتها من جبهات حماة وإدلب وحلب وريف حمص، وإعادة زجها في معركة البادية السورية ضد فصائل الجيش الحر و«تنظيم الدولة الإسلامية» على محورين مجاورين. وبعد هجوم واسع انطلق من ريف الطبقة (غربي محافظة دير الزور) وريف تدمر الشرقي (جنوبي المحافظة) تمكنت قوات النظام من كسر الحصار عن مدينة دير الزور، المحاصرة منذ أكثر من ثلاث سنوات على يد فصائل الجيش الحر أولاً، ثم تنظيم «الدولة».
فرضية التفاهم الروسي ـ الأمريكي
وعلى الصعيد العسكري لا يزال وضع دير الزور يميل حالياً إلى فرضية التفاهم الروسي الأمريكي حول توزيع مناطق النفوذ والسيطرة غير المعلنة بشكل رسمي، ما يبقي شرق نهر الفرات تحت النفوذ الأمريكي، وغربه تحت النفوذ الروسي. فلا النظام ولا حلفاؤه تجاوزوا ضفة النهر اليمنى إلى الجهة المقابلة، على رغم بعض الشائعات التي كانت سرت حول عبور قوات النظام إلى الضفة الأخرى، وهو ما تحققت «القدس العربي» من عدم صحته.
وميدانياً، بعد كسر الحصار عن مدينة دير الزور، استطاعت قوات النظام والميليشيات الرديفة من الوصول إلى حامية المطار العسكري بعد يومين من إعلانها معركة «وثبة الأسد» التي أشرف عليها مباشرة قائد الفرقة 17 في جيش النظام، اللواء حسن محمد. وتقدمت القوات المهاجمة على محوري هجوم، الأول من أطراف حي الصناعة ومنطقة الجرية، وهو المحور القريب للمطار، ومحور واسع جبتهي من منطقة البانوراما والمحاذي لجبل ثردة التي فشل النظام بإحراز أي تقدم نحوها. واكتفت مدفعيته وراجمات صواريخه بتركيز التغطية النارية عليه، ليتمكن مقاتلوه من كسر الحصار عن المطار، وفتح طريق ضيق في البداية، وإزالة حقول الألغام، ودخول القوة البرية والآليات إليه. ويعتبر جبل ثردة أهم المواقع الملاصقة للمدينة، إذ يشرف من الجهة الشرقية الشمالية على المطار ويحكمه ناريا، ويطل على المدينة من الجهة المقابلة غربا.
وتكبدت قوات النظام عشرات القتلى خلال محاولتها التقدم في الجفرة وهرابش شرقي المدينة، وتوقفت عن أي هجوم، في محاولة لاستعادة أنفاسها بعد نحو أسبوعين من المعارك المستمرة في عمق البادية السورية.
«قسد» وكتائب البكارة
وعلى الجبهة الشمالية لدير الزور، أو ما يعرف محليا بمنطقة الجزيرة، وهي المناطق الواقعة شرق نهر الفرات، أحزر مجلس دير الزور العسكري، التابع لـ«قسد»، تقدما كبيرا باتجاه دير الزور انطلاقا من الحدود الإدارية لمحافظة الحسكة. ووصلت كتائب البكارة التي يقودها ياسر الفياض (الدحلة) إلى مشارف مدينة دير الزور من الجهة الشمالية في منطقة الصالحية، بوابة مدينة دير الزور الشمالية من جهة الجسر المعلق. وسيطر مقاتلو المجلس العسكري على منطقة الجحيف الاستراتيجية المرتفعة، وأقاموا عدة نقاط متقدمة تشرف على الطريق الغربي. وتقطع منطقة الجحيف طرق إمداد تنظيم «الدولة» باتجاه جبهة مركدة ورويشد شرقاً، فيما يستميت التنظيم من أجل استعادة الطريق الذي يفصل بين أماكن سيطرته على ضفاف نهر الخابور، في مركدة والصور ومنطقة الكسرة والتبني ومعدان غرب دير الزور.
وفي حديث مع «القدس العربي»، قال قائد في مجلس دير الزور العسكري التابع لقسد، طالباً عدم ذكر اسمه، إن «كتائب البكارة المنضوية في المجلس العسكري سيطرت بشكل كامل على اللواء 113 وكتيبة النيران وجسر أبو خشب، وتقدموا إلى مشارف قرية الصالحية وسوق الغنم من الجهة الشمالية لدير الزور». وأكد المصدر وجود «مقاومة عنيفة، خاصة من مطحنة حبوب دير الزور في الجهة الشمالية التي تبعد عن اللواء 113 مسافة قريبة جدا، حيث قام داعش برصده بقناصات».
وشن تنظيم «الدولة» هجوما بالمفخخات على اللواء 113، تمكن طيران التحالف الدولي من تفجيرها قبل وصولها إلى مقاتلي المجلس، واستهدف الطيران منطقة المعامل ومطحنة دير الزور التي تعتبر أحد أهم مقرات التنظيم في محيط المدينة.
ومن الملاحظ اعتماد التحالف الدولي على أبناء المنطقة من قبيلة البكارة شمال دير الزور حيث تجري المعارك، فيما يتقدم قائد المجلس العسكري، أحمد حامد الخبيل أبو خولة، في قطاع رويشد المحاذي لطريق الخرافي (طريق الحسكة ــ دير الزور الجديد).
«معركة بادية»
وفي اتصال مع «القدس العربي» قلل الناطق باسم قوات النخبة، الدكتور محمد شاكر، مما حصل في ريف المحافظة، واعتبر أن «المعركة التي تجري ليست معركة دير الزور». وقال موضحاً إن «عملية النظام هي معركة فك حصار فقط لا غير، وتقدم النظام من السخنة إلى دير الزور هي معركة بادية، وينسحب الأمر على تقدم مجلس دير الزور على طريق الخرافي الواصل بين الحسكة ودير الزور».
وأضاف شاكر: «لا يمكن أن تبدأ معركة دير الزور دون مشاركة قوات النخبة العربية، بسبب البنية العربية القبلية للمنطقة، وهو ما لا يمكن حدوثه كما فعلت وحدات حماية الشعب في الرقة عندما منعت قوات النخبة من إكمال المشاركة بعد أن وصلت إلى باب بغداد في قلب مدينة الرقة».
وتشير المعارك في دير الزور حتى الآن إلى أن التنظيم، الذي انسحب من ريف حمص الشرقي والبادية، يريد أن يجر جميع «أعدائه» إلى الحرب في مناطق وادي الفرات المكتظة بشريا وعمرانيا، لكونه يستطيع أن يحتمي داخلها، بعكس البادية حيث انكشف مقاتلوه أمام الطيران الروسي لعشرات الكيلومترات.
النفط
ويعتبر النفط والغاز المحركان الرئيسان للسباق بين أمريكا وروسيا على المنطقة الشرقية من سوريا. فإن كانت المياه أول من رسم مناطق السيطرة وحددها شمال سوريا عبر منطقة نفوذ تركية وأخرى أمريكية في منطقة درع الفرات وشرقها، فإن النفط اليوم هو الهدف الأساسي في الحرب على تنظيم «الدولة». فهو يعتبر أحد أهم موارد التنظيم، حيث تقدر عائداته الشهرية منه بنحو 45 مليون دولار من سوريا وحدها، وذلك قبل خسارته حقول الثورة والصفيان والصفيح في ريف الرقة الجنوبي، وحيان وجحار وشاعر في ريف حمص الشرقي.
والحال أن التنظيم لا يزال يحتفظ بأهم الحقول السورية على الإطلاق، والأكبر من حيث الطاقة الإنتاجية، وهو حقل العمر الواقع في منطقة الميادين، بالإضافة إلى حقول التنك والورد والتيم، وهي أيضاً من الحقول الرئيسة التي من المتوقع أن يقاتل التنظيم بشراسة دفاعاً عنها، خصوصا وأنها واقعة في وادي الفرات، ومفتوحة على مناطق سيطرته في العراق.
ويمكن للصراع الدولي في شرق سوريا أن يجد طريقه إلى الحل بالطرق السياسية بين روسيا وأمريكا. فواشنطن لن تسلم حقول النفط لحكومة النظام بطبيعة الحال، لأنه سيعني اعترافاً جلياً وصريحاً من قبلها بعملية تأهيل النظام وإعادة إنتاجه. لذا، فمن من المرجح جداً أن تربطه ربطاً وثيقاً بعملية الانتقال السياسي، وتجعله بنداً تفاوضياً مع روسيا، مما يحقق أيضاً رغبتها بمنع وصل النفوذ الإيراني بين العراق وسوريا.
مستودعات «التنظيم»
ويبدو أن التنظيم لا يزال متمسكا بالمقاومة غرب دير الزور في معدان والكسرة والتبني، رغم أنه بات شبه محاصر تقريبا هناك، وسيكتمل حصاره في حال تقدم مقاتلو المجلس العسكري وسيطروا على الصالحية شمال دير الزور. وبذلك سيتم عزله عن شرق المدينة وتقطع عنه طرق الإمداد بحيث لن تكفيه مستودعاته الكائنة غرب المدينة، والتي تعتبر مستودعات استراتيجية خصوصا في التبني ومستودعات عياش وكتيبة الصاعقة، في وقت لا يبدو واضحاً بعد ما إذا أخلى التنظيم مستودعاته سابقاً أم ما زالت لديه مستودعات احتياط استراتيجي.
صعوبة المعركة في وادي الفرات، والممتد من الأحياء الشرقية في دير الزور وصولا إلى البوكمال على طول يصل إلى 150 كم، لن تسفر عن إعلان سريع بتدشين معركة دير الزور الكبرى هناك، بل من المتوقع أن تلجأ الأطراف الدولية المتصارعة وحلفاؤها من السوريين إلى السيطرة على المنطقة الغربية بين دير الزور والرقة أولاً، مع كثير من ضبط النفس وعدم الاحتكاك بين الأعداء الذين يفصل بينهم نهر الفرات. لكن ما يحتاج إلى جهد كبير من الراعين الدوليين (روسيا وأمريكا) هو المنطقة القبلية المعقدة الممتدة في وادي الفرات والخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، حيث سيترتب على كل من موسكو وواشنطن حث الشركاء المحليين على الانضباط، وهو ما قد ينجح الآن نجاحاً مؤقتاً لكنه سيعود إلى الانفجار بكل تأكيد بعد طرد التنظيم من كامل محافظة دير الزور.
وفي حال جرت الأمور على هذا الشكل، فإن الانفجار المقبل سيكون ضمن المعسكر الواحد بين الحلفاء من عرب وأكراد وأبناء القبائل نفسها التي يحسب بعضها على التنظيم، وبين آخرين مثل قبيلة الشعيطات الذين تعرضوا لحملة تطهير في أكبر مجزرة في تاريخ الحرب السورية اتهمت بها عشيرة أخرى في صفّ أبناء العمومة من قبيلة العقيدات.
قائد «الوحدات»: دمشق أعلنت الحرب علينا… ولن نسمح بعبور الفرات/ إبراهيم حميدي
سبان حمو: كيف يقصفون قواتنا وهي تقاتل «داعش»؟
قال قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حمو لـ«الشرق الأوسط» إن قصف طائرات روسية أو سورية مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات بمثابة «إعلان حرب» من دمشق، مستغربا استهداف قواته وهي تقاتل تنظيم داعش وتحقق انتصارات عليه.
وجاءت الغارات، التي نفت موسكو شنها، قبل أن يجف حبر اتفاق «خفض التصعيد» في إدلب الذي نص على نشر مراقبين روس وأتراك وإيرانيين في أول خطوة من نوعها سمحت بوجود عسكري تركي بموافقة دمشق ضمنته موسكو. ويُعتقد أن الغارات على مواقع «قسد» شرق دير الزور بمثابة إشارة سياسية من موسكو إلى أنقرة ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكل العمود الفقري لـ«قسد» وتعدها تركيا «تنظيماً إرهابياً».
أيضاً، الغارات ضغط روسي على حلفاء واشنطن شرق نهر الفرات لرسم خطوط وتفاهمات جديدة: السماح لقوات النظام السوري و«حزب الله» بالعبور إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات للالتفاف على مدينة البوكمال والهجوم عليها من طرفيها؛ الشمال الشرقي والجنوب الشرقي.
وقال حمو في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، إن الغارة حصلت على موقع لـ«قسد» و«مجلس دير الزور العسكري» قرب معمل النسيج شمال شرقي دير الزور… و«نريد توضيحاً من الجهات التي قامت بالقصف. لماذا؟ نحن نقوم بقتال تنظيم (داعش) الذي هو خطر على العالم، ودحرنا التنظيم في مناطق كثيرة، وحققنا انتصارات ضده؛ حيث إن (داعش) على وشك الانتهاء. لماذا يقصفون قواتنا؟ هل هم منزعجون من القضاء على (داعش)».
وأشار حمو إلى أنه اقترح على الروس والأميركيين توفير الدعم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في حربها ضد «داعش»، لافتا إلى أن الاقتراح تجدد قبل أيام على الجانب الروسي. وقال: «روسيا تقول إنها تريد محاربة الإرهاب، إذن كيف تحارب طرفاً فاعلاً ضد الإرهابيين».
وكانت قوات النظام و«حزب الله» وميليشيات تدعمها إيران توغلت بغطاء ودعم بري من روسيا باتجاه دير الزور مما عجل دعم واشنطن لـ«قوات سوريا الديمقراطية» للتقدم من الشدادي في ريف الحسكة باتجاه دير الزور لطرد «داعش» والسيطرة على الضفة الشرقية للفرات. وبدا أن هناك تفاهماً بين واشنطن وموسكو: شرق نهر الفرات لـ«قسد» وحلفائها. غرب النهر لقوات النظام وحلفائها.
«لفحة الشمس»
لكن روسيا استمرت بتوفير الدعم العسكري وأرسلت تعزيزات ومعدات عسكرية لتسهيل عبور حلفائها النهر، بما في ذلك تقديم آليات عسكرية ثقيلة؛ منها راجمات «غراد» و«سولنتسيبيوك»، (لفحة الشمس)، إلى قوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ«النمر» لإقامة نقطة ارتكاز شرق النهر. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا إن قوات النظام «عبرت بالفعل النهر».
وقال مسؤول غربي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الأميركيين ليست لديهم مشكلة في عبور قوات النظام وحلفائها النهر والالتفاف للوصول إلى مدينة البوكمال على حدود العراق، بحيث يحصل الهجوم من قوات «النمر» من شرق النهر من جهة؛ وقوات أخرى قد تكون ضمنها ميليشيات إيرانية من جهة أخرى. وأعلن أمس تحالف من ميليشيات تدعمها إيران أن هجوماً بدأ في الطرف الجنوبي لمحافظة دير الزور. وأضاف أن الهجوم سيستهدف «داعش» حتى بلدة البوكمال حيث يلتقي نهر الفرات بالحدود العراقية.
لكن حمو قال: «لا نريد للعبور أن يحصل، ولا نرغب أن يحصل» في إشارة إلى احتمال حصول مواجهة بين قوات النظام و«قسد». وأكد قائد «الوحدات» أن قواته «ستحرر مناطق شرق الفرات وريف دير الزور من مرتزقة (داعش) مهما كان ثمن ذلك. وهذا واجب يقع على عاتقهم، وليعلم العالم أجمع ذلك. أخبرنا جميع القوى العالمية والتحالف الدولي والقيادة الروسية بأننا سنحرر هذه المناطق».
وسبقت الغارات على «قوات سوريا الديمقراطية» تصريحات لمستشارة رئيس النظام السوري بثينة شعبان، لقناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، بأن قوات النظام ستقاتل «قسد». وقالت: «سواء كانت (قوات سوريا الديمقراطية) أو (داعش) أو أي قوة أجنبية غير شرعية موجودة في البلد تدعم هؤلاء، فنحن سنناضل ونعمل ضد هؤلاء إلى أن تتحرر أرضنا كاملة من أي معتد». وزادت: «(قوات سوريا الديمقراطية) ومحاولاتها لأن تسيطر على أراض في الأيام الأخيرة، لاحظنا أنها حلت محل (داعش) في كثير من الأماكن من دون أي قتال» في اتهام لهم على ما يبدو بالتواطؤ مع المتشددين.
تواطؤ مع «داعش»
وقال قائد «وحدات الحماية» أمس: «التواطؤ مع (داعش) معروف. قوات النظام تواطأت مع (داعش) في عقريبات في ريف حماة. كما أن أحد بنود صفقة دواعش القلمون التي سمحت بخروج عناصر التنظيم من القلمون إلى دير الزور، هو ألا يقاتل (داعش) قوات النظام في دير الزور». وأضاف: «نحن نحارب (داعش)، وهم يقصفوننا. هل هم منزعجون لأننا نهزم التنظيم؟».
وأشار حمو إلى أن قواته أبلغت الأميركيين تفاصيل القصف على «قسد» شمال شرقي دير الزور، لافتاً إلى أن الروس أبلغوا الأميركيين أن القصف «حصل خطأ، وأنهم سيردون إذا تكرر القصف». وأضاف أن مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» و«مجلس دير الزور العسكري» واصلوا العمليات فجر أمس باتجاه نهر الفرات بالتزامن مع معركة طرد التنظيم من الرقة؛ معقله شرق سوريا.
إدلب
اللافت أن التصعيد العسكري والإعلامي من موسكو ودمشق ضد الأكراد جاء بعد إنجاز اتفاق «خفض التصعيد» في إدلب الذي سمح لأول مرة بوجود عسكري تركي وإيراني بقبول علني من دمشق «ضمنته» موسكو. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن اتفاق آستانة نص على استثناء منطقة شرق الطريق المعروف بـ«إم5» حيث ينتشر مئات من عناصر «جبهة النصرة» مما يعني استمرار العمليات العسكرية ضدهم مقابل ضم إدلب ومناطق غرب «إم5» لاتفاق «خفض التصعيد».
وقال مسؤول غربي إن الاتفاق نص على نشر 500 عنصر حداً أقصى من المراقبين الأتراك في إدلب، مقابل نشر 500 من كل من روسيا وإيران لـ«الفصل» بين المراقبين الأتراك وقوات النظام في إدلب، على أن يدعم الجيش التركي فصائل معارضة لقتال «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» (النصرة سابقا)، بعد عزلها وتوفير غطاء جوي روسي وربما تركي.
ولا تزال «عناصر فنية» في حاجة إلى اتفاق بين «الضامنين الثلاثة» خلال اجتماعات مقبلة، بما ذلك مناطق انتشار المراقبين العسكريين على الأرض بعد الاتفاق على خريطة «خفض التصعيد».
ومن غير المستبعد أن يكون التصعيد ضد «قوات سوريا الديمقراطية» مرتبطاً برغبة موسكو في إرسال «إشارة ودية» إلى أنقرة بنيتها ضبط طموحات أكراد سوريا خصوصاً بعد إقرار شراء صواريخ «إس 400» الروسية، وغضب تركيا من الدعم الأميركي لـ«قسد»؛ إذ إن الجيش الروسي أسس مركز مراقبة في عفرين شمال حلب بين «الجيش السوري الحر» و«قوات سوريا الديمقراطية» وسمح لتركيا بدعم «درع الفرات» لمنع ربط إقليمي الإدارات المحلية شرق الفرات (الحسكة والقامشلي) بإقليم كوباني (عين العرب) غرب النهر. ونشر الجيش التركي تعزيزات مقابل مدينة عفرين.
الشرق الأوسط
أميركا في شرق الفرات/ شورش درويش
تثير السياسة الأميركية فضول المراقبين لجهة محاولة تفسير أدوارها الفعليّة داخل سورية، تحديداً شرق الفرات، ذلك أنه بالكاد يمكن رؤية رأس جبل الجليد في ما خصّ سياسة الولايات المتحدة واستراتيجيتها الحالية، والمتمثّلة بدورها الطليعي في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اتكاءً على حليفتها قوات سورية الديمقراطية (قسد)، ليبقى السؤال العالق: هل هناك إشارات على رغبة أميركا البقاء في المنطقة شرق الفرات والمتاخمة للحدود السورية – التركية، والسورية – العراقية في المرحلة التالية للإجهاز على تنظيم داعش؟ أي هل يمكن الحديث عن النقلة الثانية للاستراتيجية الأميركية، وما هي الأكلاف التي تنطوي عليها مسألة بقاء أميركا، وتلك المتعلقة بانسحابها؟
يغلب على الظن أن الولايات المتحدة نجحت في تحقيق الجزء الرئيسي من استراتيجيتها العلنيّة المتمثّلة بدحر “داعش” بأقل الخسائر البشرية في صفوف عديد قواتها، والتي تكاد تلامس الصفر قتيلاً أميركياً، وبكلفةٍ ماليةٍ زهيدة قياساً بخسائرها الباهظة في العراق وأفغانستان. إلى ذلك، نجحت في امتصاص الغضب التركي على تحالف الولايات المتحدة مع غريمها الكردي (وحدات حماية الشعب)، عبر إشراك مقاتلين عرب محليين في عديد القوات التي تأسست عليها (قسد)، وكان للأميركان دورٌ بالغ الأهمية في تغيير بنيتها التنظيمية من وحدات حماية الشعب، ذات الطابع الكردي، لتصبح أشبه بقوات وطنية متعدّدة العناصر والقوميات.
تخشى قوات سورية الديمقراطية، ضمناً، القيادات العسكرية الكردية، انفضاض الدور الأميركي في المنطقة، وجلاء قواتها ومستشاريها وغرف عملياتها ونقل مرابض طيرانها بُعيد هزيمة
“نقطة ضعف الموقف الأميركي شرق الفرات متصلةٌ بعدم توفر دور للمعارضة المسلحة التي سبق أن اجتثتها “داعش” شرق الفرات” “داعش”، فالخشية تنطوي على مخاوف واقعية تتمثّل بإمكانية صدامٍ عسكري في اتجاهين: صدام عسكري بين “قسد” وقوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها، وهذا مكلف لـ “قسد” نتيجة اضطلاع الروس بالدور الرئيسي القائم على تمكين النظام من بسط سيطرته على كل سورية، وبالتالي لا طاقة للقوات المذكورة من مجابهة الروس بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، بينما يُخشى من صدام ثانٍ متوقّع قد يحصل مع تركيا التي سبق أن لوّحت بإمكانية شنّ هجمات عبر سلاحي الطيران والمدفعية على مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب. وفي حال تم الرد على مصادر النيران التركية، وفي غياب الأميركان، قد يؤدي الأمر إلى اندلاع مواجهاتٍ لا تحمد عقباها، تكون فيها الغلبة للجانب التركي، ما يجعل تمسّك “قسد” بتلابيب تحالفها والولايات المتحدة أمراً مفهوماً، وواقعياً.
في حين، وفي المقابل، يكاد يُفهم من الخطوط العريضة لسياستها في سورية أن الولايات المتحدة تبحث عن توسيع حزام تحالفاتها، والاحتفاظ في الوقت نفسه بما يضمن لها ولحلفائها المحليين مقاعد متقدّمة في جولات المفاوضات بين النظام وخصومه، وبالتالي قد تسعى أميركا إلى أن لا تمنح معظم مقاعد التفاوض للروس والإيرانيين، وفرض شروطهما التي قد تودي بسورية كلياً في أحضان إحدى هاتين القوتين النافذتين أو إحداهما، وفي هذا ضرر بالغ على الوجود الأميركي في المنطقة برمتها.
بيد أن نقطة ضعف الموقف الأميركي شرق الفرات متصلةٌ بعدم توفر دور للمعارضة المسلحة التي سبق أن اجتثتها “داعش” شرق الفرات، وإن كانت المعارضة قد أبدت استعدادها المشاركة في معركة الرقة، من دون جدية، لتبرز أصوات تعلن عن رغبة المعارضة الاشتراك في حملة تحرير دير الزور عبر قوات موازية لـ “قسد”، غير أنه، وفي معزل عن جدية هذه الأصوات، يمكن القول إنها تأخرت في طرح هذا الاقتراح، جرّاء تسارع التسابق بين الروس
“لم تحدّد أميركا أمد بقاء قواتها شرق الفرات، ما يجعل مسألتي بقائها أو رحيلها مفتوحتين” والأميركان لأجل السيطرة على المحافظة شاسعة المساحة، علاوةً على عدم امتلاك أميركا ترف تضييع الوقت أمام تقدّم النظام والروس على الأرض. وعليه، قد تتمكّن أميركا من تلافي نقطة الضعف هذه، عبر إشراك المعارضة في إدارة المناطق العربية شرق الفرات، ما يقلّل من مخاوف تركيا، ويخفّض من مخاوف المعارضة التي تخشى التهميش.
نظرياً، قد تبقى الولايات المتحدة في المنطقة الواقعة شرق الفرات، فالغاية من البقاء قد تتحوّل من ملاحقة “داعش” إلى غاية استراتيجية متمثلة بضمان حفظ الحدود الشرقية لسورية من التمدّد المذهبي الذي تسعى إليه إيران، الطامحة إلى التوغّل داخل العمق السوري، كما قد يكون لبقاء الأميركان دورٌ في منع إعادة إنتاج الجماعات الإسلامية الراديكالية نفسها مجدداً في منطقةٍ بات نسيجها الاجتماعي هشّاً وقابلاً لعمليات إعادة التدوير، يضاف إلى ذلك الخشية من اندلاع مواجهاتٍ بين الإثنيات أو بين المسلحين الذين رعتهم أميركا نفسها، ما يعني أن غيابها عن المشهد سيسهّل على النظام والروس وإيران قضم هذه المناطق بسهولة.
قصارى القول، لم تحدّد أميركا أمد بقاء قواتها شرق الفرات، ما يجعل مسألتي بقائها أو رحيلها مفتوحتين على الاحتمالات المتراوحة بين البقاء والاستثمار استراتيجياً وامتصاص المنغّصات التي قد تظهر لاحقاً كضريبة للوجود في منطقة مليئة بالتناقضات، وبين الرحيل وترك المشكلات التي قد تنجم عن الفراغ الذي قد يملأه خصومها على كثرتهم، وإذا كان لا بد من تدبّر وتفكير مليّ في ما سيحصل في الحالتين، تبقى مسألة بقاء الأميركان شرق الفرات في المدة التي تلي الإجهاز على “داعش” أقرب إلى المنطق والتصديق.
العربي الجديد
المعركة على دير الزور: السباق الأمريكي – الروسي على الثروات وتشكيل مستقبل سوريا/ إبراهيم درويش
وسط التطورات المتسارعة على الساحة السورية خرجت سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هيلي بتصريحات طالبت فيها برحيل الرئيس السوري وقالت فيها: «إننا لن نرضى حتى يذهب الأسد». وتزامنت تصريحاتها مع التقدم الذي حققته روسيا وتركيا وإيران في «أستانة» التي تفرض على ما يبدو الآن حقائق المعادلة السورية على الأرض وليس جنيف أو حتى مقر الأمم المتحدة. ففي أستانة تتفق الدول الراعية الآن للأزمة السورية – بدون الولايات المتحدة- على ترتيبات المرحلة المقبلة وفرض مناطق تجميد صراع كان آخرها الإتفاق بتجميد النزاع في منطقة إدلب الخاضعة لمجموعة من فصائل مقاتلة أهمها هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقا. ولا بد من الإشارة أن الصحوة الأمريكية المطالبة برحيل الأسد تأتي متأخرة نوعا ما في ظل تسليم الأمريكيين الملف لروسيا وتأكيدهم في المعركة الحالية على أولوية قتال تنظيم «الدولة» الإسلامية وليس رحيل الأسد. وحتى الدول التي طالبت برحيله توقفت عن طرح الموضوع فيما استسلمت بعض الدول التي دعمت المعارضة للواقع الذي فرضه النزاع على الساحة السورية. فتركيا مثلا اعترفت بخسارة الحرب والسعودية أخبرت المعارضة السورية أنها تتوافق مع المواقف والأهداف الروسية في سوريا والأردن لمح لعلاقات ثنائية مع نظام الأسد ولم يعد يسمح للمعارضة السورية بالقتال إلا في معارك مع تنظيم «الدولة» (الغارديان – 31/8/2017). وعليه تبدو تصريحات المبعوثة الأمريكية مثيرة للدهشة وسط التقدم الذي حققه الجيش التابع للنظام في بداية الشام وفكه الحصار قبل عشرة أيام عن مدينة دير الزور التي ظلت فيها قواته محاصرة فيها لمدة ثلاثة أعوام من مقاتلي تنظيم «الدولة». وخسر الجهاديون معاقلهم القوية في العراق، والموصل وتلعفر ولم يبق تحت سيطرتهم سوى جيوب صغيرة فيما استطاعت «قوات سوريا الديمقراطية» السيطرة على مناطق واسعة من مدينة الرقة حيث فر عدد من قادة التنظيم وجنوده إلى الشرق – دير الزور والبوكمال والميادين لكي يستعدوا لما يطلق عليها المراقبون المعركة الأخيرة. ومن هنا ففي هذه المعركة وما سيحدث بعد طرد وهزيمة تنظيم «الدولة» يقع مستقبل سوريا حيث بدأت القوى التي قاتلت التنظيم بموضعة نفسها للنزاع المقبل. وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت إن النظام سيطر على نسبة 85٪ من الأراضي السورية أو على الأقل تلك التي تم طرد تنظيم «الدولة» منها.
مواجهة الإرادات
إلا أن دير الزور تظل المنطقة التي ستتلاقى فيها القوى المتنافسة على مستقبل سوريا، حيث بدأت القوات السورية المدعومة من إيران وروسيا بالتقدم نحو الحدود العراقية وعبر نهر الفرات الذي كانت ضفته نقطة تجميد للنزاع. فيما هددت قوات سوريا الديمقراطية بالتقدم نحو دير الزور التي لم تكن من ضمن أولوياتها، وأكد متحدثون عنها أنهم سيمنعون النظام من السيطرة على المناطق المحيطة بالمدينة. وتبدو خطورة الوضع من وجود الميليشيات الشيعية سواء كانت مرفقة مع القوات التابعة للنظام أو تلك المتحصنة على الجانب الآخر من الحدود العراقية. وكانت هذه الميليشيات واضحة في حديثها عن نية إقامة ممر يبدأ من إيران وينتهي على البحر المتوسط. وتقع المنطقة المستهدفة على طريق الممر. ويرى النظام السوري أن فك الحصار عن دير الزور يعتبر بمثابة انتصار للحرب حيث تحول الجنرال عصام زهر الدين الذي قاد القوات المحاصرة إلى بطل. ويرى ريتشارد سبنسر في «التايمز» (13/9/2017) أن المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية- المهيمنة عليها قوات حماية الشعب- في شمال- شرق سوريا منحت الولايات المتحدة والغرب ولأول مرة قاعدة في سوريا.
لا استراتيجية
ولم تشر القوى الغربية لخططها لما بعد تنظيم «الدولة» مع أن واشنطن أشارت في استراتيجيتها التي تعدها لمواجهة إيران أنها ترغب بالحد من هيمنتها في المنطقة، خاصة العراق وسوريا ولبنان واليمن. وكانت قوات سوريا الديمقراطية أعلنت يوم السبت عن فتح جبهة جديدة شرقي الفرات. وربما وصلت إلى الحدود العراقية ومواجهة تنظيم «الدولة» في البوكمال والميادين. ولكن المسؤولين الأمريكيين أكدوا أن سوريا الديمقراطية هي قوات ضد تنظيم «الدولة». وقررت المخابرات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» وقف الدعم عن وحدات سابقة في الجيش الحر وطلبت منها إخلاء جيبين على الحدود الأردنية. وطلب من الوحدات وقوات سوريا الديمقراطية عدم مواجهة قوات النظام. وحسب «نيوزويك» (14/9/2017) قررت الولايات المتحدة عدم التدخل في المعركة الحالية شرق سوريا وتقدم قوات النظام والميليشيات الشيعية على الأرض والروس من الجو. وقال العقيد ريان ديلون، المتحدث باسم قوة المهام المشتركة في عملية العزيمة الصلبة، إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة قررت عدم دخول مدينة دير الزور. وأن مقاتلي سوريا الديمقراطية الذين اجتازوا نحو دير الزور لن يدخلوها تجنبا لتعقيد ساحة حرب مكتظة بالقوى. وقال: «أود إخباركم أن الخطة لن تشمل دخول مدينة دير الزور ولكن هناك عددا كبيرا من مقاتلي التنظيم والمصادر والقادة الذين لا يزالون وسط وادي الفرات». وعليه ستتقدم القوات المدعومة من أمريكا على طول وادي الفرات لعزل الذين لا يزالون في الجزء الشرقي من المدينة التي يقسمها الفرات لنصفين.
وتقول صحيفة «إندبندنت» (11/9/2017) إن قوات سوريا الديمقراطية تريد إحكام سيطرتها على أراضي محافظة دير الزور الغنية بالثروات الطبيعية وبدعم من الولايات المتحدة. وأضافت أن قرار قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» إطلاق حملة جديدة في دير الزور يعد تحديا خطيرا، خاصة أنه لم يتم الإنتهاء من معركة الرقة، ولا يزال تنظيم «داعش» يسيطر على 40٪ من أحياء المدينة. وحذرت من اندلاع اشتباكات بين القوات السورية ومسلحي المعارضة، حيث يسعى الجانبان إلى السيطرة على الشريط الحدودي مع العراق، إذ أن نتائج «السباق نحو الحدود العراقية» ستحدد من سيدير المحافظة بعد هزيمة تنظيم «الدولة» كما أن الجانب الفائز سيحقق مكاسب استراتيجية ملموسة.
نشاط روسي
وفي ضوء الموقف الأمريكي الذي لا يزال غير واضح من سوريا، كثفت روسيا من نشاطاتها الإعلامية والعسكرية. وقصفت من اسطولها في البحر الأسود مواقع قالت إنها تابعة لتنظيم «الدولة» ونظمت حملة علاقة عامة لصحافيين روس وأجانب لاطلاعهم على المهام التي تقوم بها في سوريا ومدى انخراطها الذي صار التزاما هناك وأنها تسيطر كما يقول شون ووكر، في «الغارديان» (15/9/2017) على الحرب والسلم. وشملت الزيارة حلب وحمص وقاعدة حميميم وانتهت على بارجة روسية في البحر المتوسط. وقال ووكر إن الروس كانوا حريصين على إظهار جهودهم في الإعمار ونزع الألغام وتوزيع المساعدات الغذائية والمشاركة في حماية نقاط تجميد النزاع حيث تعمل الشرطة العسكرية الروسية بشكل واضح، بالإضافة لدورها في محاربة تنظيم «الدولة». ويرى محللون أن الحرب السورية منحت موسكو منبرا للعودة إلى المسرح الدولي والتأثير لكنها « حرب بدون نهاية». وحسب استطلاعات الرأي الروسية فإن نسبة 35٪ من الروس يدعمون استمرار الحرب في سوريا، رغم الكلفة القليلة لها وتجريب أجيال جديدة من السلاح الروسي هناك.
تفسير زيارة
ويعلق مدير تحرير «المونتيور روسيا» في تقرير نشره الموقع يوم 15/9/2017 عن سر التحركات الروسية المحمومة في سوريا مشيرا إلى أنها الأكثر انشغالا من بين الدول المشاركة في الحرب. وأشار ماكسيم ساشكوف إلى زيارة وزير الدفاع سيرجي شويغو إلى دمشق فيما زار وزير الخارجية سيرغي لافروف في الوقت نفسه كلا من الأردن والسعودية. واستقبل الرئيس فلاديمير بوتين رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في منتجع سوتشي. والتقى ممثلون عن الجنرال خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغاندوف في موسكو، وزار مبعوث السراج الشيشان. ومن بين الزيارات اتسمت رحلة وزير الدفاع بالسرية حيث لم يعلم الإعلام عنها إلا بعد لقاء شويغو مع الرئيس الأسد. وأكد بيان وزارة الخارجية الروسي على الموضوعات التي نوقشت وهي التعاون لتدمير تنظيم «الدولة» وجهود تحقيق الاستقرار في سوريا ومراقبة مناطق تجميد النزاع وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين. وأضاف مكتب الرئيس السوري موضوعا آخر وهو الجهود لاستعادة دير الزور ومحاربة الإرهاب على كل الأراضي السورية. ونظرا لمستوى وأهمية الزيارة فقد انشغل المراقبون بتفسير والبحث في أغراضها وطرحوا عددا من النظريات. وترى النظرية الأولى في الزيارة «رمزية» وتأكيدا على استمرار دعم موسكو للأسد. ورغم المضايقات التي تسبب بها في بعض الأحيان فلا يزال الرئيس السوري القائد الوحيد والشرعي وعلى العالم ان يتعامل مع هذه الحقيقة بجدية. وأضاف آخرون بعدا رمزيا آخر وهو تقديم الدعم المعنوي لقوات النظام التي تقاتل في دير الزور وتأكيد ما قاله الجنرال البارز على ضرورة نهاية الحرب الأهلية والتركيز على هزيمة تنظيم «الدولة». أما النظرية الثانية فتقول إن شويغو جاء إلى سوريا لتفقد القوات الروسية التي تعرضت في الأسابيع الماضية لخسائر. ويقول أندريه فرولوف، المحلل العسكري في المجلة الروسية «إكسبورت فورزيهني» (تصدير السلاح) إن الزيارة عادية «خاصة أنه لم يزرها منذ وقت طويل»، وكانت آخر زيارة له في حزيران (يونيو) 2016. وتدور النظرية الثالثة على حضور وزير الدفاع شخصيا للإشراف على نشر الشرطة العسكرية في منطقة تجميد النزاع الجديدة بإدلب، إلا أن فرولوف يستبعد هذه النظرية ويقول إن الشرطة العسكرية يمكن نشرها بدون حضور وزير الدفاع نفسه. وأشار الخبير إلى ما ورد في المجلة الفرنسية الالكترونية «إنتليجنس أون لاين» قبل فترة والتي تحدثت عن خلاف بين الجنرال سيرغي رودسكي، مدير العمليات العسكرية في وزارة الدفاع وقائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، حيث اختلفا حول شكل الجيش السوري في المستقبل. ويعلق فرولوف قائلا: «اعتقد أن المحادثات حول مستقبل سوريا تحتل المستويات العليا». وقال مصدر مطلع إن اللقاء تركز على مناقشة التأكد من ابتعاد الميليشيات المدعومة من إيران عن حدود الأردن وإسرائيل مسافة 40 كيلومترا. أما الموضوع الأكثر أهمية على الأجندة حسب المصدر فقد كان مناقشة الوضع في دير الزور وإن كان على القــــوات الروســـية اجتياز الفرات بالدبابات والمدرعات أم لا.
وسط تهديد أمريكي بقصف القوات السورية وتلك الموالية لإيران إن فعلوا. وقال: «هناك تفاهم أنه من أجل السيطرة على دير الزور بنجاح على الروس ان يقصفوا شمال نهر الفرات، ولكن موسكو مترددة لفعل هذا ولست متأكدا إن توصلوا إلى قرار بهذا الشأن».
القدس العربي
هل تحسم معركة دير الزور الحرب في سوريا لصالح آيات الله؟/ نجاح محمد علي
بعد نجاح الجيش السوري وحلفائه في فك الحصار عن مدينة دير الزور، وحتى قبل انتهاء المعارك فيها لاستعادتها بشكل كامل، وجه الرئيس السوري بشار الأسد رسالة إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، أشاد فيها بدور طهران في دعم سوريا بالحرب ضد الإرهاب، مشيداً بشكل واضح بما وصفها بتضحيات الشعب الإيراني الذي قال إنه ضحى بدمائه في محاربة الإرهاب و «نعتبره شريكاً لنا في الانتصار». وكانت رسالة الأسد وكأنها ترسم ملامح مرحلة جديدة بعد انتهاء الحرب بقوله إن «سوريا وإيران (ستواصلان) العمل معا لأجل إقامة نظام إقليمي ودولي قائم على أساس العدل والمساواة والكرامة لجميع الشعوب والدول».
وإذ وصف الأسد فك الحصار عن مدينة دير الزور بالانجاز التاريخي، فقد ناقش المتحدث الأسبق لوزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي رسالة الأسد في مقال له نشرته أمس السبت جريدة «جام جم» الإيرانية وتطرّق فيه إلى بدايات التدخل الإيراني في سوريا وكأنه مثل الأسد، يتحدث عن نهاية الحرب وهو يكشف عن تفاصيل هذا الدور في سوريا.
واللافت في آصفي وهو المحسوب على تيار الاصلاحيين، أن مقاله عن رسالة الأسد إلى خامنئي قد يكون تضمن اعترافاً بخطأ قراءة التيار الاصلاحي للدور الإيراني في سوريا والذي كان يرفض التدخل المباشر، والذي تجلى بوضوح في الشعارات التي أطلق خلال مظاهرات الاصلاحيين الاحتجاجية على نتائج الانتخابات الرئاسية في العام 2009 والتي تزامنت فصولها الأخيرة مع بدايات اندلاع الأزمة السورية في آذار/مارس 2011 ، وأبرزها شعار «لا غزة لا لبنان روحي فدى لإيران» الذي تجاوز مجرد التدخل في سوريا إلى رفض عموم الدور الإيراني في لبنان وفي فلسطين أيضاً.
لصالح آية الله
رآى الدبلوماسي الإيراني المخضرم أن رسالة الأسد إلى خامنئي «تضمنّت نقاطاً هامة ستبقى خالدة في تاريخ العلاقات بين إيران وسوريا» معيداً إلى الأذهان في جردة تقييم لما كان يحصل قبل 7 سنوات «حتى يتم إدراك فحوى هذه الرسالة» مشيراً إلى واقعة انتحار «البوعزيزي» في تونس قائلاً «إن تلك الحادثة أدت إلى اندلاع ثورة في تونس أطاحت بالرئيس التونسي الذي فر إلى السعودية مع عائلته، ثم توالت الأحداث في العالم العربي لتسقط بعدها حكومات مصر وليبيا».
ولفت المتحدث الأسبق باسم الخارجية الإيرانية إلى أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى في المنطقة «حاولوا ركوب موجة الحركات في المنطقة التي أصبحت تُعرف باسم حركات الصحوة الإسلامية، ثم عمدوا إلى إدارة الأزمة ونقلها إلى سوريا التي كانت تُعتبر في الخط المقاوم الأول ضد الكيان الصهيوني وذلك بهدف تدمير الدولة العربية الأكثر ثوريّة ولكيّ يكون ذلك درعًا يحمي الدول في المنطقة».
وحسب قراءة آصفي لاندلاع الأزمة السورية كتب في مقاله إن «عشرات المجموعات الإرهابية بدأت أعمالها بإدارة أمريكية ودعم مالي سعودي، لتتشكل تنظيمات إرهابية كداعش والنصرة وغيرها وتدخل في حرب وكالة عن الإدارة الأمريكية والسعودية ضد الحكومة السورية حيث تستمر حتى الآن بعد مضي 7 سنوات من عمر الأزمة».
ولا يشك آصفي «أن هدف الإدارة الأمريكية كان تجريد بشار الأسد من السلطة بدون ذكر أي سبب منطقي أو حتى وضع خيار ثان مناسب بديل عنه»، وألمح إلى أن أفضل المتفائلين، لم يكن يتوقع انتصار الأسد بهذه الحرب ماعدا طهران التي قال إنها «لم تكن ترى في بادئ الأمر ضرورة التدخل وكانت تكتفي بالدعم المعنوي للحكومة السورية بسبب شرعيتها، وكانت تعتقد أن بشار الأسد وبسبب الدعم الشعبي له يستطيع التغلّب على معارضيه».
لكن وحسب المقال المنشور السبت، «وفي ظل التدخل الغربي وحروب الوكالة التي شنتها الدول الإقليمية والدولية، أعلن خامنئي عن ضرورة مساعدة الدولة والصديق الأقدم لإيران وهي سوريا». وبالفعل كما يقول آصفي «فالتواجد الاستشاري لإيران بالإضافة إلى التواجد الروسي شكّلا قدرة سياسية أفشلت المخططات الأمريكية في الميدان وفي مجلس الأمن، حتى وصلنا إلى هذا اليوم الّذي نشهد فيه هزيمة المجاميع الإرهابية التي كانت ترتكب المجازر ضد الإنسانية».
ولم يتحدث عن معركة دير الزور والأهداف الإيرانية التي رسمها الحرس الثوري في الميدان وبناء قواعد عسكرية داخل سوريا ليفتح ممرا بريا يصل إيران عن طريق حلفائه في الحشد الشعبي العراقي بالحدود السورية ويتلاقى هناك بالجيش السوري وحلفائه من الجهة السورية، لكنه تناول الشق السياسي في الأزمة المتمثل في استمرار المفاوضات في جنيف التي قال إنها شهدت في جولاتها الأولى تكبرا من قبل الإدارة الأمريكية في مواجهة الحكومة السورية، ومستنتجاُ أن جولة المفاوضات «استانا 6» باتت تؤكّد حسب قوله على شرعية الحكومة السورية في حين يؤكّد الجميع على ضرورة الحفاظ وحدة سوريا وعلى أولوية مواجهة الإرهاب فيها.
وختم مقاله بالقول «لقد أقر المسؤولون الأمريكيّون مؤخرا أنه لا يمكن إزاحة بشار الأسد، وحسب تعبير البعض منهم فقد انهزموا في الحرب لصالح آية الله خامنئي».
من أقنع خامنئي؟
ما ذكره آصفي عن حكمة آية الله خالفه قليلاً حسن نصر الله أمين عام حزب الله لبنان بقوله «أنا الذي أقنع الولي الفقيه بالتدخل في سوريا» وذلك في لقاء جرى عشية حلول شهر محرم، ولكن من زاوية أخرى إنه في بداية الأزمة السورية زار طهران، والتقى خامنئي، ليقنعه بدعم الجيش السوري، مؤكداً أنه أوضح لخامنئي رؤية حزب الله «للمشروع المعادي» على حد تعبيره وقال له «إننا إذا لم نقاتل في دمشق فسنقاتل في الهرمل وبعلبك والضاحية والغازية والبقاع الغربي والجنوب» فأكمل خامنئي موافقاً «ليس في هذه المناطق فقط بل أيضاً في كرمان وخوزستان وطهران».
وأضاف نصر الله نقلاً عن خامنئي أنه قال إن «هذه جبهة فيها محاور عدة: محور إيران ومحور لبنان ومحور سوريا، وقائد هذا المحور بشار الأسد يجب أن نعمل لينتصر وسينتصر. ونتائج عظيمة ستغيّر المعادلات لمصلحة الأمة».
تغير المعادلات
ترى طهران على لسان كبار المسؤولين أن تغير المعادلات يعني أن تكون لديها قوات متواجدة على الأرض السورية أو أن تكون قادرة على الوصول بريا عبر العراق إلى سوريا، ومن هنا وعلى الرغم من الضجة التي أثارتها صفقة القلمون حول نقل نحو 300 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، والتي أثارت حفيظة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بزعم أنه لم يكن على يعرف شيئاُ عنهأ، إلا أن ما يتم تداوله هذه الأيام عن معركة دير الزور من الجانب الإيراني يكشف عن تنسيق وتعاون يجري على قدم ساق مع العراق كطرف أساس في الحرب على الإرهاب.
فقد جاء في رسالة بعثها الثلاثاء 5 أيلول/سبتمبر أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إلى نظيره السوري اللواء علي مملوك، بمناسبة تحرير مدينة دير الزور، مهنئاً سوريا حكومة وشعبا وجيشاً بإنجازاتهم في دحر الإرهاب، أن «التعاون الفعال الحقيقي والقريب بين إيران وسوريا والعراق وروسيا إلى جانب حزب الله حقق نتائج كبيرة في محاربة «داعش» والإرهاب وأفشل المؤامرات الخارجية ضد دول المنطقة الهادفة إلى زعزعة أمنها واستقرارها»، حسب وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء «إرنا».
ومن هنا أيضاً يأتي إعلان مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية رئيس الوفد الإيراني إلى أستانا، حسين جابري أنصاري، الجمعة، عن ثقته باقتراب انتهاء الأزمة في سوريا عندما قال: «بمساعدة الدول الضامنة للتسوية في سوريا ــ روسيا وتركيا وإيران، سنرى تقدما إيجابيا في سوريا وتنفيذا لجميع البنود، التي تخص مناطق خفض التصعيد». مضيفاً «ونأمل أن النجاح في ساحة القتال والنجاح السياسي في أستانا سيسرعان المفاوضات بين الأطراف المتنازعة في سوريا لتنتهي الأزمة». كما أعلن – وهنا بيت القصيد في معركة دير الزور- «أن الدول الضامنة بعد المشاورات ستدعو عددا من الدول للانضمام إلى عملية أستانا كمراقبين» ما يشير إلى تسوية ما يجري ترتيبها على الأرض.
ماذا وراء الانتشار الروسي في دير الزور؟/ عبد الرزاق النبهان
ذكرت مصادر خاصة من محافظة دير الزور شرقي سوريا لـ»القدس العربي» انه بعد تمكن قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها وبدعم جوي روسي من كسر حصار تنظيم «الدولة» للجزء الغربي من مناطق سيطرتها في مدينة دير الزور، بدأ واضحا الانتشار الروسي في أحياء عدة من أرجاء المدينة.
وبات الأمر مألوف لدى الأهالي الذين يشاهدون الجنود والمدرعات الروسية منتشرة في الأسواق، في حين يرى محللون إن التدخل العسكري الروسي في دير الزور جاء ليحقق غايات سياسية واقتصادية، مفادها أن روسيا لن تتخلى عن الأسد، أما اقتصاديا فالهدف إعادة بسط نفوذ النظام على الحقول النفطية.
ونقل مصدر خاص لـ»للقدس العربي» عن أحد عناصر ميليشيات جيش العشائر (الشعيطات) الذين دخلوا مدينة دير الزور مع قوات النظام من جهة طريق عام دمشق دير الزور «البانوراما» ابان فك الحصار عن المدينة، إن أكثر من 600 عنصر من قوات الجيش الروسي تقاتل بجانب قوات النظام حالياً بحملة دير الزور.
وأضاف، إن الجنود الروس الذين يتواجدون في الحملة العسكرية على دير الزور مزودين بأحدث الأسلحة، ويقومون بإطلاق الصواريخ وراجمات الصواريخ بكثافة نحو مناطق سيطرة تنظيم «الدولة» لتسهيل تقدم قوات النظام المدعومة بميليشيات أجنبية وعشائرية، منوها إلى إن العديد من المقاتلين والمقاتلات الروس تمت مشاهدتهم يتجولون في أسواق أحياء الجورة والقصور.
وأشار المصدر إلى أن استخدام القوات الروسية للصواريخ الثقيلة، ساهم بشكل كبير في تقدم قوات النظام والسيطرة على تلة علوش بعد استهدافها بعدة غارات عنيفة جدا، إضافة إلى السيطرة على قرية البغيلية، ما ساهم في تقدم قوات النظام وفتح طريق هرابش.
وأضاف، إن سلاح الجو الروسي قام بألقاء القنابل العنقودية والقنابل المحملة بالمظلات، وتم استخدامها بشكل كبير بقرية البغيلية.
ويقول الخبير العسكري المقدم هشام المصطفى: منذ انطلاق حملة تحرير ريف دير الزور شرقي الفرات سارعت روسيا إلى مساعدة النظام برسم خريطة قوى جديدة».
ويضيف لـ»القدس العربي» إن روسيا تهدف من وراء ذلك إلى ترسيخ نفوذها في المناطق الغنية بالنفط عبر حجة محاربة الإرهاب، والضغط مستقبلا للوصول إلى تفاهمات مع أمريكا فيما يخص اقتسام الثروات النفطية في المنطقة.
وأشار إلى أن روسيا ترمي للاستفادة من الخزان البشري على الصعيد العسكري لترميم جيش حليفها بشار الأسد للحفاظ على هيكليته كنواة لدخول المفاوضات مع المعارضة مستقبلا.
ويعتقد المصطفى أن روسيا بهذه الطريقة تكون قد ضمنت نفوذا يفي بالحفاظ على الاتفاقات التي وقعتها مع النظام حيث يعتبر الوجود الروسي في شرق سوريا وتحديدا دير الزور ضمانا لإحداث بعض التكافؤ مع حليف أمريكا الذي بات أقرب إلى مناطق النفط.
توافقات روسية أمريكية
في المقابل يرى الخبير العسكري العميد أحمد رحال إن دير الزور منطقة تحكمها التوافقات الروسية الأمريكية.
وأضاف لـ «القدس العربي» ان «الروس دخلوا إلى دير الزور من أجل مصلحة إيران، حيث لا توجد مصلحة كبيرة أو مهمة لهم في دير الزور، بينما لإيران مصلحة أهم نتيجة وصل دير الزور والبوكمال والميادين بحدود المثلث الإيراني الواصل بين طهران ودمشق وبيروت والمتوسط عبر العراق».
وأشار إلى أن استعادة النظام لدير الزور مع إيران من شأنه ان يرفع معنويات قوات الأسد وكذلك يحقق لإيران ضمان المثلث، لكن إذا أوفت الولايات المتحدة الأمريكية بتعهداتها بقطع طريق المثلث الإيراني فستكون معركة البوكمال والميادين مختلفة.
ويرى أن «الأريحية» التي تعمل بها ميليشيات الأسد وإيران وحزب الله والروس في دير الزور لن تكون موجودة في الميادين والبوكمال، حيث من الممكن أن تشارك فصائل تابعة للمعارضة السورية في تلك المعارك مثل أسود الشرقية وأحرار الشرقية وكتائب أحمد العبدو، خاصة بعد طلب رياض حجاب لذلك، وبالتالي قطع الطريق أمام إيران.
وتوقع رحال أن توفي الولايات المتحدة الأمريكية بوعودها في ظل غياب المصالح الروسية الاستراتيجية من وراء دخولها إلى دير الزور حتى الآن باستثناء تثبت نظام الأسد، أما أمريكا فلها مصالح استراتيجية في آبار البترول في شمال وشرق سوريا.
وأضاف رأينا كيف أمريكا أخذت ريف دير الزور وتخلت عن المدينة وسابقاً أخذت مناطق الحسكة والقامشلي والرقة وفق ما تتطلبه مصالحها، في حين لا مصالح عظيمة لروسيا من انتشارها في دير الزور إلا تثبيت ودعم نظام بشار الأسد.
وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحا لعمليتين عسكريتين، الأولى تقودها قوات النظام السوري بدعم روسي في المدينة وريفها الغربي، والثانية أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية المشكلة أساسا من وحدات الحماية الكردية بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم «الدولة» بالريف الشرقي.
موسكو لا تستبعد صداماً عسكرياً مع قوات “قسد” / حسام محمد
تضارب الآراء حول دور النظام في حسم معركة دير الزور
تعتبر المعارك المستمرة في محافظة دير الزور شرقي سوريا، أحد أكثر المعارك حساسية على مستوى الجغرافيا السورية، نظراً لتداخل وتشابك الخيوط الدولية فيها، وكذلك تضارب المصالح والأهداف، إلا أن العديد من المصادر رجحت ميول كفة السيطرة النهائية لصالح النظام السوري المدعوم من روسيا وإيران، وانحسار جزئي في خريطة النفوذ للتشكيلات المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على الأرض.
وتوقع مصدر عسكري سوري ان حسم معركة دير الزور لأي طرف من الأطراف المشاركة فيها، لن يكون بالسهولة التي تتحدث عنها القوى الفاعلة على الأرض، مرجحاً أن معركة دير الزور قد دخلت فعلياً في مرحلتها الأخيرة، وهي حساسة للغاية، ستتقلص معها المساحات الجغرافية المنتزعة من سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وستتضاعف المخاوف والتحذيرات من إنزلاق قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية بمواجهة مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف، أو بالعكس، مما يفسح المجال أمام تنظيم «الدولة» لشن هجمات مضادة.
وقال العقيد المتعاقد عثمان إبراهيم لـ «القدس العربي» خلال اتصال هاتفي خاص معه: من المنظار العسكري الميداني، يوجد ثلاث دول تقاتل في خندق واحد لانتزاع دير الزور من تنظيم «الدولة» الإسلامية والدول هي، روسيا، إيران، العراق، بالإضافة إلى قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني.
أما في الطرف المقابل، فقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، ستبقى قوة ضعيفة على الأرض مهما بلغت قوتها، وبالتالي فإن حسم المعركة سيكون في نهاية المطاف لصالح الأسد مشاركة مع إيران وروسيا.
ثلاثة أهداف روسية محورية
ورأى الضابط السوري، ان روسيا تبحث عن ثلاثة أهداف محورية وجوهرية خلال معركة دير الزور، أهمها «إظهار الأسد ونظامه على إنه شريك دولي بمكافحة الإرهاب»، وكذلك «فرض الثقل الروسي على الأرض باستخدام الحليفين الروسي والإيراني»، وأخيراً توسعة الجغرافيا السورية المسيطر عليها من قبل النظام السوري، بما يضمن حصول روسيا على النفط السوري، واكتساب إيران لطريق بري لمحورها الطائفي «الهلال الشيعي».
أما الصحافي السوري عبد العزيز خليفة، فرأى بدوره ان النظام السوري ومن خلفه إيران وروسيا، سوف يجتازان نهر الفرات «الحد الفاصل» بينهم وبين قوات سوريا الديمقراطية، لمواصلة التقدم العسكري نحو عمق دير الزور.
وقال خليفة: مشهد المعارك في دير الزور يُظهر أن قوات النظام السوري تتجه لبسط نفوذها على كافة آبار النفط، وكذلك الجغرافيا المدنية للمدينة.
وتوقع الصحافي المعارض، عدم حدوث اشتباكات أو مواجهات بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، معللاً ذلك بوجود نقاط تماس كثيرة بينهما في الرقة وريف حلب، ويشتركان بالسيطرة على الحسكة والقامشلي، ووجود توافق بينهما بقتال تنظيم «الدولة الإسلامية» فقط.
فرص الأسد للسيطرة الكاملة ضئيلة
بعض المراقبين لمعركة دير الزور، يرى صورة الحسم الكامل في دير الزور مختلفة، وأن فرص النظام وميليشياته الطائفية ستكون ضئيلة في السيطرة على كامل دير الزور، فبالرغم من تصريحات قادته أن هدف الحملة الأخيرة السيطرة على كامل المحافظة، إلا أن سيطرته ستكون جزئية.
وقال الصحافي في شبكة «الفرات بوست» صهيب الجابر: المعطيات الحالية تشير إلى أن تقدم ميليشيات قسد المدعومة أمريكياً شمال نهر الفرات لن يتوقف إلا بأمر من الإدارة الأمريكية، وبأن وظيفة النظام «الإعلامية» قد انتهت مع انتهاء حملته الأخيرة على المدينة، خصوصاً وأن قوات التحالف الدولي التي تتزعمها الولايات المتحدة، كانت طيلة الفترة الماضية تمهد لقوات النظام تقدمها بعد استهداف أهم مواقع تنظيم الدولة في المحافظة.
وأضاف الصحافي المعارض، التنسيق ما بين الحكومة الأمريكية والروس كان مستمراً في معظم المناطق، وهنا يظهر التقاسم الواضح للأدوار في «برلين الشرق الأوسط» دير الزور، إذ أن مشاريع البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية لم تتوقف منذ أشهر لحشد أبناء المنطقة، للقتال باتجاه المحافظة.
توقعات بظهور فصيل عربي
وتوقع الصحافي في شبكة «الفرات بوست» المهتمة بمتابعة معارك دير الزور، ظهور فصيل عربي معارض في وقت لاحق تحت القيادة وتغطية أمريكية، ليعود للسيطرة على مناطق الريف الشرقي لدير الزور، لكن الصورة النهائية لم تتضح بعد عن هوية هذا الفصيل.
قوات سوريا الديمقراطية – قسد، كانت بدورها قد أعلنت مؤخراً عن توقف عملياتها في دير الزور عند الخطوط الأخيرة التي قضمتها قواتها خلال المعارك الأخيرة، وهذا ما اعتبره الصحافي في شبكة «الفرات بوست» إشارةٍ أخرى على إفساح المجال لفصيل آخر قد يدخل على الخط ليملأ فراغاً من المرجح أن يتركه تنظيم «الدولة» في الفترة المقبلة.
فيما يبدو أن تنظيم «الدولة» أيضاً كان طرفاً فعالاً في تنفيذ هذه التوافقات الدولية الأخيرة على الساحة السورية، فقد انسحب التنظيم في بعض المناطق دون معارك واكتفى بتفجير عربات مفخخة أرسل فيها عدد من أبناء المنطقة لتصفيتهم بشكل غير مباشر، وفق ما قاله جابر.
مصدر عسكري معارض قال لـ «القدس العربي»: إيران هي أبرز القوى العسكرية المستفيدة من أي تقدم يحصل في دير الزور، فالمحافظة الشرقية تحظى باهتمام إيراني استراتيجي، وتسعى إيران لتأمين طريق بري جديد لها يربط لبنان وسوريا، بالإضافة إلى الحدود الرابطة بين العراق وسوريا، وكذلك طريق داخلي يربط بين قواتها المتمركزة في ريف دمشق، مروراً بحمص وحماة، مما يعني تثبيت قواعدها بشكل أكبر ولفترة أطول بعمق الأراضي السورية.
روسيا لا تستبعد الصدام بين الأسد وقسد
وألمحت القوات العسكرية الروسية في سوريا إلى اقتراب الصدام العسكري بين قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية، وفي رسالة ضمنية، قالت القاعدة العسكرية الروسية بسوريا «حميميم»: «قوات سوريا الديمقراطية لن تكون قادرة على الصمود أمام القوات الحكومية (التي أصبحت أقوى من السابق) بالرغم من دعم واشنطن لها بشكل مباشر، كما أن التدخل الأمريكي في سوريا يفتقر إلى الشرعية الدولية».
وأشارت القاعدة الروسية إلى النظام السوري لن يقف عند الحد الفاصل بينه وبين قوات سوريا الديمقراطية، وسيتابع التقدم نحو باقي مناطق دير الزور.
أما عضو تجمع ثوار سوريا عمر إدلبي، فاعتبر وجود اتفاق أمريكي روسي على تقاسم الأدوار في معركة دير الزور ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وقبول واشنطن بدور محوري وحاسم لقوات الأسد وميليشيات إيران الطائفية في المعركة، فالمؤكد أن السيطرة على المحافظة وإدارتها ستؤول لنظام الأسد في نهاية المطاف.
في حين «ستكون سيطرة ميليشيا قوات سوريا الدمقراطية على القسم الشرقي من المحافظة، أو ما يطلق عليه «الجزيرة»، لن تكون مؤثرة على المدى البعيد على خريطة النفوذ في دير الزور، لأن هذه الميليشيا تنسق بشكل واضح مع نظام الأسد ولا سيما في مجال استثمار وتسويق النفط والغاز من الحقول التي تسيطر عليها حاليا في محافظة الحسكة، أو ستسيطر عليها لاحقاً في دير الزور والرقة، وبالمحصلة، ستكون حصة الأسد من السيطرة على المحافظة وثرواتها لنظام الأسد، ويذهب الفتات – مؤقتاً – للميليشيات التي تدعمها واشنطن، ريثما يستعيد نظام الأسد قدراته على انتزاع ما اضطر للتنازل عنه لهذه الميليشيا»، وفق ما قاله عضو تجمع ثوار سوريا.
وقال الصحافي عبد العزيز خليفة: أيً كانت الجهة التي سوف تسيطر على كامل دير الزور، سواء الأكراد أو النظام السوري والحلفاء من الموالين له، ستبقى هذه الجهة غير مرحب فيها من قبل المجتمع المحلي بدير الزور، وأن عمليات مقاومة ستنطلق ضد تلك الجهة، خاصة مع وجود كتل بشرية لا تزال قادرة على المقاومة والقتال.
معارك دير الزور تكشف انحسار الدور الأمريكي في سوريا/ رائد صالحة
واشنطن تبتعد عن فصائل المعارضة التي تحارب الأسد
تتدافع فصائل المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة والقوات الموالية للنظام لتأمين السيطرة على المناطق الصحراوية الشرقية في البلاد بهدف تحقيق شروط أفضل لمفاوضات التسوية المقبلة أو أي نزاع جديد، إذ أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية العليا التي تقود المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» ان القوات السورية الديمقراطية شنت حملتها الهجومية المخطط لها منذ فترة طويلة في محافظة دير الزور في حين أعلن نظام الأسد والروس انهم خرقوا الحصار عن عاصمة المحافظة بعد حملة بدأت الصيف الماضي.
وأكدت فرقة العمل المشتركة لعملية الحل المتأصل في بيانات منفصلة ان قوة الائتلاف العربي السوري «ساك» المتعددة الأعراق هي قوة شريكة أثبتت تجربتها في معركة التحالف لهزيمة «داعش» وان قوات التحالف ستدعمها خلال هجوم وادي نهر خابور عبر تقديم المشورة والمساعدة وتوفير المعدات والتدريب والاستخبارات والدعم اللوجستي.
ولم تشر البيانات الإعلامية إلى قوات النظام السوري أو القوات الروسية القريبة أو الميليشيات المرتبطة بها، ولم تتناول المخاطر المحتملة التي قد تواجهها قوة «ساك». وكشفت بعض الرسائل الالكترونية عن محاولات لتغيير لهجة ولغة البيانات العسكرية حول معركة دير الزور بطريقة تشير إلى التعقيدات المحتملة المتمثلة في عدم تنسيق العمليات ولكن الكولونيل توماس فييل، مدير الشؤون العامة في التحالف الدولي، قال ان القضية لا تتعلق باستخدام لفظ آخر لدير الزور، مشيرا إلى ان شركاء الولايات المتحدة يطلقون على العملية اسم «عملية عاصفة الجزيرة» وقال انها، في الواقع، عملية لمسح وادي نهر خابور شمال دار الزور وليس إلى دير الزور نفسها.
القضية باختصار ليست صغيرة، وفقا لاستنتاجات العديد من المنصات الإعلامية العسكرية والاستخبارية الأمريكية، بما في ذلك «ساوث لاين» و«ذا درايذ» و«مليتري دوت كوم» فالولايات المتحدة تصر على ان مصلحتها الوحيدة في سوريا هي هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» وانها تدعم الجماعات المحلية لهذا الغرض فقط وانها تحاول الابتعاد عن الفصائل التي تجاهلت هذه المهمة لصالح مهاجمة النظام أو الجماعات الأخرى في سوريا، بما في ذلك القوات التركية والجماعات المتحالفة معها، ولا شك في ان البيانات الصادرة عن التحالف الدولي تهدف إلى تخفيف المخاوف بشأن قدرة إيران وروسيا على الاستفادة من مكاسب التحالف بقيادة الولايات المتحدة.
والرسالة الأمريكية واضحة، وفقا لقراءة المحلل جوزيف تريفيثك، الجيش الأمريكي سيتخلى عن دير الزور للنظام السوري في حين يردد العديد من المسؤولين الأمريكيين ان لديهم تأكيدات من «ساك» ان الجماعة ستسلم السيطرة إلى السلطات المحلية بعد هزيمة تنظيم «الدولة» في المناطق الواقعة شمال العاصمة الإقليمية ولكن ليس هناك ما يدل انها ستكون مستقلة عن الحكومة في دمشق، والبيانات الصحافية المنقحة تقترح ان «ساك» ستسلم المنطقة بمجرد إزالة وادي نهر خابور من «داعش» إلى الهيئات التمثيلية للمدنيين المحليين الذين سيشرفون بعد ذلك على الأمن والحكم كما هو الحال في طبقة ومنبج.
ويحاول التحالف بقيادة الولايات المتحدة من خلال خط ساخن مع الروس العمل على «فك الصراع» ونزع فتيل التوتر للوضع قبل وقوع أخطاء خطيرة، ومع اضعاف تنظيم «الدولة» قد يكون من الصعب على نحو متزايد الحفاظ على تركيز «ساك» وغيرها من الفصائل الموالية لأمريكا، وقد أكدت وزارتا الدفاع والخارجية على ان للولايات المتحدة اهتمام قليل في سوريا بعد هزيمة الإرهابيين، ولكن الحكومة الأمريكية لم توضح ماذا سيحدث للمجموعات المحلية التي تدعمها رغم ان غالبيتها تعاني من مظالم كثيرة مع الأسد ونظامه، وهناك تحليلات ان وزارة الدفاع قد تبدو متحمسة للسماح لقوة «ساك» بالانتقال إلى دير الزور، أما المعطيات الحالية فهي تشير إلى ان الجيش الأمريكي قد أبلغ الروس ان قواتهم يجب ان تبقى غرب نهر الفرات إلى جانب النظام السوري والميليشيات الإيرانية في حين ستبقى قوة «ساك» على الضفة الأخرى للنهر.
ومن غير المتوقع ان يصمد الموقف الأمريكي بشأن توزيع الأدوار العسكرية على ضفتين، وهناك حدود لما يمكن ان تفعله الولايات المتحدة إذا كانت ترغب فعلا في الالتزام بسياستها المعلنة التي تركز على محاربة تنظيم «الدولة» في سوريا، وليس هناك ما يدل على ان النظام السوري وافق على فكرة عدم السيادة على طول الطريق إلى الحدود مع العراق بغض النظر عن تواجد القوات الأمريكية التي تقول دمشق انها تعمل بشكل غير قانوني في البلاد في حين برزت شواهد تدل على محاولة الحكومة الأمريكية استكشاف العمل مع حلفاء الأسد.
واتفق العديد من السياسيين والمحللين منذ فترة طويلة على ان الولايات المتحدة لا ترغب بالفعل في البقاء داخل الصراع السوري، وهي رغبة لا تتسق مع الأهداف الإسرائيلية التي تركز على وقف التوسع الإيراني في المنطقة، وهناك توقعات ان إسرائيل ستحاول عرقلة أي تسوية ممكنة في المستقبل.
وهناك أهمية استراتيجية كبيرة جدا لمعارك دير الزور بالنسبة لأطراف الصراع ما قد يفسر «رسالة التهنئة» التي بعثها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حليفه الأسد بخصوص كسر الحصار عن المدينة وهي بالتأكيد علامة مهمة على تراجع الدور الأمريكي في سوريا وفكرة اسقاط نظام الأسد، رغم حرص واشنطن التأكيد على أن المعارك الأخيرة كانت مهمة للقضاء على عناصر التنظيم الإرهابي.
القدس العربي
دير الزور: الهجوم السوري والاتهامات العراقية/ صادق الطائي
منذ ان اشتعلت نيران الأزمة بين طرفي كماشة دير الزور آخر أكبر معقل لتنظيم «الدولة» في سوريا، وبين الجانب العراقي والسوري، والأحداث تتوالى في الجزيرة الفراتية شرق سوريا وغرب العراق. فبعد صفقة حزب الله التي عقدها مع التنظيم على خروج حوالي 300 مقاتل مع عوائلهم من الحدود اللبنانية ـ السورية في منطقة جرود القلمون مقابل تسليم احمد معتوق المقاتل في ميليشيا حزب الله ورفات عشرة جنود لبنانيين تم أسرهم وقتلهم في أحداث سابقة، فإن الإفراج عن الأسير معتوق قد تم بالتزامن مع وصول القافلة إلى البوكمال. هذه الاتفاقية التي أشعلت نار الاتهامات بين أطراف عراقية عديدة، فمع رفض الحكومة الرسمي واتهامها حزب الله والنظام السوري بعدم التنسيق معها بشأن نقل مسلحي «داعش» إلى منطقة الحدود العراقية في البوكمال، اعتبرت أطراف عراقية مقربة من الجانب الإيراني الموضوع برمته شأنا سوريا داخليا والأصوات العراقية المعترضة ضخمت المسألة.
ومن الاتهامات التي وجهت للجيش السوري وحزب الله وحلفائهم الروس انهم نقلوا مقاتلين إلى منطقة البوكمال الملاصقة لمدينة القائم العراقية التي ما تزال ترزح تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، ما يعني تقوية نفوذه في منطقة غرب الأنبار، واتهم عدد من السياسيين العراقيين الجانب السوري بغياب النية أو عدم الجدية في شن هجوم على مناطق نفوذ التنظيم. لكن الوقائع على الأرض أشارت إلى معطيات مختلفة. من طرف آخر صرح الناطق باسم قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ان هذه القوات لا تعترف بالاتفاق الذي عقد بين حزب الله وتنظيم «داعش» وبالتالي قامت طائراتها بضرب الطرق والجسور في طريق القافلة التي تحمل مسلحي «داعش» وعوائلهم دون ان تصيب الحافلات بهذه الضربات، وكان السبب حسب الناطق باسم التحالف هو «أسباب إنسانية منعتنا من ضرب الحافلات حفاضا على أرواح المدنيين المرافقين للمسلحين»، لذلك تعطلت قافلة مسلحي «داعش» حتى تم وصول 11 حافلة من مجموع الحافلات وعددها 17 إلى دير الزور يوم الاربعاء 13 أيلول/سبتمبر الجاري بينما لجأت الحافلات الست البــاقـيـــة إلى منــاطق يسيطر عليها الجيش السوري مع وجود تكهنات بتسوية أوضاع هؤلاء المسلحين وعوائلهم في المستقبل.
وأعلنت الجهات السورية والروسية الرسمية تكثيف العمليات المهاجمة لدير الزور، ولم تتم الإشارة إلى وجود أي تنسيق مع الجانب العراقي على الطرف الآخر من الحدود، وبالتالي يرى المتابعون احتمالية هروب مسلحي «داعش» من دير الزور السورية والدخول في مناطق غرب الأنبار الخاضعة للتنظيم، وكان من المفترض تنسيق العمليات بين الطرفين للعمل بالتوازي وأحكام فكي الكماشة على مسلحي التنظيم وتطهير منطقة الجزيرة منه. كما أشارت التصريحات السورية الرسمية إلى تمكن القوات الحكومية والمقاتلين الموالين لها في الأسبوع الماضي من كسر الحصار الطويل الأمد الذي كان يفرضه مسلحو تنظيم «الدولة» على منطقة تسيطر عليها القوات السورية في دير الزور، وعلى مطار عسكري قريب حيث تسعى القوات السورية الآن إلى التقدم جنوبا باتجاه الجهة الغربية للفرات نحو بلدة البوكمال، التي تقع على الحدود العراقية. وفي جانب آخر شنت قوات تحالف سوريا الديمقراطية المكونة من مقاتلي قوات حماية الشعب الكردية مع بعض الفصائل العربية من مجلس دير الزور العسكري، والتي تقاتل ضمن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة هجوما منفصلا في الاتجاه نفسه على الضفة الشرقية من النهر.
ومن معطيات المعارك في جبهة دير الزور يمكن قراءة ما ذهب إليه رفيق خوري في جريدة «الأنوار» اللبنانية بالقول أن ترجمة سيطرة القوات الحكومية والروسية على دير الزور هي ان «السباق مع أمريكا في الحرب محكوم في النهاية بتفاهم روسي-أمريكي على العملية السياسية. فلا إعادة إعمار من دون مساهمة الغرب والشرق بعد التوصل إلى تسوية سياسية. ولا تسوية سياسية بالمعنى العملي من دون تنازلات متبادلة في الداخل وترتيبات لأدوار القوى الإقليمية في اللعبة الجيوسياسية».
إذا القوات النظامية السورية والميليشيات الحليفة لها تهجم على مناطق نفوذ التنظيم من الجنوب والشرق مدعومة بغطاء جوي روسي، بينما تهجم الميليشيات الكردية وبعض الحلفاء العرب من شمال دير الزور مدعومة بغطاء جوي أمريكي، ولا يلوح في الأفق أي تحرك عراقي على جبهة غرب الأنبار لتحرير مدن القائم وعانة وراوة التي يسيطر عليها التنظيم حتى الآن، لان القيادة العراقية منشغلة بتحرير مدينة الحويجة جنوب غرب كركوك التي من المفترض ان خطط تحريرها قد تمت وان تنسيقا في غرفة عمليات مشتركة بين القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة قوات البيشمركه الكردية التي تسيطر على مدينة كركوك يجري بشكل دؤوب لإطلاق عمليات تحرير الحويجة، لكن أزمة إطلاق حكومة الإقليم لموضوع الاستفتاء حول تقرير المصير أدى إلى توتر الأجواء بين بغداد وأربيل وربما أثر ذلك سلبا على إطلاق عملية تحرير الحويجة، حيث تسعى حكومة الإقليم إلى اشراك محافظة كركوك في الاستفتاء المقرر إجراؤه 25 أيلول/سبتمبر الجاري، وهذا ما واجهته حكومة بغداد برفض شديد أدى إلى أزمة في البرلمان الاتحادي الذي صوت بالأغلبية على رفض شمول كركوك بالاستفتاء مع مقاطعة كاملة من الكتلة الكردستانية لجلسة التصويت البرلمانية.
ويرى بعض المتابعين انفراجا قد يؤدي قريبا إلى إطلاق عملية تحرير الحويجة بعد تسريبات أشارت إلى تقديم ممثلي دول كبرى (بريطانيا والولايات المتحدة) «مقترحا بديلا» عن الاستفتاء، إلى رئيس إقليم كردستان، وقد وعد بارزاني من جانبه بدراسة المشروع والرد عليه سريعا، ما يفتح الطريق أمام تأجيل الاستفتاء وبدء حوار بدعم وضمانة دولية مع بغداد يفضي لمنح الكرد وضعا جديدا في العراق يؤمن لهم شراكة كاملة وحسم القضايا العالقة ووضع دســـتوري يقترب كثيرا من الصيغة الكونفدرالية. فهل سيشهد العراق انطلاق العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» قريبا؟ هذا ما ستفرزه تحركات الأيام الآتية.
القدس العربي
روسيا تشارك بقوة ورحى الحرب تستهدف المدنيين أولا/ هبة محمد
بعد ان شكل نهر الفرات الذي يقسم دير الزور ريفا ومدينة من الوسط، لحقبة طويلة الجدار الفاصل بين قوات النظام السوري والميليشيات الداعمة له جنوب الفرات، وما بين الميليشيات المتمثلة بـ»قوات سوريا الديمقراطية»، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري شمال الفرات، ينبيء السباق المحموم في دير الزور ذات الأهمية الجغرافية بموقعها، والاقتصادية بخزانها الغني بالنفط والغاز، وسلتها الغذائية الممتلئة بالقمح والقطن، بمزيد من الصراع لتقاسم الكعكة الدسمة في حال تم تخطي هذا الجدار القائم منذ سنوات، حيث ستسارع القوى الدولية المستفيدة والمتمثلة في أمريكا وإيران وروسيا إلى استغلال التحول الاستراتيجي سياسياً كل لمصلحة أجندته.
وفي الطرف المقابل تعتبر المعارضة السورية انها قد خسرت دير الزور لصالح النظام السوري الذي أصبح يسيطر على قرابة 80 في المئة من مساحة البلاد، وذلك منذ ان دخلت قواته إلى المحافظة التي تعيش منعطفاً حاسماً في تاريخها، عقب انتزاع قوات النظام ومن خلفها روسيا التي تغطي تحركات القوات المهاجمة جوا، مساحات كبيرة ودخلت إلى المدينة، وكسرت الحصار الذي كان يفرضه تنظيم «الدولة» على الأحياء التي يسيطر عليها النظام داخل مدينة دير الزور. وعلى وقع تقدم الميليشيات الكردية، يستميت تنظيم «الدولة» بالدفاع عن أهم معاقله، للمحافظة على الأحياء التي يسيطر عليها في دير الزور، مستخدما المفخخات في صد القوات المهاجمة، في الوقت الذي خسر فيه أكثر من نصف المساحة في مدينة الرقة منذ حزيران/يونيو الماضي، لصالح «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أمريكيا.
وسيطرت الوحدات الكردية بقيادة واشنطن على مساحات واسعة من ريف دير الزور الشمالي، وانتزعت السيطرة على مبنى ومستودعات الأعلاف شرق دوار المعامل في مدخل دير الزور الشمالي، في حين دخل مقاتلو مجلس دير الزور العسكري للمدينة الصناعية، كما سيطروا على اللواء 113 بالقرب من منطقة المعامل، إضافة إلى سيطرتهم على قرى العربيدي، والمالحة، ومرتفعات العجيف.
وفي الوقت الذي تشكل فيه قوات النظام ضغطا مضاعفا بمساندة الميليشيات الطائفية والدور الروسي من خاصرة مدينة دير الزور الجنوبية الغربية، تتقدم الميليشيات الكردية في»قوات سوريا الديمقراطية»، من جهة الشمال الغربي، الأمر الذي شتت تنظيم «الدولة» وأجبره على الانحسار.
وعلى رحى الحرب الطاحنة التي تدور ضد المدنيين والأبرياء وثق ناشطون مقتل عشرات الضحايا كان آخرهم 15 مدنيا قضوا في مجزرة جديدة في قرية جديد بكارة في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، نتيجة غارات الطيران الحربي الروسي بالقنابل العنقودية، حيث أكدت مصارد أهلية لـ»القدس العربي» ان من بين الضحايا العديد من الأطفال، كما أسفر القصف عن اصابة 15 مدنيا بجروح في ريف دير الزور الشرقي، بينما قصفت غواصات روسية من مياه البحر المتوسط مواقع لتنظيم «الدولة» جنوب غرب المحافظة، وأتى ذلك بعد يوم من مقتل 45 مدنيا بينهم نساء وأطفال جراء غارات جوية بمدينة الميادين في ريف دير الزور، فضلا عن سقوط عشرات الجرحى والدمار الذي لحق بالأبنية والمنازل.
وكانت مصادر إعلامية ذكرت قبل أيام ان القوات الجوية الروسية أطلقت على تنظيم «الدولة» بالقرب من مدينة دير الزور أقوى قنبلة غير نووية وتسمى «أب كل القنابل» وفي حال تم تأكيد المعلومات، فإن هذه ستكون المرة الأولى التي تستخدم فيها موسكو هذه الأسلحة في القتال الحقيقي، حيث تعادل قوة انفجار القنبلة 44 طنا.
فيما تكهنت وكالة «سبونتيك» الروسية، أن «أب كل القنابل» الروسية، ربما تكون الضربة التي قتلت وزير الحرب التابع لتنظيم «الدولة» غولمورود حاليموف. وقال رئيس تحرير مجلة «أرسنال أوتيتشيستفو» فيكتور موراخوفسكي: «إن هذه القنبلة الروسية في الحقيقة أقوى قنبلة غير نووية في العالم».
من جهة ثانية تحدثت مصادر إعلامية من دير الزور لـ»القدس العربي» عن اشتباكات عنيفة تدور في منطقة المعامل، وسط تقدم لكتائب البكارة بقيادة ياسر الدحلة التابعة لميليشيا قسد والتي سيطرت بشكل كامل على اللواء 113 وكتيبة النيران، وجسر ابو خشب، اضافة إلى تقدمهما إلى مشارف قرية الصالحية وسوق الغنم من الجهة الشمالية لدير الزور.
وقال ابراهيم حبش مدير شبكة الخابور الإعلامية في اتصال مع «القدس العربي» ان هذه القوات تتعرض لمقاومة عنيفة وخاصة من مطحنة حبوب دير الزور في الجهة الشمالية التي تبعد عن اللواء 113 مسافة قريبة جدا حيث قام تنظيم «الدولة» برصده بقناصات.
فيما استهدف تنظيم «داعش» القوات المهاجمة بسيارة مفخخة من جهة اللواء 113 انفجرت قبل وصولها بمسافة قريبة، ليرد طيران التحالف الدولي ويستهدف منطقة المعامل ومطحنة دير الزور بعدة ضربات تلاقي مقاومة عنيفة من قبل عناصر «داعش» تمنع تقدم القوات حسب المصدر.
وتتقدم قوات كتائب البكارة بقيادة ياسر الدحلة التابعة لقسد خارج اللواء 113 وتمكنت من فرض سيطرتها على مجبل رودكو الاستراتيجي والذي يؤدي إلى سيطرة الكتائب ناريا على مطحنة دير الزور التي تعد أقوى حصون تنظيم «الدولة» في الخط الغربي والجهة الشمالية لنهر دير الزور، وقطع الطريق بين مطحنة دير الزور وقرية الصالحية وبالتالي توقف مؤازرتها.
القناة المركزية لقاعدة حميميم الروسية ذكرت ان المركز الدولي لمكافحة الألغام أرسل مجموعة من الخبراء ووحدات المعدات الخاصة والجنود إلى قاعدة حميميم الجوية، تمهيدا لنقلهم إلى محافظة دير الزور للمشاركة في عمليات إزالة الألغام من المدينة.
وقالت القناة المركزية عبر مواقعها الرسمية «تم إرسال خبراء المركز الدولي لمكافحة الألغام، إلى سوريا للمشاركة في عمليات إزالة الألغام من مدينة دير الزور، حيث تضم المفرزة المتقدمة التي أكثر من 40 خبيراً و7 وحدات من المعدات الخاصة، إضافة إلى مجموعة من الخبراء مع كلاب مدربة على كشف الألغام تم نقلهم بواسطة طائرات نقل عسكرية إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا».
وأضاف المصدر من المقرر أن يصل العدد المرسل إلى 175 عسكريا من المركز الدولي لمكافحة الألغام، و42 وحدة من المعدات الخاصة، بينها منظومات روبوتية من طراز «أوران-6» حيث ستكون مهامها الأولى إزالة الألغام من الطرق المؤدية إلى منشآت البنية التحتية للمدينة، وهي مستشفيات ومدارس ومنازل سكنية، ومنشآت مخصصة لإمداد المدينة بالطاقة الكهربائية والمياه، إضافة إلى مواقع ثقافية.
القدس العربي
قوات سوريا الديمقراطية قد تنظر إلى ما بعد نهر الفرات في الشرق/ براء صبري
تتسارع الأحداث العسكرية في سوريا والتي يبدو أنها أصبحت أكثر تركيزاً على محاربة تنظيم «الدولة» الإرهابي حالياً على غيره من الملفات الساخنة، وأصبح تحطيمه الأكثر أهمية في عموم البلاد المدمرة أصلاً. فالحراكات المضادة لـ«الدولة» تختزل مع الأيام لصالح جهتين رئيسيتين أصبح المشهد العسكري لسوريا محصورا فيهما إلى حد كبير، وكل منهما يملك التغطية الكافية في المحافل الدولية من قبل جهتين تعتبران الأكثر قوة في العالم حالياً. والجهتان الرئيسيتان هما قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ذات التشكيل العربي الكردي، والتي يشكل عمادها وحدات حماية الشعب، وقوات النظام وحلفاؤه من جماعة حزب الله اللبناني وباقي الجماعات المدعومة إيرانياً، وتتلقى الجهتان المذكورتان الدعم والتغطية الجوية من قبل الولايات المتحدة وروسيا على التوالي.
معركة الرقة
وكان التصريح الأخير لقوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب عن تحرير ثلثي مدينة الرقة، جزءا من تصريحات سابقة عن هجمات أخرى ضد التنظيم في مناطق أخرى خارج حدود محافظة الرقة التي حصر التنظيم فيها (الرقة) ببعض الأحياء المدنية من عاصمتها بعد تحرير معظم مساحات المحافظة، والتي تتضمن جميع البلدات والقرى التي كانت تحت حكم التنظيم لأكثر من ثلاث سنوات. التصريحات السابقة للتصريح الأخير الصادر من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» كان عن بدء حملة عسكرية لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من شرق محافظة دير الزور، حيث تلا رئيس مجلس دير الزور العسكري المنضوي في قوات سوريا الديمقراطية أحمد أبو خولة خلال مؤتمر صحافي في قرية أبو فاس شرق البلاد في التاسع من الشهر الجاري بيانا جاء فيه «نزف بشرى البدء بحملة عاصفة الجزيرة والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة (في إشارة إلى محافظة الحسكة) السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف دير الزور الشرقي». وكان التصريح عملية إعلان عن بدء السباق على محافظة الرقة بين الولايات المتحدة و«قسد» من جهة، وروسيا وإيران وحزب الله وقوات النظام من جهة ثانية. فالمنطقة المعلن عنها هي ما تبقى من المناطق التابعة لمحافظة دير الزور في الجهة المقابلة للمدينة من نهر الفرات، والتي يسيطر عليها التنظيم، وتملك واحدة من أهم الحقول النفطية في سوريا، وهو حقل العامر الواقع شمال شرق مدينة الميادين، والذي يعد من أكبر حقول النفط في سوريا وكان ينتج قبل بداية الأحداث السورية ما يقارب من30 ألف برميل في حين استخدمته بعد ذلك جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في سوريا) الذي تحول إلى هيئة تحرير الشام حالياً، والذي خسر مناطقه لصالح تنظيم «الدولة» لينتج ما يقارب الـ 10 آلاف برميل يومياً، وهو يقع في الطريق إلى مدينة البوكمال الحدودية التي تقابل القائم العراقية. إعلان المعركة هناك بالصيغة المعتمدة، هي فيما يبدو حسب العديد من المتابعين إقرار أمريكي بما وراء النهر لروسيا وحلفائها المحليين من موقع مدينة الرقة، وإقرار روسي مقابل لما وراء النهر من موقع مدينة دير الزور للولايات المتحدة وحلفائها المحليين. البدء بمعركة شرق دير الزور من قبل «قسد» في الوقت الذي ما زالت معركة الرقة مستمرة هو بيان عام عن نهاية التنظيم القريبة في الرقة، واستعراض لقوة قوات سوريا الديمقراطية على ما يبدو. وهو نوع من التعبير عن مدى حراكيتها كقوة في فتح أكثر من جبهة في وقت واحد، مع العلم أن تلك المناطق بعيدة عن معاقل قوات سوريا الديمقراطية الرئيسية، وفيها نوع من المغامرة حسب البعض المشكك في تقدمها الحالي. حيث يخشى من بروز نوع من الغضب الاثني رغم أن مجلس دير الزور العسكري في جله من العشائر العربية للمنطقة كون الإعلام بشكل عام يحاول تصبيغ قوات سوريا الديمقراطية بصبغة القومية الواحدة، وهو جزء من الهجوم الإقليمي غير المباشر على نشاط أمريكا في سوريا، خاصةً ان واشنطن اختارت بصورة شبه مطلقة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية في سوريا في مفاضلة مع باقي الجهات الموجودة على الأرض.
على الرغم من العروض السخية غير الناجعة المقدمة لها للتنازل عن العلاقة مع تلك القوات (العربية الكردية) من قبل دول إقليمية ظلت لسنوات حليفة أمريكا في الشرق الأوسط كتركيا، التي ترى في تلك القوات تهديدا لحدودها على اعتبار أن التقدم الحاصل لتلك القوات يزيد من نفوذ الأكراد وحلفائهم العرب في سوريا على حساب الجماعات الموالية لتركيا المسجونة في جيب جرابلس الشمالي. وعلى اعتبار أن الجماعات الأخرى القريبة من الدول الداعمة للقوات المنافسة للنظام قد ضعفت جداً، وخسرت الدعم الغربي الذي يرتاب من تصرفاتها وبياناتها التي تظهر فيها توجهاتها غير الديمقراطية، والقريبة من جماعات الإسلام السياسي ذات النفس السني المتشدد.
الحدود السورية والعراقية
يكمن في إعلان عملية تحرير شرق الرقة من قبل قوات سوريا الديمقراطية مؤشر من نوع آخر لم يتم التصريح عنه بعد. فتلك القوات في حال وصولها للحدود العراقية، وفي حال سيطرتها على البوكمال (إن حدث) ستكون قد أغلقت الطريق على إيران في الوصول السهل من بغداد إلى دمشق، ومنها إلى بيروت. الخطة الأمريكية السابقة التي كانت تحاول التحرك من منطقة التنف باتجاه البوكمال للسيطرة على كامل الحدود السورية مع العراق في منطقة دير الزور باءت بالفشل. ووصل النظام وحزب الله إلى الحدود التفافاً رغم ان تمركزهما ما زال ضعيفاً هناك. وفيما يبدو من التطورات الحالية، أن هناك هدفا مبطنا لواشنطن للوصول إلى هناك عن طريق قوات سوريا الديمقراطية. ولكن، هذا الهدف غير معلن حالياً خشية الاحراج في حال وصول النظام الذي يتلقى الدعم المفرط من الروس والإيرانيين حالياً قبل «قسد». وبالتالي، تفادي حصول صدام مع قوات النظام هناك ريث الوصول إلى صيغة أخرى لإغلاق الطريق على إيران. والذي فيما يبدو سيكون من خلال العمل على الجانب العراقي من الحدود على اعتبار ان الجهات القريبة للولايات المتحدة في الحكومة العراقية المتمثلة في العبادي يخافون من ابتلاع إيران للحدود، وهم غاضبون على نقل جماعة حزب الله لمقاتلي «الدولة» للحدود من جيب حدودي كانوا يتمركزون فيه على الحدود اللبنانية السورية. مع العلم أن تلك القوافل التي تنقل مقاتلي تنظيم «الدولة» وعوائلهم لم تصل نتيجة التدخل الأمريكي في مسيرها. فاليقين الحالي هو أن قوات سوريا الديمقراطية ستقوم بمهمة تحرير المناطق المعلنة فيها العمليات قريباً، وستبدأ بعدها عملية التنافس على الحدود مع النظام وحلفائه.
بينما تتقدم قوات سوريا الديمقراطية في مدينة الرقة وتقترب من طرد التنظيم منها، يدخل النظام معركة مدينة دير الزور حديثاً.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية هدفها المقبل والذي تتخلله التساؤلات التي تأتي من المنطقة الكردية عن مدى جدوى تلك العمليات في تلك المناطق البعيدة، والكثير من الضغوط الإقليمية على واشنطن لفك ارتباطها مع «قسد» يبرز السؤال التالي: لماذا القبول بالسماح للنظام وحلفائه بالسيطرة على الحدود السورية مع العراق وخنق باقي المعارضة القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية المتمركزة في منطقة التنف وتهديد مناطق سيطرة «قسد» فيما بعد على القبول بوصول قواتها إلى الحدود ومحاولة فيما إذا وجدت الفرصة فيما بعد لربط مناطقها مع التنف، وتحرير تلك القوات، وحجز النظام وحلفائه بعيداً عن الحدود مع العراق في بلد كسوريا كل توقع فيه ممكن، وكل تبدل للقوة والسيطرة فيه محسوب؟
القدس العربي
معركة دير الزور لـ”سوريا المفيدة”/ عصام الجردي
يستميت النظام السوري لاستعادة محافظة دير الزور ومدينتها. وكلما اقترب من ذلك بات على تخوم المنطقة الشرقية مع الحسكة والرقة. المناطق التي كان يصفها النظام ضمناً “سوريا غير المفيدة”. “سوريا المفيدة” هي “سوريا الأسد” التي ضاقت بالنظام وزبائنيته إلى بعض اللاذقية ومدن الساحل ومقر النظام ومؤسساته التابعة في المهاجرين وأبو رمانة، قبل التدخل الروسي بالطيران والبوارج البحرية في صيف 2015. دير الزور والمناطق الشرقية ليست مفيدة فحسب. بل هي في الواقع سلة غذاء سوريا ومواردها من النفط والغاز والفوسفات والقطن وغيرها. ويعلم النظام استحالة بدء ورشة اعمار حقيقية في سوريا، قبل حسم الصراع هناك. ودون ذلك منعطف كبير تتداخل فيه المصالح السياسية الاستراتيجية لكل اطراف الحرب. وهي تتسابق الآن على على احراز تقدم في الميدان. وفي مقدمها الولايات المتحدة وتركيا وايران. وضمناً، الكرد والعشائر التي تقطن تلك المناطق وخرجت على النظام الذي يحاول الآن استمالتها. شبه المؤكد، أن معركة دير الزور والمناطق الشرقية ستتشكل على نتائجها معالم الحلول في سوريا وعملية اعادة الاعمار والبناء الاقتصادي.
فبينما استأثرت دمشق وحلب والمناطق الغربية من سوريا بمعظم النشاط الاقتصادي عقوداً طويلة، كانت المناطق الشرقية في دير الزور والرقة والحسكة خزان الموارد الطبيعية والزراعية والمائية. وفي قلب الحرب منذ 2011. فيها نحو 60% من الحبوب و75% من القطن. وحصة وازنة من البقول والثمار. أمنت مواد الصناعات الغذائية وصناعات الغزل والنسيج والصباغ لمصانع حلب وضواحيها. وفي 2010، كان انتاج النفط في دير الزور والحسكة نحو 365 ألف برميل يومياً. تضاف إلى موارد الغاز التي تم اكتشافها في تدمر. مصفاة حمص والمصانع الكيميائية في محافظتها لا تعمل من دون موارد النفط والغاز والفوسفات من المناطق الشرقية. وشكلت امتدادات دير الزور والمناطق الشرقية مراعي لريف حماه، مورد البلاد من المواشي والقطاع الداجن. وكانت صادرات هذا القطاع مطلوبة ومنافسة بقوة في الخليج العربي.
“سوريا غير المفيدة” هذه عصب اقتصاد الموارد لـ”سوريا المفيدة”. مع ذلك لم تحظ ببركة النظام ومشاريعه التنموية. وفيها كانت أسوأ المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في كل سوريا. علماً، أن الجدوى الاقتصادية لمشاريع التنمية في تلك المناطق، هي اعلى منها في مناطق أخرى، لقربها من الموارد ونهر الفرات وسعة أراضيها وحاجة الناس إلى العمل والتعليم والتدريب المهني والمشافي الصحية.
لكن لماذا الربط بين سيطرة النظام على دير الزور والمناطق الشرقية وبين عملية اعادة الاعمار؟
أولاً: لأن معادلة اعادة اعمار سوريا باقية في الحلول السياسية ومستقبل سوريا السياسي. وسيبقى الاعمار جزءاً لا يتجزأ من العملية السياسية، ما بقي تحدي الاعمار في حاجة إلى تمويل ضخم لا نراه بأقل من 200 مليار دولار حداً أدنى لو أخذنا متوسط تقديرات الأمم المتحدة والمصرف الدولي والوكالات الدولية ذوات الصلة. وقد كتبنا ذلك في “المدن” قبل نحو سنة. تمويل في هذا الحجم لا توفره إلا دول كبيرة متى تتفق على حل سياسي للحرب في سوريا. وتلك الدول موجودة على أرض المعركة في شكل أو في آخر. من الخطأ الاعتقاد في أن تقديرات الاعمار مرتبطة بالخسائر الاقتصادية التي حاقت بسوريا نتيجة الحرب. السيناريو هذا يفترض اضافة 328 مليار دولار اميركي إلى تكلفة اعادة الاعمار. “الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا” التي نوقشت في مؤتمر بروكسيل في نيسان 2017، باشراف الأمم المتحدة ومنظمات دولية وخبراء سوريين، قدرت خسائر رأس المال المادي 100 مليار دولار اميركي. وخسائر النمو الضائع بنحو 228 ملياراً. وكلاهما رأس المال المادي والنمو الضائع يفترض تعويضه بعد اعادة اعمار البنى التحتية والمنازل والمنشآت المدمرة. والمقدر تكلفتها 200 مليار معدلاً وسطاً حتى ربيع 2017.
الوثيقة التي صدرت عن بروكسل كانت شديدة الوضوح: “لضمان استدامة عملية اعادة اعمار سوريا، يجب أن تؤخذ بالاعتبار أولاً وحدة الأراضي السورية بكامل مقوماتها الإثنية والعرقية والقومية، ضمن نظام حوكمي يحدده السوريون ويختارونه أنفسهم من خلال عملية سياسية تمثيلية تشمل جميع السوريين. هذه العملية تضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة المركزية وتمكينها والبناء عليها. وأي عملية لاعادة الاعمار لا تراعي أسباب نشوء الأزمة في سوريا وجذورها، الاقتصادية والاجتماعية والحوكمية، ستكون غير مستدامة. وستواجه مصاعب قد تؤدي إلى عودة النزاع في المستقبل”.
ثانياً: لأن النظام السوري يقلل من شأن انخراط المجتمع الدولي لتأمين تمويل الاعمار مشروطاً بالحل السياسي ومستقبل سوريا والحوكمة والنزاهة. يراهن على نموذج آخر للاعمار من شركائه في الحرب روسيا في المقام الأول وايران ثانياً. وورقته الخبيئة الصين والهند والبرازيل. الدول الثلاث كان لها استتثمارات في قطاعات النفط والغاز. توقفت نتيجة الحرب وتكبدت شركاتها خسائر كبيرة تريد تعويضها. من الطبيعي أن تصاحب عملية اعادة الاعمار وفقاً لأي نموذج استثمارات قطاعية لا علاقة مباشرة لها بالجهد الاعماري. وتتكامل معه في الضرورة.
من هنا، أهمية دير الزور والرقة والحسكة والمنطقة الشرقية. ففيها حوافز الاستثمارات المطلوبة بالأفضلية. لكن روسيا لن تسلم بسهولة بهذا الأمر. وهي صاحبة القرار السياسي في سوريا. واستثماراتها فيها وعلاقاتها الاقتصادية معها سابقة للحرب. ولا يمكن دمشق عدم حفظ حصة ايران وشركاتها في الاستثمار واعادة الاعمار. وسيمضي وقت لمعرفة طبيعة التزامات سوريا المالية وحجم ديونها لكل من روسيا وايران. والدولتان الخاضعتان للعقوبات الاقتصادية تفرضان ستاراً كثيفاً على تلك الالتزامات لأسباب تتعلق بالداخل والمزاج الشعبي. روسيا قد تؤثر الاعمار المرتبط بالحل السياسي لتأمين التمويل من المجتمع الدولي. لأنها ستكون جزءاً منه. ولكون الحل قد يكون مجزياً للشركات الروسية للاستثمار في المناطق الشرقية بعد توفر التمويل. من دون أن تضطر إلى الاسهام بنفسها من موازنة عاجزة ونمو متباطئ.
ثالثاً: لأن مبالغة النظام بالحديث عن اعادة الاعمار قبل أوانه، إنما لدغدغة مشاعر المستثمرين الخارجيين كسباً للشرعية السياسية الدولية من جهة، وللحصول على استثمارات بمفهومها الضيق قد تجد صداها لدى مستثمرين غير مؤسسيين. هذه علاجات موقتة تفيد منها الدوائر المقربة من النظام التي استغلت مشاريع القطاع العام والقطاع المشترك وأثرت بالمليارات.
المدن