صفحات الحوار

د. برهان غليون: عمر نظام الأسد أشهر معدودة


باريس ـ مراد مراد

رأى أن روسيا قد تمتنع عن التصويت في مجلس الأمن لكنها لن تستخدم “الفيتو”

مع كل يوم يمر حاصدا عشرات الشهداء، تنتفي بشكل اكبر موانع التدخل العسكري الخارجي لحل الأزمة السورية، ومع كل انقضاء مهلة عربية يقترب النظام من نهايته المحتومة. الإتصالات تجري بشكل مكثف بين القاهرة وانقرة وبروكسل وواشنطن وموسكو من اجل ازاحة النظام السوري عن السلطة بأقل اضرار ممكنة للداخل السوري والمنطقة.

ممرات أمنة، منطقة عازلة، فرض حظر جوي. تختلف التسميات ويبقى الواقع الملح واحدا وتبقى الاولوية لحماية المدنيين السوريين من آلة قمع لا تعرف الرحمة. المتظاهرون سلميا بشكل يومي يطالبون بتدخل خارجي ينهي معاناتهم، الجيش الحر ينادي به، ومنظمات حقوق الانسان الأممية شددت على ضرورة الاسراع به.

هذه الحقائق تعيها تماما الدول العربية وتركيا ودول الاتحاد الاوروبي، وهذا ما بدا واضحا في قرارات الجامعة العربية غير المسبوقة وهجاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان للرئيس السوري بشار الأسد بشكل لاذع والسباق الذي يدور بين عواصم اوروبا الكبرى كباريس ولندن وبرلين على من منها سيعترف اولا بالمجلس الوطني السوري بعدما ربحت فرنسا الرهان في ليبيا. واصبح من الواضح انه بغض النظر عن نوعية هذا التدخل او شكله فإن مشاركة الولايات المتحدة الاميركية فيه ميدانيا او عدمه لا يهم. فالسيناريوات كثيرة والخطط بدأت تدرس جديا لوجستيا وتقنيا وقانونيا وعسكريا بين عواصم مختلفة في حين ابدت بعض الدول استعدادها للخوض في اي اجراء من شأنه انهاء مأساة الشعب السوري ونذكر منها على سبيل المثال كندا التي هي زميلة تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

في خضم التطورات الميدانية والمفاوضات الديبلوماسية، بدأت ملامح مستقبل الشرق الأوسط الجديد ترسم. وللوقوف على اجواء التحركات بين العواصم ووضع المعارضة السورية في بيتها الداخلي كان لا بد من لقاء مطول وشامل مع رئيس اكبر تكتل سياسي سوري معارض (المجلس الوطني) الدكتور برهان غليون، الذي رأى ان عمر نظام بشار الأسد أشهرا معدودة، لافتا إلى أن المعارضة السورية اتفقت على ورقة عمل مشتركة. وهنا نص الحوار:

الممرات الانسانية او المنطقة العازلة هما

اليوم موضوع النقاش الرئيسي عربياً ودولياً

الموقف التركي كان ولا يزال جادا وصادقا في الوقوف

الى جانب الشعب السوري والانحياز لثورته

ليس من عاقل في العالم يمكن أن يستمع

الى وليد المعلم أو يأخذ أقواله على محمل الجد

[ ما حال المعارضة السورية اليوم وما آخر الاتفاقات مع هيئة التنسيق الوطني؟ هل ستتحدون جميعا في مجلس معارض واحد ام سيستمر المجلس الوطني محاورا رسميا بإسم جميع المعارضين؟

ـ المعارضة السورية اليوم متفقة على رؤيا واحدة وهذا هو الاهم. اجمالا القوى المعارضة في أي بلد في العالم لا تكون بالضرورة متحدة في كيان سياسي واحد. لذا فالإتحاد في مجلس واحد او هيئة ساسية واحدة ليس هدفا نسعى اليه وخاصة اننا عرضنا على قيادات هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي الإنضمام الى المجلس الوطني السوري كسائر الأطياف المعارضة الاخرى لكنهم اكدوا انهم لا يريدون ذلك. فإتفقنا وإياهم على صياغة ورقة عمل مشتركة وبرنامج مشترك للمرحلة الانتقالية واسلوب عمل متناسق للمرحلة الآنية اي العمل على اسقاط النظام. هذه الورقة المشتركة تصبح وثيقة من اجل عقد مؤتمر وطني تطالب به الجامعة العربية من اجل تعزيز ودعم الدور العربي للإعتراف الرسمي بالمجلس الوطني والتأسيس لبدء المرحلة الانتقالية في سوريا.

ولعله من الضروري التذكير بأن المجلس الوطني يضم معظم التنسيقيات على الأرض، إن لم يكن جميعها، وهو يمثل الثورة سياسيا وهو الطرف السوري الذي يحاور جميع الأطراف الدولية فيما يخص الموضوع السوري وهذا كان واضحاً خلال الأسابيع الماضية وسيتعزز خلال الأسابيع القادمة.

[ هل توصلتم الى اتفاق نهائي حول هذه الورقة؟ وما مضمونها؟

ـ لقد حصلت نقاشات طبعا بشأن ورقة العمل المشتركة، واظن ان وفد المجلس الوطني توصل مع هيئة التنسيق الى اتفاق سيتم عرضه على المعارضة. يرتكز الاتفاق بشكل رئيسي على اربعة نقاط هي:

اولا: الهدف من اي محادثات تجري بخصوص الأزمة السورية يجب ان يكون حول نقل السلطة الى حكومة ديموقراطية تمثل الشعب، اي انه لم يعد هناك اي مجال للحوار مع النظام الذي رفض تماما تطبيق المبادرة العربية. ولا حوار مع النظام لا حول اصلاحات ولا حول تسوية ولا حول اي موضوع آخر. هناك فقط قبول بالتفاوض حول نقل السلطة الى الشعب.

ثانيا: الإجراءات التي ستتبع ذلك هي تنحي بشار الأسد. ولا اقول هنا كلمة “رئيس” لأنه لم يعد رئيسا بنظر الشعب السوري. وهذا التنحي هو اشعار ببدء المرحلة الانتقالية وسيكون الخط الفاصل بين المرحلة الراهنة ومرحلة الانتقال الى الديموقراطية التي ستبدأ ايضا بتطبيق قرار المجلس الوزاري العربي عبر سحب قوى الامن من الاحياء والشوارع واطلاق سراح المعتقلين جميعا من دون استثناء.

ثالثا: بعد تنحي الأسد يتم التباحث مع رجال الدولة السورية غير المتورطين في اعمال القمع والعنف، التي يرتكبها النظام ضد المدنيين، من اجل اشراك هؤلاء في رسم معالم المرحلة الانتقالية في سوريا.

رابعا: اعداد اجندة واضحة للمداولات وتحديد سقف زمني لإنهائها.

هذه هي النقاط الرئيسة التي تتفق عليها جميع اطياف المعارضة السورية دون استثناء. هذه الورقة سوف تنجز في القريب العاجل ان شاء الله بإنتظار الموعد الذي تحدده الجامعة العربية لعقد المؤتمر الوطني.

[ العديد من السوريين يطالبون بضم المعارض هيثم المالح الى المجلس الوطني السوري. ما موقفكم من هذا المطلب؟

ـ هيثم المالح اسم كبير في سوريا وهو في اساس الحركة الاحتجاجية الشعبية والثورة السورية. ومكانه محفوظ في المجلس الوطني وفي المكتب التنفيذي متى أحب الإنضمام.

[ لقد كان مُجدْوَلاً ان تعقد الهيئة العامة للمجلس الوطني اجتماعها الاول في تونس مطلع الشهر الجاري. لكن الاجتماع لم يُعقد. لماذا؟

ـ اضطررنا الى تأجيل الاجتماع في تونس الى منتصف الشهر الجاري لأسباب لوجستية بحتة. تم تأجيله اسبوعين لإستكمال الإستعدادات اللوجستية والأمنية والفنية.

[ بما ان الحلول مع المعارضين الآخرين قد اجترحت ولم يعد هناك خلاف بين الاطياف. ماذا تنتظر الدول العربية والغربية للإعتراف بكم ممثلا شرعياً للجمهورية السورية؟

ـ طبعا نحن نسعى لهذا الاعتراف، وقد يكون هناك لدى الجامعة العربية موعدا زمنيا تحدده لهذه الخطوة. لكننا حتما سنطلب هذا الاعتراف من الجامعة العربية كما نطلبه من الدول الأخرى.

[ لقد تضمن البيان الختامي لمجلس خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل تنويها بالمعارضة السورية التي تنبذ العنف وتلتزم بالحريات والديموقراطية واكدوا ثقتهم بإلتزام المجلس الوطني بهذه النقاط. كيف تقيمون علاقة الاتحاد الاوروبي بكم؟

ـ اعتقد ان الاتحاد الاوروبي يخطو خطوات حثيثة نحو الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلا شرعيا للدولة السورية. فالطريقة التي تتعامل معنا بها الدول الاوروبية تدل على الاعتراف السياسي البحت فنحن لا نلتقي الا وزراء الخارجية ووفقا لبروتوكولات الزيارات الرسمية. وعندما نلتقيهم يؤكدون ان المجلس الوطني هو الممثل الرئيسي والشرعي للمعارضة وللثورة وقريبا لسوريا. انما ليس هناك الآن قرار دولي للإعتراف بالمجلس رغم اننا نسعى الى ذلك ونؤكد لدى الجميع مدى اهمية خطوة الاعتراف بالمجلس كإشارة تؤكد القطيعة النهائية مع النظام.

[ هل برأيك ستشكل الإدانة الواضحة الصادرة عن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة مظلة للممرات الانسانية التي طلبتم من وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه العمل عليها مع الفرقاء الدوليين؟

ـ الممرات الانسانية او المنطقة العازلة هما اليوم موضوع النقاش الرئيسي على طاولات الاجتماعات العربية والدولية. الجميع الآن يعد الخطط والتصورات الكفيلة بتحقيق هذه المناطق الآمنة لمساعدة الناس.. بالطبع ان ادانة النظام بجرائم ضد الانسانية من شأنه ان يزيد من حدة الضغوط على النظام ويحمل كافة الدول الى الاقتناع اكثر بجدوى الإسراع في انشاء هذه الممرات الانسانية او اي اجراء آخر يضمن حماية المدنيين السوريين ويجبر النظام على وقف آلة القتل.

[ اغلب الظن انه لن يوافق طوعا على مثل هذه المناطق. ماذا سيحصل في حال أصر على رفضه؟ كيف يمكن فرض آلية الممرات الانسانية هذه؟

ـ لا يزال هناك وقت للبحث في آليات تطبيق الممرات الأمنة. وبالطبع الجميع ينظر في هذه المسألة الآن ونحن نسعى في كل اتصالاتنا لتنفيذ هذه الخطة في اسرع وقت ممكن لأن كل ساعة تمر يدفع فيها اهلنا في سوريا ضريبة دم ثمنا غاليا لها.

[ لقد قصدت ان اسأل كيف سيتم فرض هذه الممرات؟ بالقوة العسكرية مثلا في حال اصر النظام على اغلاق ابواب سوريا امام المراقبين والمنظمات الانسانية ووسائل الاعلام الدولية؟ واي نوع من القوة العسكرية سيتم استخدامها ومن سيقوم بها؟

ـ لن نشرح الآن تفاصيل التدخل. نكتفي بالقول انها مسؤولية المجتمع الدولي وعليه ان يلتزم ويتعهد بها. الآلية المحتملة كما يفترض ان تكون بعد قرار الجامعة العربية والبيان الأخير لمجلس خارجية الاتحاد الاوروبي وادانة مجلس حقوق الانسان للنظام السوري بجرائم ضد الانسانية، في حال اصرار النظام على عدم وقف القتل والسماح بالمناطق الآمنة ورفض التوقيع على المبادرة العربية، هو ان ترفع القضية برمتها الى مجلس الأمن الدولي الذي يفترض فيه تحمل المسؤولية واصدار قرار يدين النظام. والتحدي يمكن هنا في مدى سرعتنا في انجاح الضغط على كل من روسيا والصين من اجل استصدار قرار يؤكد على الضرورة الملحة لحماية المدنيين.

[ ثمة من يرى ان مفتاح الضغط على بكين وموسكو هو اليوم بيد الدول العربية. خلال اتصالاتكم الاخيرة ولا سيما مع الحكومات العربية، هل لمستم لديهم اي امل في تغيير موقفي روسيا والصين؟

ـ نعم يوجد تغييرات في الموقفين الروسي والصيني. وانا اعتقد ان هناك امل كبير في تمرير قرار دولي في حال نجحت المفاوضات غير المعلنة التي تجري لا سيما مع الجانب الروسي. في مثل هذه الاوضاع هناك دائما مفاوضات معلنة واخرى غير معلنة تتم على مدار الساعة وخاصة بين الدول الغربية وروسيا. وانا اعتقد ان روسيا قد تمتنع عن التصويت لصالح القرار ولكنها على الأقل لن تستخدم حق النقض الفيتو. ونحن بصراحة خلال اجتماعنا بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو خرجنا بعناصر ايجابية جيدة واعتقد انه منذ ذلك الحين بدأ الروس جديا بالتفكير بتغيير موقفهم حيال الوضع في سوريا. اليوم الموقف الروسي أقل حدة مع المعارضة السورية من الفترة السابقة وهم اكثر انفتاحا على التعاون من اجل وقف آلة القتل والقمع وحماية المدنيين.

[ لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم اوضح في مؤتمره الصحافي ان النظام لا يخاف من تدخل عسكري عربي اذا حصل لأن العرب ليس لديهم قدرة كافية وبدا مطمئنا الى ان لا تدخل دولي طالما الفيتو الروسي موجود. ما تعليقك؟

ـ يعني هو حقيقة يتحدث دائما بأمور تفقده ما بقي لديه من مصداقية، مثلما حصل من خلال فيلم الفيديو الذي عرضه ليبرهن عن المآسي التي تحصل في سوريا على أيدي الارهابيين والعصابات المسلحة والجميع يعلم المصدر الحقيقي لهذه الصور. لهذا لا اظن ان هناك احدا عاقلا في العالم يمكن ان يستمع الى وليد المعلم او يأخذ اقواله على محمل الجد.

[ لقد استقبلتم في معظم العواصم العربية والاوروبية. حتى موسكو استقبلتكم ولكن اللافت ان واشنطن لم تقم بعد بهذه الخطوة حتى الآن. ما هو السبب برأيكم؟

ـ سؤال ممتاز يدل على ان ما يتشدق به كوادر النظام السوري وحلفاءه الايرانيين واتباعه في لبنان عن مؤامرة اميركية غربية لضرب النظام الممانع ماهو الا هراء وافتراءات على الشعب السوري العظيم الذي طالما احتضن كل عمل مقاوم لإسرائيل الى ان سقط القناع عن أوجه الذين يدعون المقاومة والممانعة سواء ايران او صنيعتها حزب الله. فبمجرد ان خرج السوريون المقهورون ليطالبوا بأبسط حقوقهم انكرهم الذين يطلقون على انفسهم إسم المقاومين واتهموهم بالعمالة تارة لأميركا وتارة لإسرائيل. نحن لم نتلق حتى الآن اي دعوة رسمية الى واشنطن على غرار الدعوات التي تلقيناها من دون ان نطلبها من كل من موسكو وبرلين وباريس ولندن وانقرة وغيرها من العواضم العالمية.

نحن انطلقنا من قناعة بقضية الشعب السوري وبدأ تحركنا على الصعيد العربي وحققنا نتائج مهمة وانتقلنا الى الجانب الاوروبي حيث حققنا ايضا نتائج ايجابية ومرضية. هذا لا يعني ان الاميركيين لا يجرون اتصالات معنا وربما يحصل لقاء رسمي قريبا، ولكن هذا ان دلّ على شيء فإنه يدل على ان الثورة السورية هي ثورة حقيقية لشعب يطالب بحقوق يمنحها الخالق للإنسان بمجرد وفوده الى هذا العالم، وليس كما يدعي حزب الله والنظامين الايراني والسوري بانها مؤامرة خارجية مبرمجة من الخارج. واود هنا ان اؤكد ان جميع الدعوات التي تلقاها المجلس الوطني السوري من العواصم الغربية جاءت بمبادرات من وزراء خارجية تلك الدول وليس بطلب منا.

[ اذا نفهم ان الاتصالات مع الدول الغربية تتركز بشكل رئيسي مع الاوروبيين وتحديدا مع وزير خارجية فرنسا الان جوبيه؟

ـ للصراحة جميع وزراء الخارجية الاوروبيين يقومون بمبادرات قوية لمساعدتنا. لا شك ان مواقف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه عظيمة وداعمة جدا لنا وللشعب السوري ونشكره عليها، انما الوزراء الآخرون ايضا يقومون بمبادرات قوية جدا. واوضح هنا انه يوجد اتصالات ايضا مع الجانب الاميركي ولكنها لم تصل بعد الى المستوى نفسه من التواصل مع الجانب الاوروبي لكن الاميركيين يؤكدون لنا في اتصالاتهم دعمهم لجهودنا ونضال الشعب السوري. وبالطبع أهم اتصالاتنا هي التي نجريها مع جامعة الدول العربية التي هي اليوم صاحبة اقوى مبادرة لحضّ دول العالم ومجلس الامن الدولي على تقديم آليات تضمن حماية المدنيين السوريين.

[ التقيتم بقيادة الجيش السوري الحر أخيرا في اسطنبول. كيف كانت اجواء اللقاء وما مستوى التنسيق مع هذا الجيش؟

ـ طلبنا من الجيش الحر ان يضبط اعماله في اطار استراتيجية الثورة السلمية التي لا يزال المجلس الوطني يدافع عنها ويشدد على الحفاظ عليها. بمعنى ان عملياته يجب ان تقتصر على الدفاع عن الشعب وان لا يبادر بهجمات على القوى المسلحة الأخرى لأننا نعتبر افراد القوى المسلحة هم ايضا ابناء سوريا وهؤلاء سيلتحقون يوما ما بالثورة وربما يكون هذا اليوم أقرب مما نتصور. لذا نحن لا نريد ان ندخل في اطار حرب أهلية. نحن ايضا نريد من خلال التنسيق مع الجيش الحر، والتنسيق هنا لا يعني اننا نتبنى كل ما يقوم به هذا الجيش لكن التنسيق هنا يعني التشاور والحوار معه وطلبنا اليه تنظيم صفوفه جيدا اي ان يتمكن من الاتصال بجميع الجنود المنشقين الموجودين على مساحة الوطن كي تأتي عملياتهم جميعا منسقة ومسؤولة، وان يخضعوا لقيادة واحدة يأتمروا بها كي لا نقع مع الوقت في محظور نشوء ميليشيات تتصرف كل على هواها او ان تخرج مثل هذه الميليشيات عن نطاق السيطرة بعد سقوط النظام.

[ لقد تأسس المجلس الوطني في اسطنبول والجيش الحر يصدر اوامره من تلك المدينة التركية. كيف تقوم الموقف التركي الرسمي من الثورة السورية وخاصة بعدما ابدى اليوم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ان صبر بلديهما تجاه الأسد بدأ ينفد؟ هل هذا يعني ان خطة المنطقة العزلة التي تتداولها تركيا اصبحت قريبة؟

ـ الموقف التركي كان ولا يزال جادا وصادقا في الوقوف الى جانب الشعب السوري والإنحياز لثورته. وهذا ما نتوقعه بطبيعة الحال من دولة ديموقراطية جارة كتركيا. الأتراك باتوا ينسقون بشكل حثيث مع الجانب الأميركي بشأن الملف السوري. أما في ما يتعلق بالمنطقة العازلة فالموضوع يبحث هذه الأيام بكل تفاصيله.

[ اعود هنا الى الخطوات التي يمكن اتخاذها من اجل تسهيل استصدار قرار في مجلس الامن. المراقبون يعتقدون ان اعترافا رسميا بكم عربيا ودوليا على غرار المجلس الانتقالي الليبي من شأنه ان يسهل هذه المهمة لأنه يرفع الغطاء بشكل حاسم عن النظام البعثي. لكنكم تتحدثون عن عقبات دولية قانونية تعرقل هكذا اعتراف، هل هذا له علاقة بعدم وجودكم على اراض سورية اي ان الانتقالي الليبي كان له منطقته الخاصة في ليبيا الامر الذي سهل قانونيا الاعتراف به دوليا؟

ـ الجميع يدرك ان ليبيا كان لها وضعا استثنائيا خاصا بها. لأنه في الظروف الطبيعية لا يتم الاعتراف بحركة سياسية على انها تمثل سلطة شرعية لبلد ما، ولا يوجد تقاليد تنص على الاعتراف بحركات سياسية معارضة على انها تمثل الشرعية في البلدان. انما الوضع الليبي كان استثنائيا فهم كانوا يسيطرون على ارض ليبية ولديهم جيش وحكومة اي انهم كانوا يملكون مقومات دولة حقيقية. والصراع هناك كان من اجل وضع بديل مباشر مكان نظام معمر القذافي. الوضع في سوريا ليس مشابها فنحن تآلف سياسي قوي لكننا لسنا حكومة. المجلس الانتقالي الليبي كان يشكل حكومة بديلة، نحن لم نشكل بعد حكومة وربما في حال قمنا بذلك سيتم الاعتراف بحكومتنا كسلطة شرعية تمثل الدولة السورية.

[ هل المناطق او الممرات الآمنة من شأنها السماح للمجلس الوطني السوري السيطرة على منطقة سورية ما تؤدي الى اعتراف فوري به ممثلا شرعيا للجمهورية السورية؟ قد تكون هذه المنطقة حمص مثلا نظرا لكونها المدينة الاكثر تعرضا لأعمال القتل والقمع؟

ـ لا يزال موضوع المنطقة التي سيقام فيها ممرات آمنة قيد الدرس. ومسالة تحديد اي مدينة او منطقة في سوريا هي مسالة تقنية ولوجستية ايضا. فمدينة حمص على الرغم من استهدافها بشكل كبير الا ان هناك مشكلة في موقعها الجغرافي لوجودها في وسط سوريا ولقربها من الحدود مع لبنان والوضع في لبنان ليس سهلا كما تعلمون فالسلطة اللبنانية بأيدي النظام السوري وحلفائه لذا لا يمكن المخاطرة بتوجيه الممرات الآمنة الى حمص لأنها قد تستوجب حماية عسكرية لتأمينها ليس فقط داخل الاراضي السورية بل ايضا داخل الاراضي اللبنانية. هذا تحدٍ رئيسي في بلورة هذه الموضوع ونحن ندرس هذا الموضوع بدقة وحذر من كافة الجوانب اللوجستية والعسكرية والأمنية والسياسية والمالية والقانونية.

[ يشكك البعض في جدوى العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عربيا وعالميا على النظام. خاصة مع وجود حكومتين في لبنان والعراق قريبتين منه ومن حليفه الايراني. ما رأيك حول هذه المخاوف؟

ـ اعتقد ان هذه العقوبات ستكون فعالة فهي ستعوق جميع العمليات المالية والتحويلات وستوقف كل الاستثمارات والمهم انها ستدفع بطبقة رجال الاعمال والمستثمرين في سوريا الى النأي بنفسها عن النظام والابتعاد عنه. لأن هؤلاء سيرون فيها مؤشرا واضحا على ان النظام انتهى دوليا ومحليا وفقد سيطرته على الوضع المالي بشكل كبير وانه لن يتمكن من العودة الى ما كان عليه سابقا في اي حال من الاحوال.

[ تصريحات النظام تشير الى مراهنته على الوقت خاصة وان العام المقبل يشهد انتخابات رئاسية في فرنسا واميركا. وهو ينتظر ربما معجزة قد تنقذه في حال تغيرت الوجوه السياسية التي تضيق الخناق عليه اليوم. الى اي مدى انت تعتقد ان بإمكانه الرهان على هذا الموضوع؟

ـ النظام يعيش في الوهم واحلامه بعيدة جدا عن الواقع. هو يوهم نفسه بانه قادر على البقاء وقادر على الاستمرار في القتل وقادر على خداع المجتمع الدولي واستعادة علاقته السابقة مع الاسرة الدولية وهذا كله من المستحيلات. هذا ما تؤكده جميع الاجراءات التي تتخذها جميع البلدان بإستثناء روسيا والصين وايران ولبنان. وحتى روسيا والصين بدأتا من حين لآخر تؤكدان ان الوضع في سوريا لا يمكن ان يستمر على هذا المنوال فهما لا تستطيعان الى ما لا نهاية تغطية جرائم القتل اليومية التي ينفذها النظام السوري بحق شعبه. انه نظام واهم وليس لديه اي شعور موضوعي بالواقع.

[ هل لديكم ضمانات من الدول العربية انها ستواصل وضع ثقلها في الميزان لصالح تغيير النظام في سوريا وانها لن تتراجع اطلاقا ولن تخشى التحركات التي تثيرها ايران داخل الخليج العربي من حين لآخر لتوتير الأجواء الداخلية في البلدان العربية ؟

ـ اعتقد ان قرار الدول العربية بالقطيعة النهائية مع النظام السوري وازالته هو قرار نهائي ولا رجوع عنه.

[ لماذا اذا لم يطرد سفراء النظام السوري من العواصم العربية؟

ـ هذه اجراءات تتعلق بالسيادة والتفاصيل القانونية الخاصة بكل حكومة عربية. لكن المسؤولين العرب يؤكدون انها قطيعة نهائية مع النظام واجراءاتهم تدل على ذلك. والقرارات التي اتخذتها الجامعة العربية ضد النظام السوري هي قرارات غير مسبوقة. لأول مرة تأخذ الجامعة العربية قرارات بعزل نظام عربي ما واتهامه بقتل شعبه وتضغط عليه لإجباره على القيام بخطوات يرفض القيام بها مثل وقف القتل وسحب القوى الامنية والسماح بادخل مراقبين دوليين واطلاق سراح المعتقلين الخ. هذه الخطوات مهمة للدلالة على الارادة الصلبة للجامعة العربية لحل الأزمة السورية.

[ لنفترض ان المسألة رفعت مجددا الى مجلس الأمن الدولي واعادت روسيا الكرة واستخدمت حق النقض الفيتو؟ ما هي الحلول المتاحة عندها؟ هل يمكن حصول تدخل عسكري من دون غطاء من الامم المتحدة؟

ـ كل شيء يأتي في اوانه. طريقة التعامل مع النظام ستتغير تدريجيا بحسب التطورات الميدانية. الآن يتم تشديد الضغوط على النظام سياسيا واقتصاديا وماليا ومعنويا مع وضع خطة تهدف الى حماية المدنيين بطريقة دفاعية لا هجومية ونراهن على ان هذه الضغوط ستؤدي الى تفكيك النظام وتصدعه وستسمح للشعب السوري ان يكون اكثر فاعلية على الارض وان يكون اكثر قدرة على التحرك ميدانيا دون التعرض للقتل والقمع وهنا ستتسع رقعة التظاهرات حتما وستصبح قدرة السعب الثائر على حسم الامور اسرع واكبر. نحن متأكدون من قدرة شعبنا على الاطاحة بالنظام بمجرد توقف آلة القتل عن الفتك به. هذه هي المساعدة التي نطلبها دوليا فقط وقف آلة القتل ومن ثم شعبنا قادر على قلب النظام والاتيان بنظام جديد يستجيب لآماله وتطلعاته.

[ روسيا وايران تحذران دائما من التدخل الخارجي في الشؤون السورية، وفي الوقت نفسه تمد الاولى النظام بالسلاح في حين تساعده الثانية، بحسب تقارير بريطانية واوروبية، على الصمود والمزيد من القتل والقمع. على الرغم من هذا خلال لقائي ببعض المعارضين السوريين تحاشى هؤلاء التطرق الى الدور الايراني في ما يحصل داخل سوريا. لماذا تخشى المعارضة السورية انتقاد طهران؟

ـ اذا اردنا الحديث عن التدخل العسكري في سوريا. فالتدخل العسكري الوحيد الحاصل هو الذي يطلبه النظام فهو يعتمد على التدخل والدعم العسكري الخارجي وهو يراهن على حماية عسكرية ما عبر استمراره يإستيراد السلاح من روسيا وايران. لا احد يخشى انتقاد ايران لأن لا احد قادر على انكار دعمها المالي والاقتصادي واللوجستي والسياسي للنظام وتزويدها له بادوات عسكرية يستخدمها للمزيد من القمع. وفوق كل هذا هم يتبنون اطروحة النظام ويدافعون عنها ويعتقدون ان ما يحصل في سوريا هو مؤامرة خارجية ضد النظام لذلك هم لا يتورعون عن الاعلان عن مساعدتهم النظام على ضرب ما يسمونه بالمؤامرة. من الصعب جدا ان يقدر احدا ان ينفي الدور الايراني في ما يجري في سوريا اليوم وخاصة فيما يتعلق بتعزيز قدرة النظام على الاستمرار والقمع.

[ اتهم امين عام “حزب الله” حسن نصر الله في خطابه الأخير المعارضة اللبنانية عموما وتيار “المستقبل” خصوصا بالتحريض المذهبي والطائفي وتصوير المشهد الداخلي في سوريا على انه حرب يقودها الشيعة المدعومين من ايران ضد السنة. هذا اضافة الى اتهامات سابقة وجهها أتباع النظام في لبنان للرئيس سعد الحريري بالتآمر ضد النظام ودعم الثوار بالسلاح والمال. كيف ترى اتهامات نصر الله وحلفائه؟

ـ من الواضح أن حسن نصر الله في حالة ارتباك وضغط كبيرين جراء تهاوي حكم حليفه النظام السوري. نتمنى أن يتعقل “حزب الله” قبل التمادي في إطلاق أي تصريحات أو ممارسات فكفة الميزان لن تكون في صالحه قريباً. لن تتدخل الحكومة المقبلة لسوريا في الشأن الداخلي اللبناني، لذا فإننا نرسل برسالة واضحة لجميع حلفاء وعملاء وأزلام النظام السوري في لبنان أن يفكروا بمستقبلهم في بلدهم بين أبناء وطنهم بعد انهيار هذا النظام المجرم البائد في دمشق.

[ الحكومة اللبنانية صوتت ضد قرار العقوبات العربية مرتين لتعود وتلتزم بتنفيذ هذه العقوبات على مضض. كما انتقدت السلطات اللبنانية مرارا لجوء اطياف المعارضة اللبنانية المتمثلة بشكل كبير بتحالف قوى الرابع عشر من آذار الى مساعدة اللاجئين السوريين الذين يتوافدون الى الاراضي اللبنانية. وحصلت عمليات اختطاف لمعارضين سوريين داخل الاراضي اللبنانية من دون ان تحرك هذه الحكومة ساكنا. كرئيس اكبر تكتل سوري معارض يعمل من اجل حماية المدنيين السوريين، ماذا تقول للحكومة اللبنانية ولرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان؟

ـ أتمنى على الرئيس سليمان أن يكون قراره مستقلاً وذو سيادة وألا يكون خاضعاً لإملاءات النظام في دمشق. كنا نتمنى أن يحتضن اللبنانيون جميعهم، وليس فقط طرف منهم، العائلات السورية اللاجئة في لبنان تماما مثلما فعل السوريون مع إخوتهم من جنوب لبنان في حرب عام 2006. لقد كانت بيوت السوريين جميعهم مفتوحة لأشقائهم، وتقاسموا معهم أقواتهم، أفهكذا يكافئ الجار جاره؟

[ لنتحدث الآن في سوريا المستقبل، سوريا بعد الأسد. كيف سيكون الوضعين السياسي والامني للدولة السورية محليا ومع دول الجوار وبالأخص مع لبنان وحركتي “حزب الله” و”حماس”؟ وكيف ستصبح العلاقة مع ايران؟

ـ ستحترم سوريا المستقبل القوانين والمعاهدات والاتفاقات والأعراف الدولية، ليس فقط بما يخص دول الجوار، بل كل دول العالم. لن تكون لنا علاقة مع “حزب الله” الذي سيتغير حجمه بالطبع، وعلاقتنا مع “حماس” ستكون عبر منظمة التحرير الفلسطينية التي تتفاوض معها حماس الآن. “حماس” اليوم ليست “حماس” الأمس التي كانت مدعومة مصلحياً من النظام السوري. أما العلاقة مع إيران فسيعاد تقويمها بكل تفاصيلها، سيتوقف التعاون الأمني والعسكري بالطبع وستقام العلاقات الاقتصادية معها حسب الضرورة وضمن مبدأ “سوريا أولاً”.

[ يعمل النظام واتباعه في لبنان على تخويف الرأي العام ولا سيما الشارعين المسيحي والشيعي من البعبع الراديكالي السني في حال سقوط الأسد. ماذا تقول للمسيحيين والشيعة في لبنان وسوريا؟

ـ نقول لهم ان ما يحمي المسيحيين والشيعة في لبنان هو تاريخ هذا الشعب العظيم. اول رئيس وزراء لسوريا بعد الاستقلال كان مسيحيا (فارس الخوري) ورموز الثورة السورية الكبرى، ثورة الاستقلال هم صالح العلي (العلوي) وسلطان باشا الأطرش (الدرزي) وحسن الخراط (السني) وابراهيم هنانو (الكردي). ان من المؤسف ان تنطلي حيل النظام والاعيبه وسياسة التخويف التي يتبعها على البعض من اهلنا في سوريا او في لبنان. وبسبب ادراكنا لأسباب التخوف لدى ابناء الطوائف المتنوعة قررنا في المجلس الوطني تجريم التمييز في سوريا المستقبل على اي اساس كان، ونفكر في وضع آليات وتطبيق خطط تريح الشارعين المسيحي والشيعي.

[ سؤال اخير نختم به ويطرحه السوريون الثائرون يوميا. اين اصبحت الثورة السورية اليوم؟ ما هي المسافة التي اجتازتها نحو النصر؟ وبتقديرك كم بقي من عمر النظام؟

ـ لقد اجتازت الثورة السورية النصف الاهم والاصعب من معركتها ضد النظام. نحن الأن في مكان ما بين نصف الطريق وآخره. واتوقع ان سقوط النظام بات مسألة اشهر معدودة بإذن الله.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى