أحمد عمرصفحات الثقافة

رابطة الكتاب السوريين على الثغور/ أحمد عمر

 

 

سألني الصحفي  بيتر شتاينمر الذي يعمل في صحيفة ألمانية محلية، عن شؤون رابطة الكتاب السوريين وأحوالها، فذكرت له قصة نشوئها وتأسيسها، وأن اسمها اقتدى باسم رابطة الكتاب السوريين التي تأسست عام 1952 في مرحلة الطفولة بعد الاستقلال عن الاستعمار الحبيب، وتحوّلت لاحقا إلى اتحاد الكتاب العرب عام 1969 في ظل حزب البعث “العربي” الاشتراكي، فسأل عن الاسم مرة ثانية، وذكر لي أنه رأى تغيراً في  قومية الاسم، فقد كان عربياً سابغاً ثم صار في عهدنا اسماً سورياً إقليميا، فذكرت له أن هذا لم يكن في عهدنا وإنما في عهد الأسد وليس له عهد إلا الأباطيل، والاسم يبيّن أن الاستعمار كان أرحم من الطغيان والدكتاتورية، وذكرت له أن عدد أعضائها حوالي ثلاثمائة عضو وفيهم كتاب عرب، ورأى المؤسسون أن صفة السوري لا تسقط جنابة العروبة، وتفتح جناحا من الرحمة لكتاب سوريا كلهم ففيهم كتاب بلغات أخرى، وأن التغير مردّه التحولات الكبرى التي طرأت على سوريا التي يغلب على مزاجها وعقيدتها الهم العربي العام، أما الهزال الوطني الذي طرأ على اسمها العربي الكبير فهو مؤقت، وسببه الأقليات التي غلبت في أدنى الأرض وفي أقصاها، ومرده  أيضا المزاج العالمي في تأميم قاعدة “فرق تسد”، وذكر لي أن صحفيا أو أثنين اتهما الرابطة بالنصب المالي والنصب الثقافي، فقلت له إن  أحد الاتهامين باطل وفرية وإفك، فنحن نعمل تطوعاً، وكل مصروفات الرابطة مسجلّة بالقرش في كتاب، بل إن بعضنا ينفق عليها من حرّ ماله والجهد أغلى من المال، ويقتصر نشاطنا الحالي على موقع الرابطة الذي يصدر بلغتين عربية وكردية ونطمح إلى لغات سورية أخرى.

والثاني إصدار مجلة “أوراق” وهو اسم مرتجل أيضا، ولا بدعة وإبداع فيه، فأنا اعرف أكثر من مجلة لها هذا الاسم فهو من البالة، والسكند هاند، أما النصب الثقافي فلم أفهم محتواه.

فقال: ماذا كنت ستسمي المجلة؟

قلت: كنت اقترحت اسما من شقيقات أوراق، وصواحبه، مثل: صحائف، طوامير، طروس، كناش، كشاكيل، ِرقاق..

فقال: يشاع أن رئيس الرابطة صادق جلال العظم لا علاقة له بها فهو مريض وأنتم تنتحلون اسمه، فقلت له: لا تصدق ما يشاع، فالمكتب التنفيذي للرابطة يلجأ إليه مستشيراً في الأمور الاستراتيجية، فلنا أعداء بين الأصدقاء أكثر من أعدائنا الخُلص، “أوراق” تطبع مجاناً على نفقة إحدى دور النشر، أما مكافآتها فهي تبرع من أحد رجال الأعمال وقد أدار لها ظهر المجن، ليهتم بأعماله ونحن نبحث الآن عن جهة تظله بظلِها المالي والعالي، وهي أجور توزيع المجلة  البريدية لا أكثر، أذكرك أن الربطة كانت ترعى جائزة المزرعة، وقد توقفت بسبب الحرب وأسباب أخرى جعلتنا ندعو الله: اللهم عليك بأصدقائي أما أعدائي فأنا أتكفل بهم.

قال: إنكم متهمون بأن أهميتكم تصدر من عدوكم وليس منكم؟

فقلت هذه ليست تهمة وهذا يشبه أن تقول إن أهمية المعارضة السورية تصدر عن معارضتها للأسد، نحن نعارض إذا نحن موجودون.

وقلت: اتحاد الكتاب العرب الذي يرأسه رئيس غير منتخب، او منتخب من فروع المخابرات السورية، ولا يمثل الكتاب فيه خصم مبين، ونحن في المنفى أكثر تمثيلاً للكتاب السوريين لكننا أضعف شوكة، ولا نشترط على أحد سوى شرط الحرية، وكنا نريد أن نشغل موقعه بين اتحادات كتاب العرب الذي أقيم في الإمارات.

تعرف الحال فقد انتصرت الثورات المضادة ونحن منبوذون.

قال: كيف تديرون المجلة والموقع؟

قلت: عبر غرفة افتراضية في السوشال ميديا.

سألني عن علاقتنا بحبيب صايغ فقلت: جرت معركة صغيرة حين احتج الرجل على مقال أحد الزملاء وردت فيه كلمة فطلب حذف المقال من الموقع وهو أمر أضحك الصحفي الألماني ضحكة كبيرة غير مصدق، أما أنا فقد كنت ضحكت منه سابقا.

قلت: تصور شاعرا ورئيس اتحاد يطلب حذف مقال من موقع. لم يتحمل الرجل كلمة معارضة. كيف تنمو الثقافة بالحذف وهل تغتني الثقافة بالحوار والجدال أم بالاستئصال؟

قال: هل حقا تريدون أن تصير رابطتكم عضوا في الاتحاد؟

قلت: يؤسفنا البيان الذي صدر عنه. كنا نريد رابطتنا خروفا أسود في القطيع، ودليلا على ديمقراطية الاتحاد وسؤدده (كما كان ياسين بقوش يكرر في مسلسل “وادي المسك”)، نريد كتابا أحرارا يهتمون بحرية الكلمة لا بمكافأة الأمسية وبطاقة الصحة والسياحة والتقاعد والحفر على الخشب.

قال: ثمة من يرى أنكم تشهبون الاتحاد في سوريا، فصلتم عضوا من المكتب التنفيذي؟

قلت: هذا قول غير صحيح، الرجل كردي ودخل في خصومة مع كردي، فالمشتكي والمشتكي عليه كرديان، وقد أرسلنا منبهين أنه لا يجوز تسريب قرارات الاتحاد قبل ينعها ونضوجها، لكنه أراد الاحتفال على صفحته بالحدث، فجمدنا عضويته بعد الشكوى، ففرح الرجل بها، وزعم أننا لا زلنا مثل الاتحاد البعثي، ولسنا كذلك، ونرحب به عضوا وفي الموقع نفسه إذا اعتذر عن خطئه، لكن الرجل يحبُّ مواقع بطولة الضحية، وهو جان وليس ضحية، وصفحته تطفح بالعنصرية، وهذا ما قامت رابطتنا من أجل مكافحته ومعارضته.

قال: سمعت أن في رابطتكم أيضا كيانا يشبه روج آفا؟

قلت: هذا أيضا قول مبالغ به، فلأحد الأعضاء نشاطات يصرف عليه من جهده وجيبه، وكل النشاطات يتم الاتفاق عليها مع الرابطة، نحن في مرحلة نرحب بأي نشاط يجري تحت اسم الرابطة، أذكرك بقول معمر القذافي الذي لا يخلو من الحكمة والظرف: نشاط ولو على ظهر حمار.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى