صفحات الثقافة

رافئيل ألبرتي:الشعر أثمن كنز في العالم/ حسونة المصباحي

 

 

 

أعرف أنّ الجوع يذهب بالنّعاس

ولكن عليّ أن أستمرّ في الغناء

وأعرف أن السّجن يُعْدم الأحلام

أو يحوّلها إلى كوابيس سوداء

لكن عليّ أن أستمرّ في الغناء

وأعلم أنّ الموت يقتل الحلم

!ولكن عليّ أن أستمرّ في الغناء

رافئيل ألبرتي

هكذا غنّى الشاعر الأندلسي رافئيل ألبرتي الذي أمضى الشّطر الأكبر من حياته في المنافي هربا من نظام الجنرال فرانكو، ولم يعد إلى بلاده إلاّ عام 1977، أي بعد مرور عام واحد على رحيل “الكوديّو”، وثلاثين عاما على عيشه في المنافي. ومتحدّثا عن صديقه رافئيل ألبرتي، كتب الشّاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا يقول: ”رافئيل ألبرتي كائن ناج من الموت. لقد أعدّت له ألف ميتة، واحدة منها في غرناطة أيضا، وميْتة أخرى كانت تنتظره في “باداخوث”، وفي إشبيليه، المفعمة بالشمس، أو في وطنه الصّغير، قادش. وفي “بوير تودي سانتا ماريا”كانوا يبحثون عنه لشنقه، ولطعنه بالخناجر لقتل الشعر فيه مرّة أخرى. غير أن الشعر لم يمت إذ أنّ للشعر أرواح القطّة السّبع. قد يزعجونه، قد يسْحلونه في الشّوارع، قد يبصقون عليه، ويسخرون منه، وقد يحبسونه، وقد يطلقون عليه أربع رصاصات. لكنّ الشعر يخرج من كلّ هذه الحوادث بوجه نظيف، وبابتسامة من أرز”. ويضيف بابلو نيرودا قائلا: “لقد عرفت رافئيل ألبرتي في شوارع مدريد بقميص أزرق، وربطة عنق حمراء. عرفته مناضلا في سبيل الشعب حين لم يكن هناك شعراء كثيرون يمارسون هذا القَدَرَ الصّعب. لم تكن الأجراس قد قرعت في إسبانيا، لكنه كان يعرف ما يمكن أن يحدث. إنّه رجل من الجنوب، ولد على ضفاف البحر الصّاخب، وأقبية النّبيذ الأصفركالزّبرجد. وهكذا جُبل قلبه من نار الأعناب، وهدير الأمواج. لقد كان شاعرا دائما مع أنّه لم يكن يعرف ذلك في سنواته الأولى…في ما بعد عرفه جميع من في إسبانيا، ثمّ عرفه العالم بأسره”…

نعم لقد أصبح رافئيل ألبرتي شاعرا عالميّا لأن الشعر كان سلاحا ضدّ الظّلم، وضدّ الظّلام. وهذا ما عبّر عنه في أحد الحوارات التي أجريت معه قبيل رحيله،حيث قال:”الشعر هو الفنّ الذي يساعد على تغيير الواقع. لذا لا بدّ أن يكون مفهوما من الجميع حتى ولو كان يقول الأشياء بطريقة صعبة وغامضة…الشّعر هو أغنى وأثمن كنز في العالم. وعندما ينتهي، ينتهي الإنسان. ..لذا سأظلّ اكتب الشعر حتى اللّحظة الأخيرة من حياتي”.

 

**

في قرية بويرتو دي سانتا ماريا الواقعة على المحيط الأطلسي، جنوب إسبانيا، والقريبة من مدينة قادش، فتح رافئيل ألبرتي عينيه على العالم، وكان ذلك في السّادس عشر من شهر ديسمبر-كانون الأوّل 1902. ومنذ البداية عشق البحر. وفي ما بعد سيصبح البحر حاضرا بقوّة في شعره. وفي واحدة من قصائده سيكتب:

البحر، البحر ليس سوى البحر

لماذا أحضرتني يا أبي

إلى المدينة؟

لماذا بعثتني من البحر؟

في الأحلام تشدّ

تموّجات البحر قلبي

وكأنّها ستنتزعه

أبي لماذا أحضرتني هنا

وكان الوالد من أصول إيطاليّة يعمل لفائدة شركة متخصّصة في صنع الخمور. وكان الطفل رافئيل يقضي ساعات طويلة بين براميل الشراب في المحلاّت الواسعة. وفي ما بعد سوف يرتبط الشّعر بنشوة الخمور المعتّقة. وفي مذكّراته التي حملت عنوان “الغابة الضّائعة”يتحدّث رافئيل ألبرتي عن “أوقات الغروب العنيفة، المفعمة بروائح الكحول، حيث تختلط روائح الحَبَق والياسمين اللّيليّ بالرّائحة الحامضة للقيئ”. كما يتحدّث أيضا عن البحّارة السّكارى الذين يسيرون مترنّحين باتّجاه البحر. وعندما يصلون إلى هناك، يسندون جباههم المتوهّجة بأفكار زرقاء، أو هم يطلقون أغان حزينة توحش الصّدى المرتعب على حدّ تعبيره. ويقول رافئيل ألبرتي بإنّه لم ينس أبدا تلك العلاقة التي تنشأ بين الألم، والنشيد،والأغنية، وبين الشعر والصّراخ، وبين القصيدة والصّلوات، خصوصا صلوات الأمهات التي تغذّي الأشعار الشعبيّة الأندلسيّة.

وكانت والدة رافئيل ألبرتي تعشق الشّعر. لذا أتاحت له التّعرّف مبكّرا على العديد من القصائد الشّعبيّة التي تُغَنّى في الأفراح، وفي الأتراح. وفي ما بعد سوف يقول:”لقد علّمتني امّي من خلال القصائد التي كانت تقرؤها لي أن الشعرل بدّ أن يقرأ بصوت عال، وأن يُنْشَدَ بطريقة تشّدّ المستمعين إليه. لذا لم يكن من الغريب أن تتحوّل العديد من قصائد رافئيل ألبرتي إلى أغان بديعة يردّدها الناس لا في بلاده فحسب، وإنّما أيضا في بلدان أخرى مثل الأرجنتين، وإيطاليا، وفرنسا، والصّين. كما لم يكن من الغريب أن يحرص رافئيل ألبرتي طوال مسيرته الشعريّة على ان يقرأ شعره بطريقة فنّيّة عالية. وعن ذلك كتب أحد اصدقائه يقول:”عندما ينشد(يقصد ألبرتي) أغانيه القصيرة، واضعا يديه امام فمه كما لو كان يريدأن يساعده ذلك على إيصال صوته إلى أبعد ما يكون، كان الجوّ من حوله يمتلئ بالغبطة، غبطة صباحيّة يمكن ان يولّدها بائع متجوّل.غبطة الغلال والخضار. غبطة خضراء غضّة. غبطة الأسواق الشّعبيّة. غبطة السّماوات الصّافية. غبطة الضّحك الطّفولي والإنساني الذي يفيض من كلّ شيئ ويملأ كل شيء”…وبعد أن أنهى دراسته في مدرسة تابعة للآباء اليسّوعييّن في قادش، انتقل رافئيل ألبرتي إلى العاصمة مدريد، وذلك عام 1927. وكان في نيّته أن يصبح رسّاما. وهناك أخذ يتردّد على المتاحف، خصوصا على متحف”البرادو” الشهير، متوقّفا طويلا أمام لوحات كبار الفنّانين من أمثال زوربران، وغويا، وفالسكيز، وموريلّو، وتيتيان، وروبنس، وآخرين، محاولا رسم البعض من تلك اللوحات. بين وقت وآخر كان يسمع طلقات رصاص قادمة من بعيد، خصوصا من الأحياء العمّاليّة. وفي الصّحف كان يتابع أخبار المظاهرات، والإضرابات التي تشنّ في العاصمة، وفي مدن أخرى، والمطاردات التي تقوم بها الشرطة للقبض على من كانوا يسمّون في ذلك الوقت ب”المخالفون للقانون”.كما انّ الصّحف كانت تتحدّث بإعجاب عن ثورة البلاشفة في روسيا، وعن زعيمها فلاديمير إليتش لينين. غير انّ كلّ تلك الأحداث لم تكن تثني رافئيل ألبرتي عن الرّسم، وقراءة الشعر، والروايات، والكتب الفلسفيّة.وفي تلك الفترة المتميّزة بالغليان الشّعبيّ، قرأ أعمال الكلاسيكييّن الكبار من أمثال هوميروس، وأريستوفان، ودانتي،وشكسبير. كما قرأ أعمال الشاعر الإسباني الكبير خوان رامون خيمينيث الذي كان آنذاك يصغره بعشرين عاما. وعادة ما كان رافئيل ألبرتي يمضي أيّاما وليال وهو يهيم على وجهه في شوارع مدريد ساعيا لفهم ألغاز حياتها النّهاريّة واللّيليّة. وفي بعد سيقول بإنّ الشوارع كانت المدرسة التي تعلّم منها الكثير، بل أنه تعلّم منها أكثر من ما تعلّمه من الكتب،ومن المتاحف.

 

**

في شهر مارس-آذار 1920، فَقَدَ رافئيل ألبرتي والده. لكن عوض أن يمسك بالرّيشة، أمسك بالقلم، وكتب قصيدة قصيرة فيها يقول:”جسدك الضّخم والفارع الطّول، الشّبيه بتماثيل عصر النّهضة، وبعض الزّهور الذّابلة التي لها بياض الأمراض القاتلة “…وهكذا بدأ رافئيل ألبرتي مسيرته الشعريّة تحت تأثير جوّ مأتميّ. وكانت مجلّة “أفق” أوّل من استقبلت باكورة أشعاره ليكون إلى جانب كلّ من أنطونيو ماتشادو، وفريديريكو غارسيا لوركا. وفي عام 1922 أصدر ديوانه الأوّل “بحّار في البرّ” الذي نال به الجائزة الوطنيّة للشّعر.”وإذا مات صوتي على اليابسة” واحدة من أجمل قصائد هذا الديوان، وفيها يقول:

إذا مات صوتي على اليابسة

إرفعوه إلى مستوى البحر

ونصّبوه قبطانا

على سفينة حربيّة بيضاء

آه يا صوتي المتّشح بالرّاية البحريّة

على القلب مرساة

وعلى المرساة نجمة

وعلى النّجْمة ريح

وعلى الرّيح الشّراع

انطلاقا من تلك الفترة سوف يشرع رافئيل ألبرتي في التردّد على “بيت الطلبة” في مدريد ليعرّف هناك على من سيصبحون رموزا لما سوف يسمّى في ما بعد ب”جي 27”. ذلك الجيل الذي سيلعب دروا أساسيّا في تحديث الثقافة الإسبانيّة سواء على مستوى الشّعر،أو النّثر،أو الفنون التشكيليّة، أو السّينما. من بين هؤلاء يمكن أن نذكر فيريديريكو غارسيا لوركا، وسالفادور دالي، ولوي بينويل. ومع هذه المجموعة سوف يساهم رافئيل ألبرتي مساهمة فعّالة في النّضال ضدّ ديكتاتوريّة بريمو دي ريفيرا. وفي عام 1925، أصدر مجموعة شعريّة جديدة حملت عنوان “البحر واليابسة”.و”العروس” واحدة من أجمل قصائد هذا الديوان:

يُقْرَعُ ناقوس الكاتدرائيّة

وأنا بلا حذاء

ماضية إلى الزّفاف

أين طرحتي

أين ثوبي ألأبيض

وإكليلي الذي من زهور البرتقال

أين خاتمي، دبّوسي الذّهبي

وعقدي البديع؟ ؟

أسْرعي أمّاه

فها هو ناقوس الكاتدرائيّة

يقرع

أين هو حبيبي، عاشقي الحبيب

أين هو آلآن ؟يدقّ ناقوس الكاتدرائيّة

وأنا بلا حبيبي ماضية إلى الزّفاف

إلاّ أن الديوان الذي سيكسب رافئيل ألبرتي مكانة مرموقة بين شعراء جيله هو ذاك الذي حمل عنوان:”عن الملائكة”،والذي صدر عام 1927.وفي قصيدة بعنوان :”الملاك الطّيّب” هو يقول:

جاء ذاك الذي أحببت

ذاك الذي ناديته

ليس من يكنس سماوات عزلاء

ونجوما بلا أكوخ

وأقمارا بلا وطن

وثلوجا

ثلوجا تهطل من يد

من إسم

من حلم

من جبين

ليس من ربط بجدائله

الموت

إنّما الذي أحببت

لا يخدش الهواء

لا يجرح الأوراق ولا يحرّك البلّور

ذاك الذي ربط بجدائله

الصّمت

ليحفر-دون أن يجرحني

شاطئا من نور عذب في صدري

وليجعل روحي

صالحة للإبحار

 

وابتهاجا بهذا الديوان الجديد، كتب الشاعر الكبير خوان رامون خيمينيث (هو أيضا من أبناء قادش)رسالة إلى رافئيل ألبرتي فيها يقول مشجّعا ومادحا :”شعرك يفيض بتلك العذوبة التي يتّسم بها الشّعر الشّعبي…لكن من دون مبالغة في ذلك. وهو ينتمي إلى الشّعر الإسباني التّقليديّ العريق، لكن من دون حنين، ومن دون عواطف غير مجدية…إنّه شعر غضّ مثل ندى الصّباح في أرض الأندلس”…وفي تلك السنوات التي ختمت عقد العشرينات من القرن العشرين، كان رافئيل ألبرتي وأصدقاؤه من جماعة “جيل 27” يعيشون في مدريد حياة صاخبة خصوصا في اللّيل.وكان مقهى “الخيخون” المواجه لمتحف “البرادو” يحتضنهم في اللّيل كما في النّهار. وبين وقت وآخر كانوا ينطلقون إلى المدن الأخرى لقراءة أشعارهم أمام جمهور كان يلوّح لهم بالمناديل مُبْتَهجا بقصائدهم تماما مثلما كان يفعل لتحيّة مصارعي الثيران عندما ينجحون في إسقاط الّثور صريعا على ألأرض.

**

بعد سقوط نظام بريمو دي ريفيرا الديكتاتوري، وإعلان الجمهوريّة، وذلك عام 1931، انخرط رافئيل ألبرتي في صفوف الحزب الشيوعي الإسباني. وفي نفس ذلك العام، سافر إلى فرنسا، وإلى العديد من البلدان الأوروبيّة الأخرى. كما زار الإتحاد السوفياتي. عند عودته من رحلته الطويلة عام 1933، التقى في مدريد بالشّاعر الشيلي الكبير بابلو نيرودا، ومعه سيصدر مجلّة شعريّة حملت إسم”الحصان الأخضر للشّعر”. ومتحدّثا عن تلك الفترة الخصبة من حياته الشعريّة والسياسية، قال رافئيل ألبرتي:”في ذلك الوقت كنت أشعر أني شاعر الشّوارع بامتياز. شاعر الفجر الطّالع كما كتبت ذات مرّة. ولم أكن أنقطع عن كتابة الشعر. والكثير من قصائدي علّقتها على جدران المقاهي التي كنت أرتادها بصحبة أصدقائي من الشعراء والفنّانين. وكنت واعيا بكلّ ما هو جميل وعظيم من حولي”…وكان رافئيل ألبرتي يقضي عطلته في جزيرة “إيبيزا” لمّا اندلعت الحرب الأهليّة الإسبانية، وكان ذلك عام 1936. عند عودته إلى مدريد في خريف نفس العام، كان القتال بين الجمهوريين والكتائب الفاشيّة بزعامة الجنرال فرانكوقد حمى واشتدّ. ولم يعد في الأفق بصيص من الأمل لإيقاف المجازر الرّهيبة، وشلاّل الدماء التي كانت تلطّخ شوارع المدينة.وقد وصف رافئيل ألبرتي ذلك الوضع المأساويّ قائلا:”وصلت فإذا بي أرى الجثث تجلس بجُبْن بين طاولات المقاهي، وأجسادا مجمّدة، ممدّدة على الكراسي، وأصدقاء مستعدّين أن يحصلوا على موت الآخرين من دون مقابل”.ومن دون أيّ تردّد، انضمّ رافئيل ألبرتي إلى الصف الجمهوري، باذلا كلّ ما في وسعه لإنقاذ اللّوحات الفنيّة في “البرادو”، والتي كانت مهدّدة بالإتلاف جرّاء الحرب. في الآن نفسه، انشغل باستقبال الشعراء، والكتاب، والفنّانين الذين هبّوا من جميع أنحاء العام للتضامن مع الجمهوريين من أمثال أندريه مالرو، وإرنست همنغواي، وروربير كابا،وآخرين كثيرين…وحتى اللّحظة الأخيرة، ظلّ رافئيل ألبرتي في صفوف المدافعين عن مدريد قبل سقوطها في قبضة الفاشيّين. وكان اغتيال صديقه لوركا فاجعا، ومؤلما بالنسبة له. وفي ما بعد سوف يرثيه بقصيدة فيها يقول:

كم أنا بعيد،وتفصلني بحار، حقول وجبال

وشموس أخرى تنظر إلى رأسي الشّائب

لم أذهب أبدا إلى غرناطة

رأسي قد شاب، سنوات عمري ضاعت

أريد العثور على الدروب القديمة المطموسة

لم أرأبدا غرناطة

 

ضعْ لي غصن نور أخضرفي يدي

ولجاما قصيرا ،وامنحني عدْوا طويلا

لم أدخلّ أبدا غرناطة

 

أيّ أنس أعداء يسكنون دروبها ؟

ما هي الأصداء الصّافية الحرّة في هوائها؟

لم أذهب أبدا إلى غرناطة

من يسجن حدائقها اليوم

ويضع سلاسل على حديث نوافرها؟

لم أر أبدا غرناطة

 

تعالوا يا من لم تذهبوا أبدا إلى غرناطة

بها دماء مهدورة، دماء تناديني

لم أدخل أبدا غرناطة

بعد انهزام الجمهوريّين، ،فرّ رافئيل ألبرتي بصحبة زوجته إلى مدينة وهران الجزائريّة. ومن هناك توجّه إلى باريس ليقيم في نفس الشّقّة التي كان يقيم فيها بابلو نيرودا. ولمّا احتلّت القوّات النّازيّة باريس، انطلق إلى الأرجنتين ليمكث هناك حتى عام 1963. بعدها انتقل إلى روما. وفي عام 1970، كتب قصيدة يمجّد فيها مناضلي الباسك الذين حكم عليهم الجنرال فرانكو بالإعدام فإذا بها على ألسن الملايين من أبناء الشعب الإسباني. وعند عودته إلى بلاده عام 1977، استقبلته جماهير غفيرة ف مطار مدريد، وكتب هو يقول:”غادرت اسبانيا ملوّحا بقبضتي في الهواء رافضا الإستسلام. وها أنا أعود إليها فاتحا ذراعيّ لكلّ محبّي السّلام ،ولكلّ من يرغبون في المصالحة الوطنيّة” .بعد مرور 3 أشهر عل عودته، انتخب رافئيل ألبرتي عضوا في البرلمان الإسباني نائبا عن مدينة قادش. وفي عام 1983 نال جائزة سارفانتس، وهي أعلى جائزة أدبيّة في بلاده. وعندما أتعبته الشيخوخة، عاد إلى مسقط رأسه ليموت هناك عام 1999 أمام البحر الذي أحبّه دائما، وبه تغنّى في مجمل أشعاره محقّقا بذلك أمنية طالما راودته في منافيه.ألم يقل في واحدة من أجمل قصائده:

وددتّ لو أنني أغنّي

أن أكون زهرة من بلدي

ليدفنني تراب وطني

لترعاني بقرة من وطني

ليضعني عل أذنه فلاّح من وطني

لتقطفني طفلة من وطني

لتبلّلني أنهار وبحار من وطني

لتدفنني الأرض في قلب وطني

لأنني كما ترون وحيد

من دون وطني…

ايلاف

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى