صفحات سورية

ردا على ساطع نور الدين


«الكورد» خارج الاتهامات

اوليار ازادي

تتالت المواقف والتصريحات بُعيد انعقاد مؤتمر الجالية الكوردية السورية في هولير, الذي استقطب تغطية إعلامية واسعة, لكونه أول مؤتمر يعقده الكورد السوريون بعد تشكيل المجلس الوطني الكوردي في سوريا, ونظرا لحصوله على دعم وتأييد رئاسة وحكومة إقليم كوردستان العراق, فكانت كوقع حجر على مسطح مائي, حرك مواقف اتسمت بالسكون النسبي حيال الوضع السوري عامة والكوردي منه خاصة.

من جملة هذه المواقف والتصريحات, المقالة التي أوردتها صحيفة «السفير» في عددها الصادر بتارخ 31 يناير 2012 والتي نشرت تحت اسم « أكراد سوريا ينفصلون» بقلم الكاتب ساطع نور الدين, والتي لم يحالفه فيها الحظ تاريخا وتحليلا لتسليط الضوء على أبعاد المؤتمر, واحتملت تفسيرات سلبية بحق مواقف الشعب الكوردي في سوريا, والتي يمكننا تلخيصها بما يلي:

1ـ قال الكاتب: «منذ زمن بعيد، تحولت مدينة أربيل العراقية الكردية الى مقصد وملاذ ومركز لرسم السياسات وصنع القرارات التي تتعدى حدود العراق», كيف ذلك وأراضي كوردستان كانت الى أمد قريب تدك بالمدافع التركية والايرانية على مرأى الاميركيين ومسمعهم, وحكومة بغداد التي لم تندد حتى بكل أعمال القصف, وجُل دور البارزاني خارج حدود العراق يكمن في دعواته المتكررة الصريحة والعلنية للحكومتين التركية والايرانية بضرورة الانفتاح على أبنائها الكورد وحل القضية الكوردية فيهما سلميا.

2- الكورد في سوريا لم يحجموا عن الثورة كما ورد, بل كان موقفهم المتأني «نسبيا» حكيما لتجنب اتهامات النظام المتكررة لهم بالانفصال, فخرجوا للتظاهر طلبا للحرية والكرامة لسوريا, مباشرة في اليوم التالي لقرار منح ـ وهو استعادة للجنسية المسحوبة وليس منحا ـ الجنسية. بالاضافة الى ذلك, وبحكم كوني ابن المنطقة الكوردية, الشارع الكوردي يحترم قيادات الكورد في العراق, إلا أنهم لا يأخذون قراراتهم المتعلقة بالشأن الكوردي السوري منهم, ولا توجد أي قرائن عن تعاطي الكورد السوريين لواقعهم من منظور قيادة كوردستان العراق. أما إحجام السلطات السورية عن الاحتكاك مع التظاهرات الكوردية فمرده الى تجربة عام 2004 عندما رد الكورد على مجازر النظام, بطرد أجهزته الأمنية من معظم المناطق الكوردية خلال 24 ساعة, وانتقال لهيب الثورة الى قلب دمشق وحلب «أماكن الوجود الكوردي» وهما المدينتان اللتان يحاول النظام جاهدا منع وصول التظاهرات اليهما.

3- يقول الكاتب ان الجنسية «منحت» للمكتومين, وهذا قول عار من الصحة.

4- الكاتب لا يشير إلى التعدد الحزبي للكورد في سوريا ويتجنى عليهم بوصف البارزاني أنه مرجعيتهم, وكذلك يهدف الى إثارة حفيظة العرب السوريين بقوله ان البارزاني يقف وراء الجدال حول عروبة سوريا, فكل الكورد وغيرهم من الاقليات تعارض التسمية البعثية لسوريا بوصفها عربية فقط, وهذا ما هو موثق, سواء أقبل به البارزاني أم لم يقبل «مع جزمنا بوقوفه الى جانب التسمية العادلة لسوريا».

4- الطامة الكبرى التي وقع بها الكاتب هو وصفه لسوريا الجديدة التي يطمح لها السوريون بـ«الإرث السوري» والتي تحمل مدلولات خطيرة كالتقسيم والتجزئة, بينما الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان هو اتفاق معظم السوريين على ضرورة كون سوريا الجديدة مدنية تعددية لكل السوريين وبلا مساس بحدودها الحالية.

5- يقول الكاتب: «أعلن أكراد سوريا للمرة الاولى وتحت سقف اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالفدرالية المنصوص عليها في الدستور ان مطلبهم هو «حق تقرير المصير ضمن الوحدة السورية»» وهذا ما ندحضه باستذكار أن المجلس الوطني الكوردي في سوريا والذي تأسس في 26-10-2011 والذي ينضوي تحته أحد عشر حزبا كورديا, الى جانب شريحة لا بأس بها من مثقفين ومستقلين, والذي أعلن ومن قامشلو «حق تقرير المصير ضمن الوحدة السورية» أي أن الكورد أعلنوها من على الأرض السورية وقبل انعقاد مؤتمر هولير بحوالى ثلاثة أشهر.

6- يتكرر دائما عن المثقفين العرب تصريحات تتغنى بالحقوق القومية للشعب الكوردي, أسوة ببقية شعوب المنطقة, ولكنها لا تغدو كونها شعارات سرابية ما تلبث أن تختفي بمجرد اقترابنا منها, كذلك نجدها تمجد لكل التجارب الفدرالية «هذا ان قررها الكورد في استفتائهم» الناجحة في العالم, وبكونها أنجح تجارب أنظمة الحكم على مستوى العالمين العربي والعالمي, إلا في حالة سوريا الآن, فهي عنوان متفجر ومقدمة للتجزئة والتآمر, ويهدد الوحدة الوطنية!

كاتب سوري

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى