روبرت فورد: الأسد يريد استسلام “المعارضة المسلحة
واشنطن ـ جو معكرون
مع تعيينه رسمياً سفيراً أميركياً لدى دمشق نهاية العام 2010، أضحى روبرت فورد في قلب الحدث السوري لاعباً رئيسياً بين عامي 2011 و2013 في مسارِ تحوُّل سياسة واشنطن من محاولة فتح قنوات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، إلى تنسيق الجهود الدبلوماسية لإسقاط نظامه. قبل أن تأتي استقالة فورد الهادئة في شهر فبراير/شباط من العام 2014.
فورد، الذي يشغل حالياً منصب كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، خصّ “العربي الجديد” بحوار حول آخر تطورات الملف السوري، من اجتماع المعارضة السورية الأخير في الرياض، مروراً باغتيال قائد “جيش الإسلام” زهران علوش، وصولاً إلى تأثيرات الاشتباك السعودي الإيراني على المفاوضات السورية المرتقبة في 25 يناير/كانون الثاني الحالي.
وينصح فورد المعارضة السورية بتغيير تكتيكها في التعامل مع هذه المحادثات، مؤكداً أن النظام السوري يريد استسلام المعارضة المسلحة. ويرى فورد أن هناك “تنافساً صعباً وقاسياً” بين الرياض وطهران، وسورية هي “أحد مسارح” هذا التنافس، مشيراً إلى أنه مع التصعيد الأخير بين الطرفين سيزداد هذا التنافس حدة في الأسابيع المقبلة ومن غير المرجّح أن تستخدم الرياض وطهران نفوذهما للضغط “على أصدقائهما في سورية للقيام بتنازلات”.
ويتابع فورد: “أنا انظر إلى ما يجري في مضايا. أنا انظر إلى روسيا تستخدم القنابل العنقودية. أنا انظر إلى النظام السوري الذي لا يزال يستخدم الأسلحة الكيماوية. لا يمكنني أن أكون متفائلاً أن روسيا أو إيران ستضغطان على (رئيس النظام بشار) الأسد، ولا يمكنني أن أكون متفائلاً أن الأسد ينوي تقديم تنازلات إلى المعارضة”.
وعن الخيارات الأميركية المتاحة في ظل هذا الوضع الراهن، يقول فورد إن خيارات واشنطن “صعبة”، وإنه في حال قبلت المعارضة السورية بالجلوس والتفاوض فيما الأسد رفض ذلك، عندها “يجب أن يكون هناك ضغط إضافي على بشار”.
كما يعتبر فورد أن اغتيال زهران علوش يعني أن “الحكومة السورية والروس يريدون من المعارضة المسلّحة أن تستسلم، ولا يريدون التفاوض معها”، مشيراً إلى أن هذه المعارضة “بمساعدة السعودية وتركيا وآخرين لن تستسلم”. ويلفت إلى أن قادة المعارضة المسلّحة “الذين يريدون التفاوض، هم مشكلة سياسية كبيرة لبشار الأسد، لأن النظام السوري يقول إن كل المعارضة المسلّحة متشددة وإرهابية”، ويضيف: “إذا جلس قادة المعارضة المسلّحة مع الأسد فلن يظهروا كمتشددين”، وعندها يتحوّل التركيز إلى “بقاء بشار الأسد في الكرسي الرئاسي”.
ويرى السفير الأميركي السابق في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن التوصّل لوقف إطلاق نار شامل مع بدء محادثات السلام، خطوة إيجابية في حال كانت ممكنة، لكنها ليست ضرورية، مضيفاً في هذا السياق: “إذا كان وقف إطلاق النار يعني أن تستسلم المعارضة السورية وتسيطر الحكومة السورية على المدن، لا أعتقد أنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار”. كما يلفت إلى أن للنظام والمعارضة “تفسيراً مختلفاً لعبارة وقف إطلاق النار”، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعني أنه يجب بحث هذه القضية على طاولة المفاوضات في ظل استمرار القتال على الأرض.
ويقول فورد إن على المعارضة السورية التفاوض “على مستقبل بشار الأسد”، معتبراً أنه “لا يمكن أن يكون رحيل الأسد شرطاً مسبقاً، بل أن يكون مستقبل الأسد على طاولة المفاوضات مع قضايا أخرى”. ويعتبر أنه في حال أصّرت المعارضة على هذا الشرط “سيساعد هذا الأمر الأسد على تصويرها بأنها متشددة، إذا قالت المعارضة إنها ستُفاوض، بما في ذلك على الأسد، وبعدها ترفض القبول بالأسد على طاولة المفاوضات”، مضيفاً: “هذا ليس شرطاً مسبقاً بل موقفاً تفاوضياً صارماً”.
وعن موقف المعارضة السورية الأخير حيال ضرورة اتخاذ نظام الأسد إجراءات لبناء الثقة قبل الدخول في المحادثات، يرى فورد أنه من الأفضل للمعارضة التخلّي عن كل الشروط المسبقة والدخول في مفاوضات “تعطيها أفضل اتفاق يمكن الحصول عليه”، معتبراً أنه عند لحظة جلوس المعارضة على طاولة المفاوضات “سيكون من المستحيل للأسد القول إنهم متشددون وإرهابيون”، وبالتالي “سيغيرون موضوع المباحثات إلى كيفية التوصّل إلى حكومة سورية جديدة”. ويضيف فورد في هذا السياق: “لن يكون الكثير من أصدقائي في المعارضة السورية مسرورين من كلامي، لكن عليهم التفكير بكيفية وضع الحكومة السورية في الزاوية. ستكون المفاوضات بطيئة بطبيعة الحال ولن يحصل اتفاق سريع، وجميعنا يعلم ذلك”.
كما يرى أن الأمر لا يتعلق بإعطاء شرعية للأسد بالتفاوض معه، لكن “المشكلة أن بشار الأسد لديه قوة عسكرية قوية كما لديه مساعدة قوية من أصدقاء مثل روسيا وإيران، إذاً لا مفر منه”، مضيفاً: “أعتقد أن المعارضة السورية انتظرت لفترة طويلة، اليوم الذي ترسل فيه الولايات المتحدة جيشها إلى سورية، عليهم إدراك أن هذا الامر لن يحصل”. خاتماً بالقول: “عليهم تغيير تكتيكهم ووضع النظام في موقف سياسي صعب”.
العربي الجديد