روسيا غير مطمئنة إلى مرحلة ما بعد الأسد، فهل تتفق مع أميركا على طريقة إدارتها؟
اميل خوري
هل بات في الامكان القول إن الأزمة السورية اقتربت من نهايتها مع اقتراب موقف روسيا من موقف الولايات المتحدة الاميركية بحيث تكون سنة 2013 سنة سوريا الجديدة. وهل يتم التوصل الى اتفاق بين الدولتين على مرحلة ما بعد الأسد، وإلا استمرت الأزمة واستمر معها سقوط القتلى والجرحى إلى أن تحسم المعارضة السورية المسلحة الوضع على الأرض بدعم غير مباشر من الدول المساندة لها وتخسر روسيا آخر موقع لها في المنطقة؟
في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن ما يشغل بال روسيا حالياً ليس بقاء الأسد بل الاتفاق على مرحلة ما بعد رحيله كي لا يحلّ في سوريا ما حلّ في العراق وما يحلّ الآن في مصر وليبيا وتونس حيث لا أمن ولا استقرار وصراع على الدستور وعلى السلطة، خصوصاً أن الشعب السوري يتكون من أحزاب وتيارات علمانية ودينية ومن عرقيات كان حكم الحزب الواحد يضبطها بالقمع والشدّة، وبات الوضع بعد أن يزول هذا الحكم مختلفا، مع اطلاق حرية التعبير بلا حدود وممارسة الديموقراطية بسلبياتها وإيجابياتها.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية قادرة على التعاون مع احزاب وتيارات ما عدا تلك التي تصفها بالارهاب لانها ترى أن أي حكم سيجد نفسه في حاجة إلى مساعداتها المالية، فان سوريا هي في وضع مختلف وتريد أن تطمئن إلى طبيعة الحكم في سوريا قبل التسليم برحيل الأسد. فسوريا كانت محكومة من حزب واحد وأصبح حكمها بعد رحيل الأسد مفتوحاً على أحزاب وتيارات متعدّدة قد يصعب تمثيلها في حكومة واحدة، والجيش الحزبي لم يعد واحداً بعدما انقسم على نفسه، فكيف له ان يحفظ الأمن والاستقرار خلال المرحلة الانتقالية ولا تقع صدامات بين جيش النظام السابق والجيش الحر أو الجيوش الحرة عدا الميليشيات التي تقتطع مناطق تخضع لسيطرتها وتفرض عند حواجزها الخوات… وهذا الوضع السائب قد يزداد فلتاناً إذا ما رحل الأسد ولم يتم الاتفاق على حكم بديل يضع حداً له.
لذلك ترى روسيا، وتفادياً لاستمرار الاشتباكات خلال المرحلة الانتقالية كما هي الحال في ليبيا وكما حصل في العراق، أن يصير اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية أو اتحادية تتمثل فيها كل القوى الأساسية في البلاد، لا أن يقتصر الأمر على تمثيل المعارضة الائتلافية السورية حتى وإن اعترفت بها 114 دولة ممثلاً شرعياً للشعب السوري في حين أنها ليست الممثل الوحيد له، إذ هناك هيئة التنسيق وغيرها من التنظيمات التي لا يجوز تجاهلها خصوصاً أنها موجودة على الأرض.
وإذا كان الجيش السوري المنقسم على نفسه غير قادر على تسلّم مسؤولية حفظ الأمن في البلاد، فينبغي البحث عن قوّة بديلة مثل القوات الدولية او القوة المتعددة الجنسية التي تشارك فيها روسيا والصين وغيرهما من الدول إلى ان تجرى انتخابات نيابية على أساس قانون يؤمن تمثيل الشعب تمثيلاً صحيحاً بكل مكوناته وأطيافه، وينتخب مجلس النواب المنبثق منها رئيساً للجمهورية ويتم تشكيل حكومة تأسيسية تطلق النظام الديموقراطي والحريات وتضع برنامجاً لإعادة إعمار ما هدمته الحرب شبيهاً بمشروع مارشال ما بعد الحرب العالمية الثانية.
والسؤال المطروح هو: هل تتفق الولايات المتحدة الأميركية ومن معها وروسيا ومن معها على مرحلة ما بعد الأسد تفادياً لاحتمال حصول فوضى كالتي تشهدها دول عربية وتكاد تحوّل ربيعها خريفاً، أم يتعذّر التوصل الى هذا الاتفاق بعد رحيل الأسد كما تعذّر التوصل اليه قبل رحيله فكانت الحرب الداخلية التي ألحقت بسوريا خسائر بشرية ومادية فادحة، وهي حرب قد تستمر إلى أجل غير معروف إذا لم يتمّ الاتفاق دولياً على حلّ لوقفها خصوصاً أن لا أحد من المتقاتلين يسيطر وحده على منطقة كي ينطلق منها إلى سائر المناطق. وقد قيل إن من يربح معركة حلب يربح معركة
سوريا ويحسم الأزمة، لكن هذه المعركة لا تزال مستمرّة، ثم قيل إن من يربح معركة دمشق يربح معركة سوريا ويحسم الأزمة، وتبين أن لا حسم سياسياً ولا حسم عسكرياً من دون توافق دولي. فهل يتم هذا التوافق ولا يظل استخدام “الفيتو” يعطل التوصل اليه؟
النهار