ريش في الريح/ وديع سعادة
لا تطأْ على ظلّ
إنه نطرة نائمة.
* * *
لا تأخذْ غصناً إلى موقد
إنه يد شجرة.
* * *
التقطِ الورقةَ وأعِدْها إلى الغصن
إنها عين الشجرة.
* * *
النجوم نظرات
انظرْ تَصِرْ نجمة.
* * *
كلُّ هذه الرياح
ليست سوى
آهات بشر.
* * *
للطريق التي لا تتوقّف عن المشي
بيتٌ أيضاً
ولا تعرف كيف تفتح الباب.
* * *
فقط لو عرفوا
أن دمعة واحدة تكفي
لغسل كلّ الأرض.
* * *
… وللطريق رئةٌ أيضاً
امشِ عليها خفيفاً
لئلا تختنق.
* * *
الذين يصرخون هناك
أفواههم هنا.
* * *
قال لا تقتربْ من الماء
وغرِقَ.
* * *
الغصون التي تهزُّها الريح لا تكون ترتجف
بل هي تلوّح
للغصون الأخرى.
* * *
مهما كان هذا الحمْل ثقيلاً
يمكنكَ أيضاً أن تكون
نسمة.
* * *
الأرض عمياء
اعطِها عيناً كي تراك.
* * *
الذين قلتُ لهم وداعاً هناك
سبقوني إلى هنا.
* * *
لا تطأْ على نملة
هل نسيتَ كم لعبتَ معها حين كنتَ طفلاً؟
* * *
لا تنظرْ إلى الفضاء كي ترى قمراً
ثمة قمرٌ آخر على الأرض: عينكَ.
* * *
أخفضْ رأسكَ قليلاً
إنْ أردتَ أن ترى الأرض.
* * *
للدم لسان
كلُّ نقطة منه وهي تسقط تقول:
البشرية كلّها سقطت.
* * *
حَمَلَ حياته مثل لعبة معطَّلة
أراد أن يعيدها إلى الحانوتي
ووقفَ العمرَ كلّه
أمام حانوت مقفل.
* * *
تكلَّمتُ كثيراً
لكنَّ الصمت كان كنزي الوحيد.
* * *
للأحلام قنّاصون كُثُر
لا تحلمْ
تَنْجُ.
* * *
تبقى وحيداً
ولو بين جمهور.
* * *
أيها الناظرون إلى السماء
انظروا جيّداً تروها خاوية.
* * *
الذين بلا أقدام
حين تنظر إليهم بحبّ
يصيرون بأجنحة.
* * *
نقطة دم واحدة تُهدَر من عصفور
تُظلِم كلَّ السماء.
* * *
كم كانت الأرض جميلة
لو انَّ كائناتها تقتات فقط من الهواء.
* * *
قال: بلى، ثمة ماءٌ بعد في قعر البئر
ومات عطشاناً.
* * *
كان حافياً
والطريق كلّها مرسومة على لحم قدميه.
* * *
لا أخال الأرض محمولةً إلاّ بكثافة الآهات.
* * *
هل رأيتم سحليةً في مكان ما؟
إنها شقيقتي وقد أضعتُها حين كنا نلعب في الغابة.
* * *
أقدامٌ أقدامٌ أقدام
وظِلٌّ على الرصيف
يحاول أن ينام.
* * *
ثلوجٌ ثلوجٌ ثلوج
أظنُّها دموعاً قد تجمّدت.
* * *
الطريقُ أيضاً
تسأل عن الطريق.
* * *
لا تحلمْ بمحطَّة
مهما ركبتَ قطارات
تبقى في مكانك.
* * *
ناديتُها كثيراً
ولم تأتِ
الحياة.
* * *
في البحر قشّة؟
لا تتشبّثْ بها
لو خشبة
ستغرق.
* * *
من ترابه نبتتْ شجرة
تشبهه حين كان فتىً.
* * *
من ترابه نبتتْ زهرة
تشبه عينه المغمضة.
* * *
أرى عيوناً كثيرة
في الأنهار.
* * *
حين تنزل دمعةٌ في النهر
تأخذ عينها معها.
* * *
ارمِ السماءَ
وَضَعِ الأرضَ في قلبك.
* * *
الطير الذي حطَّ على رأسكَ ذات يوم
لم يكن يريد سماء بل رفيقاً.
* * *
كم هي صبورة
الطريق التي مشت وحدها كلَّ هذه الأيام!
* * *
يا أصدقائي البعيدين
العصافير التي تأتي إلى شجرة أمام بيتي وتنظر إليَّ
في عيونها شيء من نظراتكم!
* * *
هناك هو هناك
ولكن أين هنا؟
* * *
أسمعُ أصواتاً
في العشب أيضاً.
* * *
تكلَّمَ كثيراً
لكنَّ الوحيد الذي رافقه طوال الطريق كان الصمت.
* * *
أريد أن ألعب
أمعقولٌ أن أجوب كلَّ هذه المدن وأبحث طوال العمر
ولا أجد لعبة؟!
* * *
مللتُ من انتظاركَ
يا رفيقي القديم يا شبيهي يا وديع أين ذهبتَ؟
* * *
حتى الصخر يصرخ
والنسيم ينجرح
من ريشة.
* * *
فقط لو الهواء يعيد إليَّ
الكلمةَ الأولى التي قلتُها
للريح.
* * *
مشى صامتاً
لئلا يُثقل عبورَه
الصوت.
* * *
لم يقل وداعاً
فقط
رفع قليلاً إصبعه.
النهار