صفحات الحوار

ستانلي كوهين لـ «الشرق الأوسط» : سجني أو اضطهاد الحكومة الأميركية لن يرهبني

 

 

محامي المتطرفين اليهودي: على الأرجح كنت سأدافع عن بن لادن لو جرى اعتقاله

لندن: محمد الشافعي

المحامية اليهودية الشهيرة غاريث بيرس الموجودة في بريطانيا ناشطة حقوقية دافعت عن المظلومين وغيرت وجه العدالة في أكثر من قضية شهيرة في تاريخ القضاء البريطاني، ومن زبائنها في الذاكرة القريبة جوليان أسانج مؤسس «ويكيليكس» الذي منعت بريطانيا ترحيله إلى الولايات المتحدة، وعميل المخابرات البريطانية السابق ديفيد شايلر، وأبو قتادة الإسلامي الأردني الذي تتهمه المخابرات الغربية بأنه السفير الروحي لأسامة بن لادن في أوروبا، والمصري عادل عبد المجيد عبد الباري المتهم في تفجير السفارتين الأميركيتين في دار السلام ونيروبي الذي رحل إلى الولايات المتحدة، وإبراهيم عيدروس زعيم خلية «الجهاد» بلندن، الذي اتهم في تفجير سفارتي أميركا في شرق أفريقيا، وتوفي بعد إطلاق سراحه عام 2008، ودافعت غاريث أيضا عن محمود أبو ريدة، المكنى «أبو رسمي الفلسطيني»، الذي قتل في غارة أميركية في أفغانستان عام 2010. وبات مكتبها في حي كامدن بوسط لندن اليوم قبلة للمتطرفين الإسلاميين. وجاء الحوار على النحو التالي:

تألق في أميركا المحامي اليهودي ستانلي كوهين الذي اشتهر بدفاعه عن الأقليات المسلمة والجماعات المتطرفة، ودفاعه عن الأقليات العرقية، وقد ترافع من قبل عن القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، عندما أوقفته السلطات الأميركية، كما ترافع عن إمام مسجد الصبر في مدينة بورتلاند الداعية محمد عبد الرحمن الكربي، وسبق أن أعلن غداة هجمات الـ11 من سبتمبر أنه على استعداد للدفاع عن زعيم «القاعدة» الراحل بن لادن

وبرز اسم ستانلي كوهين (63 عاما)، كمدافع عن القضية الفلسطينية، في أواسط التسعينات حين تولى الدفاع عن القيادي في حركة «حماس» موسى أبو مرزوق، لكن المحامي الذي يوصف بـ«الراديكالي» سبق أن برز في محطات كثيرة، بعدما اتخذ خط المواجهة مع الإدارة الأميركية كناشط في الدفاع عن جماعات الهنود الحمر والجيش الجمهوري الآيرلندي ومنظمة «الدرب المضيء» اليسارية، والأقليات العرقية في بلاد العم سام. واعتُقل عدة مرات بسبب آرائه ومواقفه السياسية التي تحرج الوسط اليميني – الصهيوني في الولايات المتحدة.

ومواقف كوهين وجرأته سببت له متاعب أمنية، حيث يقول إنه تلقى مئات التهديدات بالموت بعد أحداث سبتمبر، واضطر لتأجير حرس خاص، كونه يقيم في نيويورك، حيث تعده أوساط يهودية «خائنا»، والأرجح أن «خيانته» في نظرهم لمصالح إسرائيل وليس لأميركا. وعلى موقعه الإلكتروني وضع نسخا من رسائل التهديد التي وصلت إليه.

«الشرق الأوسط» أجرت مع المحامي ستانلي كوهين محامي سليمان أبو غيث صهر بن لادن حوارا عبر البريد الإلكتروني قبل دخوله السجن بأيام، ليقضي مدة العقوبة، لعدم إخطاره هيئة إيرادات الدخل بمكاسب زادت على 3 ملايين دولار، بعد أن وجه له مكتب المدعي في ولاية مانهاتن 6 تهم، وقال إن سجلات دخله لم تتضمن مبالغ حصل عليها المحامي بين عامي 2005 و2010 مقابل خدمات قانونية، في حين قال المدعون في بيان إن كوهين اتُّهم أيضا بالشروع في التحايل على هيئة ضرائب نيويورك فيما يتعلق بأموال مستحقة على دخله، من خلال إخفاء دخله الحقيقي وعدم الإخطار بمبالغ تلقاها..

* في تقديرك، كم عدد الذين دافعت عنهم إجمالا؟

– لقد دافعتُ عن عدد من المشاهير في ساحات المحاكم، وكان من بينهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، الذي كان فأل خير علي, وزوج بنت أسامة بن لادن سليمان أبو غيث، وعدد آخر من المتطرفين.

ورغم أنني مثلت الدفاع في قضايا أفراد في الولايات المتحدة، وربما عدد أكبر من الإسلاميين في الخارج، كان عملي في القضايا الجماعية وحقوق الإنسان والحقوق المدنية يمثل الملايين من المسلمين في مختلف أنحاء العالم. ويشمل هذا قضايا ضد إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى وشركات وكيانات تجارية في كثير من المحاكم الدولية، بما فيها محكمة لاهاي ومحكمة العدل الدولية. كذلك على مدى الـ20 عاما الماضية، بدأت حركات إسلامية وقادة إسلاميون يطلبون مني استشارات قانونية وسياسية حول عدد من القضايا والاستراتيجيات التي لا صلة لها بأي من القضايا التي كانت عالقة وقتها.

* ما الشيء الأهم الذي يبرز أمامك حين تتعامل مع مثل تلك القضايا؟

– إذا كان هناك قاسم مشترك بين هؤلاء العملاء والحركات والقادة، فهو علاقتها المباشرة بقضايا حقوق الإنسان، سواء كانت حرية قومية أو حق تقرير مصير أو بحثا عن العدالة. فضلا عن ذلك لقد كنت أكنّ لكثير من قادة وأعضاء الحركات ممن عملت معهم عاطفة إنسانية حقيقية، بوصفهم أشخاصا ملتزمين بالعمل لا من أجل مصلحتهم الشخصية بل من أجل اليائسين أو المنبوذين أو المهمشين أو المحتلين. في كل القضايا السياسية التي توليتها كنت إما أدعم الأهداف السياسية للعميل أو الحركة بوجه عام، أو أتعاطف مع المتهم أو المتهمين على المستوى الشخصي. وكان السببان متوفرين في كثير من تلك القضايا، خاصة في تلك التي تتعلق بحقوق الفلسطينيين وتحقيق العدالة لهم.

* لقد قلتَ إنك أحببت أبو غيث شخصيا، في حين أنك قابلت ودافعت عن شخصيات بارزة أخرى في حجم عمر عبد الرحمن (زعيم الجماعة الإسلامية المصرية) وأبو محمد المقدسي أبرز منظري التيار السلفي، ما الذي يمكنك أن تخبرنا به عن أولئك الأشخاص؟

– لم أدافع حتى هذه اللحظة سوى عن متطرفين في قضايا جنائية استُهدفوا بسبب توجهاتهم السياسية أو خطابهم أو انتماءاتهم. لقد وجد كل واحد منهم نفسه في محكمة بسبب قرارات سياسية اتخذها خصوم سياسيون في الولايات المتحدة أو غيرها، أو بسبب الأجندة السياسية للولايات المتحدة أو لإسرائيل أو الدول التابعة لهما في الشرق الأوسط أو الخليج أو شمال أفريقيا. وكان كل هؤلاء العملاء مفعمين بالحركة، ويتسمون بالإيثار والالتزام بتحقيق العدالة لأهلهم أو لمنطقتهم. وينبغي أيضا أن أوضح أن الكثير من هؤلاء العملاء وعائلاتهم أصبحوا أصدقائي، أقضي معهم لحظات شخصية وعائلية، ولا يزالون كذلك خاصة أبو مرزوق.

* كيف سمعت للمرة الأولى عن متهمين مثل قادة حماس و«حزب الله»؟ كيف بدأت تولي الدفاع في تلك القضايا؟

– لأنني دافعت لسنوات طويلة عن مسلمين ألبان ومن البوسنة في قضايا عادية، طلبت مني منظمات الحقوق المدنية الإسلامية في الولايات المتحدة المساعدة وتقديم النصيحة حول عدد من الأمور. وعندما تم القبض على أبو مرزوق عند عودته إلى الولايات المتحدة عام 1995، طلبت مني تلك المنظمات تولي الدفاع عنه، وقد فعلتُ. وبعد نجاحي في قضية أبو مرزوق كثرت الحركات والجماعات التي تطلب مني المساعدة، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها. بإيجاز، فتح نجاحي في قضية أبو مرزوق الباب أمامي كمحامي دفاع في قضايا سياسية في الشرق الأوسط بشكل لم يُتَح سوى لقليلين.

* لماذا يثق المتطرفون الإسلاميون في محامٍ يهودي مؤمن بالمذهب الفوضوي، ويضعون حياتهم بين يديه؟

– لقد عملت بجد لما يزيد على 20 عاما في الدفاع عن قادة مسلمين وجماعات إسلامية في الشرق الأوسط وغيره من البلدان. ومن أجل هذا زرت المنطقة لـ50 أو 60 مرة على الأرجح وقابلت وصادقت العديد من الأشخاص الذين باتوا يثقون في رأيي وعلمي والتزامي بتحقيق العدالة، خاصة في الشرق الأوسط، وقد تم التنكيل والتشهير بهم فقط لدينهم وسعيهم لتحقيق المصير. إضافة إلى ذلك، لقد عرفت الكثير عن تقاليد وثقافة أهل المنطقة ومعتقداتهم الدينية.

وقد ألقيت عدة محاضرات، وشاركت في مناقشات، وقضيت وقتا طويلا في حضور الفعاليات العامة. أعتقد أن كل هذا التاريخ الشخصي والمهني، والعمل من أجل حقوق واستقلال وعدالة أهل المنطقة ودعمها، كان السبب في بناء جسر من الثقة بيني وبين الحركات المسماة بـ«الجهادية» وقادتها، بغض النظر عن الدين.

* لقد قدمت استئنافا في قضايا تتعلق بالتهرب الضريبي وعرقلة عمل هيئة العائدات الداخلية بعد معركة طويلة في المحاكم الأميركية. وقلت إنك تعتقد أن السلطات الأميركية تستهدفك بدافع الانتقام؛ هل تعتقد أن هذا الاستهداف سينتهي بعد زجك في السجن؟

– قبل فترة طويلة من بداية الملاحقة التي قامت بها هيئة العائدات الداخلية، استهدفتني الحكومة الأميركية بسبب من أمثِّلهم، وآرائي عن القيادة الأميركية والمسؤولين الأميركيين، ورغبتي في تحدي وكشف السياسيات الأميركية في الداخل والخارج. وسوف يستمر هذا حتى مماتي، لأن سجني أو اضطهاد الحكومة الأميركية لي لن يخرسني، أو يرهبني، أو يجعلني أغير التزامي بالعمل من أجل حقوق الإنسان والعدالة طوال حياتي.

* بالنظر إلى كل ذلك؛ هل كنت ستفعل كل ما فعلته، أم كنت ستغير موقفك حيال بعض القضايا التي توليتها على مدار سنوات على سبيل المثال؟

– رغم أن الثمن الذي أدفعه مقابل عملي وآرائي باهظ، فلن يكون بقدر الثمن الذي يدفعه أصدقائي وزملائي ممن تم اغتيالهم أو تعذيبهم أو تهجيرهم أو سجنهم لسنوات بلا جريرة، بل بسبب معتقداتهم أو انتمائهم العرقي أو دينهم. مقارنة بملايين ممن فقدوا حياتهم وأصدقاءهم وأسرهم ومنازلهم وحريتهم، وأغلبهم من المدنيين، الثمن الذي أدفعه بسبب مجهوداتي لا يُذكر. إذا عاد الزمن إلى الوراء، فسأفعل ذلك ثانية دون ندم أو تردد أو مساومات. وكما قلت لسنوات: «نحن نعيش، ونقاتل، ونموت، وإذا أعطينا طوال الطريق أكثر مما أخذنا، فستكون الرحلة جيدة وجديرة بأن تُعاش.

* ما أصعب قضية واجهتك طوال مسيرتك المهنية؟

– لا توجد قضية بعينها ذات طبيعة سياسية تتعلق بعملي في العالم الإسلامي يمكن اعتبارها صعبة على نحو استثنائي، فقد كانوا جميعهم كذلك للسبب نفسه. لقد تعاملت مع قضايا «إرهاب»، سواء حقيقية أو ملفَّقة أكثر من أي محامٍ آخر في الولايات المتحدة. وكان وراء جميع تلك القضايا افتراض بأن المتهم ارتكب الجريمة بناء على جهل وكراهية وخوف مرضي من الإسلام وتعطش للانتقام. كذلك كان وراءها أجندة سياسية سواء على المستوى المحلي أو الدولي، أكثر مما تتضمن أمورا تتعلق بارتكاب المتهم للجريمة أو براءته. بسبب هذه العوامل كانت تلك القضايا صعبة، حيث جعل احتمال النجاح في تحقيق العدالة بها ضعيفا، أيا كان مقدار الجهد المبذول أو الالتزام أو الخبرة. مع ذلك كانت قضية أبو غيث السياسية أخيرا أصعب قضية تولَّيتُ الدفاع فيها لأسباب كثيرة، حيث تم توجيه الاتهام إليه كبديل مناسب لأسامة بن لادن، وتمت محاكمته في أجواء تفجير مركز التجارة العالمي.

* هل هناك من ترفض الدفاع عنه؟ ولو أتيحت لك فرصة الدفاع عن أسامة بن لادن، هل كنت ستفعل ذلك؟

– لقد سألوني في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2001، عما إذا كنت سوف أقبل الدفاع عن أسامة بن لادن، وإجابتي اليوم لم تتغير عنها منذ 13 عاما، وهي أنني لا أعرف. إذا تم القبض عليه، كنت سأنظر في قضيته ودفاعه، مثلما أفعل مع القضايا السياسية وأرى ما إذا كان هناك رابط سياسي أو شخصي معه، أو إذا ما كان هناك رابط ما يجمعنا. وإذا كان الأمر كذلك وطُلب مني القيام بذلك، فعلى الأرجح كنت سأفعل.

* هل تلقيتَ أي تهديد أو ترهيب من أميركيين عاديين، خاصة من اليهود، نظرا لدفاعك عن متطرفين بارزين؟

– كانت هناك تهديدات مستمرة صبيانية ومحاولات لإرهابي أو معاقبتي من قبل عدة مجموعات وأشخاص، بسبب عملي على مدى الـ20 عاما الماضية تقريبا. وكان الصهاينة هم مصدر العديد من تلك التهديدات هنا وفي الخارج، فضلا عن تهديدات من يسمون أنفسهم بـالـ«الأبطال القوميين» من مختلف الأعراق والأديان. هذا الأمر مرتبط بعملي وقد اعتدت تجاهله أنا وأسرتي.

* لقد لعبت دور محوريا في مساعٍ سرية لإطلاق سراح عبد الرحمن كاسيغ من قبضة «داعش». إلى أي مدى كنت متفائلا بتحقيق ذلك؟

– لقد كنتُ وما زلت مقتنعا بأننا لو تركنا لأنفسنا تقديم قدر ضئيل من المساعدة دون تدخل مسؤولين حكوميين، خاصة من الولايات المتحدة والأردن، كان سيتم إنقاذ حياة عبد الرحمن كاسيغ، وكان سيتم عمل بعض التغييرات الكبيرة بشأن الطريقة والوسائل التي سيتم التعامل بها مع المدنيين، خاصة الصحافيين وعاملي الإغاثة، في المستقبل.

* وماذا كان شعورك عندما سمعت أن «داعش» قد أعدمه؟

– للأسف، الموت والدمار أصبحا رفيقيّ الدائمين على مدى العشرين عاما الماضية، بسبب طبيعة عملي وموقعه. وكما قلت: لقد خسرت ما هو أكثر من بضعة أصدقاء مقربين (بل ومن أفراد العائلة) برصاصات اغتيال أو قذائف عادة تكون من إسرائيل أو الولايات المتحدة. في ضوء هذا، كان موت عبد الرحمن كاسيغ مؤلما بشكل خاص، ليس لأنه كان أميركيا، بل لأنه، على خلاف الآخرين، كان من الأشخاص الذين عملنا بجهد من أجل إنقاذهم، مع العلم بأن احتمالات الفشل كانت كبيرة. وكذلك لم يكن مجرد إنسان عملنا من أجل إنقاذه، بل لبناء جسر من التغيير. لقد فقدنا بغدرنا أكثر من مجرد حياة واحدة، فضلا عن مصداقيتنا. لقد كنا نحاول تغيير مسار هروب محفوف بالمخاطر حتى ولو قليلا، لكنه انهار بموته.

* اختلفت الروايات حول سبب فشل تلك المساعي، لكن يبدو واضحا أن هذا قد حدث بعد قبض السلطات الأردنية على أبو محمد المقدسي. هل تلقيت أي توضيح بشأن كيفية تمكن الأردنيين من خرق الاتفاق الذي توصلت إليه مع مكتب التحقيقات الفيدرالي؟

– حتى هذه اللحظة حقيقة الخيانة غير معروفة ولن تُعرف قبل مرور سنوات. وبغض النظر عما حاول مكتب التحقيقات الفيدرالي الترويج له، كان هناك اتفاق من 5 أو 6 نقاط بيننا وبين الولايات المتحدة والأردن يسمح لأبي أبو محمد المقدسي بالحديث مع قادة «داعش» في إطار محاولة الإفراج عن عبد الرحمن كاسيغ من دون خوف من القبض عليه أو الانتقام منه بأي صورة، وقد تم التفاوض على ذلك وتدوينه قبل الموافقة عليه. وسواء كان الأردن هو الذي اختار خرق الاتفاق أو الولايات المتحدة، أو كلاهما، فالنتيجة واحدة.

* هل أقرّ مكتب التحقيقات الفيدرالي الآن بوجود الاتفاق الأمني، وبأن الأردنيين قد خرقوه؟

– اختلفت الروايات حول سبب فشل تلك المساعي، لكن يبدو واضحا أن هذا قد حدث بعد قبض السلطات الأردنية على أبو محمد المقدسي.

* لو كانت المحادثات السرية لإطلاق سراح عبد الرحمن كاسيغ قد نجحت، هل كان سيقال إن المصالحة بين «داعش» و«القاعدة» تمثل انتصارا لـ«داعش» وتعزز وجود التنظيم على الساحة الدولية؟ وهل كان إنقاذ حياة كاسيغ أمرا يستحق المحاولة مقابل اتحاد المتطرفين على مستوى العالم خلف «داعش»؟

– رغم أن هذا يُعد قراءة جيدة، لم يكن الهدف من المفاوضات تحقيق مصالحة أشمل بين أي أطراف، سواء كانوا «داعش» أو «القاعدة» أو «النصرة»، ولم يبد أن أي مصالحة كانت ممكنة أو مرغوبا فيها بالنسبة لأي منهم، على الأقل كما نعلم. وفي أفضل الأحوال، كان من الممكن أن نرى نهاية للحديث العام والجدل والانتقاد الذي شغل اهتمام الرأي العام بسبب وسائل الإعلام وبعض القادة السياسيين خلال الأشهر التي سبقت المفاوضات. بإيجاز، الزعم بأن المفاوضات، في حال نجاحها سوف تؤدي إلى موجة من الإرهاب مجرد ترهات تُستخدم لتبرير قرار أدى في النهاية إلى مقتل عبد الرحمن كاسيغ، وإضعاف نفوذ مجموعة من اللاعبين الإقليميين المستقلين عن الدول تتجه نحو النمو، وهناك حاجة ماسة إليها. في النهاية، ظلت الولايات المتحدة وإسرائيل والدول التابعة لهما تزدهر لسنوات على حساب عدم الاستقرار في المنطقة والخطاب. وكان إطلاق سراح كاسيغ سيمثل بالنسبة إلى الأشخاص النافذين خطوة للوراء غير مرغوب فيها.

الشرق الأوسط

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى