صفحات العالم

سعي موسكو إلى مؤتمر دولي يعني تخلّيها عن دعم الأسد


ربى كبّارة

للمرة الاولى تسعى موسكو الى تحرك لحلّ الأزمة السورية من خارج نطاق مجلس الامن الدولي عبر طرحها تنظيم مؤتمر يحضره اللاعبون الاقليميون والدوليون المعنيون. ويبقى انعقاد هذا المؤتمر من دون جدوى إذا لم يبحث في عملية انتقال سياسي لا يكون وجود الرئيس بشار الأسد شرطاً مسبقاً من شروطها، خصوصا مع مواصلة موسكو التشدد بمعارضة أي تدخل عسكري دولي لحماية الشعب السوري.

وثمّة تطور واضح في الموقف الروسي يمكن البناء عليه لانه يوحي بإمكان التوصّل الى تفاهم على انتقال سياسي خصوصا بعد اعلان احد كبار مسؤوليها أن بقاء الاسد لا يشكل بالنسبة إليها شرطاً مسبقاً للتوصل إلى تسوية ما.

فتوجّه روسيا الى عقد طاولة لا تتمتع فيها بقوة نقض تحول دون صدور قرار لا يحظى بموافقتها، يؤشر الى قناعة لدى مسؤوليها بأن الوقت بدأ يضيق للحفاظ على مصالح بلادهم في المنطقة، أسوة بما واجهوه في تونس وليبيا ومصر. وهو يأتي بعد ان تيقّنت من فقدان النظام سيطرته على غالبية الاراضي السورية وعجزه عن استرجاعها رغم عمليات القمع الدموي وما يرافقها من فلتان أمني، قد تُحمّل جزءا من مسؤوليته وفق ما يرى ديبلوماسي عربي متقاعد سبق له ان عمل في روسيا.

ويشير المصدر نفسه الى جملة مؤشرات تدلّ بوضوح على أن القوى الدولية، بما فيها روسيا، بدأت تحضير أرضية مؤاتية لحلّ على الطريقة اليمنية كانت موسكو في السابق من أبرز معارضيه. ويلفت الى ان الدور الوسيط في هذا الحل يقع على عاتق روسيا وايران كما وقع على عاتق المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في اليمن.

فاقتراح موسكو مؤتمراً يضم الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي إضافة الى جامعة الدول العربية والدول المجاورة لسوريا مثل تركيا وايران لم يلق رفضا مطلقا من الغرب رغم تحفظه على مشاركة طهران التي يحاصرها بعقوبات دولية بسبب ملفها النووي، موضع التفاوض حالياً.

أما تمسّك موسكو بمشاركة ايران فمردّه قدرتها المميّزة على التأثير في القرارات السورية، بهدف توفير ظروف أفضل لنجاح المبادرة الروسية الجديدة، بعد ان اصطدمت مبادرة سابقة لها برفض الاسد تفويض نائبه فاروق الشرع التحاور مع المعارضة.

ومن المؤشرات أيضاً نجاح “المجلس الوطني السوري” في انتخاب المواطن السوري الكردي عبد الباسط سيدا رئيساً له بهدف المساهمة في طمأنة الداخل والقوى الإقليمية والدولية إلى تعدّدية الثورة المستمرة منذ خمسة عشر شهراً.

وتشير معلومات صحافية الى انه وبغض النظر عن النتائج التي ستعلن بعد اجتماع وزير الخارحية الروسي سيرغي لافروف امس مع المسؤولين الايرانيين، فإن الاتفاق سيكون على نقطة وحيدة “تحقيق انتقال سياسي في سوريا من دون الاسد” عبر تركيز البحث على مرحلة ما بعد رحيل النظام والحفاظ على المصالح. وأعقب الاجتماع توافق لافروف مع نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون الاسبوع الماضي حول ضرورة العمل على مرحلة انتقالية بما يمهّد الطريق امام المبادرات السياسية، وفق المصدر نفسه، حفاظا على أجهزة الدولة ومؤسساتها ومنعا لتكرار التجربة العراقية وخشية فقدان السيطرة على الاسلحة الكيماوية المرجح وجودها.

ويتلطى التوجه الروسي الجديد بستار دعم خطة المبعوث الدولي العربي كوفي انان التي فشلت في التوصل الى مرحلة الحل السياسي بعجزها عن وقف العمليات العسكرية وما رافقها مؤخرا من مذابح وحشية بغضّ النظر عن منفذيها، خصوصاً أن كلينتون لفتت الى صعوبة تجديد مهمة انان بعد انتهائها في تموز المقبل اذا لم تحقق تقدماً.

فقد أوضح لافروف ان موسكو ترغب في تنظيم مؤتمر حول سوريا في اسرع وقت ممكن من اجل تطبيق خطة أنان. كما طرح أنان نفسه تشكيل مجموعة اتصال جديدة تؤمن لروسيا وإيران حوافز للموافقة على التخلي عن الأسد عبر تأمين حماية مصالحهما في الحقبة التي ستليه.

ويرى المصدر ان روسيا باتت تعي ضرورة ان تتهيأ لمرحلة ما بعد الاسد، لأن ايامه ستصبح معدودة إذا فشل المبعوث الاممي-العربي في التوصل الى جمع السلطة والمعارضة حول طاولة واحدة، بما ينذر بتحول العنف الى حرب اهلية قد تتخطى حدود سوريا. ونبّه مؤخراً الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون على ان “مخاطر اندلاع حرب اهلية شاملة باتت وشيكة وحقيقية”، وهو ما اسرعت السلطة السورية في الرد عليه وتحميله للارهاب حتى تحول دون إحراج موسكو.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى