صفحات العالم

سـوريا، طريق مسدود بدون مخرج ظاهر


لُورديس بيدال **

لا يبدو أحد قادراً على أن يتبين إن كان العنف في سوريا قد تم احتواؤه بشكل حقيقي بعد انتهاء المهلة المتوقعة لوقف إطلاق النار وفق خطة كوفي أنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى هذا البلد. والحقيقة، أننا لا نعلم إذا كان النظام سيقتصر على محاولة شراء الوقت مرة أخرى فيوفي بالتزاماته جزئياً، أو أننا نشهد حقاً بداية نهاية العنف.

في المقابل، يبدو بالفعل أن المظاهرات الشعبية قد تأججت بفضل بعض الهدوء النسبي. وهذا ما يقودنا إلى مسألة فائقة الأهمية: بدون استخدام القوة، سيكون من المرجح أن يواجه  النظام موجة ضخمة من المظاهرات في الشارع للمطالبة بالحرية، والديموقراطية والتغيير. إنها حركة كتلك الحركات التي أطاحت في عام 2011  بعدد من الحكام المستبدين في المنطقة والتي لا يمكن حتى للنظام السوري، القوي، المتماسك، ذي العدد القليل من الحلفاء الدوليين المخلصين، أن يقاومها.

لتفادي هذا المصير، سيستمر النظام على الأرجح في وسائله القمعية التقليدية، متذرعاً بأية حجة كانت، كما أشار إلى ذلك في الأسبوع الماضي عندما حذر بأنه يحتفظ بحق الهجوم رداً على الاعتداءات. وبهذه الاستراتيجية من القمع المتقطع، الأقل عسكرية ولكن بالفاعلية نفسها، يمكن للنظام أن يطمح إلى وقف تحرك المجتمع الدولي وأن يتطلع إلى البقاء على أمل المضي قدماً في عملية إصلاح تجميلية وإخضاع شعبه لنظام الخوف من جديد. لكنه مشهد من شأنه أن يؤدي إلى التطرف، والمزيد من سفك الدماء، والمزيد من التصدع الاجتماعي، وإلى حرب أهلية مُحتَمَلَة مع مخاطر انتشارها إقليمياً.

إن عدم تطبيق خطة أنان يفتح الطريق أمام افتراض ثالث. فبمواجهة استمرار القمع، والاستراتيجية العسكرية الهادفة لإخماد الثورة، والنقص في الإرادة السياسية للنظام، سيكون بديهياً أن يتوجه أنان عندئذ إلى حُماة بشار الأسـد، روسيا خاصة، ويتفاوض على إزاحة الرئيس والبدء في عملية انتقالية يضمنها اللاعبون الإقليميون والدوليون الرئيسيون.

إن المشاهد الثلاثة المحتملة المذكورة سابقاً تتعايش مع حقائق واقعية يصعب التعامل معها. أُولاها أن المجتمع الدولي منشغل الآن بمعالجة أعراض الأزمة ومنع صور العنف الأقصى أكثر من كونه منشغلاً بالاستجابة لأسباب الثورة الشعبية والمطالبة بتغيير النظام.

وثانيتها، أن حلاً لا يتضمن سقوط زمرة الأسـد والتفكيك الكلي للنظام لن يستطيع إرضاء المعارضة السورية أبداً. لكن أمام البدائل الخطرة المتمثلة بالتدخل الدولي أو تسليح الثوار، فإن عملية انتقالية متوافقَاً عليها من قبل القطاعات البراغماتية في كلا الجانبين، تحافظ على بقاء مؤسسات الدولة وتقوم بإصلاح الحد الأدنى في الأجهزة الأمنية، يمكن أن تكون الخيار الوحيد القابل للتطبيق.

وهنا يمكننا الخلوص إلى أن خطة عنان، رغم أنها أُعِدَّت في جو من الارتياب، هي أفضل الموجود حالياً. ورغم كونها خطة الحد الأدنى، وغامضةً وناقصة، إلا أنها العنصر الوحيد البنًّاء في متناول اليد، والقشة الوحيدة التي يمكن أن يُتشبَّث بها وسط خيبة أمل دولية كاملة.

– مجلة بوليتيكا اكستريور الإسبانية

** مسؤولة قسم العالم العربي والبحر المتوسط في المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط.

مدونة: ترجمات من الإسبانية عن الثورة السورية

http://siriaespana.blogspot.com.au/2012/05/blog-post_06.html

http://www.politicaexterior.com/archives/12865

ترجمة: الحدرامي الأميني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى