صفحات العالم

سـوريا: إعادة توجيه، أو الاعتراف بفشل خطة عنان


لاورا فيرنانديث بالومو

ترجمة: الحدرامي الأميني

منذ أن دخلت خطة سلام كوفي عنان، المبعوث الخاص للأمم المتحدة من أجل الأزمة الداخلية السورية، حيز التطبيق في الثاني عشر من نيسان| أبريل الماضي، لم يمر يوم لم  تنتهك فيه القوات المسلحة السورية وقف إطلاق النار. وتستمر المواجهات والاعتداءات على المتظاهرين الذين يتحدون النظام، منذ أن بدأ التطبيق المُفترض للاتفاق، بدعوات للاحتجاج في مناطق مختلفة من البلاد، بما فيها دمشق.

أمر غير مفهوم، بالتالي، أن يعود تحالف “أصدقاء سوريا” في الأسبوع الماضي لتقييم المبادرة على أنها الفرصة الأخيرة، بينما رفضها النظام عملياً، وأن تعود وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للتهديد بعقوبات في حال فشل بعثة مراقبي الأمم المتحدة. الطليعة الأولى للمراقبين، من عدد كلي يبلغ ثلاثمائة عنصر سيبقون في البلد خلال الشهور الثلاثة القادمة لمراقبة تنفيذ الخطة، دخلت إلى البلاد، في السادس عشر من نيسان| أبريل الماضي، بدون أن تتوقف عمليات القصف، بعد يوم قُتل فيه سبعة وعشرن شخصاً، حسب لجان التنسيق المحلية. ويوم الثلاثاء الماضي، تجازو عدد القتلى خمسين شخصاً، بعد هجوم عنيف بالمدفعية الثقيلة على مدينة حماة التي كان المراقبون قد أنهوا زيارة لها للتو. أقر كوفي عنان أمام الأمم المتحدة بشعوره بالقلق، ووصف العنف بأنه “غير مقبول”، لكن، في الوقت الحالي، لم يُسلِّم أحد بفشل خطة السلام.

تفتقد المبادرة إلى الضمانات من بدايتها، ويقع تطبيقها تحت خطر دائم، لكنها تبقى سارية المفعول، بعد القبول بـ “انخفاض في مستوى العنف”. يصر الاتحاد الأوروبي على التهديد بعقوبات جديدة. وبهذه المناسبة قام بتقييد تصدير المنتجات الباذخة والمواد التي يمكن استخدامها في القمع إلى سوريا. التدخل العسكري أمر مطروح، لكنه مازال مستبعداً بالنسبة إلى المجتمع الدولي، بينما تصر قطر والعربية السعودية على تسليح السكان المدنيين. يُنتظر أن تكون مَلَكِيَّات الخليج أول من يبادر إلى العمل، كما حدث في الأزمة الليبية، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك دون دعم الولايات المتحدة. وحسب المحللين، فإن الطريقة التي ستتدخل بها دول الخليج في الأزمة ستكون عاملاً حاسماً في استقرار المنطقة. مايكل نايتس، المتخصص في قضايا الأمن والشؤون العسكرية في معهد واشنطن، يحذر من أن عملاً حربياً سيؤدي إلى الربط بين الأزمتين السورية والعراقية وبين مجموعات متمردة في البلدين، تواجه النفوذ الإيراني والحكومات الشيعية.

المفروض أن تكون خطة عنان مصحوبة بمفاوضات سياسية، لكن ليس هناك ما يوحي بأنها تتطور في هذا الاتجاه، ولا أحد يطرح علناً كيفية إخراج بشار الأسـد من السلطة. ويبدو أن المهمة الوحيدة خلال الشهور الثلاثة القادمة ستكون محاولة حمله على وقف القتل، وستفتح لاحقاً كل التساؤلات حول بقائه، وهو أمر لايجرؤ أحد على الإدلاء برأي حوله حتى الآن. في غضون ذلك، تجري يوم السابع من أيار| مايو الانتخابات التشريعية التي أعلن عنها بشار الأسـد ضمن حزمة إصلاحاته. وإذا لم يتغير شيء خلال هذين الأسبوعين، فإن السوريين سيصوِّتون كما فعلوا في الاستفتاء حول الدستور الجديد الذي أُقِرَّ في شباط| فبراير الماضي، في يوم انتخابي سقط فيه ثلاثون قتيلاً على الأقل.

يمضي الأسـد في قول كيف ومتى. لكن إذا لم يتم إعادة توجيه خطة عنان إلى المسار الصحيح أو العثور على إجراءات بديلة تضع نهاية لأكثر من عام من القمع، فليس من الواضح إن كان يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح لنفسه بإرسال المراقبين خلال هذه الشهور الثلاثة ليكونوا شهوداً على أن النظام السوري مستمر بالاعتداء على السكان المدنيين. والحال هكذا، وفي غياب البدائل، فإن المساعدة العسكرية للمعارضة وحتى التدخل العسكري لن يعودا مجرد فرضيتين، وسيتم وضعهما على الطاولة بشكل واضح وصريح. لقد فشلت خطة سلام الأمم المتحدة، ولا يبقى إلا الاعتراف بذلك من أجل التقدم إلى الأمام.

www.aish.es/index.php/component/content/article/130-clavessiria/2888-siria-010512-reconducir-o-reconocer-que-el-plan-ha-fracasado

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى