صفحات الناس

“سفر برلك” السوري: الجامعات تتواطأ مع شُعب التجنيد/ سامر السليمان

 

 

يُطلب مؤخراً من طلاب السنوات الأخيرة في كلية الآداب، التابعة لجامعة دمشق، أن يكتبوا كافة المعلومات عنهم؛ العنوان الدائم ورقم الهاتف المحمول وشعبة التجنيد التي يتبعون إليها، عند تسجيلهم للامتحانات. أثار هذا الأمر خوف الأهالي من معارضين وموالين، وأخذوا يعجلون في تسفير أولادهم من البلاد، خوفاً من دفعهم إلى جبهات الحرب.

أحد طلاب الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، قال بإن تعاوناً مباشراً، تمّ كما يبدو، بين الجامعات وشُعب التجنيد، ليتم “سوق” الطلاب فوراً إلى الجيش حالما يتخرجون، وينتهي تأجيلهم الدراسي. ويؤكد أن أسماء الطلاب المتخرجين، يتم تعميمها على الحواجز الأمنية ومراكز الهجرة والحدود. إجراءات النظام لسحب طلاب الجامعات إلى الخدمة العسكرية، يشبهها السوريون بالـ”سفر برلك”، حيث لا يعود أحد منها تقريباً.

طالب آخر يشرح أسباب ذلك، فيقول: “قتل عدد كبير من الشباب، وهناك من سافر من قبل، وهناك من يتهرب بمختلف الطرق، وهناك من يدفع النقود، رشوة، لإعفاء نفسه. ويحاول النظام سحب الشباب المتخرج فوراً، ليمنعه من إخراج الشهادة الجامعية، والسفر فوراً على إثر ذلك”. وفي وقت سابق، سرت معلومات تفيد بأن أوراق التأجيل الرسمية عن الخدمة العسكرية، يتمّ تمزيقها على الحواجز، وسوق الشباب إجبارياً إلى الجيش، لكن ذلك لم يتحول إلى قانون.

يتجنب شباب دمشق المتخلف عن الخدمة، التنقل بالسيارات، خوفاً من اعتقاله على حواجز الشرطة العسكرية، ويذهب إلى نشاطاته سيراً على الأقدام، ولو استهلك وقتاً طويلا في ذلك. وعادة تنحصر حركة الشباب في المنطقة الواقعة بين أحياء التجارة والقصاع والدويلعة وجرمانا، وصولاً إلى البرامكة، ومروراً بالحميدية ومدحت باشا. وقد قام النظام بنصب حواجز طيارة للتفتيش، ويتخذ من المحال القريبة، وبشكل مخفي، مواقعاً للقيام بذلك. وتكثر تلك الحواجز الطيارة، بالقرب من الجامع الأموي ونهاية شارع مدحت باشا لجهة باب توما. وفي كثير من الحالات، الشباب المطلوب للخدمة، لا يغادر منزله وحارته.

أما من يتم القبض عليه فيُرحل إلى فرع الأمن العسكري أو فرع فلسطين، وبعد ذلك يؤخذ إلى مراكز السوق والجبهات المشتعلة. هذا الإجراء أصبح أكثر من ضروري بالنسبة للنظام، بعد تناقص أعداد الملتحقين، وتزايد عدد المتخلفين عن الخدمة. وبسبب هذا النقص في عديد الجيش، يتعاقد النظام مع مرتزقة يستقدمون من دول أسيوية، وأغلبيتهم من الطائفة الشيعية.

ومن يتخلف عن الخدمة ويكون موظفاً، يُفصل من عمله، بقرار صادر عن رئاسة مجلس الوزراء؛ وهذا ما يثير خوفاً كبيراً. معظم الموظفين ممن هم في سن الخدمة من الفقراء، وتشكل الوظيفة لهم طوق النجاة للإنقاذ من العوز.

القرارات المتتالية لإجبار الشباب على الخدمة، كرفع سن الخدمة الإجبارية، لتشمل مواليد العام 1972، وطلب الاحتياط والاحتفاظ بالمسحوبين، والقتل المهول للشباب السوري، دفعت أغلبية من تبقى من الشباب السوري للبحث عن فرص الهجرة.

وتفوق أعداد المتخلفين مئات الألوف، وحدث بسبب ذلك احتجاجات متكررة كما الحال في مدينة السويداء، التي رفضت إرسال أبنائها إلى الخدمة، وفي اللاذقية تقول بعض الإشاعات أن مجموعات من الشبان تركوا قراهم ورحلوا إلى أعالي الجبال، حيث لا تستطيع الدولة صيدهم.

في مدينة دمشق انخفضت أعداد الشباب، وأصبحت غالبية التشكيلات العسكرية التي أبدعها النظام، تتكون من المتطوعين بأجر شهري. دمشق تكاد تخلو من الشباب، وحتى طلاب الجامعات صاروا يقتصرون على الفتيات.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى