سلام على أحرار الشام وحرائرها
بدرالدين حسن قربي
للتاريخ نكتب أن النظام السوري بقيادة الأسد الأب ضرب معارضيه من رفاق الحزب والثورة في السبعينات، وضرب معارضيه من غيرهم أيضاً في الثمانينات على شتى أشكالهم ضربته القاصمة، وأرسى قواعد نظام شمولي مخابراتي من الطراز الأول في العالمم استطاع بواسطته أن يورث ابنه السلطة في بلد تأسس على الجمهورية، مما أورث ايضاً مشاكل تتطلب حلولاً وهو مالم يفعله الابن الوارث.
وللتاريخ نقول أن ضحايا هذا النظام تجاوزت عشرات الآلاف قتلاً وتصفية وإراقة للدماء، وعشرات الآلاف من المفقودين ومثلهم وأمثالهم من المهجّرين في أصقاع المعمورة، وآلاف القضايا الإنسانية والاجتماعية العالقة التي تلحق بمثل هذه الأعداد الهائلة من المضطهدين والمقموعين، وهي كلها ملفات كانت تنادي الحل والمعالجة وهو مالم يفعله الابن الوريث بل زاد عليها أكثر من الف قتيل وأكثر من عشرة آلاف معتقل وآلاف الضحايا.
وللتاريخ نكتب أن السوريين شقُوا وتعبوا وحاولوا ووسّطوا، وعلّقوا وتوقفوا وقربوا وبعّدوا، ووُعدوا وانتظروا وأملوا وتأملوا، وإنما هو الفالج، الذي قالوا في أمره: لاتعالج. فكيف السبيل لإقناع نظام مستبد فاسد بإصلاح نفسه وهو لايحسب حساباً لأحد، ولايستحي من أحد، ويمارس قمعه وفساده دونما ذرة من حياء أو خوف من أحد، ويظن أن لن يقدر عليه أحد.
وإذا كان النظام لأكثر من أربعين عاماً من القمع والتجويع وصل إلى حد الاعتقاد بأنه قد جفف منابع الحرية والكرامة لدى السوريين وارثي الكرامة كابراً عن كابر فما عاد يثور أو يتحرك في وجه ظالميه وآكلي لقمة عيشة وقامعيه، فقد أخطأ الحسابات لأن الأحرار أبناء الأحرار لاينامون على الضيم، بل إنه لم يكترث لنصيحة مستشارته السيدة شعبان أن الشعب العربي ( السورييون طبعاً عرب) لا ينسى ولا يُهمل، وها هو يُبرهن أنه قد تجاوز حكامه، وحاله يقول: لقد أمهلناهم طويلاً ولم يعد ينطلي علينا أي تصرّف يفرِّط بحقوقنا.
وإذا كان لكل أجل كتاب ولكل ظالم نهاية ولكل مستبد يوم، ولكل دولة رجال ولكل ثورة شباب، فإن شباب ثورة الياسمين السورية هم أحرار أبناء أحرار وحرائر بنات حرائر ولدتهم جميعاً أمهاتهم أحراراً، تجاوزوا كل أطياف المعارضة وأطرافها وأحزابها وحساباتها وسياساتها بأرواح حملوها على أكفّهم وألقوا بها في مهاوي الردى طلباً للحرية والكرامة ورفضاً للذل والهوان. واحدهم بعشرين في الدول الديمقراطية التي لاتضرب ولاتقتل متظاهراً أو محتجاً بمعنى أن كل واحد يخرج للتعبير عن رأيه فهناك عشرون هم بمثل رأيه ولكنهم لسبب أو آخر لايخرجون. فكم يعدل المتظاهر في بلد مثل سورية، ياأيها الناس..!!، قول المواطن في وجه السلطة لحرفين هما لام وألف تعني ماتعني من القهر والمعاناة والجرجرة والمرمطة بل والقتل أيضاً لقائلها. صدّقوا أو لاتصدقوا ولست محتاجاً لأقسم بأن مظاهرة فيها ألف شاب ممن يتظاهرون في سورية أياً كان البلد وأياً كان اليوم، فهي مظاهرة مليونية بكل الاعتبارات المحلية والعالمية لمن يعرف طبيعة النظام الفاشي والمتوحش، وهي كذلك عند النظام نفسه، وإلا كيف نفسر غضبه وحنقه وكل ردود فعله وهو يصف المتظاهرين بالآحاد والعشرات وهم ليسوا كذلك فيما يراهم في أعماق أعماقه خوفاً ورعباً، فهو يعلم في قرارة نفسه أن المتظاهر السوري بألفٍ مما يعدّون. ومن هنا يمكن فهم حقيقة المواجهة مابين شباب وصبايا متظاهرين يواجهون بصدور عارية ودون خوف أو وجل دبابات االقتل والدمار التي تتحرك في الشوارع والأحياء وتحاصر المدن، وسلاحهم شعارات ليس غير: الموت ولا المذلّة، والشعب السوري مابينذل، مامنحبك يابشار مامنحبك، سلمية سلمية والشعب بدّو حرية.
هلّا رأيتم نساء بانياس البطلات بمظاهراتهن الشجاعة التي تأخذ بالألباب يتحدين أعتى أنظمة القمع في العالم. وهلّا رأيتم واحدة منهن تصرخ أنا من بانياس الحرة، وحرة بنت حرة، وليسقط النظام. ولو أتيح للصور أن تصل وللإعلام أن يعمل لرأينا من مثل هذه المشاهد الكثير في العديد من مدن سورية الصابرة والمرابطة.
سلام على رجالنا الأحرار طلاب الحرية من أهل سورية الثائرة، وسلام على نسائنا الحرائر طالبات الكرامة على أرض البطولات الهادرة. الرحمة والرضوان لشهداء ثورتنا أطفالاً ونساءً وشباباً وشيوخاً ممن قدموا ويقدمون أرواحهم بكل إباء وشموخ رافضين الخنوع لقيم القمع والاحتقار، وجوههم يومئذ ناضرة. ولنظام الشبيحة رئيساً وجوقة وكتاباً وإعلاماً وشيوخاً وتجاراً وقتلة يومٌ يساقون فيه إلى ساحات العدالة مقيدين في الأصفاد، قلوبهم هواء، ووجوههم مسودة كالحة باسرة. ويقولون: متى هو ..! قل: عسـى أن يكون قريباً.
أرجو مشاهدة اليوتوب المرفق كاملاً مع الشكر.