صفحات العالم

سوريا: أبعد من التهويل


محمد برهيم

تطور التحذير من خطر الحرب الاهلية في سوريا الى التحذير من انتقاله الى البلدان المجاورة، على لسان الرئيس السوري والمسؤولين الروس. ولا يكاد استعمال تعبير “انتقال” يخفي ان المقصود نقل “الوسائل” المستعملة ضد سوريا الى محيطها.

من جهة ثانية تطور التعبير عن ضرورة تسليح المعارضة السورية الى تسريبات اميركية عن ان الاسلحة التي تصل الى هذه المعارضة باتت ذات نوعية افضل واكثر انتظاما. في اشارة الى ان الرد على الحل الامني الرسمي هو تسليح للمعارضة تتزايد “رسميته”.

ما بينهما مهمة المبعوث الدولي-العربي كوفي انان باتت في منزلة بين منزلتين، فلا هي نجحت، ولا هي تستطيع ان تفشل. باعتبار ان راعييها الدوليين، الاميركي والروسي، لا يمتلكان بديلا منها. وفي الانتظار يتزايد الاعتراف بان ثمة توازنا، عسكريا، بين النظام والمعارضة لا يستطيع اي من الطرفين حسمه، بعدما استعملا اقصى امكاناتهما: فلا عنف النظام اسكت المعارضة، ولا دعوات المعارضة ادت الى انهيار “مؤسسات” النظام.

وبحسب “وتيرة” الازمة السورية لا يبدو ان هناك نقطة ينفجر بعدها الوضع في مواجهة شاملة على طريقة التخوفات من ان تؤدي ضربة عسكرية لايران الى انفجار اقليمي شامل. فما زال “الراعيان” قادرين على ادارة الازمة التي تنتظر، على الارجح، تفاهمات اشمل تعيد الحيوية الى الحل الدولي المتمثل بمهمة انان، والذي حدد سلفا المخرج من الازمة، مهما طال مداها.

العلاقات الاميركية-الروسية مأزومة. لكن بندها السوري يبقى فرعيا. وحتى الاطار العربي الاشمل لهذا البند، ليس بمستوى التأثير في العلاقات الاجمالية بين الطرفين.

الاعتراض الاول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو على التدخل الاميركي في الشأن الداخلي الروسي. والمتمثل بالتشكيك بالمستوى التمثيلي للمؤسسات السياسية الروسية. اما وسائل التدخل “الديموقراطي”، فتشبه الوسائل المستعملة مع بلدان العالم الثالث. وهو ما لايستطيع الرئيس، ولا النظام، في روسيا القبول به.

والاعتراض الروسي الثاني فهو على التذرع الاميركي بالخطر الايراني، الصاروخي – النووي، لنشر الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا، بطريقة تعطل التوازن بين البلدين. وهو ما يشكل تحديا لروسيا يدخلها في سباق تسلح لا تريده، لاسباب اقتصادية اولا.

اما الاعتراض الثالث، الادنى اهمية، والاكثر قابلية للمساومات، فهو مستوى اشراك روسيا في التوازنات الاقليمية، ومن بينها المنطقة العربية، الجاري اعادة “صوغها” من جديد. وعلى هذا الصعيد يكفي انجاز اختراق في احد الاعتراضين الاولين، وهو اختراق ضروري طالما اننا لسنا في صدد حرب باردة جديدة، لا مقومات لها، حتى يصبح ميسورا حل ازمات بمستوى الازمة السورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى