سوريا: ازدحام المعارك
ايهاب عبد الاثنين
لم يكن سقوط القصير مشهدا خاصا في الحالة السورية ، ولم يكن يدل بشكل أو بآخر على ما يحدث فعلا على الأرض ، بل هو أكثر ما يمكن أن يقال عنه إنه تسليط الضوء على منطقة لا تشكل أكثر من واحد بالألف من المشهد السوري. المعارك لا تتوقف من الشرق السوري إلى غربه.
دخول مفاجآت لم تكن بالحسبان: في القامشلي وعامودا في أقصى الشمال الشرقي من الجغرافيا السورية، ومنطقة الأغلبية الكردية يتدخل الحزب الديمقراطي الكردي ( الموالي للنظام السوري ) و جناحه العسكري ( حزب العمال الكردستاني ) ليقمع مظاهرات السوريين في عامودا فيسقط أربع شهداء و العديد من الجرحى، ثم تخرج مظاهرات مناصرة لعامودا في القامشلي لينزل مسلحو الحزب إلى الشوارع ويقوموا بإطلاق الرصاص على المظاهرات واقتحام مقر حزب ياكيتي الكردي واعتقال العديد من النشطاء و قيادات الأحزاب الكردية.
في إدلب، الجبهة الأكثر قوة للجيش الحر، استمر القصف على عدد من المدن ومنها بنش حيث سقط 6 شهداء منهم أربعة أطفال، ترافق هذا مع استمرار الجيش الحر بعملياته العسكرية للسيطرة على الطريق الدولي الواصل بين اللاذقية وإدلب، فتم ضرب حاجز سنقول وحاجز مدرسة السواقة واشتباكات عنيفة مستمرة بين الحر والنظامي على هذه المحاور.
على جبهة درعا، استمر الجيش الحر بتقدمه حيث أعلن عن سيطرته الكاملة على درعا البلد وحرر المخافر 37 و 36 و 35، مع استمرار القصف على مجمل مدن وبلدات درعا وريفها من قبل القوّات النظامية.
أما في حلب، الجبهة الأكبر، فما زالت الاشتباكات دائرة في حلب المدينة على محور الحمدانية و صلاح الدين وفي محيط مطار حلب الدولي المحاصر من قبل الجيش الحر منذ أكثر من ستة أشهر، فيما يستمر الجيش الحر بحصاره لمدينتي نبل والزهراء في الريف الحلبي، مع اشتباكات عنيفة في منطقة مغارة الأرتق وتصدي الثوار لرتل عسكري للنظام كان متجها إلى تل حاصل في الريف الحلبي الشمالي .
في حمص الجريحة وبعد سقوط القصير ثم استسلام تل لخ، يستمر النظام بمخططه لتطهير المدينة وتغيير ديموغرافيتها، حيث قام بإحراق السجل العقاري في المدينة في محاولة لطمس ملكيات سكانها مع العلم أن السجل العقاري بعيد كل البعد عن مكان الاشتباكات، وفي هذه الأثناء يستمر القصف الشديد وغير المسبوق على أحياء حمص القديمة والمحاصرة مع محاولة للتقدم من قبل جيش النظام على محاور حي الخالدية وجورة الشياح و نداءات مستمرة لإنقاذ المدينة.
هذا ويستمر الجيش الحر بمحاصرته لمعمل الدواء تميكو على مفرق المليحة حيث تحول إلى مقر لقوات النظام والشبيحة على مدخل الغوطة الشرقية مع حصار خانق ووضع إنساني مزري، مع نفاذ الطحين من مجمل الغوطة الشرقية والغربية وأصبح المدنيون يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية وخاصة الخبز، في وقت تراجعت قوات النظام على جبهة الفاخوخ في القلمون في الريف الدمشقي الشمالي، بعد أن تكبّد خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في محاولته لاستعادة جرد حلبون ومنين .
وفي وسط مدينة الكسوة، وقع انفجار كبير بالقرب من البلدية ومخفر الشرطة، أدى إلى سقوط العديد من المدنيين بين شهيد وجريح ، توازياً مع استمرار حصار مدينة داريا.
الأحياء الدمشقية الثائرة ليست أفضل حالا ، إذا يحاول النظام ومنذ أربعة أشهر اقتحام حي برزة الخاضع لسيطرة الجيش الحر الذي يكبده خسائر فادحة يوميا من دون تقدم يذكر مكتفياً بالقصف المدفعي من المدفعية المرابطة على جبال قاسيون، ولا يزال النظام يسيطر على القسم الجنوبي من القدم وعسالي ويسيطر الحر على الحي الشمالي حيث يعاني من حصار شديد وانقطاع للماء والكهرباء ومنع دخول المواد الغذائية والأدوية للحي الشمالي مع استمرار القصف الشبه يومي والذي يطال المساكن والأبنية.
في هذا الوقت، يستمر القصف على دير الزور محاولا فك الحصار على مطارها العسكري المحاصر من قبل الجيش الحر منذ أكثر من عام، فيما يستمر الجيش الحر بمحاصرة الفرقة 17 في مدينة الرقة، وشهد اليوم محاولة من النظام لفك الحصار عنها عبر إرسال رتل عسكري من اللواء 93 لدعم الفرقة فأقام الجيش الحر كمينا له ما أدى إلى تدميره.