صفحات العالم

سوريا الأسد و”سبعُ أوراقٍ” في مصلحتها!


سركيس نعوم

يُظهر حلفاء نظام سوريا في لبنان اطمئناناً الى قدرته على انهاء ما يعتبره مؤامرة صهيونية – اميركية عليه تنفذها مجموعات ارهابية تتلقى تمويلها من جهات عربية معروفة. ويشددون على انه وخلال اشهر قليلة سينجح في انهائها وسيتابع مسيرة الاصلاح التي بدأها بعد اندلاع ما سماه الغرب والعرب والعالم انتفاضة شعبية في آذار الماضي. ويبني هؤلاء اطمئنانهم على معلومات وتحليلات يسمعونها من قيادات سورية تؤكد ان سوريا الاسد لن تنكسر لأنها في مواجهة الهجمة الدولية – العربية – الاسرائيلية الشرسة عليها لا تزال تمتلك اوراقاً مهمة.

الورقة الاولى هي وقوف روسيا الاتحادية مع النظام السوري في المحافل الدولية وتحديداً في مجلس الامن ومبادرتها الى تقديم كل ما يحتاج اليه من مساعدات متوافرة عندها. وهي ايضاً عدم نجاح اميركا واوروبا في استدراج روسيا الى مواقفهما “المعادية” لسوريا الاسد سواء بالاغراءات المتنوعة او بـ”التهديدات” المبطَّنة. وهي ثالثاً تمسّك روسيا بعدم صدور قرار عن مجلس الامن يدوّل العقوبات المتنوعة القاسية عليها ويمهّد لاستعمال القوة العسكرية ضدها. والورقة الثانية هي الصين الشعبية التي لا تزال ترفض، حتى الآن على الاقل، التعرض لهذه الـ”سوريا” في مجلس الامن، وإن بطريقة اقل التزاماً من روسيا او اقل تشدداً. والورقة الثالثة هي دول البرازيل وافريقيا الجنوبية والهند الأعضاء في مجلس الامن التي رفضت ولا تزال ترفض السير مع اميركا واوروبا في “تشددهما السوري” داخل مجلس الامن وخارجه.

والورقة الرابعة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية الحليفة الاستراتيجية لنظام الاسد، منذ تأسيسه، وهي مهمة جداً لأن ايران قوة اقليمية كبرى مرشحة للتحوّل عظمى اذا تكرّست “نوويتها” في مرحلة من المراحل. وهي دولة غنية. وهي دولة طموحة تمتلك استراتيجيا اقليمية وأخرى دولية. وهي تدافع عن مصالحها وعن حلفائها بكل قوة، وقد ترجمت ذلك ومن زمان بعيد سورياً في ميادين التجارة والاقتصاد والسلاح والتدريب والنفط والاستثمار بحيث صارت جزءاً بنيوياً تقريباً من النظام المذكور. وبحكم ذلك صارت حمايتها له واجبة. وايران هذه يعترف الغرب كله وزعيمته اميركا بقوتها وخصوصاً بعد نجاحها في مواجهته على مدى ثلاثة عقود وفي إظهار حاجته اليها في الدول التي تورط فيها عسكرياً في المنطقة. والورقة الخامسة هي عراق ما بعد صدام حسين الذي لا يكنّ، وبمعظم مكوناته واطيافه السياسية وغير السياسية، الود لسوريا ولنظامها لأسباب قديمة وجديدة، والذي يستطيع ان يؤذيها جداً في حال وقوفه مع الثائرين على النظام الحاكم فيها. إلا انه احجم عن ذلك بسبب تأثره العميق بإيران. لا بل انه بدأ يعمل وبالتنسيق مع دمشق للدفاع عن النظام فيها. والورقة السادسة هي “حزب الله”، اللبناني الهوية والايراني الايديولوجيا والسوري التحالف، القوي في لبنان حتى في اثناء حكم اخصامه له والحاكم حاليا فيه وإن على نحو غير مباشر، والمستعد لأن يتولى مقاليد الامور فيه اذا دعت الحاجة لبنانياً او سورياً، او لأن يخوض مع النظام السوري معركته اذا صار لبنان ميدانياً ساحة اخرى لها.  والورقة السابعة هي الشعب السوري “غير الطائفي وغير المذهبي” الذي لم يتجاوب مع المؤامرة الصهيونية – الاميركية ضد النظام الحاكم له منذ عقود. وهي ايضاً الشعب السوري المؤمن بالقومية العربية، والمؤمن بأن استهداف نظام الاسد انما هو استهداف لقوميته التي آذت اسرائيل وداعميها وسوف تستمر في ايذائهم.

والورقة الثامنة هي اقتناع اركان النظام السوري بأمور ثلاثة. الاول، هو خوف اسرائيل، وهي احدى المصلحتين الحيويتين والاستراتيجيتين لاميركا، على النظام السوري لا حباً به او جراء تحالف معه بل خوفاً من حلول نظام “اصولي اسلامي عنفي تكفيري” مكانه، وفي ذلك خطر شديد عليها. وهو خوف تشترك فيه مع اسرائيل “شعوب” عدة في هذه المنطقة. والثاني، هو عدم استعداد المجتمع الدولي وزعيمته اميركا لاستعمال القوة العسكرية لمساعدة شعب سوريا او غالبيته على اطاحة النظام القائم، او عدم قدرتهما على ذلك، وخصوصاً بعد التورط العسكري المستمر في العراق وافغانستان وربما باكستان لاحقاً وغيرها من الدول. والثالث هو الاوضاع الاقتصادية المتردية للدول الكبرى في الغرب.

هل اطمئنان حلفاء سوريا المشار اليهم في محله؟ وهل الاوراق السبع صالحة وصامدة؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى