سوريا الأنثى تقرر مصيرها
فلورنس غزلان
أيتها الرأس المحشورة بين كتفين مهدودتين توقفي عن النواح على من تركوكِ في العراء…في الصحراء تهيمين على وجهك أخرسك الذل وأعارتك بياناتهم ..لمن يدفع أكثر في سوق النخاسة العربية..توقفي عن الغياب…فلابد من أن تنفذي نحو البحر وتتنسمي هواء الإنعتاق من ذل الإستبداد سابقاً وهوان المعارضة لاحقاً…فأنت المعنية بالصبر والمعنية بالقهر …المعنية بالمصير…أنت من أعَدوكِ للذبح ووضعوا دمك في ميزان الرفع والنصب…ميزان العرض والطلب…آن الأوان لترفعي هذا الرأي عالياً وتكنسي من خيالك هوام قدراتهم على اجترار الحلول وهُم عجزة مقعدين يأتمِرون ويرددون..وحدك .. يامن نعوك واستباحوكِ…وحدك ستتطاولين وتنتفضين من رماد الموت…تطلقين صيحة الأنثى المُهانَة..وتخلعين عنك ثوب عفةِ الأحداق الشرهة، التي كبلوكِ بها واصطادوكِ بين جفونهم المتكئة على وسائد حلمك الرهيف والمنتظر…اشحذي سكين الأنثى ..المتمردة ..الأنثى المذبوحة …تنهض لتثأر من مُستَلِبيها في أحضان الخلفاء والمنافقين والسفاحين وكل التجار من مقيمين ومهاجرين…
كفاهم تزويراً للتاريخ ..كفى المجرمين ..استباحة لدمنا ..وإراقته نبيذاً على موائد عهرهم الممانع…الآن ستسحبين المائدة من بين أشداقهم …وتضعين كأساً واحدة فوقها…كأس الوطن السوري المترع بالحرية والحافل بألوان التكوينات السورية …وعلى مرأى من عيون السادة الكبار …الذين تركوك مستباحة كل هذي السنين …ولم تستيقظ فيهم نخوة الضمير أو الحق الإنساني …وإنما نخزتهم شوكة المصلحة حين شعروا أن نيرانك ستطال مؤخراتهم ..ولن يرحمهم تمزقك …بل سيكون وبالاً عليهم وعلى أنصارهم وجرذانهم في المنطقة..الغابة العالمية وضباعها تنهض من مغاراتها…تزور مقابرك…وترى فيها مقابر أولادها مستقبلاً…فخذي نفسك عميقاً…وشكلي من فِيَلة الديمقراطية …جدارا صلباً يفرض شروطه على ممالك السلف الصالح وشياطين البعث الطالح…فوحدك من سيرسم خارطة الطريق …وحدك من سيشق سبيل الحياة ويُعَبد العودة للمبعدين…خذي سعفتك ..خذي قاربك واعبري أمواجهم …بوصلة الوطن منارتك ..ومن يدري فربما يراك الرب أخيراً وينهض من غفوته …مواكباً انتقالك من مرحلة القوارير إلى مرحلة الأحزمة الناسفة لمن يريد حصارك واستلابك من جديد…ارمي بوجه الجميع كتبهم ودفاترهم ومؤتمراتهم…ارمي بأوراقهم في بريد تسونامي يأخذها ولا يعيدها…تولدين فيه من جديد…وتقفين على قدميك كآلهة خرجت من ضريحها…تطرحين شالك الملون برنامج مرحلة انتقالية …صريحة كلبن الأم وحارة كدفء صدرها …صلبة كصخور الجبل ورقراقة كبردى واليرموك…عذبة كالفرات …طلقة المحيا كحمص ..وبهية كاللاذقية…شامخة كالفيحاء والشهباء…ملوحة بشمس الحسكة والقامشلي…باسقة كنواعير حماة…عريقة كما كتبك فارس الخوري ، سراجك في خطواتك يهتدي بأنغام الخمسينات من القرن المنصرم …بأقدام ثابتة جذورها في الأرض ورأسها في السماء …نخلة سورية لاخلطة فيها …إلا للحريصين على حلمك ومستقبلك…لكل الأبناء.
ــ باريس 9/5/2013 .. بعد مرور 23 يوماً على اعتقال تغريد