سوريا الشباب
رائد شما
معارضة مسبقة الصنع
لم يضر الثورة كهؤلاء المعارضين الذين ركبوها وعاشوا مع أحلامها الوردية. ماذا قدموا للبلد سوى الكلام واللقاءات والحركات والبيانات. ما ذنب الشعب أن يدفع فاتورة “تاريخ” غامض لمعارض لم نسمع عنه إلا بعد إنهيار حاجز الخوف بدماء الشباب وأظافر الأطفال!!
معارضون في الخارج مستعدون للعق حذاء شخصية منحطة كبرنارهنري ليفي من أجل السلطة و”الديموقراطية”،ومعارضون شرفاء في الداخل اهترأت ألسنتهم لكثرة “التنسيق” مع أجهزة الأمن السورية. معارضة جاهزة ومفبركة تحت الطلب وعند اللزوم لكن كل هؤلاء خارج اللعبة التي يرسمها الشباب الثائر على الأرض.
اجتماع سميراميس (للمعارضة السورية المروضة) ربما كما ترددت الإشاعات تم برعاية ومباركة أميركية من أجل إبقاء النظام وأو إعطائه فرصة للخروج من الأزمة، عبرَ عن ذلك موقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وترحيبها بهذه الخطوة. لا نريد أن نخون أو نشكك بهذا المؤتمر ولا أن نفرح لفشله، المؤكد أنه تم بموافقة النظام وقدم له خدمة كبيرة وهو لا يمثل إلا من حضروه، الغائب الأكبر عن هذا المؤتمر هي المعارضة الحقيقية أي الشباب الثائر.
لم تمضي بضعة أيام على لقاء السميراميس حتى أفرزت المعارضة “الوطنية” في الداخل تكتلين القاسم المشترك بينهما كون كل منهما تحت زعامة عجوز في العقد الثامن من العمر، أحدهما يعد العدة لتوريث تاريخه النضالي لابنه “المرضي” الموجود في المهجر (يبدو أن مرض التوريث لم يترك المعارضة من شره). المجموعتان أهملتا الشباب كما يبدو حرصاً منهما على أهمية النضج السياسي في هذه المرحلة الخطرة.
أحد المعارضين الأشاوس وهو عضو في أحد التكتلين، ظهر على شاشة العربية في لقاء مطول ليحدد سن المعارضين الحقيقيين، وبحسب هذا المعارض الأغر فإن المعارضين “الحقيقيين” يجب أن يكون لهم تاريخ نضالي لا يقل عن أربعين سنة لا أن يكونوا أطفال “صغار”. وإذا طبقنا نظريته فإن سن المعارضين يجب أن لا يقل عن ستين سنة (طبعاً على مقاسه ومقاس أعضاء هيئته التي تضم معارضين من الداخل والخارج). نسي هذا “المعارض الكبير” والأكاديمي العبقري أن أطفال درعا هم من أشعلوا انتفاضة الشعب السوري وأن الشباب السوري دفع بدمه فاتورة هذه الثورة. الشباب يا “دكتور” هم المعارضة الحقيقية وهم نبض الشارع وصوته.
معارض آخر لا بد من التنويه لدوره المؤذي والمشبوه، الاستاذ الكبير من جماعة “الرفق” بالانسان، تحدث في بداية الثورة على قناة الجزيرة “ببراءة” عن أطراف عرضت عليه السلاح! ثم عاد ليؤكد قصة العصابات المسلحة في جسر الشغور مثبتاً وهو المعارض النظيف ادعاء النظام بوجود مسلحين وموفراً له ذريعة لسفك مزيد من الدماء وانتهاك حقوق الانسان السوري. ثم يخرج قبل أيام ليتبادل الغزل مع بوق من أبواق النظام على قناة العالم “الإيرانية”. هذا النوع من المعارضة هو الأوسخ لأنه يهاجم النظام في الصباح ليكسب مصداقية وفي المساء يضرب الثورة والثوار من تحت الحزام مقدماً للنظام خدمة جعلته يستحق كما قال محاوره على قناة العالم لقب معارض سوري “شريف ووطني”. لقب يستحقه معه معارض أفاق منافق يدير موقع “الحقيقة” للفبركة الاستخباراتية السورية الذي دأب على تمرير أخبار وفيديوهات مزيفة عن وجود عصابات مسلحة تكفيرية تبين أنها لعناصر من تنظيم فتح الاسلام في لبنان.
اجتماع المعارضة السورية مع ليفي هل هو قذارة أم مؤامرة
قدم اجتماع بعض المعارضين مع برنارد هنري ليفي إذا سلمنا بنظرية المؤامرة المحبوبة من قبل بشار الأسد خدمة كبيرة للنظام. فليفي معروف أنه صهيوني ومفتاح اسرائيل في أوروبا ولقاء أفراد من المعارضة معه يعطي نظام الممانعة السوري دفعة كبيرة لكسب شرعية زائفة وفرز المعارضين كما يحلو له إلى معارضين متصهينين ومعارضين وطنيين. قد يكون “هذه وجهة نظري” الاجتماع مفبركاً بين ليفي والنظام السوري واسرائيل لغاية خبيثة وهي تقديم المعارضين الذين قبلوا بالحوار مع القتلة بأنهم المعارضة الوطنية الشريفة وكل من رفض الحوار بأنهم من جماعة ليفي. هجوم المعارض “الشريف” ورمز التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا الذي ذكرته فيما سبق على هذا الاجتماع ومن حضره في قناة العالم الإيرانية، ثم حديث بثينة شعبان مع هيئة الإذاعة البريطانية وقولها ” أن المعارضين الرافضين للحوار ليس لديهم تمثيل بالشارع وأن المشاركين هم من يملكون هذا التمثيل وهم الذين سيمضون بهذا البلد قدماً نحو التوجه الديموقراطي الذي تحدث عنه سيدها الرئيس…” كل هذا يصب في مصلحة وجود مؤامرة شيطانية تحاك في الداخل والخارج لدعم النظام السوري. لا ننسى أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين عبروا صراحة عن قلقهم من انهيار النظام السوري.
نرسيس في المعارضة السورية “الوطنية”
نرسيس كما هو معروف من الميثولوجية اليونانية كان طفلاً (أقل من ستين عاماً) عندما تنبأ له أحد العرافين بأنه سيعيش عمراَ مديداً شريطة أن يمتنع عن مشاهدة نفسه. في يوم من الأيام يحث أحد الحاقدين نرسيس على مشاهدة انعكاس وجهه على مياه إحدى البحيرات ،يعجب نرسيس بنفسه دون أن يدرك أن هذا الصورة ليست سوى انعكاس، يغرق في الماء ويموت ويتحول بحسب القصة إلى زهرة النرجس. ومن هذه الاسطورة جاء ما يسمى بالنرجسية أو مرض حب الذات.
المصاب بمرض النرجسية ينظر بتعالي إلى الناس من حوله ويفشل بالتالي في التواصل مع العالم الخارجي. بعض المعارضين السوريين مصابون بهذا المرض العضال لكن ليس بمشاهدة انعكاس صورهم على بركة ،المسألة تتم معهم على ما يبدوا أمام المرآة فكل منهم يشاهد جماله وكماله الاسطوري ويرى نفسه الوريث الشرعي لبشار الأسد مردداً” لا أحد غيري لا أحد لا أحد”.
ثورة سلمية أم مسلحة أم حرب
إنها حرب بدأت بثورة سلمية. النظام هو من بدأ بالعنف والقتل والسجن وذبح الأطفال واغتصاب النساء. منطق الدفاع عن النفس تكفله كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية. في ظل نظام خارج عن القانون وفاقد للشرعية كالنظام السوري، يصبح موضوع الدفاع عن النفس أكثر مصداقية من مواجهة الرصاص بصدر عاري أو مشاهدة النساء تغتصب وترديد “سلمية سلمية”. الثوار في سوريا يتعاملون مع عصابة حاقدة من القتلة لا تفهم سوى منطق الدم. كل من يرفع السلاح في وجه الشباب الثائر والأهالي هو هدف يجب التعامل معه كعدو قاتل للأطفال مغتصب للحرمات.
المجازر مستمرة والقتل لم يتوقف إلا بسقوط النظام، وربما كنا أمام مجزرة كبيرة انتقامية في حماه لولا زيارة السفير الأميركي للمدينة التي خرج منها أكثر من نصف مليون “مندس” وردد أهلها ملايين المرات عبارة “طز فيك يا بشار” و”طز بالحوار”.
لفت نظري مؤخراً تطاول أحد شبيحة النظام ويدعى عمار اسماعيل وهو يتزعم عصابة “الجيش السوري الالكتروني” على بعض المثقفين السوريين وتهديدهم بأن كلاب النظام المسعورة ستتكفل وستنال من ذويهم وممن تركوا وراءهم. أذكّر هذا الكلب الالكتروني بأنه هو أيضاً لديه أهل سيتركهم وراءه والثورة والثوار “ستتكفل بهم” حسب العادات الجاهلية العريقة. هذا هو حواركم وهذا هو ردنا.
سوريا هي هؤلاء الشباب النقي الطاهر الحالم بالحرية والمتمرد على الظلم
الشباب الذي لا يعرف المساومة ولا أنصاف الحلول
الثورة في سوريا ليست ثورة من أجل لقمة الخبز ولا من أجل الحرية
هي ثورة من أجل رد اعتبار الشعب السوري
هي ثورة لكي يكون المواطن مواطناً
هي التاريخ السوري الناصع المكتوب بدماء الشباب
الشباب هم من صنعها ووحدهم سيقطفون ثمارها
المعركة مازالت ببدايتها
لن ينتظر الشباب الموت بعد اليوم، الموت سيكون معهم في وجه النظام ومرتزقته
الضحكة الأخيرة ليست للمعارضة
الضحكة الأخيرة ليست لبشار
الضحكة الأخيرة ستكون للشباب “ههههه”.