سوريا.. الصوت العاقل.. وبطش حكومة الطائفة!!
يوسف الكويليت
إخوان سوريا، وبحكم تجربتهم، لم يمارسوا الخدع السياسية وعلى مبدأ «تمسكن حتى تتمكن» فقد حكم سوريا العديد من وجوه العائلات السنية الشهيرة، وكان التمثيل في البرلمان والحكم والأحزاب لا يقوم على الطائفة والدين، وقد كانت الديموقراطية في البدايات الأولى تصنف أنها لكل السوريين شيوعيين وقوميين وليبراليين وغيرهم، حتى انه قبل الوحدة كان الجدل بين أكرم الحوراني قيادي البعث، وخالد بكداش الشيوعي الكردي، حاداً حول الوحدة أم الاتحاد، لكن ما بعد الانفصال بدأت سيادة الحزب الواحد، ومع انقلاب الأسد، طغى مظهر الطائفية على المشهد الوطني كله..
ما يجري في حمص عملية تفريغ لسكانها لإنجاز خطط الحكومة العلوية، وعلى نفس خطط الصهيونية تفريغ المدن الرئيسية من الفلسطينيين، وأيام الحكومات ما قبل الحزبية كانت شعارات العروبة والوحدة، والأمة العربية، الطاغية في الشارع السوري، بينما الحكم الراهن أخذها شعاراً لذريعة إخفاء حقيقة المضمون الطائفي في الخطط التي بدأت مع الرئيس الأب ثم الأبناء وخلاياهم السرية..
الشعب السوري يذبح، ومن يعتقد أن خلافاً حاداً بين الغرب الممثل في أمريكا وأوروبا، وشرقاً بين روسيا والصين، يتجاهل ما يدور خلف الكواليس السرية، وأن التلاقي قائم ليس على المستوى السياسي فقط، بل بجميع الاشتراطات التي تجعلهم خارج التورط بما يخلق إشكالات عامة ثم إن قوة النظام استمدها من هذه الميوعة بالمواقف، وكذلك تشتت المعارضة، لكن عنان يقوم بدور ناقل البريد، وستتفق على طروحاته القوى الدولية، وإذا ما اجتمعت وتحولت إلى العمل الواحد، فقد يتحلحل النظام ويقبل بالمشروع، لكن النتائج قد لا تكون بحجم ما يقدره الآخرون،إذ قد يتنازل الحكم عن بعض صلاحياته مع الإبقاء على قبضته بتحسينات سياسية وقبول الفئات الأخرى الاشتراك بالدولة لكن تحت إشرافهم، وهذا سيعيد الإشكال من جديد إذ من قُتل أبناؤهم وذووهم ودمرت مدنهم وأحياؤهم، ومن هجّروا، كل هؤلاء رصيد قوة ضغط على مستقبل الحكم، وقد يكون عنان ودول مجلس الأمن على دراية بهذه التصورات وتعطيها الأهمية، لكنها تخشى تطور العملية إلى حرب طائفية، وهذا الزعم بدده إخوان سوريا بشكل واضح وصريح، لكن هناك من يعدها مناورة ذكية، بينما العكس هو الصحيح..
من يعرف النظام وتعامل معه، يفهم أنه خطط لاحتمال الثورة وكان أركان منه وداخل مفاصلة، ممن خرجوا عنه، أكدوا أن دولة الساحل العلوية، هي في صلب خطط الجبهة العلوية الحاكمة، وربما نجد في النفس الدولي، وخاصة من طرح فكرة حكومات الأقليات (أو كونفدراليتها) بالوطن العربي، لا يمانع بأن تتجزأ سوريا إلى دويلات صغيرة تخدم مستقبل إسرائيل، والدليل أن الاستراتيجيات الإسرائيلية التقت مع حكومة الأسد، وخرجت صحافة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن أكثر من خدمهم بعد آخر حرب خاضتها سوريا هو هذا النظام..
سوريا على المحك بين عجز عربي، وتباطؤ دولي، وبين نظام درس الاحتمالات وتعامل معها بقوة انتشار النيران لأسلحته، لكن الأزمات تخلق المفاجآت، وجدلية من ينهزم الشعب أم السلطة، فالأمور تسير لصالح الأكثرية مهما طال الزمن أو قصر..
الرياض