صفحات الناس

سوريا: اللاسلكي.. محطة إذاعية وإنذار للقصف/ علي الإبراهيم

 

يعلو صوت صادر عن جهاز اللاسلكي “القبضة”، مردداً كلمات بات يعرفها السوريون قاطنو المناطق المحررة: “إنتباه…..إنتباه، إنتباه يا شباب، الله يحميكم خدو الحيطة والحذر، المروحية في مرحلة التنفيذ صارت فوق منطقة العمل”. وما هي إلا لحظات حتى يختفي الصوت الصادر عن القبضة، إذ أن صوت انفجار البرميل، الساقط من السماء يطغى على جميع اﻷصوات.

تنتشر “القبضات” في الشمال السوري بكثرة، سواء بين مقاتلي المعارضة المسلحة أو المدنيين. فلا يكاد بيت يخلو منها، حيث أصبحت ترافق السوريين في كل أوقاتهم. إحد أهم استخدامات القبضة في المناطق المحررة، هو إبلاغ الناس عن قدوم المروحيات أو المقاتلات الحربية التابعة للنظام. بعد رصد قدومها من إحد المطارات الخاضعة للقوات النظامية، في حمص وحماه و إدلب والساحل السوري. وأيضاً تستخدم القبضة كإذاعة صوتية، يتم من خلالها نقل إنتصارت المقاتلين والثوار على كافة الجبهات. كما في التواصل بين القرى والبلدات، وبين اﻷفراد، يتم ذلك عن طريق محطة ربط أساسية يطلق عليها اسم “المرصد”.

الناس في ريفي إدلب وحماه يعرفان جيداً درع اﻷسير أو “المعلم نوح”، لإنه لا ينقطع عن تنبيههم. الجميع يعرف المعلم نوح من صوته اﻷجش، وكلماته المعتادة في التنبيه والتحذير، من مرصد جبل الزاوية. وعن وظيفة المرصد والقبضات يقول المعلم نوح ل”المدن”: “هدفنا الأول والأخير هو تنبيه الناس لخطر المقاتلات الحربية القادمة، كذلك الأمر لنقل اﻷخبار”. مضيفاً حول طريقة عملهم: “لدينا ترددات لمطارات وأبراج يستخدمها النظام، ونستطيع تحديد وقت إقلاع الطائرة ووجهتها بشكل عام. لإننا لا نستطيع تحديد هدفها بشكل دقيق، إذ إنهم يستخدمون شيفرات بهذا الخصوص”. كما أكد نوح وجود مراصد عديدة لهذا الغرض، تنتشر في الشمال السوري.

وفي أغلب الأحيان تكون هذه النقاط لمتابعة تحركات قوات النظام، أو لرصد حركة المدفعية “بالتالي يتم تنبيه الناس لهذا الخطر، الحمد لله أننا استطعنا تجنيب الناس أكبر قدر ممكن من براميل وصواريخ النظام السوري”.

لهذه الاجهزة أهمية بالغة، وخاصة بين المدنيين، ويصل سعر الواحدة منها إلى أكثر من 100 دولار أميركي. حالف الحظ أم أنس حين امتلكت إحدى هذه القبضات، وتقول بطريقتها العفوية: “الأعمار بيد الله، لكننا نحاول الأخذ بالأسباب، ونشتري هذه القبضة حتى إن كانت غالية الثمن. فمن خلالها نعرف بقدوم الطائرات، وبالتالي نستطيع أن نلجأ للكهوف أو البراري”.

هناك ترددات عامة ومنتشرة يسمعها الجميع، وأيضا هناك ترددات خاصة من محطات ربط مركزية، تستخدم أثناء المعارك، أو بين مقاتلي كتائب المعارضة. يقول في هذا الصدد، الضابط المنشق عن قوات النظام، أبو خالد لـ”المدن”: “لا يختلف اﻷمر كثيراً بالنسبة للمجال العسكري، فهي تستخدم الغايات نفسها التي يستخدمها المدنيين. لكن لا يتطلب اﻷمر منا كعسكريين الهرب واﻹختباء، وإنما اﻹستعداد وتوجيه مضادات الطيران نحو السماء، علّنا نظفرُ بصيد ثمين. اسقاط مقاتلة حربية أو حوامة بمثابة عيد لنا”.

وتستخدم القبضات من قبل بعض الفصائل المقاتلة التابعة لقوات المعارضة، لمعرفة ما يدور ضمن قطعات ووحدات وجنود الجيش النظامي. أي للتجسس عليهم واختراق تردداتهم “وذلك لنشر الفوضى بينهم، من خلال بث أغاني الثورة، وشعارات تؤكد أن مصير من بقي مع اﻷسد إلى زوال”.

مجموعات الرصد والاستطلاع قد تكون قريبة من ثكنات قوات النظام ومعسكراتها، بهدف رصد تحركات العناصر، ومراقبة المدفعية وراجمات الصورايخ. ما يساعد في تحذير السكان بمجرد توجيهها في إتجاه معين.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى