صفحات العالم

سوريا بين القمع والاصلاح وتهديد اوربا

 


حسن احمد مراد

يوما بعد آخر تتواصل حملات الاعتقال والسجن والتعذيب والدهم والقتل في المدن السورية من قبل النظام السوري ضد الشعب السوري وتتوارد الانباء عن وجود فضائع تحدث داخل السجون السورية التي تحولت الى واحدة من اكبر الاماكن التي تنتهك فيها حقوق الانسان وكرامته ليس على مستوى الشرق الاوسط فحسب بل وعلى مستوى العالم ايضا، ان الممارسات اللانسانية والتعامل اللاخلاقي والبطش الموجود داخل المعتقلات والسجون وفي الشوارع السورية وحدها كفيلة باحالة راس هذا النظام وكل اركانه الى القضاء الدولي لينالوا جزاءهم وفق المعايير والقوانين الدولية ، واحدة من سلسلة الاخبار المروعة التي تلقتها وتناقلتها وسائل الاعلام المختلفة هو قيام الشاب محمد اكرم التومة والبالغ من العمر 17 عاما بحرق نفسه في مدينة ميادين الشرقية والذي كان معتقلا قبل عدة ايام وقد تم اطلاق سراحه قبل من قبل اجهزة الامن السورية ، حقيقة لا اعلم كيف تم التعامل مع هذا الشاب وهو قيد الاعتقال وليس لاحد ان يعرف ذلك (في الوقت الراهن على اقل تقدير ) وسط هذا الحصار الاعلامي الخطير الذي تشهده سوريا ، سوى جلادي ومرتزقة النظام الذي قاموا باعتقال هذا الشاب ولكني على يقين بان الممارسات اللانسانية والضغط النفسي الكبير الذي تعرض له وهو في السجن كانت كافية تماما للدفع بهذا الفتى الى اختيار الانتحار طريقا ينهي بها حياته . لقد فقد النظام السوري بعد كل هذه الممارسات مبررات وجوده كنظام قادر على البقاء او حتى عمل اصلاحات في بنية النظام الحالي وما ينتظره او يتوقعه الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة وبعض المتفائلين في هذا السياق ضرب من الاوهام والفنتازية السياسية ليس الا، لان مجموعة الحكم القابعة في دمشق كشفت وبشكل سافر عن قيمها ومبادئها التي تتنافى مع ابسط حقوق المواطنة ومباديء حقوق الانسان وهي على علم تام بانها لو سارت بضعة خطوات فقط في طريق الاصلاحات ستنهار تماما على اعتبار انها كبنية سياسية واقتصادية واجتماعية اعتمدت شيفرة القتل والقمع منذ البدء بغية الحفاظ على بقائها في السلطة ولو تم فك وحل هذه الشفرات ستفتح ابواب للحرية والديمقراطية والمواطنة لايتيسر غلقها بسهولة ولايمكن للنظام في نفس الوقت من الصمود في وجه تلك الاسئلة والمطالب التي ستثار وقتها .

في خطوة اخرى للضغط على النظام السوري اصدر الاتحاد الاوربي في جلسته يوم الاثنين المصادف 23/5/2011 قرارا يقضي بحظر السفر على الرئيس السوري وبعض من قيادات النظام وتجميد ارصدتهم في البنوك وسبقتها في ذلك الولايات المتحدة في اتخاذ اجراءات مماثلة ، هذا الموقف وان بدا خجولا قياسا لما يتعرض له المواطن السوري ولكنه افضل بكثير من الموقف المخجل الذي تتبناه الدول العربية ازاء هذه المسألة ، وفي هذا السياق وكردفعل على تلك الاجراءات جاء رد وزير الخارجية السوري وليد المعلم “هزليا” عندما قال ” ان الاوربيين اخطأوا بهذه العقوبات عندما تطاولوا على الرئيس واتخذوا عقوبات تضر بالشعب السوري مشيرا الى أن هذا الاجراء سيضر بمصالحنا كما سيضر بمصالح اوروبا وسوريا لن تسكت علي هذا الاجراء”.. عبارات وجمل ركيكة ماكان لها ان تصدر عن هذا السياسي المخضرم لولا الظروف الحالية الذي اربكت النظام بشكل كامل .

اوليس غريبا ان يصف المعلم قرار منع سفر الى البلدان الاوربية “بالتطاول” على الرئيس ولم يعتبر قتل مايقارب الالف شخص واصابة واعتقال الالاف حتى الآن تطاولا على ابناء الشعب ومن ثم يقول ان هذه الاجراءات ستضر بمصالح اوربا ، لست اعلم هل سيعمل على اعادة الرعايا الاوربيين واللاجئيين الاوربيين في سوريا قسرا الى اوربا فينهار الاقتصاد الاوربي ! ام سيمنع مصادر الطاقة عن اوربا فيحيلها الى ظلام دامس؟! ، ومن ثم اردف يقول ان سوريا لن تسكت عن هذا الاجراء ، هل كان يعني انها سترد بالمثل ! اي انها ستمنع قادة الدول الاوربية من دخول سوريا وتجميد ارصدتهم في البنوك السورية ؟! . ام كان يقصد من وراء ذلك كله ان سوريا ستوغل في قمع الشعب اكثر فاكثر انتقاما من الاوربيين الذين يتدخلون في الشأن الداخلي وانتقاما من الشعب الذي شوه صورة الرئيس” المتطاول” عليه في المحافل الدولية ؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى