صفحات سورية

سوريا تعيش أكثر أيامها خطورة… هل « سقوط » الرئيس الأسد حتمي فعلاً؟ ..


سامي كليب

بعد 11 شهرا من المواجهات في سوريا، اقتنع العالم بأن الوضع السوري أكثر تعقيدا مما توقع القادة الغربيون الكبار. لا التدخل العسكري المباشر ممكن، ولا « إزالة » النظام بالقوة قابلة للتنفيذ، فلا بد اذاً من تسوية في مجلس الأمن تحفظ وجه الجميع وتغري الروس بالموافقة على قرار يقتصر على وقف العنف والحوار. لكن التسوية أيضا تبدو شديدة الصعوبة لأن تضارب المصالح عالميا في أوجه

نجحت قطر في إيصال الملف الى مجلس الأمن. نال رئيس الوزراء حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الثناء من الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين في جلسة المجلس قبل يومين. يدرك هذا الدبلوماسي المحنك انه يلعب « صولد » في الازمة السورية، النجاح خطير والفشل أخطر. جرجر الشيخ حمد كل العرب خلفه الى مجلس الامن. تم تدويل الازمة بامتياز. قبل أشهر قليلة كان كل العرب في جامعتهم يؤكدون ان لا تدويل. وصل بعض الثناء الى نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية الحائرة كما جل العالم في التعاطي مع سوريا وأزمتها

ونجحت روسيا كذلك في أن تصبح محور الاهتمام الأول في مجلس الامن. بات الغرب وخلفه العرب يخطبون ودها لاستدرار توقيعها على مشروع قرار مشترك. انتقم فلاديمير بوتين ومن خلفه ديمتري ميدفيديف من التدخل الغربي في بلاده. يده على الملف السوري، وعينه على آخر تصريح للخارجية الاميركية أعربت فيه عن « خيبة أملها » حيال رفض السلطات الروسية ترشيح المعارض غريغوري يافلينسكي للانتخابات الرئاسية. سيبقى بوتين صلبا في موقفه على الاقل لتمرير الانتخابات في 4 آذار المقبل بأقل خسائر ممكنة

لا روسيا ولا الصين ستقبلان بتغيير للنظام السوري بالقوة. الغطاء الروسي للعملية العسكرية السورية واضح. كان القرار الامني السوري بـ »الحسم العسكري » خطا أحمر طيلة الأشهر الماضية. أبلغت موسكو مرارا القيادة السورية بضرورة التروي والإبقاء على علاقة جيدة مع الجامعة العربية، لكن الأمر تغير في الأيام الماضية …. ماذا جرى؟

نجح النظام السوري في تحويل « فخ » المراقبين لمصلحته. كان يراد للمراقبين أن يشجعوا على التظاهر، فاكتشف المراقبون أن الوضع على الارض مغاير للكثير مما تبثه الفضائيات. يقول تقرير دبلوماسي غربي ان خطة متكاملة كانت قد وضعت لاحتلال بعض الساحات الكبيرة في المدن الرئيسة وبينها دمشق من قبل المتظاهرين مع وجود المراقبين، بحيث تتحول الساحات الى ما يشبه ميدان التحرير في القاهرة. لم يتحقق شيء من ذلك، لا بل تحقق العكس تماما، حصل النظام السوري على اعتراف من فريق المراقبين، وخصوصا من رئيسه الضابط السوداني محمد الدابي، بأن في المدن والارياف السورية مسلحين

وجد النظام السوري في المراقبين ما كان يبحث عنه طويلا. حصل على اعتراف عربي بوجود مسلحين من جهة، وعلى غطاء روسي للقضاء على المسلحين من جهة ثانية. يضاف الى كل ذلك ان قطاعات من الشعب السوري صارت تشعر بضيق شديد من انعدام الأمن في مناطقها فصارت تطلب وجود الجيش حتى ولو كانت ضمنياً من تيار المعارضة

مصالح جيوسياسية

القراءة الامنية السورية استقرت على ان استمرار الوضع على ما هو عليه، يعني السماح بتوسيع رقعة المسلحين وتشجيع الناس على التظاهر أكثر. انتشر السلاح على نحو بات يهدد بـ »كسر هيبة » الدولة التي أصيبت أصلا بلكمات كثيرة كان أبرزها تفجير أبرز مقار الأمن والاستخبارات في دمشق

من الصعب تصور اتخاذ القرار الامني بالحسم من دون تنسيق دقيق مع الروس وعلى الأرجح مع الايرانيين. المعركة لم تعد محصورة بسوريا. تسلسل الأحداث يوحي بأن موسكو وطهران ودمشق تخوض من على الأراضي السورية حربا استراتيجية بامتياز. لا مجال للفشل أو التراجع. الحسم الكامل اذاً هو الخيار الاستراتيجي. لن تكون حمص وحماه وغيرهما استثناء بعد السيطرة على ريف دمشق. الدعم الروسي لا يقتصر على السياسة وانما ثمة تنسيق أمني دقيق جدا وأسلحة روسية جاءت الى ميناء طرطوس مرارا

لم ينتبه كثيرون الى الكلام الخطير الذي أدلى به وزير الخارجية الروسي قبل أيام. قال الدبلوماسي العريق ان بعض دول مجلس الامن يستخدم الوضع في سوريا لتحقيق مصالح جيوسياسية ذاتية وان « هذا الموقف هو من القرن الماضي ويعكس سيكولوجيا قديمة ينبغي التخلص منها ». وصل الأمر بالرجل الى حد توجيه اتهامات مبطنة لدول الخليج، كلام ما كان وليد المعلم نفسه سيقول أقسى منه في توصيف ما يحصل دوليا وعربيا

لن يقف الامر عند هذا الحد. سيقول سيرغي لافروف في مؤتمر ميونيخ المقبل بشأن الأمن والذي يعقد في الرابع من شباط الحالي كلاما قاسيا حول عملية الاطلسي في ليبيا. لم يهضم الروس مطلقا ما يصفونه بـ »الخديعة » الاطلسية التي انطلقت من شعار إنساني ضد العقيد معمر القذافي فانتهت بعملية عسكرية واسعة أطاحت النظام الليبي وبمصالح روسيا هناك

العودة الى التصريحات الروسية حول سوريا والدرع الصاروخية والانتقادات الغربية للانتخابات في روسيا، توضح ان موسكو تريد استعادة دورها العالمي وانها قلقة من مستقبل المواجهة مع الغرب في العقود المقبلة. جاءت الازمة السورية تقدم لها وسيلة من ذهب في مواجهة المشاريع الغربية

يقول سيرغي تشيميزوف المدير العام لمؤسسة « روس تكنولوجيا » الحكومية الروسية، ان سوريا هي باروميتر صورة روسيا في الشرق الاوسط وافريقيا. شدد هذا المسؤول الرفيع على ضرورة « تنفيذ موسكو التزاماتها جميعا في مجال التعاون العسكري والتقني مع سوريا حتى لا تفقد روسيا سوق التسلح في الشرق الاوسط وشمال افريقيا »

العالم اذاً أمام تحولات استراتيجية روسية سيطول أمدها وقد يتفعّل أكثر لو عاد فلاديمير بوتين الى السلطة في الانتخابات المقبلة. كيف يمكن لموسكو اذاً أن تقبل بخسارة ورقة كبيرة كالورقة السورية في الوقت الراهن؟

هذا الوضوح في الرؤية الروسية يتناقض تماما مع الغموض الغربي. جاء مسؤول أمني فرنسي كبير الى لبنان. أوحى كلامه بالضياع. فرنسا تتصدر قائمة العاملين على « إسقاط » الرئيس بشار الأسد لكنها لا تعرف كيف. الجيش السوري لا يوحي بتفكك قريب. القوة الامنية لا تزال بيد الرئيس الاسد. الرئيس السوري يوحي لزائريه وكان آخرهم الوزير السابق وئام وهاب بأنه في ذروة اطمئنانه الامني والسياسي. الشعب السوري منقسم وجل التقارير الدبلوماسية الغربية تؤكد ان الرئيس السوري ما زال يحتفظ بشعبية كبيرة. السفارة الاميركية في بيروت ومعها دبلوماسيون غربيون آخرون تحدثوا في الآونة الاخيرة لزوارهم عن شعبية للرئيس الاسد لا تزال تتخطى 55 أو 60 في المئة

قالت صحيفة « الغارديان » البريطانية قبل أيام: « ان التغطية الاعلامية الغربية لما يجري في سوريا تتجاهل معلومات واستطلاعات تناقض نتائجها الانطباع السائد وهو ان الشعب السوري يريد « إطاحة » الرئيس الأسد ». أشارت الصحيفة الى استطلاع للرأي جرى بتكليف من « مؤسسة قطر » كشف ان 55 في المئة من السوريين لا يرغبون برحيل رئيسها خوفا من « حرب أهلية »

سأل المسؤول الأمني الفرنسي الذي زار بيروت مؤخرا عن حقيقة السلاح والمسلحين في سوريا. قال ان باريس لا تعرف كيف يمكن « سقوط » الرئيس الاسد ولا تعرف ماذا سيحل بسوريا لو « سقط » الرئيس. أشار الى ضبابية في الموقف التركي توحي بتراجع أنقرة

السوريون يعرفون لماذا أحجم الأتراك عن اندفاعهم حتى ولو بقيت التصريحات شاجبة. ثمة أمور أمنية لا تعرفها سوى أجهزة البلدين. ويعرف السوريون ايضا ان الجيش الاردني قتل شابا قبل فترة قصيرة لأنه حاول تهريب سلاح الى سوريا. القرار الامني الاردني حاسم بضرورة عدم التدخل. أما العراق فهو أكثر من أي وقت مضى سائر خلف الرغبة الايرانية في مساعدة سوريا اقتصاديا

الأميركيون بدورهم حائرون. هم يريدون « إسقاط » الرئيس الاسد لأن لا خيار آخر لديهم الآن. ماذا يفعل باراك أوباما؟ هو قال منذ شهر نيسان الماضي ان على الرئيس الأسد « الرحيل ». كرر الامر في بيان مشترك مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا في منتصف آب الماضي. لم يحصل شيء. ما زال الرئيس الاسد قادرا على النزول الى قلب دمشق يخطب بشعبه دون ارتداء واق للرصاص ومعه زوجته وأبناؤه. كل يوم يمر مع بقاء الرئيس الاسد في السلطة هو خسارة لأوباما وساركوزي قبيل الانتخابات الرئاسية في بلديهما. هل يتركان الرئيس الاسد في السلطة حتى الانتخابات؟ الأمر صعب، ولكن كيف؟

لا أحد يملك جواباً. المصادر الغربية تفيد برغبة كبيرة في زيادة تسليح المعارضة. لا بد من نقل المعركة الى مرحلة أكثر دقة. المال موجود. دول الخليج دفعت الكثير في الأشهر الماضية. أقيمت خلية أزمة في فرنسا تضم الفرنسيين والاميركيين. الاتصالات مع أطراف المعارضة قائمة على قدم وساق. ليس مقبولا ترك الرئيس الاسد يربح المعركة العسكرية

حمص تحدد المصير

على أبواب حمص سيتحدد مصير أمور كثيرة. لو سيطر الجيش السوري على المدينة كما فعل مع ريف دمشق فسيقطع الطريق على « المجلس الوطني » السوري. هذا هدف كبير. منذ أعلن رئيس المجلس برهان غليون تحالفه مع رياض الاسعد صار السلاح والمسلحون محسوبين على المجلس. الخطة الامنية السورية واضحة الاهداف. كل مسلح هو مشروع قتيل. القرار المركزي السوري جازم في هذا السياق. باتت الاولوية هي القضاء على المسلحين وبعدها تعود السياسة

لم يغلق الروسي أبواب مجلس الامن بعد. هم ينتظرون على الارجح ماذا سيفعل الرئيس الاسد أمنيا. قد تصبح حمص هي الباروميتر، قد يدخلها الجيش السوري بمعركة كبيرة، وقد لا يدخلها لو حصلت تسوية في مجلس الامن

من مصلحة روسيا في الوقت الراهن التفاوض باسم نظام قوي. لمصلحتها اذاً أن يسيطر الجيش السوري على أكبر عدد من المناطق. السياسة بعد وضع عسكري قوي أفضل من السياسة في ظل هشاشة نظام

قال فيتالي تشوركين سفير روسيا في مجلس الامن: « لقد وجدنا في مشروع القرار المغربي بعض العناصر التي كانت في مسودتنا وهذا يساعد على الأمل ». ترك الدبلوماسي الروسي الباب مفتوحا لتسوية ما. تريد موسكو قرارا يقتصر على 3 أهداف حددها لافروف، وهي وقف العنف من قبل كل الاطراف، وعدم السماح بتدخل عسكري خارجي، والدعوة لمؤتمر حوار ومصالحة

ماذا يفعل الروس لو وصل الحسم العسكري الى أبواب حمص؟ هنا بالضبط سيمارسون أقصى الضغوط على نظرائهم الغربيين. هم لا يريدون ضمنيا وقوع مجزرة. هذا سيضعهم في موقف أضعف، ولكنهم قد يوظفون ذلك لفرض وجهة نظرهم القائلة بأنه لا بد من حوار سوري – سوري لإنقاذ سوريا وربما ايضا لإنقاذ ماء وجه المطالبين « بإسقاط » الرئيس الاسد من دون القدرة على « إسقاطه »

حدد لافروف قبل ايام قليلة خطوطا جاذبة للغرب حيال تسوية روسية ممكنة. قال ان « موسكو ليست حليفة لبشار الاسد، وان السوريين هم الذين سيقررون كيف يدار بلدهم ولا أعتقد ان السياسة الروسية تتمثل في مطالبة الناس بالاستقالة. تغيير الانظمة ليس مهمتنا »

هذا الكلام يرضي الغرب ولا يزعج سوريا. فروسيا تريد حوارا بين السلطة والمعارضة من دون شروط مسبقة. لو توصل الحوار الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات مقبلة وأدت تلك الانتخابات الى « رحيل » الرئيس الاسد فلا بأس، أما ان يتم اللجوء الى القوة العسكرية أو التدخلات الخارجية لذلك فإن موسكو مستمرة في رفضها لذلك

ماذا تقول المعارضة؟

تقول إن الحسم العسكري غير ممكن لان في البيوت أناسا يحمون المسلحين. وتقول ان موسكو « تبيع وتشتري » ولو وجدت مصلحتها في البيع فلن تتردد. التطمينات الغربية كثيرة بأن العقوبات المفروضة على النظام والضغوط العسكرية على الارض وفقدان جل علاقات سوريا مع العرب والغرب ستؤدي الى « سقوط النظام ». تؤكد المعارضة ان « سقوط » الرئيس الاسد بات مسألة وقت، ولكنها لا تقدم إجابات شافية حول كيفية ذلك

وفي المعارضة رأيان: أولهما في « المجلس الوطني » الذي يراد له غربيا في الوقت الراهن توسيع الأفق بحيث يتوسع الى « طوائف وأقليات » وتيارات اخرى ولا يقتصر في معظمه على « الاخوان المسلمين ». وثانيهما تعبر عنه « هيئة التنسيق » وفي مقدمها هيثم المناع. نجح الرجل حتى الآن في جمع الكثير من الخيوط. لم يسلم أوراقه الى طرف واحد. الجميع يسعى للتقرب منه بدءا بواشنطن مرورا بباريس وصولا الى موسكو. ولعله أكثر أطراف المعارضة قبولا حتى اليوم في الداخل السوري. موسكو تريده محاورا للنظام، وايران تعرفه ودمشق مستعدة للانفتاح عليه

يضاف الى التيارين، العامل الكردي. هذه مسالة أكثر تعقيدا. تبين من خلال المؤتمر الذي عقد في اربيل العراقية وتحت جناحي مسعود البرزاني ان الاكراد يحسبون بدقة كل خطوة نحو مستقبلهم. لا ينظر الاكراد فقط لما يحصل في سوريا وانما تتشتت أنظارهم بين سوريا وتركيا والعراق وايران. أي خطوة غير محسوبة قد تأتي بنتائج سلبية. هم رفعوا شعارا لا يستطيع أي معارض سوري ان يمنحهم إياه: « حق تقرير المصير ضمن الوحدة السورية ». هذا إنذار ليس لسوريا فقط بل ايضا لتركيا وايران

انفراج أم انفجار؟

قرار الحسم العسكري السوري ما كان ليحصل لولا القناعة الداخلية اولا بأن السلاح قد يخرج عن القدرة على ضبطه، ولولا الغطاء الروسي والدعم الايراني.

تحاول طهران منذ فترة لعب دور كبير وبعيد عن الاضواء مع تركيا. جرت اتصالات كثيرة بين الجانبين. تزامن ذلك مع انفتاح ايراني جديد على وكالة الطاقة الدولية التي أنهى وفدها 3 أيام دون عوائق في ايران. يحكى عن رسائل نقلتها تركيا الى بعض الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الايراني. وتزامن ذلك أيضا مع توتر شديد في العلاقات بين أنقرة وباريس على خلفية تبني قانون يجرّم إنكار إبادة الارمن

يحار الغرب حاليا في التعاطي مع ايران. اسرائيل تكثف الضغوط. ينذر قادتها بعمل عسكري وشيك. ترد طهران وتهدد بإغلاق مضيق هرمز. يترنح سعر برميل النفط. يقلق أنصار أوباما من سقوط محتم لو تخطى سعر البرميل عتبة 130 دولارا. تتسارع وتيرة المبعوثين الاميركيين الى المنطقة لتهدئة الاندفاع الاسرائيلي. تسري وعود قاطعة بخنق ايران اقتصاديا ونفطيا. تنبري السعودية للتأكيد على انها ستعوض النقص النفطي في اسواق العالم

يعتقد الغربيون أن تشديد الخناق على ايران كبير الاهمية في الوقت الراهن. سيعملون أيضا على تحويل الانتخابات الايرانية القريبة الى مشكلة داخلية ايرانية. سيصار الى تأجيج المعارضة الداخلية وإسماع أصوات كثيرة من الخارج، وثمة من يتحدث عن احتمال وقوع حوادث امنية ومصادمات عنيفة

من الصعب تصور ايران متفرجة على محاولات خنقها من دون تحريك ساكن. ثمة من يصل الى حد القول بأنها قد لا تتردد في اللجوء الى الحرب لو ضاقت عليها السبل. يقول آخرون ان ذلك مستحيل لان الايرانيين هم أسياد من فاوض ومن أتقن لعبة التقدم والتراجع. لم يلعب الايرانيون كل أوراقهم بعد وهي كثيرة من العراق الى البحرين واليمن وصولا الى لبنان وأفغانستان

لكن ثمة من يقول ان ايران باشرت فعليا الحرب. الحسم العسكري في سوريا هو البداية الفعلية. يقال ان مسؤولا عسكريا ايرانيا كبيرا جاء الى دمشق مؤخرا حاملا رسالة واضحة من مرشد الثورة الاسلامية الامام علي خامنئي مفادها ان ايران بناسها وقيادتها وجيشها ستكون الى جانب سوريا إذا تعرضت لأي هجوم. حامل الرسالة قيادي معروف بأنه لا ينقل رسائل كلامية بل يقرنها بالفعل

تحركت ايران ايضا ومجددا صوب حركتي حماس والجهاد. أُعيد نسج بعض الخيوط التي كادت تنقطع مع حماس رغم كل الضغوط الخليجية. استقبل خامنئي الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي رمضان عبد الله شلح . قال بحضوره: « ان الهدف الرئيس لمخطط أميركا وبعض دول المنطقة في سوريا هو توجيه ضربة الى جبهة المقاومة لان سوريا تدعم المقاومة الفلسطينية والمقاومة الاسلامية ». كرر مقولته الشهيرة في مناسبات كهذه: « ان النصر الالهي سيتحقق حتما »

حين تتحدث ايران عن « النصر الالهي » تكون يدها على الزناد، ولكن يدها الاخرى على ملفات التفاوض. ليس رمضان شلح من الزوار الذين تتم معهم مناقشة قضايا دبلوماسية

السباق محموم أكثر من أي وقت مضى بين الانفراج والانفجار. لكن المشكلة تكمن الآن في أن أوباما وساركوزي في أوج حملتهما الانتخابية، فلا الحرب مضمونة ولا التراجع صوب تسوية مفيد. سوريا تحاول ربح الوقت، ولكن الاوقات لا تزال صعبة تماما للخروج من أزمتها المفتوحة على كل الاحتمالات

من يضمن نجاح الحسم العسكري. ولو نجح فماذا عن مستقبل علاقة السلطة بالجزء المعارض من الشعب؟ ماذا عن مستقبل السياسة، وهل تكفي خطوات جذرية في داخل مؤتمر حزب البعث، أو تغيير للدستور أو تشكيل أحزاب وقانون إعلام جديد « لوأد الفتنة »؟

تبدو سوريا، أكثر من أي وقت مضى، أمام أكثر أوقاتها خطورة. وحين ينحصر الكلام بالسلاح، تصبح الرؤية محجوبة تماما خلف غبار المعارك، خصوصا اذا ما كان خصوم الرئيس الاسد يريدون رحيله مهما كلف الثمن، وهو سيحافظ على البقاء مهما كلف الثمن. هي معركة إقليمية ودولية بامتياز تجري على أرض سوريا وبدماء السوريين

 الوحدة الاخبارية – 2012/02/03

http://wehdanews.com/News.aspx?id=7456&sid=11

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى